اتصالات ترامب وتعييناته تكشف نواياه وسياساته: وجه الأرض سيتغير

الآن.. أصبح واضحًا بما لا يدع مجالا للشك أن وجه الأرض سيتغير مع جلوس دونالد ترامب على مقعد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، لا نقصد التغير التقليدي الذي يتحدث عنه الجميع قاصدين أن ترامب رجل مجنون سيُنتج سياسات مجنونة، ولكن نقصد أن أفكار ترامب المختلفة، بل المتناقضة، مع أفكار سلفه باراك أوباما، لم تكن فقط للاستهلاك الانتخابي، ولكن الرجل الجديد للبيت الأبيض أتى لينفذ أجندة معينة، وبدأ بالفعل تنفيذها.

على الأقل هذا ما يظهر حتى الآن من اتصالات ترامب وتعييناته لفريقه الحكومي ومستشاريه، التي نحتاج قبل أن نستعرضها مراجعة أفكار الرجل أولًا.

خلال ترشح دونالد للرئاسة تحدث كثيرا في عدة أمور واضحة تتعلق بالسياسة الخارجية: أولا سيحارب الإرهاب والإسلام السياسي المتشدد بكافة أشكاله بعكس أوباما الذي ادعى أنه يحارب جزءًا وتبنى الجزء الثاني، ثانيا سيقف مع أي دولة تحارب الإرهاب بما في ذلك مصر وسوريا على عكس سلفه أيضًا الذي عادى الدولتين، ثالثا سينهي الحرب الباردة التي أعادها أوباما مع روسيا، رابعا سيوقف التقارب مع إيران والذي بدأه أوباما بالاتفاق النووي الشهير.

حسنا.. الآن يمكن استعراض اتصالات ترامب وتعييناته المبدئية، مع التنويه عن أن دونالد سيتسلم منصبه رسميا في 20 يناير 2017.

أول اتصال هاتفي مع صاحب "الرسالة الرائعة"

في  حوار أجراه ترامب مع "ذا وول ستريت جورنال" منذ أسبوع، أشاد بالرسالة التي تلقاها من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتهنئته بفوزه في الانتخابات، ووصفها بـ"الرسالة الرائعة"، واعدا بأن هناك مكالمة هاتفية ستجمعه قريبًا ببوتين.

أمس فقط صدق ترامب وعده، وذلك حين جمعت الرئيسين مكالمة هاتفية استمرت نصف ساعة، وشرح ما جاء فيها مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، فذكر أن الرئيس الروسي أعرب عن تهانيه لترامب بمناسبة فوزه في انتخابات الرئاسة، وأكد استعداد موسكو للعمل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وذلك على أساس مبادئ المساواة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

ترامب بدوره عبّر عن اهتمامه للعمل بنشاط مع الرئيس الروسي، وأكد استعداده لتطوير العلاقات مع "روسيا كدولة، ومع القيادة الروسية، ومع الرئيس الروسي شخصيا".. هذا ما أكده مساعد بوتين.

خلال المكالمة اتفقت وجهات النظر في أن العلاقات الأمريكية والروسية الحالية بين البلدين "سيئة للغاية"، وأعرب الاثنان عن استعدادهما لانتشال هذه العلاقات من الهاوية التي وقعت فيها.

وهنا استخدم ترامب لفظ "التطبيع"، معربا عن استعداده لتطبيع العلاقات الأمريكية - الروسية وتطويرها في كافة الاتجاهات، بما فيها المجال الاقتصادي.

وبعد ذلك بدأ التطرق للقضايا الدولية الأكثر إلحاحا، فبحثا معا الأزمة السورية، وأكد سعيهما لتوحيد الجهود في مكافحة الإرهاب الذي يعد عدو رئيسي بالنسبة لروسيا والولايات المتحدة، بحسب تعبيرهما.

وبعد.. هل نرى لقاءً تاريخيًّا يجمع الرئيسين؟ مساعد الرئيس الروسي أجاب عن ذلك بأن موعدا محددا لإجراء اللقاء الشخصي بين بوتين وترامب لم يُبحث أثناء مكالمتهما الهاتفية، واستدرك "لكن الكرملين ينتظر إشارات من الإدارة الأمريكية المقبلة لبدء العمل على إعداد هذا اللقاء".

ترامب لرئيس وزراء العراق: مبروك

يبدو الرئيس الأمريكي الجديد متحمسا جدا لنسف داعش وإخلاء الكرة الأرضية منه بأسرع وقت، وإلا فلماذا اختار أن يجري بنفسه اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بل يدعوه خلاله لزيارة الولايات المتحدة؟

لنعرف لماذا.. تعالى نطلع على باقي المكالمة التي جرت اليوم.

بارك ترامب للعبادى على الانتصارات التى حققها العراق على "داعش"، مؤكدا بحسب ما نشرته وكالة سبوتنيك الروسية، دعم الولايات المتحدة القوى والمتزايد للعراق، وقال: "إنكم شركاء أساسيون لنا وستجدون منا دعما قويا وراسخا".

ترامب لم يكتف بدعوة العبادي لزيارة الولايات المتحدة، بل تمنى أن يكون اللقاء معه "بأقرب وقت.. بعد مراسم التنصيب في يناير"، وذلك بحسب بيان صادر عن مكتب العبادي، الذي يبدو أنه سيكون أول مسؤول يلتقي دونالد بعد تنصيبه.

ولم تنته المكالمة إلا بعد استعراض الانتصارات التي حققتها وتحققها القوات العراقية في معركتها ‏ضد تنظيم "داعش"، وتأكيد أهمية توحيد كل الجهود ضد جذور الإرهاب ‏وأيديولوجيته التي تغذي الاستقطاب الطائفي.

وفي هذا السياق، نشير إلى أن أول اتصال هاتفي بعد انتخاب ترامب، كان من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وشهد دعوة ترامب لزيارة مصر.

مستشار ترامب للأمن القومي يخاف من المسلمين

هو رئيس وكالة استخبارات الدفاع في عهد أوباما، وذلك حتى تم إعفائه من منصبه عام 2014 بسبب تناقض أفكاره وتوجهاته مع سياسة أوباما في الشرق الأوسط بالتزامن مع ترعرع الإرهاب وانتشاره.

نتحدث عن مايكل فلين الذي عينه ترامب مستشارا للأمن القومي، أمس، ويمكن فهم عقل فلين لو قرأنا ما كتبه على حسابه الخاص بموقع "تويتر" في 27 فبراير 2016، كتب "الخوف من المسلمين أمر عقلاني: أرجو نقل هذه الرسالة إلى الآخرين، فالحقيقة لا تخشى أي تساؤلات".

وكتب في 15 يوليو 2016 "في الـ24 ساعة المقبلة، أتحدى قادة العالم العربي والفارسي، أن يتحملون المسئولية ويعلنون أن الأيديولوجية الإسلامية مريضة ويجب مواجهتها".

إنه حتى يمتلك نفس جرأة ترامب، وجنونه أحيانا، في التعميم ومعاداة الملايين.

عدو إيران مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية