المحتوى الرئيسى

"صاحبة الجلالة" في أزمة غير مسبوقة بمصر.. هل يكون الحل سياسياً أم قضائياً؟

11/21 01:25

باتت نقابة الصحفيين المصريين في محنة وضعتها في مفترق طرق، بعدما طالت يد "القضاء" ثلاثة من أعضاء مجلسها، على رأسهم نقيب الصحفيين يحيى قلاش، وعضوا المجلس جمال عبد الرحيم وخالد البلشي بالحبس عامين.

وقضت محكمة مصرية، السبت 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بالحبس عامين مع الشغل، وكفالة 10 آلاف جنيه (625 دولاراً) لوقف التنفيذ بحق كلّ من قلاش، وزميليه بتهمة "إيواء هاربين من العدالة" بمبنى النقابة، للمرة الأولى في تاريخ النقابة.

وفي مواجهة هذه الأزمة، استدعى نقيب الصحفيين، الجمعية العمومية للنقابة، الأربعاء 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، لعقد اجتماع مفتوح لمناقشة الحلول، إلى جانب الإعلان عن السير قدماً في المسار القضائي.

وبدأت الأزمة بين النقابة ووزارة الداخلية المصريتين، مطلع مايو/أيار 2016 إثر إلقاء قوات الأمن القبض على الصحفيَّيْن عمرو بدر، ومحمود السقا من مقر النقابة، لاتهامهما بـ"خرق قانون التظاهر"، على خلفية مواقفهما الرافضة لاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية في أبريل/نيسان الماضي، التي بموجبها انتقلت تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.

قلاش، اعتبر في اجتماعه الطارئ أمس للرد على الحكم، أن "الأزمة أكبر من النقابة والمجلس، وغير مسبوقة؛ إذ تستهدف الكيان النقابي ولا تستهدف أشخاصاً"، وأن "الحكم القضائي صادم ومفاجئ".

بعض الأزمات تكون أكبر من مجلس النقابة

وقال نقيب الصحفيين يحيى قلاش، إنهم بالمجلس ماضون في المسار القضائي باعتبار أن الحكم صادر من محكمة قضائية، لها احترامها واستقلالها، ويجب علينا المضي فيه، وفي المسار الآخر وهو مناقشة أصحاب الشأن الصحفي لبحث أزمة الصحفيين مع الدولة.

وأوضح قلاش، في حديث لـ"هافينغتون بوست عربي"، الأحد، أن الصحافة في مصر تعاني أزمة بالأساس مع الدولة، فهناك عشرات الصحفيين داخل السجون، بجانب مشروع قانون الإعلام الموحد الذي لم ينته البرلمان منه حتى الآن.

وأشار إلى أن المجلس يبحث مذكرة لعدد من الصحفيين لعقد جمعية عمومية طارئة.

وينص قانون النقابة على أنه لو تقدم الصحفيون بمذكرة تتضمن توقيع 100 صحفي لهذا الغرض، فسيكون مجلس نقابة الصحفيين ملزماً بالدعوة لاجتماع طارئ للجمعية العمومية.

ولفت إلى أن "بعض الأزمات أحيانا تكون أكبر من مجلس النقابة، الأزمة كبيرة ولا تستهدف أشخاصاً، ولكن تستهدف الكيان النقابى نفسه، لذلك دعونا جموع الصحفيين لبحث الأزمة".

وأكد أن النقابة تواجه تحديات كبيرة لا يستطيع المجلس وحده الوقوف أمامها، ويجب وقوف جموع الصحفيين وراءه، مضيفاً أن "القضية التي أحاكم فيها جعلتني أندهش من صدور هذا الحكم بأقصى عقوبة".

مساران، أحدها نقابي، وآخر قضائي، أصبحا يمثلان الملاذ الأخير لمجلس النقابة، من أجل المواجهة، يراهما مدير المعهد الإقليمي للصحافة حسن أبو طالب، متناقضين.

حيث قال أبو طالب، إن قرار المجلس أمس، يتضمن شقين: الأول جاء للتأكيد على احترام القضاء والمضي في المسار القضائي والطعن على الحكم، والشق الثاني جاء بالدعوة لجمعية عمومية الأربعاء لمناقشة الحكم الصادر، و"هو ما يعد مناقضاً للشق الأول، باعتبار أن الاجتماع سيناقش حكماً قضائياً، في الوقت الذي يؤكد فيه القرار الأول على احترام القضاء"، على حد قوله.

وأضاف أبو طالب: "النقيب وعضوا المجلس مضوا في المسار القضائي من البداية، وعليهم احترامه وإتمامه حتى النهاية"، لافتاً إلى أن وزارة الداخلية أخطأت في حق نقابة الصحفيين، لكن الخطأ يعود في البداية إلى تأخر المجلس عن تسليم المطلوبين للجهات القضائية، حسب قوله.

وأوضح أن القضية من البداية أخذت بُعداً سياسياً أضر بالنقابة وصحفييها، حسب رأيه.

هذا البعد السياسي، تناوله والقيادي السابق بحزب الدستور، شادي الغزالي حرب، الذي قال إن حكم سجن نقيب الصحفيين وزميليه يكشف تصعيداً غير مسبوق، ضد المهنة التي طالما وقفت صامدة وامتلكت حصانة "مطلوبة" على مر عهود الرؤساء السابقين، معتبراً أن هذا الحكم جعل درجة حرية الرأي في هذا البلد متدنية للغاية.

وأوضح الغزالي أن "الدولة والنظام كانت لديهما رغبة حقيقية في كسر شوكة النقابة التي يلجأ لسلالمها أصحاب الحق والمعترضون على سياسات الحكومة والنظام، فعصفت الدولة بآخر هوامش الحرية في بلد اشتدت فيه العقلية والقبضة الأمنية"، حسب قوله.

ومن المعروف أن سلالم نقابة الصحفيين، كانت دوماً ملجأً لمظاهرات المعارضة ضد السلطات، على مر العصور، وباختلاف الأنظمة الحاكمة في مصر.

وقال حرب الذي يوصف بأنه من نشطاء ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011: "مجلس النقابة كان ذكياً عندما طلب دعم جمعية عمومية في مواجهة الأزمة التي تعانيها الجماعة الصحفية في مصر بعد ذلك الحكم، لكنها لن تجدي".

وفي مايو/أيار 2016، دعا مجلس النقابة لعقد اجتماع للجمعية العمومية للصحفيين، اتخذ فيه عدة قرارات. لكن بعضاً من أعضاء مجلس النقابة رفضوا تلك القرارات، ولجؤوا لعقد اجتماعات موازية عرفت فيما بعد بـ"جبهة تصحيح المسار".

حرب، رأى أن أحد الأسباب التي ستجعل الاجتماع غير مجدٍ هو أن "مجلس النقابة الحالي لم يكن حاسماً مع أعضاء النقابة الذين خرجوا عن المهنية ووالوا الأمن وباتوا مصنفين باسم -الأمنجية- فتمت الاستهانة به، وكانت النهاية حبس النقيب وعضوي المجلس"، حسب قوله.

واعتبر أن نقابة الصحفيين تعاني كغيرها من النقابات المصرية من تغول يد النظام عليها، والحل الوحيد هو تكاتف كل القوى الديمقراطية في كافة النقابات لمواجهة القبضة والعقلية الأمنية التي يتبناها النظام.

في المقابل، حذَّر مدير المعهد الاقليمي للصحافة حسن أبو طالب من أنه إذا انتهجت الجمعية العمومية للصحفيين نفس النبرة التي تحدث بها أعضاء المجلس، فلن يكون في صالح النقابة ولا الصحفيين، وسيظهر أمام الجميع أن النقابة لا تحترم القضاء وهو أمر غير مقبول.

وأضاف أبو طالب: "النقيب وعضوا المجلس لم يحصلوا على حكم بسبب جريمة نشر، لكن ما حدث هو جراء خطأ من النقيب، بعدم تسليم عمرو بدر والسقا فور معرفته بصدور أمر قضائي بضبطهما".

أما أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية بالقاهرة، سعيد صادق، فقال إن أزمة نقابة الصحفيين الآن، تكمن في أن الموقف الذي تبحث حله أو الرد عليه لا يتعلق بوزارة الداخلية أو الشرطة، وإنما يتعلق بالسلطة القضائية، وبالتالي مناقشته أو البحث فيه يعرض النقابة والصحفيين لانتقادات المصريين ككل، ويعود شعار "هما على رأسهم ريشة مجدداً"، حسب قوله.

وأضاف صادق، أن الأزمة سببها صدام النقابة باعتبارها السلطة الرابعة مع السلطة التنفيذية بعد اقتحام وزارة الداخلية (أحد فروع السلطة التنفيذية) لمقرها، مما جعل جزءاً من الأزمة يأخذ طابعاً سياسياً، باعتبار أن سلالم النقابة كانت ملاذاً للأصوات المعارضة والمناوئة للحكومة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل