المحتوى الرئيسى

أماكن أثرية في دائرة اهتمام الحكومة وأخرى "منسية".. وخبراء: 95% منها يحتاج لترميم

11/22 16:09

تميزت الأبنية المعمارية فى عهد الدولة الفاطيمية بالفخامة والروعة فى تصميم الشكل الداخلى والخارجى لها، ومنها الأسبلة والكتاتيب والبيوت التى كانوا يقطنون بها، والتى تعد فى يومنا هذا أشباه القصور.

 فكان لمصر النصيب الأكبر والشاهد على رونقه وجمال حضارة الدولة الفاطمية كمنطقة شارع المعز لدين الله والأزهر والسيدة زينب، فالبيوت الأثرية هناك لم تقف عند زمان معين فواكبت التطور الحضارى والثقافى معاً؛ ليمتزج منه ماضى أثرى شاهد على عظم الأثار وحاضر يتلوه ليكمل التطور الثقافى للشباب، والتى يبقى للأبد ولا يقف لمجرد زوال حضارة ما أو عهد دولة معين.

 ولكن حين ننظر فخرا لتلك الأماكن التى حاولت التخلص من مسمى أثار قديمة يقف على حوائطها التراب وتندثر قيمتها تحته لتتحول إلى أماكن يعقد بها الندوات وورش العمل والأمسيات الشعرية لمواكبة العصر، نجد فى الجهة المقابلة أماكن أثريه لا تعد ولا تحصى يسكنها شبح الأهمال بكل جوانبه.

فمن المؤسف أن نقول إن الجهات المعنية لا تبالى لها كونها ليست تحت الأنظار، حيث أن الأهتمام دائماً ما يوجه نحو الأماكن المسلطة تحت الأضواء تجنباً للإشارة بسهم التقصير نحوهم، ولكنهم لا يعلمون حين التفكير لو لبرهة لترميم تلك الأماكن وتفعيلها مرة أخرى سوف تصبح مصر دائماً مزدهرة بالسياح ولا تتوقف أو تنتكس بسبب أحداث سياسية او أقتصادية أو غيرها.

وعايشت "بوابة الوفد" تلك النقطة الفاصلة بين وجود أماكن أثرية واكبت التطور الثقافى والحضارى، وغيرها من الأماكن التى توقف رونقها بمجرد زوال عهد دولتها وأصبح الأهمال بها السمة السائدة، حيث تم رصد التطور في عدد من البيوت الأثرية"السحيمي وزينب خاتون والسنارى" ، علاوة على رصد أراء خبراء الأثار عن إمكانية تحويل الأماكن الأثرية المهملة للسير على نهج ونمط التطور.

بدخولك لحارة الدرب الأصفر بشارع المعز لدين الله الفاطمى، تجد بيتاً أثرياً تنبع منه تصميم الطراز المعمار الشرقى الأصيل داخل حى الجمالية، عرف المنزل بأسم "بيت السحيمي" نسبة إلى آخر من سكنه وهو الشيخ محمد أمين السحيمي شيخ  الأتراك بالجامع الأزهر فى ذلك الوقت، وبعدها شهد بيت السحيمي فى التسعينيات عملية تجديد شاملة له.

تستوحى من معالمه أنك فى عصر غير العصر، فيرجعك إلى عهد الفاطميين، وبتصميم المنزل من الوجهتين القبلية والشرقية يجعلك ترى أصاله الطراز الخشبى به، حيث بنيت كل جهة من خلال من سكنها فالأولى بنيت على يد الشيخ عبد الوهاب الطبلاوي سنة 1058هـ / 1648م.

 وقد قام بتدوين تاريخ أنشائه للجهة القبلية على طراز خشبي على أحد جدران البيت ليصبح الشاهد والدليل على روعة المعمار ولتبقى ذكرى تخلد أسمه.

 أما فى عام  1211هـ/1797م  أى ما يقرب من 150 عاماً تم بناء الجهة البحرية لبيت السحيمى على يد الحاج إسماعيل بن إسماعيل شلبي، فقد دمج الجهتين معاً ليظهر لكل من قام بزيارة السحيمى جمال المنظر الممزوجة بالرقى والتألق المعمارى الفخم.

حالياً يستخدم بيت السحيمي كمتحف مفتوح لفنون العمارة الإسلامية، وكمركز للإبداع الفني التابع لصندوق التنمية الثقافية، حيث يستضيف فرق التراث الشعبي بمختلف أنواعها و تقام به ورش عمل لتعليم الشباب أصول هذا الفن، علاوة على أقامة الأمسيات الشعرية والأدبية به.

 وتلك الأعمال التى يقوم بها صندوق التنمية الثقافية يأتى فى أطارالحفاظ على الموروث الثقافي المصري وحمايته من الاندثار وتوفير أماكن عرض ثابتة لتلك الفرق التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة والتى غالباً فى أوقات كثيرة تنظم ببيت السحيمي لربط الأثار بالثقافة لخلق تناغم فيما بينهم.

ومن هنا قال مصطفى الصباغ المشرف الإدارى ببيت السيحمي التابع لوزارة الثقافة، أن قطاع صندوق التنمية بوزارة الثقافة عمل على تنشيط بعض الأماكن الأثرية بمنطقة شارع المعز، والهدف من ذلك أستقطاب جمهور الجمالية وزوار شارع المعز لزيارة الاماكن الأثرية لممارسة الأنشطة الثقافية المختلفة  للأرتباط بالمكان على خلاف كونه حجارة بنيت منذ قديم الأزل.

وأوضح الصباغ في تصريحات خاصة لـ "بوابة الوفد"، أن تفعيل الأماكن الأثرية بوجه عام من خلال تقديم أنشطة فنية وثقافية يعد نوع من الأحتواء لرواد جدد لها ورؤية برنامج صندوق التنمية بالوزارة متمثلة فى ذلك، لافتاً إلى أنهم يعملون على ذلك من خلال وضع برنامج شهرى لعمل انشطة بعده مراكز ومنها "زينب خاتون والقبة" كنوع لمعرفة الجمهور بتلك الأماكن بصورة أكثر على اختلاف الأنشطة الثقافية المقدمة.

وأشار الصباغ، إلى تفعيل الأنشطة الثقافية فى بيت السحيمي بداية من عام 2002 كمنارة ثقافية تنموية، الغرض منها تقديم ورش عمل مجانية للشباب وعدم اقتصارها كونها مكان أثرى قديم، موضحاً أن تلك الورش تقدم بدعم كامل من قبل قطاع صندوق التنمية التابع لوزارة الثقافة وبدون اى مقابل مادى،  فضلاً عن توفير الخامات المطلوبة لهم وتقديم الأجور المادية.

 وذكر، أن البيوت الأثرية بمنطقة المعز والأزهر تهتم وزارة الثقافة كل منهم على حدى بفن من الفنون القديمة وعلى سبيل المثال "بيت السحيمي" الذى يقدم عدة ألوان من الفنون والتى تخاطب جميع فئات الأسرة، كالفلكولور الشعبى و"فرقة النيل " للإنشاد الدينى.

 أما عن الأطفال، فأكد الصباغ أن لهم فقرات كالأراجوز وخيال الظل، فضلاً عن الأمسيات الشعرية والتى تحتوى على مجموعات شبابية لمن لديهم مواهب.

ولفت الصباغ إلى أن أهمال تفعيل الأماكن الأثرية القديمة جاء من خلال تقسيم وزارة الأثار والثقافة لوزراتين، فحال كونها واحدة رؤية كانت أفضل وأشمل للأتجاهين فالشكل الحالى مجرد انقسام صورى، مبيناً عدم وجود تعارض بين الأثار والثقافة فكلها تندرج تحت التاريخ.

وبين، أن قطاع الثقافة ببيت السحيمي يعمل على الترويج للثقافة من خلال عمل ندوات وحفلات فى أماكن أخرى تحت رعاية البيت نفسه، كنوع من جذب رواده، ومن اهمها: متحف أم كلثوم لمشاهدة معالم المكان لمفتقديها، فضلاً عن عمل برنامج شهرى يضم الحفلات والمناسبات الرسمية.

وطالب المشرف الإدارى ببيت السيحمي، الجهات المعنية المتمثلة فى وزارتى الأثار والثقافة، بضرورة أخذ خطوات أستباقية لتهيئة الأماكن الأثرية المهملة وتفعيل الأنشطة الثقافية بها لتنشيط السياحة الداخلية لها والإستفادة من كونها أثرية ويضاف لها الطابع الثقافى.

زينب خاتون هي إحدى الخادمات التى حررها محمد بك الألفي، وأخر من سكن هذا البيت لذلك نسب إليها، وبعد أن تزوجت من أميراً يدعى الشريف حمزة الخربوطلي لقبت بخاتون لأن الزواج من أمير ينسب للزوجة فأضيفت لها لقب خاتون اى أميرة وفيما معناها المرأة الشريفة الجليلة.

 وبناء المنزل يرجع لعام 1486 عندما قامت الأميرة شقراء هانم حفيدة السلطان الناصر حسن بن قلاوون أحد سلاطين المماليك ببناء منزلاً جميلاً خلف الجامع الأزهر وظل هذا المنزل ملكها حتى عام 1517 ودخول العثمانيين مصر.

وشهد هذا المنزل العديد من إنجازات خاتون فى عام 1798 فحوائطه وأركانه  مازالت ليومنا هذا تشهد نضال زينب خاتون أيام الحملة الفرنسية على مصر، حيث كانت تؤوي الفدائيين والجرحى الذين يلجأون إلى البيت عندما يطاردهم الفرنسيون، كما عثر في البيت على سبع وعشرين جثة دفنت في سرداب تحت الأرض يقال أنها جثث الجرحى التي كانت تؤويهم داخل بيتها.

فكيف يعقل أن البيوت الأثرية رغم كونها جماداً، إلا أنها شاركت فى النضال ضد الفرنسيين، ليصبح صرح دال على سمات العمارة المملوكية وما تحمله من رؤية.

وصمم مدخل البيت على ألا يمكن للضيف رؤية من بالداخل فى باقى الغرف، لذلك سمي بـ "المدخل المنكسر"، فهذا المدخل يأخذك لصحن البيت المحيط بأركانه الأربعة، ذلك لضمان وصول الضوء والهواء لواجهات البيت وما تحويه من حجرات.

أما بخصوص الركن الخاص بولادة الأطفال داخل زينب خاتون، فالأميرة خصصت لها ركن خاص بالطابق الثالث، حيث تتميز تلك الغرفة بالزجاج الملون المتقن الصنع الذي يضيء الغرفة بألوان مختلفة حين يسقط ضوء الشمس عليه.

 "الصندلة" وهى غرفة أخرى خاصة بالولادة تحتوى على سرير علوي كانت تمكث فيه السيدة بعد الولادة مباشرة، وحال صعودها للصندلة لا تترك الغرفة إلا بعد مرور أربعين يومًا.

التطور الحضارى الممتزج بالتراث المملوكى

 تحولت منذ سنوات الساحة الصغيرة التي تقع يسار منزل "زينب خاتون" إلى مقهى بلدى يحمل نفس أسم المنزل، وذلك لجذب السياح لها أقتداءاً بالمنزل، حيث تميزت بالطابع العربي الأصيل من خلال مفروشاتها، وتقديم المشروبات المصرية بنكهاتها المختلفة العربية.

وحال ذهابك للجلوس عليها تشعر وكأنك من سكان العصر المملوكى بكل معالمه، ويعد هذا نوعاً لجذب الزوار لها، لتنشيط السياحة بدلاً من ركود قيمة الآثار الإسلامية وأندثاره كغيرها.

خبراء أثار: نسبة الأثار الأسلامية المهملة 95% ولابد من التعاون المشترك لإحياء المناطق المهملة

وأوضح عبد الرحيم ريحان بركات الخبيرالأثري ومدير عام الجمعية المصرية لعلوم وأبحاث الأهرام، أن الأليات التى يمكن من خلالها حل قضية الأماكن الأثرية المهملة وأعادة تفعيلها مرة أخرى تأتى عن طريق تشكيل لجنة من وزارة الثقافة لوضع الخطط للأماكن الأثرية المناسبة والواجب تفعيلها مرة أخرى؛ لطبع التطور الثقافى بالحضارى.

وأوضح ريحان أن اللجنة المشكلة تكلف بعد ذلك ببحث المنطقة التى يقع فيها الأثرالمراد تفعيله مرة أخرى وتقوم بوضع ميزانية لتهيئته وعمل الصيانة اللازمة.

 وأستطرد ريحان أن المكان الأثرية دائماً ما تقع تحت أشراف إدارى من قبل وزارتى الأثار والثقافة، وذلك لتهتم الأولى بدورها فى حماية الأثر والأشراف على حركة السياحه به، أما عن الثقافة دورها يكمن فى التسويق الثقافى للندوات المنعقدة او ورش العمل لجذب الرواد لزيارته.

وأعرب، عن أستياءه لأهمال الأماكن الأثرية بمدينة شرم الشيخ والمتعارف أنها من أكثر الأماكن جذباً للسياحة وبالخصوص متحف أثرى قديم هناك، مؤكداً أنه حال الأهتمام وأعادة فتحه سيزيد من حركة السياحية وتفعيل الطار الثقافى فى أن واحد.

وطالب الخبيرالأثري ومدير عام الجمعية المصرية لعلوم وأبحاث الأهرام، المستثمرين بضرورة التعاون مع وزارتى الأثار والثقافى لإحياء المناطق المهملة  وتوفيرعمالة للشباب من خلال الانشطة الثقافية كورش العمل وغيرها، قائلاً: "الأماكن الأثرية ملك كل الجهات ولا تقتصر على الأثار والثقافة فقط".

وفى نفس السياق أستنكر سامح الزهار مسئول الوعي الأثري والتنمية الثقافية لمناطق آثار شمال الدقهلية، دور الدولة فى عدم توظيف الأماكن الأثرية المهملة بالرغم من وجود مقترحات عدة من قبل أساتذة الجامعات المتخصصين فى الشأن الأثرى وحالة عدم إلامبالاة من قبل الجهات المعنية تفقدهم حس الإبتكار، لافتاً إلى أن 95% من الأماكن الأثرية الإسلامية بحاجة لإعادة الترميم وإدخال الخدمات والمرافق بها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل