المحتوى الرئيسى

‏"إخلاء السبيل" مكافأة النيابة العامة لـ"خفافيش الداخلية".. "قتل واغتصاب وهتك عرض" بدون حساب.. "البراءة" سلاح على رقبة المواطنين.. وخبراء: "الانتفاضة القادمة ضد الشرطة"‏

11/19 12:59

ليس البطش أو الانتهاك وحده، الذي يمارسه ضباط وأمناء الشرطة تجاه المواطنين هو ما عمق الفجوة ‏بينهم، أو أجج الغضب الشعبي ضد وزارة الداخلية وقياداتها، لكن النيابة العامة أيضًا تعد شريكة بشكل ‏غير مباشر في مسلسل الانتهاك المتتابع بإخفائها الدائم لقاعدة "الجزاء من جنس العمل".‏

مهرجان "إخلاء السبيل" الذي خصت به النيابة العامة الضباط والأمناء في كل واقعة بطش هو ما دفع ‏أصابع الإتهام إليها، واعتبارها شريكة في تلك الحوادث، لأنها من ينزل بتتر النهاية دومًا بإخلاء سبيل ‏الجاني والاستمرار في التحقيقات التي لا تفضي إلى شيء.‏

بمنطقة الأميرية، وتحديدًا في حي الزاوية الحمراء، قُتل المواطن "مجدي مكين" بائع السمك المغمور، ‏على يد ضابط شرطة بقسم المنطقة، الأول ترقد جثته المعذبة داخل قبر ضيق لا يملك لسانًا ليدلو به عما ‏حدث معه، والثاني حر طليقًا بعدما تم إخلاء سبيله، أمس الجمعة.‏

البداية كانت من خلال مشاجرة عابرة وقعت بين "مكين" وأحد السائقين، تدخل على إثرها الضابط الذي ‏كال الشتائم والسباب لكلاهما، إلا أن الأول اعترض على ذلك بقوله: "عيب أنا قد أبوك"، وهي الجملة التي ‏قضت على حياته بعدما اصطحبه الضابط لقسم الأميرية وعذبه حتى أفضت روحه، وفقًا لرواية أصدقاؤه.‏

واتهمت عائلته الضابط بتعذيب "مكين" بعدما وجدوا تقرحات وعلامات تعذيب في مؤخرته، إلا أن ‏الاجراءات سارت طبيعية وتقليدية، حيث فتحت النيابة العامة تحقيقًا ضد الضابط واستمعت لأقواله، إلى أن ‏أمر المستشار "أدهم منتصر"، رئيس نيابة الأميرية، بصرف ضابط شرطة من سرايا النيابة.‏

العام الحالي شهد وقائع عديدة لانتهاكات الداخلية والتي دومًا ما تقابلها قرارات إخلاء السبيل، كان منها ما ‏وقع في 18 فبراير الماضي، حين اتهمت سيدة أمين شرطة بقسم المرج بالتحرش بها وامساكها من ‏مناطق حساسة وتهديدها بالسلاح لاصطحابها معه للمنزل.‏

وعقب المداولة والتحقيقات الروتينية، أمرت نيابة الحوادث شرق القاهرة، بإخلاء سبيل أمين الشرطة ‏بضمان وظيفته، ولم يصدر أي حكم في القضية حتى الآن، بل أن زوج السيدة أكد فيما سبق أن الأمين ‏لازال يعمل في المحطة.‏

وفي نفس الشهر خاضت وزارة الداخلية معركة حامية مع نقابة الأطباء، بعدما اتهم نحو 9 من أمناء ‏الشرطة بالاعتداء على أطباء مستشفى المطرية، عقب نشوب مشادة كلامية بينهم وضرب إحداهم لطبيب ‏داخل المستشفى وإهانة ممرضة.‏

وفتح تحقيق في الواقعة، إلا أنه لم يسفر على شيء سوى قرار بإخلاء سبيل الأمناء التسعة بضمان محل ‏إقامتهم، من سراي النيابة وضمان الوظيفة، ووجه وقتها الكثير من الأطباء النداء إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي للاعتذار نيابة عن الداخلية.‏

ولم يكن هناك جديد يذكر، في واقعة اعتداء أمين شرطة على ممرضة بمستشفى كوم حماد في محافظة ‏البحيرة، التي صفعها بالقلم على وجهها بسبب تأخر الطبيب في الكشف على نجله المريض، ورفضها ‏قيامه بتصوير استقبال المستشفى خاليًا من الأطباء‎.‎

وأخلت نيابة كوم حمادة بالبحيرة، بإشراف المستشار "أحمد فوزي"، المحامي العام لنيابات دمنهور، سبيل ‏أمين الشرطة بعد ورود تحريات إدارة البحث الجنائي حول الواقعة وملابساتها، والتي لم يتم الإفصاح عن ‏تفاصيلها حتى الآن.‏

وكانت واقعة الشباب "خالد أبو دية" إحدى النقاط السوداء في ثوب الداخلية، لاسيما أنها لم تكن اعتداء فقط ‏ولكن وصلت إلى حد القتل، بعدما أطلق عليه رقيب شرطة بكفر الشيخ رصاص عقب مشاجرة عابرة ‏بينهم فآرداه قتيلًا.‏

وتم إلقاء القبض على رقيب الشرطة، واقتياده لمركز شرطة بيلا، وعرضه على النيابة العامة، التي قررت ‏إعطاؤه قرارًا بإخلاء السبيل لرقيب الشرطة وذلك بضمان محل إقامته، بالرغم من أن الواقعة تندرج تحت ‏بند القتل العمد.‏

كذلك فإن وزارة الداخلية خاضت معركة ضارية مع نقابة المحامين آواخر 2015، بسبب واقعة إطلاق ‏رصاص على المحامي "محمد وجددي" من قبل يد أمين شرطة في محافظة بورسعيد، أثناء استقلاله سيارته ‏برفقة زوجته.‏

ووقتها وجه المحامي رسالة إلى الرئيس "السيسي" لأخذ حقه من الأمين لاسيما أن الإصابة بالغة، وجاءت ‏في يده اليمنى التي يعمل بها، بيد أن نيابة بورسعيد أمرت بإخلاء سبيله.‏

ومن الوقائع الشهيرة التي اختتمت بإخلاء سبيل، ما حدث مع سائق "توكتوك" يدعى "مختار قنديل" موظف ‏بوزارة التربية والتعليم، حين أطلق عليه النار أمين شرطة من قوة إدارة مرور الغربية، وأصابه بطلق ‏ناري بالبطن استقر بالفخذ وأدى إلى تهتك بـ"العضو الذكري".‏

وتجلى جبروت أمناء الشرطة وضباطها، في واقعة المعصرة التي كانت من نصيب طفلة صغيرة، ‏قتلها أمين شرطة بالخطأ أثناء تتبعه لبعض المتهمين بإتجار المخدارت، وتعدى أحدهما عليه بسلاح أبيض ‏محدثًا إصابته بجروح بذراعيه.‏

فأخرج الأمين سلاحه الميري، وأطلق عدة طلقات تحذيرية في الهواء، أصابت إحداها الطفلة "حبيبة ‏رأفت"، أمر وقتها المستشار "طارق أبو زايد"، المحامي العام الأول لنيابات جنوب القاهرة الكلية، بإخلاء ‏سبيل أمين الشرطة بكفالة 5 آلاف جنيه.‏

وفي مدينة نصر، أصيب محامي إصابة بالغة، على يد أمين شرطة قام بإطلاق أعيرة نارية عليه بعد ‏نشوب معركة كلامية بينهما، إلا أن المستشار "أحمد عبد الرحمن الصادق" رئيس محكمة حوادث شرق ‏القاهرة قرر إخلاء سبيله بضمان محل إقامته.‏

وحين اغتصب أمين شرطة وفرد شرطة فتاة في منطقة الشرابية داخل سيارة النجدة، تم إخلاء سبيلهم ‏على يد محكمة جنح الشرابية بكفالة ألف جنيه، رغم تأكيد الفتاة أكثر من مرة أنهما قاما بهتك عرضها ‏واغتصابها.‏

وعن اجراءات إخلاء السبيل من الناحية القانونية، يقول الدكتور أحمد مهران، أن الأمر أحيانًا يخضع لبعض اعتبارات ‏الموائمة السياسية والقانونية من وجهة نظر النيابة، ويختلف فيها القضايا السياسية عن الجنائية، لأي ‏مواطن سواء كان ينتمي لجهاز الداخلية أو لغيرها.‏

ويوضح أن أول ما يواجهه المتهم هو القبض عليه وإيداعه للحبس الاحتياطي، لاجراء التحقيقات الأولية، ‏دون النظر إلى طبيعة عمله، وبعد ذلك يكون لأي متهم الحق في أن يطالب النيابة العامة بعد انتهاء ‏التحقيقات العامة معه اخلاء سبيله على ذمة القضية.‏

ويؤكد أن إخلاء السبيل يقصد به منع حبسه احتياطيًا على ذمة القضية التي يحقق فيها، لحين الفصل فيها ‏بحكم قضائي، ويتم استندًا إلى انتفاء مبررات الحبس الاحتياطي، وهي محددة في قانون الاجراءات ‏الجنائية، منها أن يكون له محل إقامة ووظيفة ثابتة ومعروفة، وألا تخشى النيابة من تأخره على ‏التحقيقات، أو تغيير الأدلة التي ترتكن إليها.‏

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل