المحتوى الرئيسى

ما هي العبر من فوز ترامب؟

11/20 11:46

إنقشع ضباب الانتخابات الأمريكية. وبشكل غير متوقع من قبل الغالبية حول العالم، فاز رجل الأعمال الملياردير دونالد ترامب، بمنصب الرئاشة مكتسحا بقوة منافسته هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة وزوجة الرئيس الأسبق بيل كلينتون. فما هي أبرز العبر التي يمكن استنتاجها من ذلك الفوز؟

رجل أعمال يدعى دونالد ترامب، وتحديدا مطور عقاري عالمي بارز، وجديد تماما على عالم السياسة، استطاع إلحاق هزيمة كبرى بمؤسسة الحكم الأمريكية، وبالمؤسسة الإعلامية الأمريكية والعالمية وكذلك باستطلاعات الرأي.

فقد قال ليونيل باربر رئيس تحرير صحيفة فايننشال تايمز، أن «أمبراطور العقارات... الجديد على عالم السياسة، تحدى كل راسخ ومستقر في جميع المجالات، ولم يدفع فلسا واحدا على الإعلانات التلفزيونية، معتمدا على علامة ترامب التجارية وعلى رسالة بسيطة هي باختصار «نعيد لأميركا مجدها» .

ولم ينس الكاتب أن يشير إلى أن ترامب «قد قضى على سلالتين سياسيتين وهما سلالة بوش وكلينتون، ودمر تقاليد عريقة في كل المجالات، وأنه على وشك التغيير الشامل لـ واشنطن، وعليه الآن أن يثبت قدرة على البناء كما أثبت قدرة كبيرة على التدمير»          

أما ستين جاكوبسن رئيس الاقتصاديين ورئيس شؤون المعلومات لدى ساكسو بنك، فقد قال لم تكن للانتخابات الأمريكية الأخيرة أي صلة بالقضايا المطروحة على غرار تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) لم يكن الأمر متعلقاً بالشخصيات ولا القضايا المطروحة. فلو كانت «القضايا» تعني أي شيء للناخبين الأمريكيين، لما وصل أي من كلينتون أو ترامب إلى صناديق الاقتراع في نوفمبر.

لا الشخص ... ولا السياسة  

ويضيف «إن «مجرد حقيقة تمكن شخص مثل ترامب من قيادة الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية هي أكبر دليل على أن الأمر لا علاقة له بالشخص نفسه ولا بالسياسة، بل بالحاجة التي تولدت لدى الشعب الأمريكي للهروب مما أسماه أحد الخبراء الاستراتيجيين «الآلة السياسية الجامدة».

ويمضي للقول :في حقيقة الأمر، هيلاري ليست قابلة للانتخاب. فقد قادت حملة وصلت تكلفتها مليار دولار أمريكي مصممة لخدمة مختلف المجموعات ذات المصالح الخاصة، سواء كانت متعلقة بعرق أو جنس محدد أو معنية بنواحي سياسية محددة للغاية.

وعلى النقيض من ذلك، فقد تألفت حملة ترامب بشكل رئيسي من حسابه على تويتر ومتابعيه الكُثر،وعليه، فإن النتيجة الأولى تبعث على الكثير من التفاؤل وهي أن إنفاق المزيد من الأموال لا يشتري لك المزيد من الأصوات، كما أنه لا يشتري لك المصداقية.

ويضيف جاكوبسن «يبدو أن ترامب، وبالرغم من شخصيته المستفزة في معظم الأحيان، تمكن من تحويل نفسه إلى مرشح يؤمن بالولايات المتحدة ككل، وليس بمجموعات معينة. وقد نشرت عدة صحف، منها نيويورك تايمز، صفحات وصفحات من الحقائق التي توضح كيف أن ترامب استهان بكل ما هو متعارف عليه على أنه مقبول سياسياً بل وتجاهله تماماً ومع ذلك استمر في تصدّر استطلاعات الرأي.

ويستنتج جاكوبسن شيئا على قدر كبير من الأهمية فيقول «إذا لم يحمل ذلك كلاً من الإعلامين والاستراتيجيين السياسيين على إعادة النظر، فما الذي يمكن أن يحملهم عليه إذاً؟ فهل تكون النتيجة الإيجابية إذاً أن «الطريق نحو الرئاسة» في المستقبل يتعلق أكثر بالرغبة، سواء المصرح عنها أو الضمنية، في أن تكون رئيساً لأمريكا برمتها؟ أي أن تكون شخصاً حقيقياً عوضاً عن كونك منتجاً وافقت عليه مجموعات الضغط».

كما يطرح سؤالاً أخر في غاية الأهمية هو «هل يتطلب الأمر التركيز على ما يجعل أمريكا قوية والتغاضي عن حاجات ومظالم مجموعات فرعية معينة؟ وبرد على السؤال قائلاً «إذا كان الأمر كذلك، فالظاهر أن السياسات الأمريكية جاهزة كي تنهض من أنقاض الدمار. وإذا كان الأمر كذلك بدوره، فهذا يعني أن على الأمريكيين أن يكونوا أمريكيين أولاً ثم أعضاء في أي مجموعة أقلية ثانياً، ولكن الأمر كان على العكس من ذلك خلال العقود الماضية».

إن تساوي فرص الحصول على التعليم والوظائف والرعاية الصحية لا يحدد نجاح الولايات المتحدة فحسب، بل كل دول العالم قاطبة.

ويضيف «هناك مغالطة كبيرة بأن الجميع بحاجة إلى «امتلاك نفس الأشياء»...لا، نحن لا نحتاج لذلك! ما نحن بحاجة إليه هو تساوي فرص الحصول على الأشياء. ومن الواضح أن الولايات المتحدة متأخرة في هذا المجال، ويعود ذلك في نظري إلى أن الآلة السياسية الجامدة مشغولة بتقديم وتبادل الخدمات بدلاً من التركيز على الأمور الأهم: عدم تساوي فرص الحصول على الوظائف والتعليم والمستقبل.

كما يستنتج أيضا أن نتيجة الانتخابات الأمريكية تشكل الخطوة الأولى في الانسلاخ من آلية سياسية معطلة وجامدة، ولكن التركيز على الإنتاجية المصحوبة بالاستثمار في الأفراد لن يحدثا إلا إذا كانت هناك أزمة.

ويعتقد ترامب وأنصاره أن نهجه، نهج رجال الأعمال، يمكن أن يغيّر اتجاه التنمية في الولايات المتحدة ولكن هذا لن يحدث. إلا أن الميزة الوحيدة التي تمخضت عنها هذه الانتخابات هي التخلص من النموذج القديم الجامد وليس أي من الأفكار السياسية التي جاء بها ترامب.

الإعلام يجب أن يشعر بالخجل

ومع ذلك، لا زال الركود يلوح في أفق الولايات المتحدة بالرغم من التوقعات بوفرة مالية. فالعوائد الأعلى (التي كانت النتيجة الفعلية لانتخاب ترامب) ستقضي على ما سيتبقى من التنمية في الولايات المتحدة لأن الاقتصاد الأمريكي لن يكون وحده من يعمل بدون أي دعم، بل ستكون معه العديد من الشركات الأمريكية.

أما بالنسبة لتحليل جاكوبسن، لما بعد الانتخابات، فقد أشار إلى أن مجرد قراءة معتدلة لهذه النتيجة وما تمخض عنها من ظواهر ثقافية وسياسية ثانوية يجب ولا بد من أن تُشعر الإعلام السائد برمته بكثير من الخجل.

فلقد شاهدت تغطية الانتخابات على قناة CNN – أو «قناة أخبار كلينتون» كما يجب أن تتم تسميتها في المستقبل – وكانت مشينة للغاية! لقد جعلت محطة «روسيا اليوم» القائمة في موسكو والمخصصة للدعاية الحكومية تبدو وكأنها مؤسسة إعلامية معتدلة، وهي مقارنة مسيئة للغاية بالنسبة للصحف والشبكات الإعلامية الأمريكية المحترمة.

وربما يكون الوقت قد حان كي يلتفت الجميع عن الصحف والمذيعين، والعودة إلى واحدة من أجمل ما كُتب من وثائق ألا وهو الدستور الأمريكي. ربما يكون الوقت قد حان كي يستمع الأمريكيون إلى كلمات فرانسيس سكوت كي، الذي كتب كلمات النشيد الوطني الأمريكي المؤثر وأن يقوموا فعلاً بجعل الولايات المتحدة «أرض الأحرار ووطن الشجعان».

أما المحلل السياسي الروسي الكسندر دوناشيف فقد وصف دونالد ترامب، بالمجهول الأكبر الذي يجمع بين التناقضات: فهو الملياردير القادم من نيويورك، وهو يعبر عن فوز المحافظة على المدينة الكبيرة وعلى فوز الريف على المدينة؛ وبالنسبة للسياسة الداخلية فترامب أيضا ليس من النخبة السائدة هناك حتى الآن. لذلك لن يكون من السهل إيجاد قنوات للوصول إليه.

وأضاف لكن للصدمة المذهلة إيجابياتها، لأنها تقود إلى التعقل والرزانة. وإلى حين قيام ترامب بأداء القسم كرئيس للولايات المتحدة وانتقاله للبيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني القادم، هناك ما فيه الكفاية من الوقت للقيام بتحضيرات.

إن انتخاب ترامب تشكل قطيعة مع الماضي بل وربما تعبر عن لحظة تاريخية لتغيير المسار. لكن ذلك لا يعني نهاية تعاون الغرب القائم حتى الآن، ومما لاشك فيه هو أن الأمر لن يكون سهلا ومريحا، غير أن الشيء المؤكد هو أن ترامب رجل غير تقليدي".

وهناك عبرة أخرى هي أن الأمريكيين ذوي الأصول الإفريقية واللاتينية ومشاعر الغضب التي يشعر بها المواطن الأمريكي العادي هما كلمتا السر في فوز ترامب وخسارة كلينتون. فقد جاء في تحليل لـ سي إن إن، أن كلينتون لم تتمكن من الاستفادة من الشعبية الكبيرة التي حصل عليها الرئيس الأمريكي باراك أوباما بين الناخبين الأمريكيين ذوي الأصول الإفريقية واللاتينية، إلى درجة أن كثيرًا منهم أحجم عن الذهاب لمراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم. وأضاف أنه رغم حصول كلينتون على أصوات 88 % مقابل حصول ترامب على تأييد 8 % من أصوات الأمريكيين ذوي الأصول الإفريقية، إلا أن هذه النسبة جاءت أقل بكثير من النسبة التي حصل عليها باراك أوباما خلال سباقه الرئاسي أمام المرشح الجمهوري ميت رومني عام 2012، حيث حصل أوباما على 93 % بينما حصل رومني على 7 %. وذكر أن خسارة كلينتون لـ12 % من أصوات الأمريكيين الملونين، فضلا عن حدوث تباطؤ غير متوقع في عدد المواليد الأمريكيين من أصول لاتينية، تسبب في زيادة فداحة تلك الخسارة. وقالت الشبكة إن تصريحات ترامب عن مجتمعات الأمريكيين الأفارقة وأنهم يعانون من الفقر والبطالة والاضطهاد من قبل الشرطة ساهمت في تقليل دعمهم لكلينتون. وتابعت  مؤكدة أن تأييد الأمريكيين اللاتينيين لكلينتون جاء فاترًا أيضًا بالرغم من الموقف المعادي الذي أظهره ترامب تجاه المكسيك، حيث قال إنه يريد أن يبني حائطًا عازلًا بين الولايات المتحدة والمكسيك لمنع تدفق المزيد من المهاجريين غير الشرعيين لأمريكا. وتشير نتائج الانتخابات إلى حصول كلينتون على 65 % مقابل 29 % من أصوات الأمريكيين ذوي الأصول اللاتينية.  اقتصادياً واصلت الأسواق التأقلم مع انتصار ترامب . فقد كتب  حسين السيد، كبير استراتيجي الأسواق في « FXTM « أنه «مما لا شك فيه، أن الأسبوع الماضي سيبقى في الذاكرة لسنوات طويلة، ليس فقط بسبب انتصار ترامب المستغرب، إنما ردة فعل الأسواق على الرئيس الجديد. فبدلا من أن نشهد تدهور أسواق الأسهم وتحليق أسعار السندات نتيجة حلقة جديدة من عدم اليقين السياسي، حدث العكس تماما، فقد صعدت الأسهم الى مستويات قياسية جديدة بينما انخفضت أسعار السندات الامريكية الى أدنى مستوياتها منذ شهر يناير/ كانون الثاني. ما حدث هو أن المستثمرين فضلوا ألا يضيعوا الوقت وأخذوا في تعديل محافظهم المالية بناء على وعود ترامب المتعلقة بالإنفاق المالي، وخفض الضرائب، والعلاقات التجارية، وتشريعات أقل.

أصحاب الثروات يبحثون عن جنسيات بديلة

في الساعات القليلة الأولى عقب الإعلان عن فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، قفزت أعداد الأمريكيين الذين يستفسرون عن برامج إقامة ومواطنة بديلة إلى مستويات مرتفعة للغاية. وكان للأحداث الأخيرة المقلقة التي شهدها العالم مثل محاولة الانقلاب في تركيا، والهجمات الإرهابية في فرنسا، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والآن فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية، دوراً كبيراً في زيادة اهتمام الأفراد والعائلات الثرية ببرامج الإقامة أو المواطنة البديلة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل