المحتوى الرئيسى

العمالة البحرية تسقط فى شباك السماسرة

11/20 12:56

■ خبير بحرى: غالبيتها غير مؤهل.. والتدريب والتعليم يفتقدان الجودة

لا تزال أزمة العمالة البحرية تشكل صداعا فى رأس الحكومة ، فى ظل مطالبات خبراء النقل البحرى، بتقنين أوضاعها وحمايتها من المشكلات التى تواجهها منذ سنوات طويلة، والتى ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بارتفاع نسبة البطالة، ليُعلن أى كيان وهمي »سماسرة« عن تشغيل الآلاف، مقابل مبالغ مادية سعيًا وراء العمل على أية سفينة.

ويشهد قطاع العمالة البحرية، مؤخرا تراجعا كبيرا فى معدلات الطلب عليه، رغم أهميته للاقتصاد لكونه أحد الوظائف ذات الدخل المرتفع نسبيا، والتى يساهم عاملوها فى دعم العملة الأجنبية للبلاد مقارنة بغيرها من الوظائف، إلا أن مستوى العمالة البحرية المصرية حاليا، ليس فى أفضل حالاته ما يجعل السوق الملاحية، والذى لا يعترف بالجنسيات فى نسبة كبيرة منه يبحث عن بدائل أخرى .

وأرجع خبراء ومسئولون فى القطاع، تراجع الأقبال على العمالة، لأسباب متعددة تبدأ بالقدرة على تعلم وإجادة اللغات الأجنبية، وتنتهى بالأخلاقيات ومستوى الثقافة للبحار المصرى، التى أصبحت من العوامل التى تعوق تسويقه فى الخارج.

ويرى خبير النقل البحرى، الدكتور الربان محمد الحداد، أن العمالة البحرية المصرية، غير مؤهلة للعمل بالقطاع ، مشيرًا إلى أنها كانت مؤهلة بشكل جيد مُسبقًا، أما حاليًا فلم تعد مؤهلة فى ظل تحول العملية التعليمية الموجهة لإعداد عمالة بحرية جيدة إلى عملية «تجارية» بحتة، دون الاهتمام بجودة التعليم لدى الخريج.

وأضاف أن هناك ثلاثة مصادر للعمالة البحرية، أولها : خريجو الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، والتى يعتبرها ذات نطاق «تجاري»، والثانى : الضباط المُتقاعدون من القوات البحرية، والثالث : أصحاب المؤهل المتوسط بمجال الخدمة البحرية.

واعتبر أن السياسات الخاصة بالتعليم البحرى لم تعد مرتبطة بسوق العمل ، مشيرًا إلى أن العلاقة بينهم أصبحت علاقة تناسب عكسى، فى ظل عدم مطابقة إمكانية العامل لمتطلبات سوق العمل، موضحًا أن هناك استمرارية فى ضخ أعداد كبيرة فى سوق العمل، وفقًا لازدياد أعداد الحاصلين على الجوازات البحرية، والتى تُعَد أحد أسباب مشكلة العمالة البحرية بمصر.

وتابع: «أصبح الانضمام لسوق العمل الآن، يتطلب الحصول على دورة تأهيلية ، وسمح للحاصلين على أى مؤهلات دراسية باستخراج جواز بحري، الأمر الذى زاد من أزمات العمالة البحرية ، إلى جانب حصول عدد من الأفرد على شهادات تأهيلية بحرية من قبل دول أخرى بطرق غير شرعية، فى الوقت الذى لم يكونوا مؤهلين فعليًا»، موضحًا أن هناك سببًا رئيسًا آخر لأزمة العمالة البحرية، وهو تقلص الأسطول الوطنى وتردى حالته، وعزوف مُلاك السفن عن تسجيلها تحت العلم المصرى.

ولفت «الحداد» إلى أن الأسطول الوطنى كاد أن ينتهى، فى ظل إهمال الحكومة له، موضحًا أن هناك تجاهلا حكوميا للأسطول فى نقل الصادرات والواردات، والعمل فقط من خلال الخطوط الملاحية الأجنبية.

وتطرق إلى أزمة «السماسرة»، موضحًا أن العمالة البحرية وقعت فى شباك السماسرة سعيًا للاتحاق بالعمل على أية سفينة والتى قد تكون «خردة» وتتعرض غالبيتها للغرق، فى حين أنه لا يوجد لتلك العمالة التى تأتى عن طريق السماسرة، أى مرتبات مجزية فى ظل عدم وجود نقابة أو حماية لحقوقهم.

وقال إن السماسرة تخصصوا فى المتاجرة بقوت البحارة العاطلين، موضحًا أنهم يتقاضون آلاف الجنيهات لإيهام ضحاياهم بإيجاد فرص عمل على السفن الأجنبية، ومن ثم تشغيلهم لمدة قصيرة بالاتفاق مع مالك السفينة والنصب على البحارة.

وأضاف أنه لابد من التصدى لظاهرة «السمسرة» التى بدلًا من أن تحصل على مقابل من الشركات الطالبة للعمالة فقط، تتقاضي آلاف الجنيهات من البحارة لايهامهم بالعمل بإجراء غير قانونى ومخالف لقانونى العمل المصرى، والعمل البحرى الدولى.

وطالب بضرورة التحقق من كيان الشركات لدعم حقوق البحارة، وإعادة وزارة النقل البحرى، بالإضافة إلى إنشاء نقابة للبحارة، موضحًا أنه نتيجة لعدم وجود نقابة أصبحت حقوق البحارة مُهدرة حاليا.

كما طالب بإنشاء اتحاد للبحارة على أن يكون الجهة الوحيدة المسئولة عن تشغيلهم واعتماد عقود عملهم، بالإضافة إلى تحديد وزارة القوى العاملة عددا معينا للقبول بالأكاديمية البحرية سنويا، بحسب متطلبات واحتياج السوق، فضلًا عن تدريب وتعليم الخريجين طبقًا للمعايير الدولية، بهدف تسهيل تسويق العمالة.

وشدد على ضرورة وضع شروط محددة توضح كيفية التعامل مع البحارة المصريين لحمايتهم من عمليات النصب التى يتعرضون لها من قبل «سماسرة» إلحاق العمالة على السفن، بالإضافة إلى تأسيس اتحاد البحارة المصريين لإلحاق العمالة بالخارج.

وأكد القبطان سامى أبو سمرة، عميد الدراسات التأهيلية سابقًا بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، أن نسبة كبيرة من العمالة البحرية المصرية تعانى حاليًا من البطالة، مضيفا أن هذه البطالة تعود لأسباب متعددة أبرزها ظهور أنواع من العمالة تتميز برخص أسعارها، من بعض الدول الآسيوية والتى زاد الطلب عليها، فضلا عن الأزمة العالمية الحالية، لافتا إلى أن بعض العمالة البحرية المصرية ببعض دول الخليج حاليا لا يتم تجديد عقودها.

وأوضح أن المشكلات الإقليمية تؤثر على العمالة البحرية، خاصة أن هناك عددا من السفن التى يمتلكها سوريون كانت تعتمد على العمالة المصرية، ونتيجة الاضطرابات الحالية بسوريا توقف العمل وزادت البطالة.

ولفت إلى أن بعض سفن الدول الأوروبية، مثل ألمانيا على سبيل المثال كانت قديمًا تستعين بالعمالة البحرية المصرية على سفنها، لأن الألمان لا يميلون لقضاء وقتا طويلا فى العمل بالبحر، لافتا إلى أن هذه الدول بدأت تتجه مؤخرا لجنسيات أخرى من العمالة مثل الفلبينية والتركية.

وأشار إلى أن تراجع الطلب على العمالة البحرية المصرية، ليس له علاقة بطبيعة التأهيل الذى تحصل عليه، لافتا إلى أن الأكاديمية البحرية تقوم بتخريج ضباط بحريين على أعلى مستوى، لافتا إلى أن مالك السفينة يبحث عن التكلفة الأقل للعمالة.

يُذكر أن عدد سفن الأسطول التجارى المصرى، تراجع بشكل كبير على مدى العقود الماضية، وأصبحت العمالة البحرية مضطرة للجوء للسفن الأجنبية،لكونها لن تجد بديلا وطنيًا.

ولم تسفر جهود الدولة لتشجيع ملاك السفن المصريين على شراء السفن، وزيادة عدد الأسطول التجارى المصرى، عن أية نتائج حقيقية فى ظل تعاقب وزراء النقل فى السنوات الخمس الأخيرة، ولحين اتخاذ الدولة إجراءات جادة لتشجيع ملاك السفن المصريين، على شراء السفن، فإن العمالة البحرية ستتأثر بهذا التراجع سواء بالقدرة على التدريب أو العمل.

وأكد أحد المختصين الأكاديميين بشئون العمالة البحرية - رفض ذكر اسمه - أن هناك عدة مشكلات تواجه عمل البحارة المصريين، خاصة فى الأسواق الخارجية سواء المهندسين البحريين، أو الضباط الملاحيين أو الأطقم الميكانيكية والفنية وأطقم الإعاشة.

وأضاف أن هذه المشكلات بعضها نتيجة لنظام التعليم المصرى والمنتج الذى يخرجه نتيجة اعتماده على التلقين، مما يؤدى لغياب مواهب البحث لديه.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل