المحتوى الرئيسى

كيف ستتجاوب الخطــوط الملاحية مع مبادرة سداد رسوم عبور القناة مقدما؟

11/20 14:21

■ «الحاويات» وافقت مبدئيا لاستحواذها على نسبة كبيرة من حجم التجارة

■ توكيلات ملاحية: القرار غير صائب وسيعطى مميزات لخطوط على حساب أخرى

السيد فؤاد ــ نادية صابر ــ أمانى عزازى:

أثار مفاوضات هيئة قناة السويس مع الخطوط الملاحية بشأن مبادرتها لدفع رسوم العبور مقدما مقابل الحصول على نسبة خصم سنوية، حفيظة العديد من خبراء النقل البحرى والخطوط الملاحية، إذ يرى البعض أن التوقيت غير ملائم، نتيجة الظروف التى تمر بها السوق الملاحية العالمية، والخسائر التى تتحملها الخطوط حاليا، فيما يقول فريق آخر إنها تعد فرصة لكبرى الخطوط العابرة للقناة للحصول على خصم مما يقلل من خسائرها السنوية.

وقال اللواء محفوظ طه، الخبير البحرى ورئيس هيئة موانئ البحر الأحمر سابقا، إن المبادرة جديدة وغير مسبوقة، مشيرا إلى أن من شأن نجاحها تعظيم ما تساهم به هيئة قناة السويس من النقد الأجنبى خلال الفترة الراهنة، بالإضافة إلى كونها ميزة إضافية للخطوط الملاحية التى تعبر القناة.

وأوضح أن الخطوط التى تعبر قناة السويس تنقسم إلى نوعين الأول هو الخطوط الثابتة وليس لها بديل سوى قناة السويس وهذه الخطوط تنتقل من جنوب آسيا إلى دول البحر الأسود، ومن آسيا إلى جنوب أوروبا، لافتا إلى أنه فى حالة قبولها الانضمام إلى المبادرة، فستسفيد من التخفيض، والخصم فى الرسوم التى تدفعها، فى الوقت الذى تعانى منه السوق العالمية من انهيار النوالين العالمية ،وتحقيق خسائر فادحة لدى معظم الخطوط.

وأضاف أن هذه الخطوط لا تقوم بتدبير العملة الأجنبية من السوق المصرية، وبالتالى فإن دفع رسوم عام أو عامين مقدما لا يمثل لها مشكلة، كما هو حاصل مع السفن التى تدخل إلى الموانئ المصرية، ويتم تدبير رسوم الشحن والتفريغ من السوق المحلية.

أما النوع الثانى فهو خطوط لديها بدائل ومنها التى تعمل على خط غرب أوروبا – آسيا، والساحل الشرقى الأمريكى – آسيا، وهى لا تتخذ من قناة السويس طريقا وحيدا فى رحلة عبورها، بل فى حالة انخفاض النوالين لأدنى مستوياتها أو زيادة تعرضها لخسائر فتقوم بالدوران حول أفريقيا «طريق رأس الرجاء الصالح» حتى تتجنب دفع رسوم قناة السويس التى تزيد من تكلفة الرحلة البحرية بالنسبة لها وبالتالى المزيد من الخسائر.

وأشار إلى أن هذه النوعية من الخطوط لا توجد لديها خطة محددة بحجم البضائع المنقولة، حتى تقوم بتحديد عدد السفن التى يمكن أن تمر عبر قناة السويس من عدمه، بعكس الخطوط الملاحية المنظمة بين جنوب وغرب أوروبا والبحر الأسود إلى آسيا.. وأضاف أن خطوط الحاويات أيضا سيكون هناك تركيز عليها من قبل قناة السويس بصفتها أكبر عميل، مقارنة بخطوط الصب الجاف أو الصب السائل وناقلات النفط والغاز والسياحة، خاصة أن تجارة الحاويات فى تزايد مستمر، بالإضافة إلى إستقرار معدلاتها نسبيا من المرور بقناة السويس.

يذكر أن الأسبوع قبل الماضى، شهد اجتماعا بين أكبر خطوط ملاحية تعمل فى نشاط الحاويات فى العالم وهى «ميرسك، سى إم إيه»، و«إم إس سى»، وعدد آخر من الخطوط العالمية، والتى رحبت بعضها مبدئيا بالفكرة، وتسعى إلى المزيد من المعلومات لتوقيع مذكرة تفاهم مبدئية، فيما تحفظت بعض الخطوط عن الاشتراك بالمبادرة من الأساس.

وقال الفريق مهاب مميش رئيس هيئة القناة أن حسم المبادرة سيكون خلال الشهر الجارى.

من ناحية أخرى، يرى مدير أحد التوكيلات الملاحية للخطوط العابرة للقناة، أن المبادرة قرار غير صائب متسائلا.. كيف للتوكيل الملاحى أن يعرف الحجم المستقبلى لسفنه العابرة فى ظل حالة الركود الذى تعانى منه الركود فى حجم التجارة العالمية، و المتغير من يوم لآخر، مع الأخذ فى الاعتبار بأن حجم العبور فى السنة المنقضية، وهو الأساس التى ستبنى عليه إدارة الهيئة مقدار الوديعة لكل توكيل، والذى ليس من الضرورى أن يكون ثابتًا أو سيتحقق للوكيل حلال الـ 3 سنوات المقبلة، وهى مدة الوديعة .

وقال إن هذه المبادرة ستخلق نوعًا من التمييزن بين عملاء هيئة قناة السويس، فالعميل الذى يستطيع أن يدفع مقدمًا لثلاث سنوات قادمة، سينعم بالتخفيضات أما العميل الذى لا يستطيع فلن يستفيد بهذه الميزة، وهذه التفرقة بالتأكيد «مرفوضة جملةً وتفصيلًا» .

ويرى أن توقيت هذه المباردة يعكس أن فكرة إيرادات قناة السويس، ليس كما ذكر مسبقا فى زيادة ولكنها فى نقصان، مما دفع إدارة الهيئة إلى اتخاذ، مثل هذا القرار لزيادة حصيلة العملة الصعبة، مما يهدم جميع المحاولات لإقناع العالم و المشككين بأهمية مشروع القناة الجديدة.

وطالب بضرورة إعادة النظر فى المبادرة، مؤكدا أنه ليس من المعقول أنه فى سبيل توفير الـ6 مليارات دولار شرط حصولنا على قرض صندوق النقد الدولى، أن نهدم كل ما صدرناه للعالم أجمع بأن مشروع قناة السويس الجديدة، هو قرار صائب و جاء فى الوقت المناسب.

ومن جانبه أوضح الدكتور محمد كامل، المستشار الاقتصادى لشركة «ماهونى» للملاحة أنه فى حال عدم وجود ضمانات للمباردة ستعد بمثابة إهدار للموارد، مضيفا أن الحصيلة التى سيتم جمعها اليوم، سوف يتحقق بشأنها ما يعرف اقتصاديا بتكلفة «الفرصة البديلة» بمعنى.. هل ستستثمر فى مشروعات تحقق قيمة مضافة تعوض هذه المبالغ أم لا؟.

ويرى أن الخطوط الملاحية ستقبل المبادرة لعدة أسباب تعتمد على انتزاع مزايا من قناة السويس، وليس تخفيضات فقط، علاوة على أن القيمة الحالية للدولار للخط أقل من القيمة المستقبلية، والتعامل المباشر بين الخط والهيئة سيوفر للخط العمولة على النولون التى يتقاضاها التوكيل، مما تعد مزايا كبيرة للخط الملاحى.

ومن جانبه، قال الدكتور أحمد الشامى خبير النقل البحرى، إن قناة السويس من أهم الممرات الملاحية فى العالم، وموقعها فى جميع مسار الخطوط الملاحية الكبرى، كما أنها تستوعب حاليا %8 من حجم تداول البضاعة الدولية، ومن أهم مصادر الدخل بالعملات الصعبة فى مصر تحقق فى المتوسط عبورا وخدمات للسفن ما قيمته 7.5 مليار دولار .

وقال إن محاولة هيئة قناة السويس التحصيل المقدم، هو محاولة لجذب ودائع دولارية من أصحاب الخطوط الملاحية الكبرى ليس خطأ، مشيرا إلى أن ما تعرضه قناة السويس، هو حوافز لجذب ودائع دولارية تزيد من الرصيد النقدى الدولارى وبضمان البنك المركزى، مستبعدا أن يؤدى هذا الإجراء إلى جذب خطوط أخرى، لأن رسوم قناة السويس متوازنة حتى فى ظل سوء الوضع الاقتصادى العالمى.

ويرى مصدر مطلع – رفض ذكر اسمه - أن المبادرة تعطى انطباعا واضحا وصريحا، بأن الاقتصاد المصرى يعانى مشكلات جسيمة، وأن رأى الفريق مهاب مميش، أنها حل لتوفير غطاء دولارى مرحلى إلا أنه ليس حلا دائما، خاصة إذا ما علمنا أن الخصم من رسوم العبور للخط يأتى لصالح وديعة القناة بالبنك المركزى وهو ما سيؤثر على إيرادات القناة فى السنة القادمة.

ولفت إلى أنه كان يجب البحث عن حل لزيادة الدخل بصفة عامة سنويا، خاصة فى ظل تضخم محتمل وكان من الأفضل بحث زيادة رسوم العبور بنسبة طفيفة، ولتكن %1 مثلا، والتى لا تمثل قيمة للخطوط حتى مع المتغيرات الاقتصادية العالمية.

وأوضح أن مصر منحت العالم هدية، وهو مشروع قناة السويس الجديدة، ففى الوقت الذى دفعنا مليارات فى حفر القناة كسبت الخطوط الملاحية ملايين الجنيهات، نتيجة تقليل مدة الانتظار، فى الوقت الذى احتفظت فيه القناه بثبات رسومها بل ومنحت تخفيضات كثيرة للسفن.

وأكد مدير شركة ملاحية – رفض ذكر اسمه - أن شروط الاتفاق المبدئى بين الخطوط الملاحية التى رحبت بالفكرة، وبين هيئة قناة السويس يجب أن تضع جميع الاحتمالات الاقتصادية، وظروف الحروب التى تحدث بالمنطقة العربية، وتأثيراتها على مصر فى الاعتبار، حتى لايصبح الاتفاق سيفا مسلطا على قناة السويس.

وقال إن خريطة النقل البحرى فى تغير مستمر وأكثر الخطوط الملاحية، تعانى خسائر فادحة، نظرا لتراجع حجم التجارة العالمية والتحالفات والاندماجات التى حدثت بين كثير من الخطوط، لذلك فإن توقيت المبادرة صعب وإن كانت نسبة الـ3%تخفيضا من رسوم العبور مغرية للغاية، خاصة مع الشركات الناقلة للحاويات التى تسدد للقناة رسوم عبور بالملايين.

ورحب السيد حلمى مدير توكيل «دومنيون للملاحة» بالمبادرة، مشيرا إلى أنها وسيلة جيدة لضخ مزيد من العملة الصعبة لخزينة الدولة، وفرصة لخطوط الحاويات العالمية للحصول على نسبة التخفيض التى تعتبر كبيرة، وتراكمية تصل فى نهاية المده بالخصم على مدار الثلاث سنوات إلى %7خاصة إذا ما عادت حركة التجارة العالمية لرواجها خلال السنوات الثلاثة القادمة.

وقال أحد ممثل الخطوط الملاحية إن هناك اجتماعات مكثفة بين هيئة قناة السويس، والخطوط الملاحية العالمية التى تتعامل مع الهيئة من حيث عبور سفنها، بهدف الحصول على كامل الرسوم سنويا، على أن يتم منح الخط الملاحى الذى يطبق هذا الإجراء على تخفيض مناسب.

وأضاف أن هيئة قناة السويس وعدت الخطوط الملاحية بالحصول على نسبة تخفيض فى أسعار الرسوم 3 - %5 سنويا على كامل الرسوم فى حالة السداد مرة واحدة، وتزيد نسبة الخصم كلما قام الخط بدفع الرسوم لأكثر من عام.

وأشار إلى أن هناك بعض الخطوط التى رحبت بالاشتراك فى المبادرة والبعض الآخر يدرسها مع الخط الملاحى العالمى،موضحا أن هناك ميزة للاشتراك فى المبادرة وهى الحصول على نسبة التخفيض، وإن كانت حجم التجارة العالمية المنقولة بحرا غير مضمونة بالنسبة للخطوط نتيجة الانداماجات التى تحدث بين الخطوط، وتغير حصص كل خط فى حجم ما ينقله سنويا من التجارة العالمية.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل