المحتوى الرئيسى

‏"تعويم الجنيه" نزيف لا يتوقف.. ضحايا تحرير صرف العملة يتزايدون.. المرضى "على كف عفريت" بعد ‏حظر استيراد الأدوية.. المواطن يقع فريسة لغول الغلاء.. والشركات الأجنبية "الخاسر الأكبر"‏

11/17 15:18

ما أن صدر قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه وتحرير سعر صرفه في الأسواق، حتى حبس الجميع ‏أنفاسه منتظرًا لفترة اقتصادية صعبة تطحن الفقراء، وتُخرج الأزمات والخسائر من جحورها، لتؤرق ليل ‏المواطن، وتجعل مصير الحكومة متأرجح بين البقاء والإطاحة، ولم تمر سوى أيام قليلة حتى صدقت ‏جميع التنبؤات وبدأت الكوارث تظهر الواحدة تلو الأخرى .‏

‏"الأطفال بتموت".. هاشتاج ظهر بالأمس، تعبيرًا عن الأزمة الكبرى التي تواجهها وزارة الصحة، آخر ‏ضحايا "تعويم الجنيه"، الذي أدى إلى أزمة نقص حاد في بعض العلاجات الحيوية بالصيدليات، وذلك بعد ‏قرار"الشركة المصرية لتجارة الأدوية" بوقف بيع الأدوية المستوردة. ‏

قرار الشركة جاء بعد قرار البنك المركزي بتحرير سعر صرف الجنية، الذي أدى أيضًا إلى تحديد كوتة ‏لبيع الأدوية الخاصة بأمراض القلب والضغط وارتجاع المرىء والفشل الكلوي وبعض الأدوية الكيماوية ‏الخاصة بمرضى السرطان.‏

وامتنعت الكثير من الصيدليات عقب القرار، عن بيع بعض أنواع الأدوية، نتيجة ارتفاع سعر التكلفة في ‏ظل استمرار ‏التسعيرة الجبرية، بعد إعلان عدد من شركات الأدوية وقف استيراد المواد الفعالة، بينما ‏أوقفت شركات أخرى خطوط إنتاج بعض الأنواع بصفة نهائية، نتيجة إرتفاع سعر الدولار.‏

وخسر كثيرًا المقبلون على الزواج خلال تلك الفترة، بسبب جنون أسعار الذهب، حيث وصلت إلى 90 ‏جنيهًا في الجرام الواحد، ووصل عيار 21 إلى 630 جنيهًا، بزيادة 120 جنيهًا بعد أسبوع واحد من قرار ‏التعويم، وسجل الذهب عيار 18 نحو 531 جنيهًا، فيما سجل عيار 24 حوالي 709 جنيهًا‎.‎

وأرجعت شعبة الذهب بإتحاد الغرف التجارية، جنون الذهب إلى إرتفاع سعر الدولار في البنوك بعد ‏قرار‎ ‎تعويم الجنيه مما رفع تكلفة الإستيراد ﻷكثر من 40‏‎ %‎، موضحة أن أسعار الذهب في مصر تتأثر ‏بسعر الدولار، وذلك لأنهم الصاغة يبيعون الذهب ويشترونه بالدولار من البورصة العالمية‎.‎

وتعد الشركات الأجنبية إحدى ضحايا تعويم الجنيه أو الخاسر الأكبر في تلك المغامرة، نتيجة فروق سعر ‏العملة عند تحويل الأرباح إلى الخارج، حيث هوت القيمة الإجمالية للأرباح بنحو 50% مرة واحدة ‏بمجرد صدور قرار تحرير سعر الصرف، واتجهت بعض الشركات إلى تحويل أرباحها من الجنيه إلى ‏الدولار .‏‎

ومثل ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في السوق الرسمية أزمة أخرى، حيث أنه تسبب في إرتفاع ‏السعر النهائي لبيع أي منتج مستورد، وإرتفاع أسعار المواد الخام المستوردة التي تدخل في صناعة أي ‏منتج داخل مصر، ما يدفع إلى تراجع المبيعات وبالتالي مواجهة خسائر على المدى القصير‎ .

وأعلنت 5 شركات سعودية خسارتها 300 مليون ريال، نتيجة تعويم الجنيه، كان منها شركة "جرير ‏للتسويق"، التي أكدت أن القرار انخفض بموجبه سعر الصرف الرسمي للجنيه، مقابل العملات الأجنبية ‏بما فيها الريال السعودي‎.

ووقعت السيارت بين فكي الغلاء والجمارك، بعد قرار تعويم الجنيه، الذي أثر على القيم الجمركية، وأدى ‏إلى زيادة التعريفة للسيارت المستورد من الخارج بنسبة 48%، وأعلنت شعبة السيارات بإتحاد الغرف ‏التجارية، أن التعويم رفع سقف الدولار الجمركي من 8.88 إلى 13 جنيًا، ما يعني إرتفاع قيمة الجمارك ‏المدفوعة بنسبة تتراوح ما بين 48 إلى 50% عن السابق . ‏

وأكدت أنه بالنسبة للسيارات المستوردة من دول الإتحاد الأوروبي الخاضعة لإتفاقية الشراكة الأوروبية، ‏فإن نسبة الزيادة فيها سيتم حسابها في قيمة الدولار من قيمة الجمارك المتبقية وهي 30%. ‏

ولم يفلت الطلاب من "تسونامي" تعويم الجنيه، إذا ارتفعت أسعار الكتب الخارجية للمرجعات النهائية ‏للفصل الدراسى الأول في كل المراحل التعليمية ارتفاعًا ملحوظًا، بالتزامن مع ارتفاع سعر الدولار، ‏فوصلت نسبة الزيادة من 20% إلى 30% عن العام الماضي، أدت بدورها لنقص الكتب المدرسية في ‏المدارس أيضًا.‏

الأدوية والذهب ليسوا أول ضحايا الوحيدون لقرار تعويم الجنيه، فقد سبقها نيران مشتعلة احرقت جيوب البسطاء، ‏حين لاحق القرار زيادة في أسعار البنزين والسولار وغاز السيارات، عشية قرار تحرير صرف العملة، ‏ليرتفع سعر البنزين بين 35% إلى 50% للأنواع الثلاثة، وارتفعت أسعار السولار بأكثر من 30‏‎%.‎‏.‏

وشهدت وقتها محطات الوقود ازدحامًا غير مسبوق، وارتفعت نتيجية لذلك أسعار المواصلات، وبررت ‏وزارة البترول ذلك، بإن قرار التعويم خفض قيمة الدعم فى الموازنة العامة للدولة، ما يؤثر بالطبع على ‏فاتورة الإستيراد‎.‎

‎ ‎وتكالبت الأزمات على المواطنين، فبعد غلاء الوقود والمواصلات، اشتعلت المحافظات بأزمة نقص ‏أنابيب الغاز، التي وصل سعر البعض منها إلى 30 جنيهًا، وفي مناطق أخرى نحو 60 جنيهًا، ما جعل ‏تجار السوق السوداء يستغلون الأمر في رفع الأسعار أكثر.‏‎

وعادت الكثير من الطوابير في محافظات الدقهلية والمنوفية ودمياط، تزامنًا مع رفع أسعار المشتقات ‏البترولية، وسط ‏شكاوى متكررة من قبل المواطنين، وتناقضت الحكومة كعادتها بشأن الأزمة إذا أكدت أن ‏أنابيب الغاز ‏متوفرة لكن تجار السوق السوداء هم من يستغلون الموقف ويشعلوا الأزمة، وقامت أيضًا ‏بضخ مليون و100 ألف ‏أسطوانة بوتاجاز خلال الشهر الماضي للسيطرة على الأزمة.‏

وعن ذلك يقول وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن تلك الخسائر هي مجرد رياح أولية لعواصف قريبة ‏سيشهدا المواطن لاسيما في الفترات الموسمية القادمة، في رمضان والفصل الدراسي الثاني، وذلك بعد ‏انتهاء المخزون الاستراتيجي للدولة من السلع والأدوية وكل المنتجات.‏

ويوضح أن أزمة العملة الصعبة ستمس كل شيء، بداية من السلع الاستراتيجية وزيادة الطلب العام عليها، ‏والعقارات التي من المتوقع زيادتها بنسبة 30%، والسيارات بكل مكوناتها مع مطلع 2017، مضيفًا: ‏‏"الحكومة لم تدرس القرار بشكل جيد، وحديثها بإن ما يحدث هو سلبيات للقرار حديث للتسكين".

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل