المحتوى الرئيسى

"يحاربون ترامب بسلاحه".. هكذا يستخدم معارضو الرئيس الجديد نفس أساليبه التي أوصلته إلى البيت الأبيض

11/21 01:25

بدأ التيار المعارض لترامب في استخدام خطابٍ مألوف، فهم يطالبون باستعادة الدولة، ويشكون من انفصال النخبة الحاكمة عن المواطنين، ويعبِّرون عن غضبهم من النظام الاقتصادي المعيب.

هذا الخطاب هو نفس الخطاب الذي استخدمه ترامب، وساعده في الوصول للرئاسة. ولكن يستخدمه الآن معارضوه في محاولةٍ لإثارة الغضب والخوف بخصوص انتخابه، وهي الاستراتيجية التي بدأ التيار المعارض لترامب في انتهاجها لمقاومة سياساته وإعادة تشكيل التيار اليساري كبديل سياسي موثوق به، وفقاً لما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وقال غريغوري مكيلفي -أحد الناشطين المتمرسين ومؤسس مجموعة "مقاومة بورتلاند" الاحتجاجية- بعد انضمام آلاف المواطنين للاحتجاجات التي خرجت في مدينة بورتلاند على الساحل الأميركي الغربي بعد فوز ترامب بساعات، إنَّ "الناس خرجوا إلى الشوارع لأنهم صُدِمُوا جراء نتيجة الانتخابات. والآن نشهد انتفاضة للشعب يقول فيها إنَّ هذه من المفترض أنها بلادنا. وعلى الحكومة أن تخافنا، وليس العكس. يشعر معظم الأميركيين أن الوقت قد حان لتغييرٍ كبير، ودونالد ترامب يحاول الضغط لتحقيق أحد أشكال هذا التغيير الجذري. ونحن نحاول الضغط من أجل تغييرٍ آخر".

واكب هذا المد من الاحتجاجات التي اجتاحت المدن الأميركية موجة من أعمال المقاومة الفردية. فالبعض احتشد بالشوارع وعلى الإنترنت مستخدماً شعار "ليس رئيسي". وظهرت مجموعات على موقع فيسبوك للتخطيط لكيفية مواجهة ترامب بخصوص قضايا تغير المناخ ومعاداة المرأة. وارتفعت معدلات التبرع لمجموعات الحقوق والحريات المدنية، دفاعاً عن المسلمين والمهاجرين وحرية التعبير.

كما ظهرت عريضة على الإنترنت تُطالب المندوبين بالمجمع الانتخابي بتأييد هيلاري كلينتون بدلاً من ترامب، وذلك لفوزها بعددٍ أكبر من الأصوات بالتصويت الشعبي، وجمعت تلك العريضة ما يزيد على 4 ملايين توقيع. أيضاً بدأ النشطاء في ولايتي كاليفورنيا وأوريغون في الإجراءات القانونية لاستقلال الولايتين عن الولايات المتحدة الأميركية، وإن كان احتمال حدوث ذلك مستبعداً.

ولكن مع زوال صدمة نتيجة الانتخابات، تحولت هذه الاحتجاجات إلى استراتيجيات أكثر فاعلية، وبدأت المعارضة في التركيز على فظاعة سياسات ترامب المقترحة، وكيفية بناء حركة ليبرالية سياسية تُعبِّر بشكل أكبر عن الطبقات العاملة في أميركا، بمشاركة الحزب الديمقراطي أو من دونه.

وبدأت منظمات العدالة الاجتماعية التي تؤيد قضايا المهاجرين، أو تهتم بقضايا البيئة، أو تحاول التعامل مع عنصرية الدولة في التخلي مؤقتاً عن سياساتها طويلة المدى، والتركيز بشكل أكبر على الدفاع عن الحقوق المكتسبة الحالية ضد تهديدات ترامب بترحيل المهاجرين، وتصريحاته عن قضية تغير المناخ والهجمات الحالية على منظمة "حياة السود مهمة"، والمعنية بالدفاع عن حقوق المواطنين السود.

وفي هذا الصدد، وصفت المجموعة البيئية المعروفة باسم "350" انتخاب ترامب بالكارثة، وقال المسؤولون عن المجموعة إنَّ "الحركات المعنية بالبيئة والمناخ ستضع كل ما لديها من موارد لحماية التقدم الذي حققناه".

كما قامت المنظمات اللاتينية بوضع الخطط من أجل حماية المهاجرين الشرعيين صغار السن، الذين كانوا يستفيدون من الأمر التنفيذي الرئاسي الذي أصدره أوباما لحمايتهم من الترحيل، والذي يمكن لترامب إلغاؤه بكل سهولة.

وتعهدت بعض المدن بتوفير ملاذٍ آمن للمهاجرين غير الشرعيين. ففي مدينة بورتلاند، أقر مجلس المدارس العامة قراراً بحظر دخول مسؤولي الهجرة للمدارس. وحذَّر المشرف العام على مدارس المدينة من تصاعد موجة عنصرية مرتبطة بترامب قائلاً: "شاهدنا عدداً من حوادث الكراهية والعنصرية خلال الشهور الماضية، وارتفع معدل هذه الحوادث بشدة بعد الانتخابات".

وفي مناطق أخرى من الولاية المنقسمة بشدة بين المدن ذات التوجه الليبرالي والمناطق الريفية المؤيدة للحزب الجمهوري، قالت المجموعات المعارضة للتمييز إنَّ هناك زيادة شديدة في الهجمات على الأقليات.

من ناحيةٍ أخرى، يُركز نشطاء آخرون على كيفية استغلال الفشل المُحتَّم، حسب توقعاتهم لسياسات ترامب الاقتصادية، وذلك عندما تفشل سياساته في توفير الوظائف والرخاء الذي وعد به.

وعلق كيفن زيسي، المحامي والمدير بحركة "المقاومة الشعبية" بواشنطن التي تجمع المجموعات والمنظمات المختلفة كحركة "احتلوا" (Occupy) وحركة "عسكريون متقاعدون من أجل السلام"، علق على سياسات ترامب وعلاقتها بحجم التيار المعارض له قائلاً: "ما نراه الآن هو توسع وانتشار لردود الفعل المعارضة لترامب، وسيكون هناك المزيد من ردود الفعل حين يبدأ ترامب في تطبيق خططه الاقتصادية، التي سيكون تأثيرها مروعاً على المواطنين".

وأضاف: "سنرى كيف سيقوم بتوجيه الأموال لطبقات الأغنياء، تريليونات الدولارات، وستسوء حياة معظم المواطنين. وسنرى كيف ستخرج منظومة الرعاية الصحية عن السيطرة. وسيدرك حينها المواطنون الذين انتخبوه بسبب الأزمات الاقتصادية أنه قد تم خداعهم من قبل مندوب مبيعات".

قال زيسي أيضاً إنَّ حقيقة ترامب حينها ستنكشف، وسيتضح للجميع كيف أنه مجرد واجهة لمصالح الشركات التجارية، وهذا من شأنه أن يوفر الوقود اللازم للمعارضة.

وشَبَّه المعارضة الحالية لسياسات ترامب بالمعارضة الشعبية واسعة الانتشار التي واجهت أوباما، بشأن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ، إذ حاول أوباما الضغط من أجل إقرارها، لكنه واجه مقاومة شديدة من المجموعات التي تلقي باللوم على الإدارة الأميركية واتفاقياتها التجارية -كاتفاقية أميركا الشمالية للتجارة الحرة التي تسببت في نقل المصانع إلى المكسيك- بخصوص قلة الوظائف ومشاكل الصناعة بأميركا.

وأضاف زيسي قائلاً عن مقاومة تلك المجموعات للاتفاقية: "هذا انتصار للحركة الجماهيرية. هذا ما حدث. هزم الناس قوة الشركات العالمية. هذه الشركات هي الأقوى في العالم، ومع ذلك خسرت المعركة. هذا نموذج لما يجب أن تقوم به الحركة المعارضة لترامب في الفترة القادمة".

إحدى المسائل الخلافية المثارة الآن بين نشطاء الحركات التقدمية هي ما إذا كان الحزب الديمقراطي يمكن أن ينضم إلى هذا التيار المعارض لترامب. فهناك اتفاقٌ واسع على أن خسارة هيلاري كلينتون للانتخابات كانت بسبب افتقادها للمقومات التي يريدها الشعب في رئيسه القادم، وقربها الشديد من مصالح الشركات الكبرى، وفشلها في التواصل مع أعداد كبيرة من الناخبين الذين يرون أن الاقتصاد الأميركي يعمل ضد مصالحهم. وفوق كل ذلك، فهيلاري كلينتون كمرشحة للرئاسة كانت تمثل استمراراً للسياسة الأميركية في وقتٍ يتطلب بعض التغيير.

وقال آدم غرين -أحد مؤسسي لجنة حملة "التغيير التقدمي"، الذي عمل سابقاً مع اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي في حملة جون كيري لانتخابات الرئاسة عام 2004- إنَّ هيلاري أصدرت عدة أوراق بحثية عن القضايا الاقتصادية المهمة، لكن هذه الأوراق فشلت في التعامل مع المشكلات الأساسية بالاقتصاد الأميركي ولم تلقَ رواجاً لدى الناخبين.

وأضاف قائلاً: "يحتاج الحزب الديمقراطي إلى الاعتراف بأن نظامنا الاقتصادي مليء بالاحتيال، ولا يحقق مصالح المواطنين العاديين، وأن ديمقراطيتنا أفسدتها الأموال، وأننا سنواجه أجندة ترامب التي تصبُّ في مصلحة الشركات الكبرى، وسنكرِّس جهودنا لإصلاح هذا النظام الاقتصادي المَعِيب".

كان غريغوري مكيلفي مندوباً عن السيناتور بيرني ساندرز -الذي حاول الترشح في الانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي لكنه خسر بالانتخابات التمهيدية بالحزب لصالح هيلاري كلينتون- في المؤتمر الديمقراطي. وصوّت مكيلفي على مضض لصالح هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية.

وقال مكيلفي عن ذلك: "صوّتت لهيلاري كلينتون بدافع الخوف. كنت قلقاً لأنني كنت أرى أن هذه الانتخابات ستؤدي إلى التغيير، ولا نعلم ماذا ستكون نتيجتها، ومن الممكن أن يتمكن ترامب من الفوز".

كباقي مؤيدي ساندرز، شعر مكيلفي بالإحباط واليأس بعد فوز هيلاري بالانتخابات التمهيدية، ولم يكن متحمساً بشأن ترشحها للرئاسة. ولكن خسارة هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية حمَّست مؤيدي ساندرز مجدداً؛ إذ رأوا أن نتيجة الانتخابات قد أثبتت أن بيرني ساندرز كان محقاً حين ركز في حملته على غياب العدالة بالنظام الاقتصادي في أميركا، وإفساد الشركات الكبرى للسياسة الأميركية، وأن الحزب الديمقراطي كان عليه أن يتبنى هذا الرأي أيضاً.

ويرى مكيلفي أن حصول بيرني ساندرز المستقل وإليزابيث وران على الأدوار القيادية بالحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ هو إشارة جيدة، وكذلك يرى ترشح النائب كيث إليسون -أول نائب مسلم بالكونغرس وأحد الشخصيات الموثوق بها في الحزب الديمقراطي- لرئاسة اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، وهي اللجنة التي يزدريها مؤيدو ساندرز لعملها لصالح هيلاري كلينتون أثناء الانتخابات التمهيدية.

وعن جهود الحزب الديمقراطي بالكونغرس، أفادت صحيفة "ذا نيويورك تايمز" بأن الديمقراطيين يحاولون صياغة أجندة سياسية لاستغلال الانقسام بين ترامب والحزب الجمهوري حول بعض القضايا، كالاتفاقيات التجارية وزيادة الإنفاق على البنية التحتية ومساعدات الأمومة.

ويحذر بعض خصوم ترامب من هذه المحاولة، ويقولون إنَّه في حالة نجاحها فإن ترامب سيحظى بالإشادة، بينما سيتم تعليق فشلها على الحزب الديمقراطي إن لم تنجح.

وقال غرين إنَّ "السؤال الأهم هنا هو: هل سيدعم الحزب الديمقراطي المبادئ التقدمية، أم سيتنازل عن مبادئه ويتعامل مع دونالد ترامب كأي رئيس عادي، وهو ليس كذلك؟".

واقترح آخرون القيام بنفس ما قامت به حركة الشاي، وترشيح عدد أكبر من المرشحين الليبراليين للكونغرس في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وهي الخطوة التي ستسهم في تشكيل السياسة حتى في حالة خسارة هؤلاء المرشحين.

ولكن زيسي ليس واثقاً من قدرة الحزب الديمقراطي على تغيير أساليبه، ويقول عن ذلك: "على الحزب الديمقراطي الاختيار بين مصالح الممولين والجهات المانحة بوول ستريت وبين مصالح الناخبين. فهذه المصالح تتعارض مع بعضها البعض. يحتاج الحزب إلى تقديم بعض السياسات الاقتصادية التي تُظهِر أنهم قد فهموا بالفعل رسالة الناخبين لهم بهذه الانتخابات. وأن الاقتصاد الأميركي لا يعمل لمصلحة معظم المواطنين".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل