المحتوى الرئيسى

العالم على أعتاب كارثة.. خطر اليمين المتطرف يحكم لعبة الكبار.. فوز "ترامب" بالرئاسة ‏يعطي قُبلة الحياة لـ"النمسا وفرنسا".. وخبراء يحذرون: انتظروا "الربيع النازي"

11/19 18:23

ربما يكون المستقبل القادم والقريب لأحزاب اليمين المتطرف، التي عَلَت نغمتها للغاية في معظم الدول ‏الأوروبية، بعدما استنجدت بتصاعد وتيرة الإرهاب داخل القارة العجوز، ووجدت فيها ملجًأ منطقيًا لزيادة ‏شعبيتها وطرح نفسها من جديد في لعبة الدول الكبرى.‏

بداية.. اليمين المتطرف هو مصطلح سياسي بحت،‎ ‎يُطلق على التيارات‎ ‎والأحزاب السياسية التي لا يمكن ‏اعتبارها ضمن جماعات اليمين السياسية التقليدية، والتي تدعو إلى حماية‎ ‎التقاليد‎ ‎والأعراف‎ ‎داخل‎ ‎المجتمع.. ‏أما المتطرفة؛ فهي تدعو إلى التدخل القسري واستخدام العنف وحمل السلاح لفرض التقاليد والقيم وتؤيد ‏العنصرية والطائفية.‏

في تسعينات القرن الماضي، تبلورت بشدة فكرة اليمين المتطرف على صورته الحديثة الحالية في أوروبا، ‏وكانت أمريكا هي محل الميلاد، بعد هجوم "أوكلاهوما" عام 1995، وهي الحادثة التي ألصقت بالإسلام‏، حيث كانت بداية وصفه بـ"دين الإرهاب" من قبل أوروبا.‏

وعزز من تلك النغمة ظهور جماعات "النازيين الجدد" حليقي الرؤوس في ألمانيا، التي يمكن وصفها ‏بمحطة نشأة اليمين المتطرف، حيث بدأت تلك التيارات في تحقيق الكثير من المكاسب لها على الصعيد ‏السياسي.‏

وتأصل نهج اليمين المتطرف في أوروبا خلال عام 2008، حين أعلنت أحزابه في معظم دول أوروبا ‏تأسيس منظمة جديدة تهدف إلى مكافحة ما أسمته بـ"الأسلمة" للقارة العجوز، ورفعت شعار "المدن ضد ‏الأسلمة"، وأعلنت ضرورة وقف افتتاح المساجد في المدن الأوروبية.‏‎ ‎

الانتشار الواسع لليمين المتطرف وقفت عدة عوامل ورائه.. بدأت مع انهيار الاتحاد السوفيتي،‎ ‎وظهور ‏مجموعة من الدول التي التفت إلى أصولها العرقية، واندماج بعض الدول الأوروبية في‎ ‎الاتحاد الأوروبي، ما ‏أشعل اهتمام الأوروبيين بأصولهم القومية في كل دولة على حدة.‏

كما أن انتشار البطالة في أوروبا‎ ‎والركود الاقتصادي إضافة إلى‎ ‎الأزمة الاقتصادية العالمية، جعلت ‏الأوروبيين ينظرون بعين الريبة إلى الأجانب الذين يرون فيهم مزاحمين على الوظائف وخاصة المسلمين ‏منهم، وانطلاقًا من تلك النقطة بدأت دعوات طرد المسلمين المهاجرين تظهر بقوة.‏

وحاليًا يبدو أن العالم على أعتاب غزو اليمين المتطرف، ففي النمسا يعتبر يوم 4 ديسمبر المقبل، يوم ‏فاصل في تاريخها، والذي سيتم فيه إعادة الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها خلال مايو الماضي مرشح ‏حزب الخضر "ألكسندر فان" بفارق طفيف على مرشح اليمين المتطرف "نوربرت هوفر".‏

وكانت المحكمة الدستورية ألغت نتائج تلك الانتخابات، وأمرت بإعادتها؛ بدعوى وجود مخالفات كثيرة في عملية فرز بطاقات ‏الاقتراع المرسلة من خلال البريد، إلا أن الإعادة تبدو مختلفة بعض الشيء، لاسيما عقب فوز "دونالد ‏ترامب" بالرئاسة الأمريكية وهو أحد مؤيدي اليمين المتطرف في أمريكا.‏

وأشعل هذا الأمر، الأمل فى قلوب اليمينيين والشعبويين في بلدان شتى، وهو ما تحدث عنه موقع "روسيا اليوم"، ‏بالتأكيد على أن فوز ترامب؛ منح زخمًا لمعكسر "هوفر" اليميني الذي استغل الفرصة لتصوير نفسه بأنه ‏الأصلح لقيادة البلاد، ويخشى كثيرون من صعوده في الانتخابات ليسجل محطة جديدة لليمين المتطرف.‏

و‏"هوفر" هو مرشح شعبوي من حزب الحرية، المعادي للمهاجرين، حيث ارتكزت حملته الانتخابية ‏بالأساس على تقوية حدود البلاد وجيشها، وتقليل المنافع التي يحصل عليها المهاجرين، وإعطاء الأولوية ‏للنمساويين في سوق العمل.‏

أما في فرنسا فيعيش اليمين المتطرف أفضل فتراته؛ نتيجة المتغيرات الدولية الحاصلة من خروج بريطانيا ‏من الإتحاد الأوروبي، وفوز "ترامب"، فضلًا عن التقدم الذي حصده حزب "الجبهة الوطنية" اليمني ‏المتطرف بقيادة "مارين لوبان" في الجولة الأولى من الانتخابات المحلية وحسمها لصالحه.‏

وهو ما دفع "لوبان" للعب على وتر الدولة القومية مستغلة الأحداث الأمنية وجنوح الرأي العام الأوروبي ‏والأمريكي نحو إغلاق الأبواب على المهاجرين والإهتمام بالسياسة الداخلية، والدعوة لطرد المهاجرين ‏غير الفرنسيين، على أمل حسم الجولة الثانية ضد منافسيها من الوسط واليسار.‏

ولليمين المتطرف في فرنسا تاريخ طويل بدأ خلال عام 1972، حين تأسس الحزب الفرنسي ‏القومي، على يد داعمي النازية وأعضاء من نظام "فيشي"، الذين سعوا إلى تضييق الخناق على الإعانات ‏التي تقدمها الحكومة للمهاجرين، بما فيها الرعاية الصحية، وكذلك تقليل أعداد المهاجرين الوافدين.‏

الحديث الآن عن تيارات اليسار المعتدل في أمريكا؛ يعد ضربًا من الخيال، بعدما صعد "ترامب" ‏اليميني المتطرف للبيت الأبيض، الذي صدح طوال حملته الانتخابية بتصريحات عنصرية لاسيما المتعلقة ‏بموقفه من المسلمين والعرب واللاجئين وقضايا الشرق الأوسط.‏

تاريخيًا لم يتكون هذا التيار إلا في وقت متأخر داخل أمريكا، على يد كل من ضاقوا ذرعًا بالمسلمين، والداعين ‏الى اتخاذ موقف متشدد إزائهم، خلال عام 1943، من بينها مؤسسة "مشروع من أجل قرن أمريكي ‏جديد"، وحركة "اليمين المتصهين".‏

وعن خطورة انتشار ذلك التيار؛ يرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن صعوده في دول العالم ‏تباعًا ليس مصادفة، ولكنه يعبر عن توجه هيكلي يتبنى الخطاب المتطرف أكثر من المعتدل، يهدف إلى ‏العودة للشعبوية والفوضى وإعلاء شأن الدولة عن أي شيء آخر.‏

ويضيف: "اليمنية الجديدة تعتبر ردًا عن الديمقراطية التي لم تعد تجدي في نظر دول كثيرة، وتعبر عن ‏رغبة الحكومات الجامعة في تصعيد الخيارات العدائية، وهو ما ظهر في شعار أمريكا أولًا، وألمانيا أولًا، ‏وخروج إنجلترا من الاتحاد الأوروبي بمعنى أنها تنأى بنفسها، وتنغلق على مصيرها".‏

ويوضح أن العالم على أعتاب كارثة خطيرة بسبب نغمة التطرف العالية التي يشهدها في الوقت الحالي، ‏لأن جميعها تستهدف العرب والمسلمين، ويمكن القول أنها خلقت لأجل صد عدوانهم في نظر تلك الدول، ‏حيث كانت البداية عند إسرائيل بإنشاء أحزاب العنف بها، ما صعد من تيار السلفية الجهادية أيضًا ردًا ‏عليها.‏

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل