ماذا وراء مدير المخابرات الأمريكية؟.. ثلاث زيارات متتابعة لـ"ستيوارت" تثير التساؤلات.. الأردن والإمارات وبينهم مصر.. وخبراء يكشفون لغز جولته العربية المفاجئة
جولة مثيرة، وربما تكون مفاجئة، لم تلق عليها الأضواء كثيرًا أو أُعلن لها جدول محدد، دفعت البعض لوصفها بالسرية بعض الشيء، لاسيما أنها جاءت متتابعة وخصت ثلاث دول عربية فقط، كانت مصر فيها المحطة الثانية، بدأت بالأردن وقد تنتهي بالإمارات اليوم.
"فنسنت ستيوارت"، مدير المخابرات العسكرية الأمريكية، صاحب الجولة ذات المحطات الثلاثة المتتالية، والذي لاحق زيارته علامات استفهامية كثيرة، لاسيما أنها جاءت بعد مرور نحو إسبوعين على صعود الجمهوري "دونالد ترامب" إلى حكم البيت الأبيض.
كانت الأردن هي محطة انطلاق المخابرات العسكرية الأمريكية، التي زارها "فنسنت" يوم الأربعاء الماضي، التقى خلالها "محمود فريحات" رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنية، بحث فيها وفقًا لموقع "روسيا اليوم" تعزيز العلاقات بين القوات المسلحة للبلدين، وكذلك آخر التطورات الإقليمية والدولية.
مؤخرًا وقبيل مجىء "ترامب" للحكم، عمدت واشنطن على تعزيز علاقاتها بالأردن لاسيما العسكرية والسياسية منها، شملت تسهيل بيع وتداول السلاح، وهو ما أتضح في تبني مجلس النواب الأمريكي "الكونجرس"، نصًا يعزز العلاقات العسكرية مع الأردن بما يشمل توقيع عقود لتصدير السلاح الأمريكي.
كذلك أعلنت واشنطن عن نيتها في زيادة المساعدة الأمريكية للعاصمة عمان سنويًا من 600 مليون إلى مليار دولار، وذلك بين العامين 2015 و2017 ، تشمل الجوانب الاقتصادية والتنموية والعسكرية، ودومًا ما تفتح مياه خليج العقبة الساحلي جنوب العاصمة الأردنية عمان أبوابها للبوارج الأمريكية والمروحيات.
أما مصر فقد كانت المحطة الثانية لجولة "ستيوارت" العربية، يوم الخميس الماضي، والتي وصفها الموقع الروسي بإنها كانت مفاجئة، ولم يعلن عن تفاصيل الزيارة من جانب واشنطن أو القاهرة حتى ساعات متأخرة من ليل ذلك اليوم.
جاءت الزيارة بدعوى دعم التعاون المشترك في مجالات الدفاع وسبل مكافحة الإرهاب، وتطورات الأوضاع بالمنطقة وما تشهده من متغيرات وانعكاساتها على الساحتين الإقليمية والدولية، وكذلك تعزيز التعاون العسكري.
زيارة "ستيوارت" للقاهرة لم تكن الأولى فقد سبق وجاء لمصر في يونيو الماضي، لكن الزيارة أعلنت من قبلها وحدد لها يومين، كما التقى خلالها الأخير بوزير الدفاع المصر "صدقي صبحي" ورئيس الأركان "محمود حجازي".
نوعًا من الهدوء والتعاون، يعنون علاقة مصر بواشنطن على الصعيد العسكري، يتضح من خلال منح القوات الجوية الأمريكية شركة "جنرال إلكتريك" عقد تطوير المقاتلات الجوية التابعة للقوات الجوية المصرية في صفقة بلغت ١٤ مليون دولار مؤخرًا.
وتمثل أيضًا في أبرم الجيش المصري عقدًا مع شركة "رايثيون" الأمريكية عملاق صناعة الأسلحة، حصلت بموجبه علي تقنيات وأجهزة حديثة للكشف عن الأنفاق لاستخدامها في سيناء، وبعدها حصل علي عقد آخر يخص أنظمة رادار متطورة.
وبشكل عام، كانت تمثل المساعدات العسكرية الأساس الصلب من أموال المعونة العسكرية الأمريكية التي توقفت لفترات، من برنامج التمويل العسكري الأجنبي، وبرنامج التدريب والتعليم العسكري الدولي، إضافة لبعض البرامج الأخرى غير الدورية.
وحط رحال مدير المخابرات الأمريكية، أمس السبت، في الإمارات الشقيقة، وعلى صعيد الهدف المعلن من زيارته، بإنه سيلتقي كبار المسؤولين في الإمارات لبحث سبل دعم التعاون في مواجهة الإرهاب والجماعات المتطرفة، ولم يُعرف حتى الآن مدة جولة المسؤول الأمريكي للمنطقة، ومتى ستنتهي؟.
وشهدت العلاقات العسكرية بينهم صفقات عدة لطائرات أمريكية من طراز F-16 فالكون المقاتلة، وعمد "الكونجرس" الأمريكي أيضًا على تعزيز التعاون العسكري مع عمان، وتسهيل عمليات بيع وتصدير السلاح لها.
من خلال البحث والتحليل، فإن العامل المشترك بين الدول العربية الثلاثة، هي الحدود السورية الملتهبة والمشتركة بينهم، وتصاعد الحرب والضربات ضد تنظيم "داعش" هناك، الذي تقود أمريكا تحالف دولي ضده، في مواجهة غريمتها الروسية التي تدعم بقاء الرئيس الروسي "بشار الأسد".
فتشهد الحدود الأردنية مع سوريا منذ اندلاع الأزمة، محاولات تسلل مستمرة وإغلاقات شبه تامة للمنافذ بين البلدين، باستثناء مناطق عبور اللاجئين، ولا يكاد يمر أسبوع إلا وتعلن فيه قوات حرس الحدود الأردنية إحباط محاولة تسلل للبلاد، أو تدمير لمركبات حاولت اجتياز الحدود.
أما الإمارات فيصفها جنرالات أمريكيون بـ"سبارتا الصغيرة"، التي خصصت قاعدة "الظفرة الجوية" للمقاتلين الأمريكان من ناحيتها الشمالية، لقصف التنظيم في سوريا والعراق، ويتمركز نحو 3500 جنديًا أمريكيًا بها، وقد شنت هذه القاعدة الجوية من خلال الوجود الأمريكي بها، الذي لم يعترف به "البنتاجون" علنًا معاقل صعبة لتنظيم داعش.
وليست الحدود المصرية بأحسن حال أيضًا، فهي ملتهبة لدرجة كبير بسبب الضربات التي تشنها روسيا على معاقل تنظيم داعش في سوريا، وتدفع الأخير للتوجه إلى ليبيا بما يعرف بعمليات الفرار الجماعي على حدودها مع طرابلس.
ومن ضمن الأسباب الخفية التي تكمن وراء الزيارة، هي توتر علاقة أمريكا خلال عهد "باراك أوباما" مع الحلفاء القدامى مثل تركيا والسعودية وروسيا أيضًا، ما يدفعها للتعاون العسكري مع قوى الشرق الكبرى مثل مصر والأردن والإمارات.
وأعزى مراقبون الزيارة التي خصت الثلاثة الكبار في المنطقة العربية، إلى شعور أمريكا بوجود تغييرات استراتيجية في حروبها المتعددة، وشعورها بالخطر تحديدًا على صعيد الحرب السورية، وربما يكون هناك أمرًا جديدًا سيحدث في المشهد وتستعد له واشنطن بالتعاون مع مصر والأردون والإمارات.
وهي نفس الأسباب التي توجه إليها الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فيرى أن الزيارة جاءت تبعًا للإستراتيجية الجديدة المقبلة عليها أمريكا لتحديد ملامحها وأسسها، من خلال تبادل المعلومات الأمنية والاستراتيجية، والإتجاه نحو التعاون مع دول الشرق الأوسط الكبرى.
ويشير إلى أن الأردن من أهم الدول المحورية في الحرب على داعش، وتطبق الاستراتيجية الأمريكية العسكرية بأكلمها، والإمارات دولة هامة وتلعب دور ضابط محوري في المنطقة، وتساعد بشكل كبير في الحرب داخل اليمن ضد الحوثيون وأزمات الخليج كافة.
Comments