المحتوى الرئيسى

أردوغان وترامب.. شهر العسل قد لا يطول

11/16 11:34

أوباما وأردوغان في لقاء سابق

في الساعات التي أعقبت فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية انطلق أنصار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر وسائل التواصل الاجتماعي للإشادة بانتخاب رجل سبق أن هدد بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة

وللوهلة الأولى بدا أن ترامب ليس بالرجل الذي يتخذه بطلا ملايين الأتراك من مؤيدي حزب العدالة والتنمية الذي أسسه أردوغان في تركيا البلد المسلم.

غير أن كثيرين رأوا في انتصاره الانتخابي لطمة للمؤسسة الحاكمة في واشنطن التي يقولون إنها خذلت تركيا كحليف وتصرفت بما يخالف مصالحها.

ومنذ المحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت في يوليو تصاعدت بشدة المشاعر المعادية للولايات المتحدة في تركيا التي تعد من الحلفاء الرئيسيين الأعضاء في حلف شمال الأطلسي في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية بقيادة أمريكية.

ويحمل أردوغان والحكومة المسؤولية عن الانقلاب الفاشل لرجل الدين فتح الله جولن الذي يعيش في منفى اختياري في بنسلفانيا منذ عام 1999.

وثار غضب أنصار الحكومة لما يرون أنه تقاعس الولايات المتحدة عن تسليم جولن الذي ينفي التورط في المؤامرة وانتقادات غربية لحملة التضييق التي شنتها السلطات على من تشتبه أنهم من أنصاره.

وقال أحد كبار أعضاء حزب العدالة والتنمية "لا نستطيع إخفاء مشاعر الإحباط التي شعرنا بها خلال عهد أوباما." واشترط المسؤول الحزبي عدم نشر اسمه لأن أردوغان نفسه الذي يحدد السياسة التركية لم يدل بتعليقات تذكر على ما حدث سوى بتهنئة ترامب.

وقال المسؤول "تعليقات ترامب قبل الانتخابات عن المسلمين أصابتنا بخيبة أمل لكن تلك التصريحات مرتبطة بسياق الدعاية الانتخابية. أما عالم السياسة الفعلي فمختلف... وأعتقد أنه سيحدث حوار بين رئيسنا وترامب أفضل كثيرا مما كان يحدث مع الإدارة السابقة."

لكن أردوغان مثل كثير من الزعماء في المنطقة سيظل يضرب أخماسا في أسداس عن الرئيس الأمريكي الجمهوري المنتخب الذي لم يوضح حتى الآن سياساته في الشرق الأوسط.

كما استشاط كثير من الأتراك غضبا بسبب الدعم الأمريكي لفصيل كردي يقاتل تنظيم "داعش" في سوريا إذ أنهم يعتبرون هذا الفصيل امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يشن مسلحوه حركة تمرد دموية منذ ثلاثة عقود في تركيا.

ويكتنف الغموض سياسة ترامب في هذا الشأن. ورغم ذلك فقد أشار إلى أن الأولوية عنده في الصراع السوري متعدد الأطراف ستتمثل في محاربة التنظيم لا في إرغام الرئيس بشار الأسد على ترك السلطة مثلما ترغب أنقرة منذ فترة طويلة.

وهذا لا يجعله على خلاف مع أردوغان فحسب بل قد يسهم في تحويل مسار الحرب الأهلية السورية لصالح الأسد وحلفائه.

وفي أروقة السلطة في أنقرة لم يتوقع أحد تقريبا فوز ترامب. غير أن مسؤولين كبارا يرون في انتصاره فرصة بداية جديدة لتحالف أصابه التوتر في عهد باراك أوباما الذي توترت العلاقات بينه وبين أردوغان على نحو متزايد.

وينتمي ترامب الملياردير قطب صناعة العقارات وإردوغان ابن الربان البحري الفقير إلى عالمين مختلفين غير أن ثمة أوجه شبه كبيرة في أسلوبهما في القيادة فكل منهما شعبوي يسيطر على أتباع مخلصين له لكن كلا منهما تسبب أيضا في انقسام حاد في مجتمعه ولا يخشى شيئا في إبداء ما يعن له من آراء.

وقال مسؤول تركي كبير ثان إن ثمة "فرصة كبيرة" أن تكون العلاقات طيبة بين الزعيمين رغم أن من المستبعد أن تتطابق آراؤهما.

وأضاف المسؤول أن الرئيسين سيتصارحان عندما يتقابلان مضيفا "برلسكوني كان على هذا الحال" مشيرا إلى رئيس الوزراء الإيطالي السابق الذي تمتع بعلاقات وثيقة مع أردوغان.

وفي أعقاب فوز ترامب نشرت هلال كابلان الصحفية البارزة بصحيفة صباح المؤيدة للحكومة والتي يديرها زوج ابنة أردوغان تغريدة قالت فيها "نحن سعداء لتصدع المؤسسة الأمريكية".

ورغم النظرة التفاؤلية التي ظهرت في تركيا إلا أنه من المرجح استمرار الانقسامات العميقة، فقد لا يحدث تقدم سريع فيما يتعلق بجولن بما يزيح عقبة كبرى تقف حائلا دون تحقيق السلاسة في العلاقات التركية الأمريكية.

كما أن الخلافات حول سوريا قد تؤدي إلى توتر العلاقات.

وسبق أن شكك ترامب في الحكمة من دعم مسلحين يقاتلون الأسد واقترح التعاون مع روسيا أقوى حلفاء الرئيس السوري العسكريين في التصدي لتنظيم "داعش".

وقال سنان أولجن الدبلوماسي التركي السابق والمحلل بمركز كارنيجي أوروبا عن العلاقات التركية الأمريكية "سنشهد فترة شهر عسل بعد انتهاء ولاية أوباما التي أصبحت العلاقة تتسم فيها بالشد والجذب."

وأضاف "ومع ذلك ففي الفترة المقبلة سنشهد على الأرجح نقاط اختلاف. فمن المؤكد أن سياسات ترامب ستقوي النظام في سوريا والقوى المؤيدة للنظام وكذلك روسيا. وهذا يتعارض مع ما تحاول تركيا أن تفعله منذ عام 2011 من حيث تغيير النظام ودعم المعارضة."

كذلك فإن دعم ترامب لاسرائيل سيقلق أنقرة التي تعد من المؤيدين الرئيسيين للفلسطينيين ومن الدول المانحة لقطاع غزة الخاضع لإدارة حركة حماس.

وخلال الحملة الانتخابية حصل ترامب على التأييد في اسرائيل بوعده أن واشنطن ستعترف بالقدس عاصمة لاسرائيل.

ومن دواعي القلق في أنقرة أيضا تهديد ترامب بالتخلي عن أعضاء حلف شمال الأطلسي في أوروبا إذا لم ينفقوا بما يكفي على الدفاع وتصريحاته المناهضة لاتفاقات التجارة الدولية التي قد تستفيد منها تركيا.

غير أن المسؤولين في أنقرة ما زالوا متفائلين تفاؤلا يتسم بالحذر بينما ينتظر العالم لمعرفة كيف سيصوغ ترامب سياسته الخارجية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل