المحتوى الرئيسى

‏"غول الدولار يهزم الدولة".. الحكومة تفشل في السيطرة على توحشه بالسوق السوداء.. "سحب ‏العملة وتعويم الجنيه" آخر المحاولات المُضنية.. وخبراء يضعون روشتة لوقف النزيف

11/23 14:00

ما أن وقعت مصر خلال مطلع العام الحالي فريسة للسوق السوداء، والتجار المضاربين الذي يتحكمون في ‏أسعار الصرف للعملة، اتخذت أكثر من إجراء سواء من قبل الحكومة أو البنك المركزي، ‏في محاولة لإنقاذ قيمة الجنيه المصري، والسيطرة على توحش الدولار في الأسواق الموازية.

إلا أن تلك الاجراءات السابقة والحالية، لم تأت أكلها حتى الآن، ودفعت القرارات الاقتصادية الصعبة التي ‏اتخذت مؤخرًا وضغطت على المواطن المصري بشكل خاص، سعر الصرف للتحسن بعض الشيء، ‏ولكن سريعًا ما عادت الفجوة بين السوق السوداء والسوق الرسمية للاتساع.‏

بداية.. تُعرف السوق السوداء باسم الموازية أو الاقتصاد التحتي، وهو مصطلع يستخدم للتعبير عن ‏تعاملات تجارية يتم فيها تجنب كل القوانين والتشريعات التجارية والضريبية المفروضة من قبل الدولة، ‏ويختلف حجم هذه التعاملات من بلد لآخر بحسب تطور البلد والحرية الاقتصادية والفساد فيها.‏

يكون حجم السوق السوداء أصغر في الدول التي تملك حرية اقتصادية كبيرة، ويزداد حجمها في الدول ‏التي يكون فيها حجم الفساد أكبر وحرية اقتصادية أقل، ويهدف المشاركون فيها إلى التهرب من دفع ‏الضرائب بمختلف أشكالها وغالبًا ما تكون البضائع دخلت الأسواق الوطنية دون تسجيلها لدى المؤسسات ‏الرسمية.‏

وفي حال عدم قدرة الإنتاج الوطني والاستيراد على تغطية الطلب الداخلي تنشأ حالة سوقية يزداد فيها ‏الطلب بشكل كبير على العرض فيقوم العارضون ببيع البضائع بشكل خفي وبأسعار عالية للأشخاص ‏والمؤسسات المستعدين لدفع أسعار مرتفعة على تلك البضائع.‏

إزاء التوحش المتواصل للدولار في السوق السوداء عمدت الحكومة لحزمة من الاجراءات، التي كان ‏آخرها أمس الثلاثاء، حين بدأت البنوك المصرية في محاولة جديدة لترويض السوق السوداء للعملة، من خلال سحب ‏الدولارات منها بأسعار أعلى من المعروض في معاملات البنوك.‏

ونقلت وكالة "رويتزر" عن أحد التجار، أن هناك حالة من انعدام الطلب تمامًا على الدولار في السوق ‏السوداء حاليًا، قائلًا: "البنوك تعطي أسعارًا مميزة لنا ولذا نجمع الدولار لحسابها،‎ ‎قمنا ببيع الدولار ‏وعملات عربية بما قيمته عشرات الملايين من الجنيهات للبنوك".‏

في مسيرة الاجراءات الحكومية للحد من توحش الدولار، اصطدم البنك المركزي بقرار خطير لازالت ‏تبعاته موجودة حتى الآن، وهو تحرير سعر صرف الجنيه في 3 نوفمبر الماضي، لينهي ربطه عند نحو ‏‏8،8 جنيه للدولار ورفع أسعار الفائدة لتحقيق الاستقرار للجنيه.‏

وأخذ سعر الدولار يرتفع في البنوك المصرية خلال أول ستة أيام من تحرير سعر الصرف، ثم بدأ في ‏التراجع في 9 نوفمبر عندما خفض بنكا مصر والأهلي المصري أسعار شراء الدولار من المواطنين ‏وتبعهما في ذلك بقية القطاع المصرفي.‏

لكن الأسعار عاودت الارتفاع مرة أخرى بداية من 17 نوفمبر، وحتى استقرت اليوم إلى 17،40 و17،45 ‏للشراء و17،60 إلى 17،75 جنيه للبيع في البنوك الكبيرة‎.‎

ودخلت وزارة المالية على خط الأزمة باجراءات أخرى، من خلال أصدرها سندات ببورصة أيرلندا بقيمة ‏‏4 مليارات دولار من خلال طرح خاص لصالح البنك المركزي، إلى جانب خطة أخرى لطرح 2.5 مليار ‏دولار في الأسواق الدولية نهاية الشهر الجاري.‏

وفي وقت سابق، اتخذ البنك المركزي اجراء تصعيدي للسيطرة على الارتفاع الجنوني لسعر الدولار في ‏السوق السوداء، وتقويض بعض شركات الصرافة، من خلال سحب تراخيص أكثر من 30 شركة ‏صرافة، وكان وقتها تخطت العملة الخضراء 11 جنيه.‏

وأعلن وقتها المركزي، بشن حملات يومية تفتيشية على شركات الصرافة لضبط المخالفين، وتم غلق الكثير منها بسبب تلاعبها في سوق الصرف والمضاربة على العملات الأجنبية بالسوق ‏السوداء، وهنا وجد تجار السوق السوداء ضالتهم بالتعامل مع الدولار بهدف اقتناصه من خارج البلاد.‏

وهزمت السوق السوداء أيضًا تشريعات الدولة القوية، التي عمدت إليها الحكومة مؤخرًا، بفرض عقوبات ‏بالسجن على من يبيعون العملة الأجنبية خارج القنوات الرسمية، وشمل القانون الجديد عقوبة الحبس لمدة ‏لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وغرامة تتراوح بين مليون وخمسة ملايين جنيه.‏

وتلاه قرارًا آخر بإجراء بعض التعديلات على مواد قانون العقوبات الخاصة بالبنوك، لمعاقبة كل من ‏يهرب أو يتاجر بالعملة بالحبس 5 سنوات، ومصادرة الأموال، هذا إلى جانب غرامة كبيرة لا تزيد عن ‏‏20 ألف جنيه.‏

وعن تلك الاجراءات، يقول الدكتور وائل النحاس، خبير أسواق المال، أنها ليس بجديدة، فقط أن البنك ‏المركزي هو من كان يقوم بالتعامل مع السوق السوداء والمضاربين، والآن البنوك هي من تقوم بذلك ‏الدور وتسحب الدولار من السوق السوداء.‏

ويوضح أن تخبط الاجراءات الحكومية للبنك المركزي دفعت إلى وجود أكثر من سعر للدولار في ‏السوق السوداء، بالرغم من وجود موارد اقتصادية هائلة للدولة تضع يدها على نحو 14% منها، والباقي ‏يواجه غول السوق السوداء وحده، سواء الدولار أو السلع الغذائية.‏

ويوضح أن التخبط في قيمة الجنيه، وسعر الصرف للدولار لن ينتهي قبل منتصف عام 2017، لأن ‏المقبل على السوق السوداء نوعان، أما مدخر أو مستثمر، والأول سيخرج من دائرة الأزمة قريبًا، ما يؤدي لحالة من ‏الاستقرار، يستطيع فيها البنك المركزي تلبية احتياجات طلب الدولار للمستثمرين والمستوردين والأجانب.‏

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل