المحتوى الرئيسى

ما بعد انقلاب طرابلس بتداعياته

11/17 22:04

حكومة «الوفاق»، برئاسة فايز السراج، عجزت عن سداد مستحقات جهاز الأمن الرئاسى، المكلف بحماية قصور الضيافة والمقرات الرئاسية وسط العاصمة الليبية طرابلس، فقام بطرد أعضاء مجلس الدولة من مقرهم!!، حكومة «الإنقاذ»، برئاسة خليفة الغويل، التابعة لـ«المؤتمر»، المنتهية ولايتهما، سددت مستحقاته، فسلم لها المقرات، ومبنى التليفزيون الرسمى، وأعلن انشقاقه!!.. حكومة «الغويل» عادت للسلطة!!، وأصدرت أوامرها باعتقال «السراج» وأعضاء حكومته!!، ووقف المسئولون المكلفون من قبَل «المجلس الرئاسى» عن ممارسة أية نشاطات أو مهام، توطئة لإحالتهم للمحاكمة!!.. «الوفاق» ردت بتكليف النائب العام والداخلية وأجهزة الأمن باعتقال «الغويل» ووزراء حكومته.. كلا الطرفين يدرك أنه لا يمتلك القوة التنفيذية لتفعيل قراراته؛ «الوفاق» فقدت السيطرة على العاصمة، ولم يعد يخضع لها من الناحية العملية سوى قاعدة «أبوستة» البحرية، التى يقيم فيها «السراج» وحكومته منذ وصولهم للبلاد مارس الماضى، و«الإنقاذ» تدرك حدود القوة، عندما يتعلق الأمر بحماية دولية وغربية لـ«حكومة كرازاى ليبيا».. ولكن هكذا تُدار دولة الميليشيات!! فاعتبروا يا أولى الألباب.

«الغويل» سعى لحشد كل التشكيلات الأمنية المتذمرة لإحكام السيطرة على محيط مجمع قصور الضيافة.. واستعان بميليشيات صلاح بادى، وبعض أعضاء الجماعة الليبية المقاتلة، لتأمين المقر الرئيسى تخوفاً من هجوم مضاد محتمل من فلول ميليشيات «الرئاسى»، واستعان بتعزيزات عسكرية ضخمة من مصراتة تتكوّن من مئات الآليات المسلحة، التابعة لكتيبة المرداس المقربة منه، ونشرها بمركز العاصمة وسط شائعات عن قرب دخول قوات خليفة حفتر العاصمة لتطهيرها من المسلحين!!.

قبل الانقلاب مباشرة كان «السراج» يبحث كيفية استرداد الهلال النفطى من «حفتر»، أما بعده فقد أخذ يلقى مسئولية الفشل على من وصفهم بالمفسدين الأربعة؛ «حفتر» لأنه رفض تمتع المجلس الرئاسى بسلطات القائد الأعلى للجيش، رغم تسليم «السراج» بأن المجلس يضم فى عضويته عناصر إخوانية، تعادى الجيش الوطنى جهراً!!، و«الصديق الكبير»، محافظ المصرف المركزى، لأنه رفض صرف مليونين وسبعمائة وخمسين ألف دينار كتكاليف إقامة وتنقلات للمجلس من تونس لطرابلس!!، و«عقيلة صالح» لأنه يختطف مجلس النواب!!، و«الصادق الغريانى» لأنه يصدر «الفتاوى المتطرفة».. عقب الانقلاب عقد اجتماعاً مع العسكريين، لبحث البدائل المتاحة للتعامل مع الأزمة، حضره مصطفى الشركسى، قائد «سرايا الدفاع عن بنغازى»، التى تضم عناصر تنظيم القاعدة، رغم وصفه لها بـ«الإرهابية»، وكلف «البرغثى»، وزير دفاعه، بالسفر للجفرة للبحث عن مقر بديل لحكومة الوفاق والمؤسسات التابعة لها، التقى بالمجموعات المسلحة المتمركزة هناك وعلى رأسها ميليشيات إبراهيم الجضران التى كانت تسيطر على الهلال النفطى، وميليشيات من مصراتة، و«سرايا الدفاع..»، وشكل غرفة عمليات مشتركة لدراسة فرص نقل وتأمين مؤسسات «الوفاق»، لممارسة مهامها من هناك، وبحث إمكانية استرداد المثلث النفطى من الجيش لإحداث تغير نوعى على الأرض.

السياق العام للتطورات يؤكد حسن تقدير مصر للموقف فى ليبيا، والرهان على البرلمان الشرعى والجيش الوطنى؛ الوضع الأمنى ببنغازى يتجه نحو التحسن، ما سمح بعودة الشرطة النسائية للشوارع، وتقديم المدينة كنموذج يعكس المردود الإيجابى للنجاح فى التخلص من الميليشيات، وفرض الأمن والاستقرار، تم اعتماد 4 ملايين دينار لتوصيل الكتب للطلاب، بمن فيهم طلاب العاصمة!!، بعد النجاح فى تحرير الهلال النفطى ضد إرادة الأمم المتحدة والغرب، ارتفعت معدلات الإنتاج لـ540.000 برميل/يوم، والمستهدف 900.000 بنهاية العام، والعائدات تصب فى البنك المركزى، ما ثبَّت معارضة الدول الأوروبية لعملية التحرير، لأن انتظام إمدادات النفط يعتبر أحد العوامل المؤثرة على قراراتها.. التشكيلات التابعة للجيش الوطنى تتمركز على بعد عشرات الكيلومترات جنوب وغرب العاصمة، فى الوقت الذى انتشرت فيه بكثافة ملصقات وكتابات وسط طرابلس ترحب بـ«قوات الجيش».. ما يفسر تقدير عبدالرزاق الناظورى، رئيس الأركان، بأن «السيطرة على العاصمة قد لا تستغرق يومين»، وتأكيد «حفتر» أن «معركة طرابلس قريبة ولن تراق فيها الكثير من الدماء»، فالأوضاع فى طرابلس بالغة السوء، الأحياء مقسمة كمناطق نفوذ للميليشيات والجماعات المسلحة وعصابات الجريمة المنظمة، انفلات أمنى، واندلاع للاشتباكات بمجرد تجاوز إحداها لحدود الأخرى، عمليات اغتيال تستهدف كبار الموظفين العموميين حال رفضهم الخضوع للجماعات المتصارعة، انهيار للخدمات والمرافق، والمواطن يقف فى طوابير أمام المصارف لعدة أيام للحصول على 100 دينار، ويعانى انقطاع التيار الكهربائى لقرابة 14 ساعة يومياً، واختفاء الأدوية، وتسكين المهاجرين بالمدارس بدلاً من استخدامها فى الدراسة.

«الغويل» عبر عن تقديره لخطورة تدهور الأوضاع، بتأييد استقرار الوضع الراهن بالهلال النفطى، واستنكار أى مؤامرات لاسترداده، ودعا «البرلمان» و«المؤتمر» لتشكيل حكومة وطنية تستند لمبادرة الحوار الوطنى بين «صالح» و«بوسهمين»، فى تونس ومالطة وسلطنة عُمان، التى أجهضها اتفاق الصخيرات، مبعوث البرلمان وصل قصر الضيافة 5 نوفمبر، واستكملاها بمالطة، لكن التوصل لنتائج إيجابية يفرض تجاوز الخلافات الجذرية وأبرزها الموقف من الجيش الوطنى، الذى يعتبره «المؤتمر» ميليشيات خارجة عن الشرعية!!، والتخلى عن ادعاء كل طرف بفقدان الآخر للصلاحية الدستورية.. فى هذه الحالة فقط يمكن فرض الإرادة الوطنية على «حكومة كرازاى».. موقف مصراتة يمثل تحدياً بالغ الأهمية، ممثلوها بمجلس النواب والمؤتمر الوطنى العام شكلوا «التجمع السياسى لنواب مصراتة» برئاسة عبدالرحمن السويحلى، ما قد يعنى انشقاقه عن مؤسسات سلطة «الوفاق»، والاتجاه للعمل كحكومة ظل، تعبر عن الثقل العسكرى لمصراتة، وتترجم نفوذها على الصعيد الوطنى، وتحوله إلى واقع مفروض بين القبائل، خاصة بعد الدور الذى اضطلعت به فى معارك سرت ضد «داعش».. «التجمع» عارض مبادرة الحوار الوطنى رغم مساندة بعض ميليشيات مصراتة للانقلاب، ووصفها بأنها «تصرف عبثى خارج عن القانون»، وتمسك بالكيانات السياسية المنبثقة عن «الصخيرات»!!.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل