المحتوى الرئيسى

العالم العربي- تدهور زراعة القمح يهدد بفقدان رغيف الخبر!

11/20 17:08

القمح يساوي الخبز، والخبز لا يغيب عن أي وجبة غذائية في العالم العربي. وعليه لا عجب أن يطلق عليه في مصر "عيش الناس" للتدليل على أنه لا حياة بدونه. هذه الأهمية تجعل منه سلعة حيوية وإستراتيجية يعني غيابها من السوق أو رفع أسعارها حدوث انتفاضات شعبية تهدد الاستقرار وتجلب الفوضى كما حصل في تونس والمغرب ومصر والجزائر في ثمانينات القرن الماضي وفترات لاحقة إثر ما سمي بانتفاضات أو ثورات الخبز. وفي سياق متصل يُستخدم القمح أيضا كوسيلة أو كسلاح شديد الفعالية للضغط السياسي من قبل الدول التي تصدره على الدول التي تستورده إذا كان من وراء ذلك تحقيق مصالح معينة. ويعود استخدام هذه الوسيلة إلى عصور غابرة، وخلال العقود القريبة برز استخدام هذه الوسيلة على سبيل المثال من قبل الدول الغربية ضد الاتحاد السوفيتي سابقا بعد غزوه لأفغانستان. كما استخدمته الولايات المتحدة والغرب ضد ليبيا إبان حكم القذافي وضد مصر إبان حكم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.

يقول المرء في بلاد الشام عندما يريد التحسر على شيء مضت أيامه: "رحم الله أيام زمان عندما كان ..". وإذا ما تعلق الأمر بالحالة التي وصلت إليها زراعة القمح في العالم العربي هذه الأيام يمكن القول رحم الله أيام زمان عندما كانت سهول دجلة والفرات ووادي النيل حتى خمسينات القرن الماضي تصدر الأقماح إلى مختلف أصقاع المعمورة. أما اليوم فإن جميع الدول العربية مضطرة لاستيراد الحبوب وفي مقدمتها القمح بنسب تتراوح بين 40 و100 بالمائة. وجاء في دراسة أعدتها مؤخرا جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية عن الفجوة الغذائية في دول مجلس التعاون الخليجي أن هذه الدول تدفع سنويا ما يزيد على 17 مليار دولار لاستيراد الحبوب وفي مقدمتها الأقماح.

وفي مصر والجزائر وصلت قيمة الفاتورة السنوية لاستيراد القمح إلى حوالي 6 مليارات دولار موزعة بالمناصفة تقريبا خلال السنوات القليلة الماضية. أما فاتورة كل من العراق والمغرب فتتراوح بين 0.7 و0.9 مليار دولار، في حين تستورد تونس قمحا بحوالي ربع مليون دولار سنويا. الجدير ذكره أن نسبة الأمن الغذائي على صعيد القمح في الدول العربية كانت جيدة بالمقاييس العالمية في خمسينات وستينات القرن الماضي، في حين أنها تراجعت إلى أقل من 40 بالمائة حسب معطيات منظمة الزراعة العالمية. وفي حال استمر هذه التدهور بموازاة تدهور أسعار النفط والمواد الأولية وعوائد الصادرات الزراعية هناك مخاطر متزايدة من عجز عدد من الدول العربية عن توفير الأموال اللازمة لاستيراد احتياجاتها من القمح والدقيق.

يقضم التوسع العمراني العشوائي الأراضي الزراعية المحدودة في الكثير من الدول العربية دون رحمة. وهو الأمر الذي يفاقم مشكلة الأمن الغذائي في ظل عجز السلطات عن حماية هذه الأراضي وتشجيع المزارعين على التمسك بها. (08.11.2014)

تحاول العديد من الدول الغنية ضمان أمنها الغذائي بواسطة استثمارات خارجية وشراء أو تملك أراضي زراعية في دول فقيرة تعاني نفسها من أزمات غذائية دائمة. ظاهرة يعتبرها البعض شكلا من أشكال الإستعمار، والبعض الآخر شراكة متبادلة (08.12.2009)

تتوارد المعطيات المخيفة عن تدهور المحاصيل الزراعية التقليدية والحيوية في الدول العربية، غير أن زراعة التمور تسير عكس التيار وتشهد ازدهارا نادرا في تاريخ هذه الدول. أين تقف هذه الزراعة اليوم وماذا يمكن التعلم من تجربتها؟ (30.10.2016)

تفتقر الأراضي الزراعية في المغرب إلى المياه اللازمة للري، ما يترتب عنه تبعات سلبية على سكان هذا البلد حيث تشكل الأنشطة الزراعية مصدر دخل لقسم كبير منهم. ولمكافحة التصحر لجأ السكان إلى تنفيذ مشاريع صغيرة إلا أنها فعالة (03.02.2012)

هل يأتي التوسع في الزراعات التصديرية على حساب إنتاج القمح في مصر؟

ركزت معظم الدول العربية منذ استقلالها على سياسات اقتصادية تعطي الأولوية لتصدير المواد الأولية وبناء صناعات تحويلية تعتمد حتى في موادها الأولية والوسيطة للإنتاج على الاستيراد الكامل من الخارج والتبعية له بدلا من اعتمادها أيضا على المدخلات المحلية. أما الإنتاج الزراعي وخاصة من القمح فلم يحظ بدعم ملحوظ في هذه السياسات. وقد قاد ذلك إلى تدهور الإنتاج الذي تم التعويض عنه عن طريق الاستيراد بأموال النفط وعوائد المواد الأولية الأخرى.

وبدلا من إتباع سياسات دعم حكومي للمزارعين أو المنتجين كما تفعل دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة، تم توجيه هذا الدعم للاستهلاك بشكل عشوائي شمل الفقير والغني وأدى إلى مزيد من التدهور في الإنتاج الزراعي وتراجع المردودية على الصعيد المحلي. وهذا ما دفع ملايين المزارعين لترك أراضيهم والهجرة إلى الخارج أو إلى الأحياء العشوائية حول المدن الكبيرة بحثا عن حياة أفضل هناك. وزاد الطين بله القضم المريع للأراضي الزراعية الخصبة وتخريبها عن طريق التلوث وزحف الأبنية العشوئية أو الأحياء السكنية الجديدة، لاسيما حول المدن الكبيرة كالقاهرة وبيروت ودمشق.

لا زراعة عالية الإنتاجية دون أسابيب الري الحديثة

في محاولة منها لسد جزء من الفجوة الغذائية المتزايدة توجهت دول عربية وفي مقدمتها سوريا والسعودية منذ تسعينات القرن الماضي ومصر والجزائر مؤخرا إلى دعم إنتاج القمح وشراءه من المزارع بأسعار تشجيعية تزيد عن مثيلتها في السوق الدولية. وإذا كان من المبكر الحكم على التجربتين المصرية والجزائرية كونهما حديثتا العهد، فإن التجربتين الأخريين حققتا نجاحات واضحة على أكثر من صعيد. ففي السعودية تم تحقيق الاكتفاء الذاتي إلى أن توقفت الحكومة عن شراءه بأسعار تشجيعية. وفي سوريا تمكنت البلاد حتى عام 2011 من تحقيق فوائض تزايد عن حاجة السوق. غير أن هذا النجاح بدأ بالتراجع مع التراجع الخطير في المخزون المائي الجوفي والحيوي الذي تم استنزافه في أكثر من منطقة وخاصة في محافظة الحسكة التي تقع شرق البلاد. وساهم في ذلك بشكل أساسي عدم تعميم طرق الري الحديثة والجفاف الذي تسببه قلة الأمطار، إضافة إلى قيام تركيا ببناء عدة سدود على نهري دجلة والفرات مما أضعف منسوب تدفق مياههما عبر الأراضي السورية والعراقية. كما أن الإنتاج السوري من القمح شهد منذ عام 2011 تدهورا لا مثيل له منذ استقلال سوريا بسبب الحرب المستمرة في البلاد منذ صيف العام المذكور.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل