المحتوى الرئيسى

عنبر " الأنبياء " بمستشفى الأمراض العقلية

11/24 14:44

أحدهم يدعى أنه الإله.. وآخر يزعم أنه "أحمد" المذكور فى القرآن

خبراء: نوع من الضلالات والعلاج يحتاج وقتاً طويلاً

مجانين أم دجالون؟ سؤال احتارت أمامه العقول بعد انتشار ظاهرة ادعاء النبوة كثيراً خلال الفترة الماضية، فكل يوم تطالعنا الأنباء عن ظهور مدعى نبوة فى إحدى محافظات مصر، أحدثهم محمد عبدالله نصر الشهير بالشيخ ميزو، والذى أعلن مؤخرا عبر صفحته على الفيس بوك أنه المهدى المنتظر.

وفى كل مرة يدعى أحدهم النبوة يتم ايداعه مستشفى الأمراض العقلية فى المحافظة التابع لها، لتختفى أنباؤه، ثم تظهر بعدها قصة أخرى، وبعد أن كانت مستشفيات الأمراض العقلية هى الموطن الدائم لهؤلاء أصبحت القنوات الفضائية تسلط الضوء عليهم وتفرد لهم فقرات فى برامجها يبثون سمومهم من خلالها، حتى أصبح لهم أتباع ومريدون، وبدلاً من إلقاء القبض عليهم أصبحوا نجوم فضائيات يشار إليهم بالبنان.

منذ ظهوره إبان ثورة 25 يناير كخطيب فى ميدان التحرير ملأ الشيخ محمد عبدالله نصر الدنيا ضجيجاً بآرائه الغريبة بدءاً من القول بأن بدلة الرقص الشرقى أفضل من النقاب، واتهامه لصحيح البخارى بأنه مسخرة، ثم تحليل العلاقات غير المشروعة بين غير المتزوجين على اعتبار أن هذا يعد بغاء لا زنا، وأخيراً خرج الشيخ «ميزو» ببيان غريب أطلق عبر صفحته على الفيس بوك تحت عنوان «بيان هام» قال فيه «أعلن أننى الإمام المهدى المنتظر محمد بن عبدالله الذى جاءت به النبوءات، وأنى جئت لأملأ الأرض عدلاً وأدعو السنة والشيعة وشعوب الأرض قاطبة لمبايعتى، وأستند فى بيانه إلى حديث الرسول الكريم الذى رواه عبدالله بن مسعود والذى قال فيه (صلى الله عليه وسلم)» لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً منى أو من أهل بيتى يواطئ اسمه اسمى، واسم أبيه اسم أبى، يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً كما مُلأت ظلماً وجوراً»، ورغم الدعاوى التى تقدم بها عدد من المحامين ضد الشيخ ميزو خريج كلية أصول الدين بجامعة الأزهر إلا أن دعواه أصبحت فقرة هامة فى برامج الفضائيات وحديث يفرض نفسه على الشارع المصرى.

ومع ذلك فادعاء الشيخ ميزو لم يكن الأول من نوعه فمنذ أشهر قليلة ألقت قوات الشرطة بمدينة بور سعيد القبض منذ عدة أيام على ياسر م. 39 سنة وشهرته البشير النذير بعد أن اشتهر بين أهالى بور فؤاد بأنه يعالج بالطب النبوى، وأنه نزل عليه الوحى ويعلم أين توجد كنوز مصر ويعرف سر بناء الأهرامات، وادعى ياسر أنه محمل برسالة إلهية للرئيس السيسى ولن يبلغها إلا له، كما أنه قام بتعديل بعض صور القرآن الكريم بناء على الوحى الذى نزل عليه مثل سورة البقرة التى اطلق عليها سورة النفرة، واستغل النبى المدعى أنه حاصل على ليسانس لغة عربية من جامعة الأزهر، ومعروف بين جيرانه بالعلاج بالقرآن فى نشر أفكاره الغريبة، وأنه بشر زوجته وشقيقه بأفكاره واقتنعوا بها، وبعد انتشار أفكاره بين الناس تحركت قوات الشرطة للقبض عليه وأمرت النيابة بحبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات بتهمة تعديل بعض سور القرآن الكريم، مع عرض أفكاره على مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف.

هذه الواقعة لم تكن الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة فى ظل فوضى الفضائيات وبثها لأفكار هؤلاء المدعين، فقد سبق ذلك ظهور مدعٍ آخر فى مدينة كفر الشيخ يدعى الشيخ أحمد ع.ع، والغريب أنه أيضاً من خريجى جامعة الأزهر ويعمل امام مسجد بالمدينة.

وقال فى التحقيقات التى أجريت معه بنيابة كفر الشيخ أنه الرسول الجديد ومبشر به فى القرآن، وقال الله عنه فى سورة الصف «ومبشراً برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين» وقال مدعى النبوة إنه يعترف بنبوة الرسول محمد ولكنه لا يعترف بأنه آخر المرسلين، ولا يعترف بالسنة المتداولة فى الكتب، ويرى أن مناسك الحج المتبعة الآن ليست صحيحة، والأغرب من ذلك أن دعوته لاقت إعجاب البعض حيث ألقت قوات الشرطة القبض على 15 من اتباعه، ووجهت له تهمة ازدراء الأديان وادعاء النبوة وإنكار السنة النبوية.

 وتاريخ المدعين للنبوة طويل بدءاً من مسيلمة الكذاب وحتى نبى الفضائيات الآن مؤنس يونس، مروراً بسيد طلبة الذى ادعى النبوة فى تسعينيات القرن الماضى، وكان يعمل موظفاً بسيطاً فى هيئة الطاقة الذرية، إلى أن ادعى النبوة وأنه جاء لتثبيت العقيدة والدين فى الأرض، وأعلن أن الله أيده بسر جديد، وهو الشفاء بكلمة كن فيكون، وتم ايداعه مستشفى الأمراض العقلية، وهو نفس الطريق الذى اتبعه لطيف صبحى المصرى الذى كان يعمل فى بريطانيا، ثم ادعى النبوة فى منتصف التسعينيات، وكان نصيبه أيضاً الإحالة لمستشفى الأمراض العقلية.

ولم يكن ادعاء النبوة حكراً على الرجال فقط ولكن اقتحمته منال وحيد مناع فى فترة التسعينيات أيضاً والتى كان لها اتباع ومريدون من علية القوم، وتم القاء القبض عليها عام 1999 ليتم الحكم عليها بالحبس لمدة 5 سنوات، بعد أن حولت شقة بوسط القاهرة إلى مقر لها ولأتباعها، تبث فيه أفكارها الغريبة مدعية أنها ينزل عليها وحى من السماء، وتم إلقاء القبض على 250 من أتباعها.

وفى الأشهر الأخيرة ذاع صيت مؤنس يونس مهدى مصر المنتظر كما أطلق على نفسه، ورغم أنه يقول فى حواراته على الفضائيات إنه لا يأتيه وحى من السماء، ولكن يأتيه تدبر من الله، فحينما يكون مع الله يسبح فى ملكوته ويكون فى انشغال عظيم، مشيراً إلى أنه ربما يكن المهدى المنتظر، ولديه علاقة مع الله، موضحاً أن أرض بكة هى منطقة الأهرامات الثلاثة، ويوجد فيها أسرار الكون بأثره، مؤكدا أن هذه الأسرار ما زالت لم تخرج بعد ولكن الماسونية العالمية أطلعته عليها ووجد ما فى باطن الأرض أمامه !!، وأشار إلى أن الأهرامات هى مصدر ومهبط الديانات والمعابد على الأرض، وأن هضبة الأهرامات بها المعبد الذى يبحث عنه بنو صهيون، والذين يقولون إن هيكل سليمان موجود به، وادعى أن سدرة المنتهى موجودة بهضبة الأهرامات، مؤكداً أن رفع الرمال عن هذه المنطقة سيؤدى إلى العثور على بيت الله المبنى من المرمر والذى ستأتى إليه الوفود من كل أنحاء العالم.

 وادعى يونس أنه يتواصل روحانياً مع زعماء العالم ومنهم فلاديمير بوتين والرئيس الإيرانى السابق أحمدى نجاد.

ويصنف الدكتور يسرى عبد المحسن أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة هؤلاء الأشخاص بأنهم إما دجالون أو مشعوذون أو مرضى نفسيون، والطب النفسى هو الذى يحدد هذا، فإذا كان الشخص المدعى يعلم يقيناً أن حديثه ادعاء ويحقق من ورائه مكاسب مادية أو معنوية إذن فهو ليس مريضاً نفسياً، ويجب محاكمته على ما يدعيه فالشرطة هى علاجه، أما إذا كان يعتقد فعلاً أنه نبى ولديه عقيدة بصحة كلامه ويصدق نفسه ويعيش فى هذا الضلال الفكرى كأنه حقيقة، فهو مريض عقلى وليس نفسى، فهذه الاضطرابات من أعراض الأمراض العقلية خاصة الفصام العقلى، ويحتاج إلى علاج طويل المدى من خلال الأدوية والجلسات الكهربائية، وأضاف: أن الحالة هى التى تحدد مكان العلاج سواء فى المنزل أو المصحة النفسية.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل