المحتوى الرئيسى

لغة عُمانية في آيات قرآنية

11/20 15:24

"وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ28)" [الزمر]

القرآن الكريم الذي نزل به الروح الأمين على قلب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لتتشرف وتُكلّف به آخر الأمم؛ الأمة المُحمدية المباركة، وهو ما شَرُفت به اللغة العربية دون كل اللغات لتكون وعاءً له إلى يوم الدين.

"وَإِنَّهُ لَتَنْـزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)" [الشعراء]

اليوم، نتأمل ونتابع بعض الآيات الشريفة التي اعتمد بعض العلماء في تفسيرهم وتأويلهم لها على لغة أهل عُمان العربية الأصيلة، التي كانوا يتحدثون بها قبل الإسلام وبعده، حالها حال بعض لغات إخوانهم العرب. ومن هؤلاء العرب الذين ذكر القرآن الكريم لغاتهم فيه:

1- لهجة ربيعة، جاءت في قوله تعالى: "بئسما اشتروا به أنفسهم" (البقرة: 90)، اشتروا وابتاعوا: شروا وباعوا.

2- وبلهجة قيس: "أو أمضي حقباً" (الكهف: 60)، الحقب: السَّنة.

3- وبلهجة قضاعة: "وما هو على الغيب بضنين" (التكوير: 24)، وهي عند الحجازيين ظنين؛ أي: بخيل،

ومن سواهم من العرب مما لا نحصره الآن.

وذلك وارد ثابت في مسند الإمام الربيع رحمه الله تعالى وغيره في كتب الحديث، يحكي لنا نزول القرآن على سبعة أحرف:

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ: "اقْرَأْ"، فَقَرَأَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "هَكَذَا أُنْزِلَتْ"، قَالَ عُمَرُ: فَقَالَ لِيَ: "اقْرَأْ"، فَقَرَأْتُ، فَقَالَ: "هَكَذَا أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، كُلُّهَا شَافٍ كَافٍ، فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ".

ونبدأ بما بدأ المصحف الشريف ترتيباً لسوره في ذكر بعض الآيات التي قال فيها العلماء إنها بلُغة أو لهجة أهل عُمان في بعض آيات القرآن الكريم:

1- "قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)" [الأعراف]

جاء في البحر المحيط لصاحبه أثير الدين الأندلسي عن قوله تعالى: "رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ..؛ قال الفراء: أهل عمان يسمون القاضي، الفاتح.

وقال الطبري في تفسيره: ذكر الفرَّاء أنّ أهلَ عُمان يسمون القاضي"الفاتح" و"الفتّاح". وقال الفخر الرازي في تفسيره بمثل ما قال الطبري، إلا أنه زاد: "... لأنه يفتح مواضع الحق".

2- "يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41)" [يوسف]

قال البغوي في تفسيره للخمر: "اسم للعنب بلغة أهل عُمان". وكذلك، ورد في تفسير الطبري فقال: "... (إني أراني أعصر خمراً)، يقول: أعصر عنباً، وهو بلغة أهل عُمان، يسمون العنب خمراً".

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ :"وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {إني أراني أعصر خمراً} يقول: أعصر عنباً، وهو بلغة أهل عُمان يسمون العنب خمرا". [الدر المنثور: 8/251]

وبمثله، جاء في تفسير العز بن عبد السلام، وقال الثعالبي أيضاً: هي لغة أزد عُمان.

3- "وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21)" [الأحقاف]

قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): "... وقال ابن عبّاس: الأحقاف؛ واديان عُماني ومهرة". وكذا قال الطبري: "الأحقاف: الرّمل الّذي يكون كهيئة الجبل تدعوه العرب (الحقف)، ولا يكون أحقافاً إلاّ من الرّمل... وجائزٌ أن يكون ذلك جبلاً بالشّأم وجائزٌ أن يكون وادياً بين عمان وحضرموت...".

4- "بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً (12)" [الفتح]

يقول ابن كثير في تفسيره لكلمة (بوراً): "أي: هلكى. قاله ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد. وقال قتادة: فاسدين. وقيل: هي بلغة عُمان".

5- "وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا(17)" [الإنسان]

قال في [البحر: 8/392]: "الزنجبيل: قال الدينوري: نبْتٌ في أرض عُمان، عروق تسري وليس بشجر، يؤكل رطباً، وأجوده ما يُحمل من بلاد الصين، كانت العرب تحبه؛ لأنه يوجب لذعاً في اللسان إذا مُزج بالشراب فيتلذذون".

* وقد أحصى السيوطي وحده في كتابه "الإتقان في علوم القرآن"، في جزئه الأول، وتحت باب: (فيما وقع فيه بغير لغة الحجاز)؛ جملة من الكلمات بلغة عُمان؛ منها:

1- "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ" [آل عمران: 118]، خبالاً تعني (غيّاً).

2- "وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُم فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ" [الأنعام: 35 ]؛ (نفقاً) يعني (سرباً).

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل