المحتوى الرئيسى

روائع «شكسبير» فى احتفالية خاصة بمهرجان القاهرة السينمائي

11/19 11:55

كان جميلاً من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي فى دورته 38 الاحتفاء بمرور أربعمائة عام على رحيل شكسبير بعرض مجموعة منتقاة من أفلام مأخوذة عن مسرحياته برؤى سينمائية متعددة، وفى أزمنة مختلفة، وتأتى تلك الأهمية لأنه لا يمكن مقارنة الشهرة التى اكتسبها أى كاتب آخر بشهرة شكسبير عالميًا على كافة المستويات، فقد دخل إلى جميع الثقافات والمجتمعات واعتمد فى إبداعه على العواطف والأحاسيس الإنسانية، مما عزز من عالميته واستمراريته، فأبطاله شخصيات تتميز بالنبل والعظمة والعواطف الإنسانية، وتؤثر فى الجمهور أينما كانوا، ولا تزال الشخصيات الكوميدية تضحك الجمهور.. ولقد كان جميلاً أيضًا اختيار أكثر من عمل من إخراج كينيث براناه لاتساع طيف موهبته الإخراجية، تنوُّعها وغناها. فى تقديم «الشكسبيريات» سينمائياً، بمساعدة طاقم فنى مميز، وحركة كاميرا متقنة، وأزياء خلّاقة.. ومهرجان القاهرة يشارك برنامج عالمى لإحياءً لأعمال شكسبير وأثره فى الثقافة، خاصة أن المصريين عرفوا شكسبير فى القرن التاسع عشر.

ولم تنقطع أعمال شكسبير عن المسرح المصرى منذ ظهور هذا المسرح وإلى اليوم. وانتقل هذا التأثير بالضرورة إلى السينما المصرية منذ ظهورها كصناعة فى نهاية عشرينات القرن العشرين.. حسب موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية هناك أكثر من 410 أفلام روائية «مقتبسة رسمياً» من مسرحيات شكسبير، وحسب موقع IMDB أكبر المواقع الإلكترونية المتخصصة فى السينما هناك نحو 2000 فيلم تحمل اسم شكسبير ضمن أسماء المشاركين فى هذه الأعمال أو أسماء الشخصيات التى تدور عنها، وحسب إحصائية أحدث وربما أكثر دقة هناك أكثر من 500 فيلم تشير إلى شكسبير فى عناوينها كمصدر للنص، منها نحو 300 فيلم تحتوى على معالجات صريحة وكاملة للأصل، مع ملاحظة أن هذه الإحصائيات تعتمد بالأساس على الأفلام الأمريكية والإنجليزية، وبعض الأفلام الأوروبية، وقليل جداً من الأفلام العالمية المشهورة، ولا تتضمن معظم الأفلام «العالمية» التى لم يسمع بها الإعلام السينمائى الغربى، والأفلام المصرية نموذج واضح.

يضم احتفال مهرجان القاهرة سبعة أفلام، هى: «هاملت» إخراج لورانس أوليفيه (1948)، و«هنرى الخامس» للمخرج كينيث براناه (1989)، و«عُطيل» من إخراج أوليفر باركر (1995)، و«الملك لير» للمخرج بيتر بروك (1970)، و«ماكبث» من إخراج رومان بولانسكى (1995)، و«روميو وجولييت» للمخرج فرانكو زفيرللى (1968) و«ضجيج بلا طحن» من إخراج كينيث براناه.

كما يتضمن التكريم معالجات مصرية لعدد من مسرحيات شكسبير فى أفلام سينمائية، مثل «استاكوزا» إخراج إيناس الدغيدى و«آه من حواء» للمخرج فطين عبدالوهاب، بجانب اقتباسات روسية ويونانية وغيرها.. ومن بين الأفلام المأخوذة عن أعمال شكسبير «هاملت» هو فيلم دراما تم إنتاجه فى المملكة المتحدة، وصدر فى سنة 1948. الفيلم من إخراج لورنس أوليفيه. تحولت واحدة من أشهر مآسى الكاتب الإنجليزى العظيم ويليام شكسبير إلى معالجة سينمائية رائعة على يد المخرج لورانس أوليفر، وهى «هاملت» أمير الدانمارك الذى يظهر له شبح أبيه الملك فى ليلة ويطلب منه الانتقام لمقتله، مما يدخله فى صراع نفسى مرير مع كل من حوله.. وهو الفيلم «الشيكسبيرى» الوحيد الذى فاز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم.

وقُدمت «هاملت» مرات لا تُحصى على المسرح بقائمة تطول من الممثلين الذين قاموا بدور البطولة حتى وكأنها تبدو دليلاً بأسماء الممثلين الكبار، ومنهم ديفيد كاريك الذى قام بدور هاملت فى القرن الثامن عشر وادموند كين بعد قرن وعمالقة الحقبة الحديثة، مثل لورنس أوليفييه وكينيث براناج وآخرهم بنديكت كمبرباتش. وقام براناج بدور هاملت أربع مرات على المسرح بينها عملان من إخراج ديريك جاكوبى وادريان نوبل، ومرة على الشاشة الكبيرة بنسخة سينمائية من إخراجه حققت نجاحاً ساحقاً باعتراف النقاد... ويعرض فيلم هنرى الخامس «Henry V» فى المملكة المتحدة وصدر فى سنة 1989. الفيلم من إخراج كينيث براناه من بطولة كينيث براناه وباول سكوفيلدوديريك جاكوبى وإيان هولم وإيما تومسون.

بلغت تكلفة إنتاج الفيلم نحو 9 ملايين دولار بينما حقق أرباحاً تقدر بـ 10٫161٫099 دولار.. هذا العمل تناول فيه شكسبير الحملة الإنجليزية لاحتلال فرنسا فى عهد هنرى الخامس وقد حملت فى طياتها نبرة تهكمية تجاه التهور الإنجليزى... تدور أحداث الفيلم حول وقائع حرب المائة عام، عندما يرسل نجل الملك الفرنسى رسالة مهينة للملك هنرى الخامس وهو ما يجعله يتخذ قراره بغزو فرنسا.

«روميو وجوليت» - إخراج: فرانكو زيفيريلى - إنتاج المملكة المتحدة، إيطاليا 1968، بلغت تكلفة إنتاج الفيلم نحو 850٫000 دولار بينما حقق أرباحاً تقدر بـ38٫901٫218 دولاراً.. تدور أحداث القصة فى مدينة فيرونا الإيطالية، عن عداء طويل بين عائلتى مونتاجيو وكابوليت، سلالتين زعزعتا سلام المدينة وتسببتا فى وقوع سلسلة من الأحداث المأساوية. الزواج سرًا أجبروا العاشقين الشابين روميو وجولييت على الكبر قبل أوانهما، فى حين يقودهما القدر للانتحار يأساً. وتعتبر من الكلاسيكيات العالمية التى مثلت كثيرًا فى مسرحيات وأفلام قديمًا وحديثًا وظهرت مترجمة فى الكثير من لغات العالم، حتى أصبح أى شخص عاطفى أو مغرم يشار إليه باسم روميو، وكذلك الحال بالنسبة لجولييت.

«الملك لير» إخراج: بيتر بروك - المملكة المتحدة، الدنمارك 1971... استمد شكسبير الحبكة من كتاب هولنشد عن تاريخ إنجلترا، اقتبس الحبكة الثانوية مما رواه سبنسر فى ملحمته الشعرية «ملكة الجان» وضعها النقاد على قمة ما كتب شكسبير باعتبارها تنتمى إلى العصر الحديث أو تحمل بذور الحداثة.. تحكى عن لير ملك بريطانيا الأسطورى عاش شبابه فارساً من أقوى الفرسان، وعندما تقدمت به السن قرر تقسيم ملكه بين بناته الثلاث «جنريل» و«ريجان» و«كوردليا» ثم طلب من بناته الثلاث أن يعبرن عن حبهن له.

«ماكبث» إخراج: رومان بولانسكى - المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية 1971.. يقول الناقد مصطفى الباجورى: «مع بولانسكى لا يكون التركيز على دور الليدى مكبث باعتبارها الشيطان والدافع الأصيل للخطيئة والخيانة، أيضًا لا تسير الأمور على نحو مأساوى من تلاعب القدر بمصير الإنسان وانسحاق الإرادة أمام هذا المصير العبثى فحسب، بل يهتم بولانسكى أكثر بتعرية الخطيئة وكشفها عن الشر والرغبات الدنيئة الكامنة فى أعماق النفس البشرية.

كل تفاصيل القتل وسفك الدماء التى أخفاها شكسبير بين فصوله معطياً أحداثه الغموض والمبالغة الدرامية نشاهدها مع بولانسكى واضحة بأدق تفاصيلها مما يجعلنا نشعر بالرعب والانهيار.

أما «فوضى» إخراج: أكيرا كيروساوا - اليابان، فرنسا (1985... فهو فيلم لرؤية يابانية لرائعة شكسبير الملك لير، أنتج فيلم Ran عام 1985 و«ران» هو اللفظ اليابانى لكلمة التمرد، وسط أزمة شديدة تعرض لها المخرج أكيرا كوروساوا منذ السبعينات والثمانينات من القرن الماضى، بسبب عدم نجاحه بالحصول على تمويل لعمل مشاريعه وأفلامه مما اضطره للجوء لخارج اليابان للحصول على الدعم المطلوب، وحصل على تمويل من فرنسا لإنتاج الفيلم، واعتبر أضخم إنتاج سينمائى بالتاريخ اليابانى آنذاك حيث بلغ 12 مليون دولار. ومن المعلومات المثيرة للاهتمام أن كوروساوا أقدم على الانتحار، وفشل بعد عدم الحصول على تمويلات لأفلامه. وهناك فيلم «كينيث برناه» صخب بلا طحن بطولة دينزل واشنطن عن مسرحية ويليام شكسبير يعتقد أنها كتبت فى 1598 و1599، عندما كان شكسبير يقترب من منتصف مسيرته. نشرت المسرحية فى 1623. «صخب بلا طحن» تعتبر واحدة من أفضل كوميديات شكسبير، لأنها تجمع بين عناصر من المرح القوى مع تفكر أكثر جدية على الشرف والعار والسياسة داخل البلاط.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل