المحتوى الرئيسى

الحياة الاجتماعية لـ«الأشجار».. كيف تشعر وتتألم وتكوِّن صداقات؟! - ساسة بوست

11/19 15:37

منذ 35 دقيقة، 19 نوفمبر,2016

الأشجار والنباتات مثّلت أقدم صاحب صامت للجنس البشري، لكن الإنسان لا يزال يكتشف عنها ما هو أبعد من جمالها الصامت وقدرتها على تنقية الهواء بالأكسجين أو حتى إمدادنا بالأخشاب، في هذا التقرير نتتبع بعض الحقائق المثيرة عن عالم النباتات والتي تتواصل الاكتشافات عنها لتؤكد أنها كائنات ذكية، كما أنها تشعر وتتذكر وتتـألم وتتكوّن لكل منها شخصية مختلفة:

كما يقول «مايكل بولان» مؤلف كتاب «مأزق آكل النبات واللحوم» «لديها بيئة مماثلة لبيئتنا، لديها طريقة لجمع كل البيانات الحسية خلال حياتها اليومية، وتنظيمها والتصرف بشكلٍ ملائم إزائها. تفعل ذلك كله دون عقل، وهو ما يدهشنا إذ نعتقد دائمًا أن معالجة المعلومات تحتاج إلى العقل».

هل يمكن أن يكون للنبات ذاكرة؟ يبدو أن الإجابة نعم، فبعض العلماء يؤكدون أن النبات يشعر ويتعلم ويتذكر، ويستجيب بطرق قد تكون مألوفة لنا نحن البشر، إنها دراسات أُجريت في مجال علم أعصاب النبات وهي تسمية، وإن لم تكن دقيقة، إلا أن العلماء لا ينكرون أن يكون للنبات خلايا عصبية أو أدمغة.

وفقًا للباحثين، فالنباتات تسمع رغم أنها ليس لديها آذان، قام علماء بوضع صوت مسجل ليرقة تأكل ورقة خضراء بالقرب من أحد النباتات وراقبوا ما حدث؛ لقد بدأت النباتات بإفراز مواد كيميائية دفاعية، بالرغم من عدم وجود خطر حقيقي يتهددها، لكنها بطريقة ما سمعت الصوت وقامت برد الفعل المناسب.

يقول بولان: إن النبات يشعر أيضًا كالبشر، وربما أكثر، فهو يشعر بنقص المياه أو زيادتها، كما أنه يشعر بالخطر الذي يهدد جذوره حتى قبل الاتصال بها، كما أنه يغيّر اتجاهه ليتفادى العقبات.

إنها تتألم أيضًا ويمكن للمخدر الذي نستخدمه نحن البشر أن يؤثر فيها، كما أنها تُنتج مخدرها الخاص الذي يمكن أن نتأثر به نحن أيضاً. كما تنبعث من النباتات غازات تشبه صرخات الألم لدى قطع جزءٍ منها.

وفقًا للباحثين بمعهد الفيزياء التطبيقية بجامعة بون الألمانية فقد استطاعوا عبر ميكروفون ليزر التقاط موجاتٍ صوتية أيضًا تنتجها النباتات بجانب الغازات، حين تُقطع أو تُصاب أجزاؤها، ولا يكون الصوت مسموعًا لنا، لكنها أصوات تشير إلى أن النباتات تصرخ حين تتألم وأن الزهور تبكي حين تُقطع أوراقها.

هناك شئٌ مجهول في تفاعل النباتات فهي لا تحتوي على خلايا عصبية، لكن لديها نظامًا لنقل الإشارات الكهربية، يتضمن هذا النظام إنتاج ناقلات عصبية، كالدوبامين والسيروتونين، والمواد الكيميائية الأخرى التي يستخدمها العقل البشري في نقل الإشارات.

لكن هل هي كائناتٌ واعية، أو كائناتٌ ذكية، يتوقَّف هذا على تعريفنا للذكاء، هناك عمليات مختلفة تشير إليها كلمة الذكاء، نصفها تقريبًا يعتمد على الدماغ، لكن نصفها الآخر يتعلق بمعالجة المعلومات وحل المشكلات، وهذا هو الذي نتحدث عنه، إن البحث في هذا الأمر يوضح كيف أن الخط الفاصل بين النبات والحيوان أضعف مما نعتقد.

لكن هل يقتصر الأمر على إحساس النبات بأجزائه المختلفة ؟ أم تتواصل النباتات فيما بينها؟

خلال صمتها الطويل تواصلت رسائلها المجازية لنا وكنا نتعلم منها الكثير، لكن لغة أخرى ليست مجازية يبدو أنها موجودة فعلًا في عالم الأشجار تتبعها الألماني «ووتر وولبن» في كتابه «العالم السري للأشجار.. بم تشعر وكيف تتواصل اكتشافات من عالم سري»، الذي حقَّقَ مبيعاتٍ عالية وتُرجم إلى عدَّة لغات، يروي وولبن في كتابه تجربته في إدارة غابة في جبال إيفل في ألمانيا وكيف علّمته اللغة المذهلة بين الأشجار، ومهدت الطريق لأبحاث أجراها العلماء حول أسرار الأشجار والغابات ودورها في جعل عالمنا مهيئًا لحياةٍ أفضل.

كانت مهمة وولبن هي رعاية الغابة لتحسين إنتاجها من الأخشاب، كان يستشكف الحياة السرية للأشجار كما يستكشف الجزّار حياة الحيوانات، كان تركيز وولبن على الأشجار يهدف في النهاية إلى تحويل كل جزء فيها إلى شيء قابل للصناعة ليتحول لسلعة.

لكن قبل عشرين عامًا حين كان وولبن يقوم بتنظيم رحلاتٍ تدريبية للسُيَّاح في الغابة، تغيَّرَ كلُّ شيء وبدأ في استعادة شغفه بعالم الأشجار، ذات مرة حين كان يتجول في الغابة لفت نظره صخرة مغطاة بالطحالب، كانت التجاويف بها منظمة، وحين حاول إزاحة الطبقات الخارجية فاجأه أن تحتها لحاء شجرة، وأنه لا يمكنه نزعها من الأرض؛ لأن بها أجزاء خضراء تشير أنها على قيد الحياة، كان حجم اللحاء في الأرض واتساعه يعني أن الشجرة قد مضى على قطعها ما لا يقل عن أربعمائة أو خمسمائة قرن، أذهله أن تكون شجرة قد قُطعت منذ قرون، ولم يعد لديها أوراق تقوم بعملية التمثيل الضوئي وتوفر لها الغذاء؛ ولا تزال مع ذلك تنبض بالحياة، من أين تستمد الشجرة المواد الغذائية اللازمة لها؟

تبيّن له أن الأشجار المجاورة لها، ولسبب مجهول هي من تقوم بذلك، وأن الأشجار بشكل عام تقوم بمشاركة غذائها لرفيقاتها، وحتى لمنافساتها، والسبب يشبه السبب نفسه في تعاوننا نحن البشر وعيشنا في مجتمعات؛ لا يمكن للشجرة أن تواجه وحدها تغيرات الطقس والمناخ والرياح، لكنها حين تتحد مع الأشجار الأخرى، فيمكنها توفير قدر من الرطوبة وتخزين المياه، بحيث تتكون بيئة يمكنها حماية الأشجار، وبهذه الطريقة يمكن لحياتها أن تمتد لمئات السنوات.

دون هذه المشاركة لن يمكن للأشجار الصمود طويلًا في مواجهة الرياح وحرارة الصيف، إن بحثت كل شجرة منفردة عن gغذائها فقط، فستعاني كل الأشجار، إن ما يحدث هو أن كل شجرة تقدم الدعم الممكن لمن حولها من الأشجار، وهذا ما يفسر أن الشجرة المريضة تتلقى الغذاء والدعم إلى أن تسترد سلامتها، وتقوم هي نفسها بتقديم الدعم للأشجار حولها في مرحلة أخرى.

لكن هذا لا يحدث دائمًا، هناك أشجار تحيا بالفعل، لكن هناك أشجارًا لا تحظى بهذا الدعم وتموت. فما هو التفسير الذي يقدمه لنا ولبون في كتابه؟

يخبرنا ولبون بأن العلاقات بين الأشجار أو ربما «المودة» تكون متفاوتة، فالدعم الذي تقدمه الشجرة لمن حولها يحكم قدر الدعم الذي يُقدّم لها لاحقًا.

تظهر قوة العلاقات بين الأشجار في فروعها التي تنمو لأعلي لتحصل على الضوء والهواء، لا تتجاوز فروع الشجرة فروع شجرة أخرى؛ إذا كانت صديقتها، تنمو بعيدًا عنها لتترك مجالًا لجذوعها لتحصل على الضوء والهواء، كما أن جذورهما تتحد معًا حتى أن إحداهن تموت بموت الأخرى.

في تجربةٍ أجريت قبل أربعة عقود في «السافانا» الإفريقية، راقب العلماء كيف كانت الزرافات تأكل من أشجار السنط، فبدأت الأشجار في مواجهة هذا الخطر بإنتاج مواد سامة في أوراقها لتحمي نفسها من الحيوانات، شعرت الزرافات بالمادة وابتعدت عن الأشجار، لكنها لم تنتقل للأشجار المجاورة مباشرة لتواصل طعامها، لقد سارت على بعد مائة ياردة من الشجر الذي أنتج المادة السامة، قبل أن تواصل الأكل من أشجار السنط الأخرى.

Comments

عاجل