المحتوى الرئيسى

"المذيع" صاحب"الدكانة"..مشاهد من حياة عبدالحليم نور الدين

11/17 15:24

كان خدوماً يساعد الطلبة وينفق على بعضهم من ماله الخاص

لم يتربح من أي منصب تولاه وكان يمتدح الشرفاء

عارض إقامة معارض أثرية مصرية في الخارج

الوعي الأثري لن يزيد إلا بعد توفير قوت المصريين

هدف داعش القضاء على تاريخ أمة بأكملها

نفرتيتي لا يمكن دفنها في حفرة خلف مقبرة توت عنخ

حالة من الحزن خيمت على الوسط الأثري إثر رحيل الدكتور عبدالحليم نور الدين عميد اتحاد الأثريين المصريين، “محيط” يتحدث إلى محبيه ويستعرض أبرز مواقفه.

لا يمكن لأي طالب آثار أن ينسى “الدكانة”، هكذا بدأت انتصار غريب الباحثة في الحضارة والتاريخ المصري حديثها عن الدكتور الراحل عبدالحليم نور الدين، قائلة لـ “محيط” أن الدكتور كان يفتح مكتبه دوماً للطلبة، ليساعدهم ويستمع لمشكلاتهم مما جعلنا نطلق على المكتب اسم “الدكانة”.

الدكتور الراحل كان أستاذها في سنوات الدراسة وبفضله استمرت في كلية الآثار ولم تحول إلى كلية التجارة الخارجية كما كانت تأمل، حيث تقول أنها بدأت في إجراءات التحويل بالفعل، لكنها حين استمعت لمحاضرته أسرها أسلوبه وجذبتها طريقته واستمرت في كلية الآثار.

تروي غريب كثير من الجوانب الإنسانية في حياة الراحل، فهذه طالبة إريترية يساعدها في الحصول على عمل لتحسين دخلها، وطلاب كثر يوجد لهم عملاً في الأجازة الصيفية، فضلاً عن تبرعاته المستمرة للفقراء من الطلبة.

لم يتأخر أبدا كما تروي غريب عن إمضاء عقود الخريجين، وكان حريصاً أن يكون مكان العمل قريبا من السكن لتوفير نفقات الشاب، لذلك استحق محبة الجميع واحترامهم كما تؤكد غريب.

وأشارت الباحثة إلى أن الراحل تصدى لوقائع فساد كثيرة في الآثار، ورغم ذلك كان عفّ اللسان يتجنب المصادمات ليس ضعفا كما تؤكد بل طيبة ونبل أخلاق، فضلا عن تسامحه مع الجميع.

وعن نزاهته تقول الباحثة، حين كان رئيساً لهيئة الآثار لم يضع اسمه يوماً في كشف مكافآت، على العهكس من غيره فأحدهم كما تقول حصل على ٤٠ مليون جنيه في ثلاث سنوات، كما أنه لم يتربح من أي منصب تولاه، حتى أنه كان يعمل كثيراً حتى يوفر نفقاته.

ولا تنسى الباحثة فرحته حين ابتاع سيارة جديدة بعد عودته من بعثة اليمن حيث أسس هناك قسم الآثار، وأجرى عدة حفائر.

وتروي الكثير عن تواضعه مع الطلبة وسؤاله عنهم، فأطلقنا عليه “صديق الطلبة”، وهو أول من اقترح إنشاء نقابة للأثريين للدفاع عنهم، وكان يشيد دوما بالشرفاء ويحدث تلامذته عنهم ليقتدوا بهم.

وتروي انتصار غريب أنه أثناء ثورة يناير أعلن سرقة المتحف المصري رغم نفي زاهي حواس لذلك، وكان أول من أصدر بياناً بأسماء المخازن التي سُرقت.

واعتبرت غريب أن من يختلف معه هم الملوثون أصحاب المصالح، فقد كان الراحل محبوبا من الجميع وكان زاهدا في المناصب لذلك كسب الاحترام، وكشفت عن عمله كمذيع في ىالإذاعة الهولندية الموجهة باللغة العربية لمدة خمس سنوات أثناء دراسته للدكتوراة في هولندا، كما روت اكتشافه لإحدى مقابر الرهبان بالصدفة أمام المتحف القبطي، حين مروره من هناك حيث توقع وجود مكان أثري أمام المتحف وبالفعل صدق حدسه.

من جانبه اعتبر د.رأفت النبراوي عميد كلية الآثار الأسبق وأستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار، الراحل علما جليلا وأستاذا فاضلا أثرى العلم والعلماء بمؤلفات عديدة قيمة خاصة في اللغة الهيروغليفية القديمة.

ووصفه النبراوي في حديثه لـ”محيط” بأنه كان محبوبا من طلبته وزملائه، وتمتع بسمعة طيبة في المجال العلمي، وكان خدوما ولا يتأخر عن أحد خاصة حين كان رئيسا لهيئة الآثار، وتميز بدفاعه عن الآثار وحمايتها.

“إذا كنا لا نستطيع أن ننظر لآثارنا على أنها تراث يتعين حمايته, فلتكن نظرتنا إليها على أنها اقتصاد يأتي لنا بالخبز”

هكذا كان يقول الدكتور الراحل عبد الحليم نور الدين، رئيس اتحاد الأثريين المصريين، الذي طالب مرارا بالاعتراف بالأثر كمصنف فنى، وضرورة المطالبة بحق مصر فى كل أثر يتم استنساخه فى الخارج، مثل ما يحدث فى الصين وباريس، مشيرًا إلى أنه فى أمريكا توجد مدينة كاملة تحمل اسم “الأقصر” وهى استنساخ للتراث المصرى، ومن الضرورى عرض هذا القانون على الجهات التنفيذية لتطبيقه.

أما عن رأيه فيما قاله عالم المصريات الإنجليزي نيكولاس ريفز عن احتمال وجود مقبرة نفرتيتي خلف أحد حوائط مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك، قال الراحل أنه

من حق أي إنسان أن يطرح نظرية أو رأيا ويقدم الأدلة علي هذا الطرح ومن حقنا أيضا أن نبحث ونتأكد بكل الوسائل العلمية الممكنة قبل أن نتخذ أي خطوة من أي نوع, وبالنسبة لمقبرة نفرتيتي كان يمكن لـ ريفز أن يزور المقبرة وكذلك وزير الآثار ليتأكد من صحة أو خطأ فرضيته, ولكن الأمر هنا تحديدا يتطلب دراسة بعض الجوانب والإجابة على عدد من الأسئلة منها: هل نفرتيتي كزوجة ملك يمكن أن تدفن في وادي الملوك؟ الإجابة لا, لأن زوجات الملوك والملكات اللاتي لم يحكمن كن يتم دفنهن في وادي الملكات،

هل نفرتيتي دفنت في تل العمارنة وهي مركز ازدهار الآتونية؟ الإجابة من الممكن أن يكون قد تم ذلك, لأنه توجد بها مقبرة تسمي المقبرة الملكية, وهذه التحفظات تجعل من الواجب التفكير قليلا قبل الإقدام علي أي خطوة لتأييد صحة الكشف, وكذلك هناك أمر بديهي حول أنه من غير الممكن ونفرتيتي ملكة عظيمة أن يتم حشرها بهذه الطريقة في بئر أو حفرة صغيرة خلف أحد حوائط مقبرة توت عنخ آمون, بحسب ما قاله نيكولاس ريفز وهذا يجعلني أستبعد الأمر.

أيضا رفض الراحل المعارض الأثرية خارج مصر قائلا في تصريحات سابقة ما هي جدوي معرض في اليابان يتجول في8 مدن يابانية ومع الانتقال لكل مدينة منها يتم جمع الآثار وتربيطها وحزمها ونقلها وفكها بكل مافي ذلك من مخاطر مقابل2 مليون دولار؟!.

لو كنت مسئولا لن أسمح بذلك, بالطبع ستكون هناك معارض بالخارج لكن ليس بـ2 مليون دولار في8 مدن يابانية فما هي قيمة معرض أثري بهذا الشكل بـ2 مليون دولار ولدينا حرامية في السجون يتحدث كل منهم بالمليارات ويتفاوضون بمئات الملايين لكي يخرجوا.

نريد دعاية سياحية ولكن ليس على حساب آثارنا وبهذا الشكل, والأمر ليس بهذا التسرع في ظل حال الآثار والمواقع الأثرية ومعظمها غير مؤمن وكذلك معظم المتاحف غير مؤمنة, ودائما ما أقول ومنذ حكومة الدكتور عصام شرف بعد25 يناير وقد جري بيننا اتصال وطلبت منه وضع أولوية ضمن ورقة تصور لمستقبل العمل الأثري في مصر بأن يتم وقف كل أنواع العمل الأثري ويكون دورنا فقط الحفاظ علي المواقع الأثرية وتأمينها وتدبير مرتبات العاملين بالآثار, فعندما تسرق آثارنا ماذا سنفعل لأن مسئولية حماية الآثارعملية معقدة وأبسط مافيها أن نتابع ونزور المناطق الأثرية بشكل مستمر وليس مجرد زيارة الخمس دقائق أمام كاميرات التصوير.

وعن الوعي الأثري يقول الراحل: المشكلة أننا لا نعرف كيف نرتب أولوياتنا فأعطني الخبز أولا ثم حدثني في الآثار، في أوروبا الثقافة والفنون فخامة وشياكة ولكن هذه الشياكة تأتي نتاجا للاستقرار والاستقرار يعني أن لدي الخبز والسكن والصحة والتعليم فهل هذا تحقق في مصر حاليا؟ هناك فصول تعليمية يوجد بها 120 تلميذا فكيف تريدون لشخص لا يستطيع تأمين قوت يومه أن يزور المتحف أو الموقع الأثري!.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل