المحتوى الرئيسى

د. أمل الجمل تكتب: رد أخير على مغالطات مهرجان القاهرة السينمائي والاتهامات الموجهة لي

11/15 10:42

نشرت إدارة مهرجان القاهرة مقالًا تصف فيه ما كتبته من نقد عن المهرجان بأن به “مغالطات كثيرة وأن المعلومات الصحيحة تنقصه”، وهنا أرد على مغالطات هذه الإدارة وعلى المعلومات المنقوصة التي لا توضح حقيقة الصورة:

أولًا: وصفتني الإدارة قائلة: “قرّرت الكاتبة أن تُكذَب رواية إدارة المهرجان حول الاتفاق الذي أُبرم مع تامر السعيد مخرج فيلم «آخر أيام المدينة» وأن تنحاز لما قاله المخرج، على رغم أن الدليل لدى الطرفين هو روايات شفهية، حيث أن الاتفاق لم يكن مكتوبًا، “

وبالطبع أنا لا أُنكر انحيازي، لكن السؤال هو: ما الذي جعلني أنا وغيري ننحاز لرواية مخرج “آخر أيام المدينة”؟ لماذا انحازت كاملة أبو ذكري – مخرجة فيلم “يوم للستات” فيلم الافتتاح والمنافس في المسابقة الرسمية – فقد وقعت على البيان متضامنة مع السينمائيين والمثقفين المصريين المطالبين بعودة الفيلم للمسابقة مثلمًا أكدت على ذلك في اتصال هاتفي لها في برنامج متلفز أُذيع على الهواء يوم 1 نوفمبر الجاري، فألا يُعتبر تصرف المخرجة الشجاعة كاملة أبو ذكرى انحيازًا لتجربة فيلم “آخر أيام المدينة” ضد الظلم الذي وقع عليه، ولماذا لا تعترف إدارة المهرجان بأن هناك نحو 1200 توقيع من كبار السينمائيين المصريين والعالميين يتضامن مع الفيلم، 1200 توقيع محلي وعالمي ينحاز لرواية صناع “آخر أيام المدينة” وقد طالبوا المهرجان بإعادة الفيلم إلى المسابقة الرسمية. 1200 توقيع بينهم سينمائيون عالميون مثل كوستا جافراس وفولكر شلوندورف وبيلا تار، 1200 توقيع بينهم أسماء أعمدة المشهد السينمائي في مصر وشباب السينمائيين المستقلين وكبار صناع السينما في العالم ومنهم مَنْ كرمه المهرجان في دورات سابقة. 1200 توقيع بينهم مديري مهرجانات ومبرمجين من مهرجانات دولية بعضها في قائمة الاتحاد الدولي للمنتجين التي يستخدمها المهرجان للدفاع عن قراره باستبعاد الفيلم.

بالطبع في ظل عدم منطقية الحجج التي تسوقها إدارة مهرجان، وفي ظل رفضهم لكل الحلول المقترحة من السينمائيين الكبار، وممن لهم تجارب سابقة مشابهة مثل المونتير والمخرج أحمد عبدالله السيد وتجربته مع فيلم “ديكور” الذي عرض خارج المسابقة، لكن تعنت المسؤولين بالمهرجان جعلنا نصدق رواية الطرف الآخر، هنا – في مثل تلك الحالة – لابد أن أعلن انحيازي دفاعًا عن حق الفيلم المصري في أن يُعامل بالمثل مع نظيره الأجنبي عند الاختيار، ولن أُنكر انحيازي بعد ما شاهدت من عدم الالتزام بالوعود فرئيس المهرجان ماجدة واصف وعدت على الهواء مباشرة في البرنامج التلفزيوني/ وفي حوار آخر / أنها ستُعيد النظر لحل هذه الأزمة وبإعادة فتح باب النقاش مع اللجنة الاستشارية العليا ثم بعد أكثر من أسبوع تُصدر الإدارة بيانًا – باللغة الإنجليزية فقط – يقولون فيه أن قرار استبعاد الفيلم هو قرار نهائي.

الحقيقة التي لا تريد إدارة المهرجان القاهري الاعتراف بها أن أغلب الوسط السينمائي والثقافي في مصر غير مقتنع بما سردوه من حجج ومبررات، وهناك تساؤلات عن الأسباب الحقيقة وغير المعلنة التي منعت الفيلم من العرض بالمهرجان، حتى أن الناقد السينمائي سمير فريد – الرئيس الأسبق لمهرجان القاهرة السينمائي لعامي 2013 و2014 – وصف تصرف الإدارة قائلًا: “فُوجئت. ودُهشت من قرار الاستبعاد لأنه يخالف الأصول المهنية التي يعرفها جيدا الزملاء الأصدقاء الأعزاء في قيادة المهرجان. “. واصفًا إثارة غضب الرأي العام السينمائي جراء هذا الاستبعاد بأنه “غضب عن حق”.

ثانيًا: تقول إدارة المهرجان: “يقول الواقع إنه لو لم يكن لدى المهرجان رغبة حقيقية في دعم الفيلم وصانعه لما كنا قد وافقنا من البداية على شرط التواجد في المسابقة، وهي الموافقة التي نشعر الآن أننا ربما قد أخطأنا فيها، في ظل إنكار المخرج للاتفاق، وإصراره على الإشارة إلى شيء لم نطلبه من قريب أو بعيد وهو العرض الأول في الشرق الأوسط”.

وردًا عليهم أقول: المنطق يقول أنه لو كان لديكم أي رغبة حقيقية بالفعل لدعم الفيلم وصانعه لم يكن ليصدر قرار بالاستبعاد التام والنفي خارج المهرجان بعد أن ضيعتم عليه كل فرص العرض في المهرجانات العربية الأخرى، كنتم أتحتهم له فرصة بديلة، بأن يُعرض خارج المسابقة، أو يكون فيلم الختام كما اقترح الأستاذ سمير فريد، أو أُتيح له مكان في البرامج الموازية. المنطق يقول هذا.

أما حكاية: “وهي الموافقة التي نشعر الآن أننا ربما قد أخطأنا فيها، في ظل إنكار المخرج للاتفاق، وإصراره على الإشارة إلى شيء لم نطلبه من قريب أو بعيد وهو العرض الأول في الشرق الأوسط”. فسأضعها إلى جوار فقرة أخرى تقول: “تورد الكاتبة عددًا من الأخطاء والاستنتاجات التي لا مجال لها من الصحة، فتزعم أن هناك «عُرفًا» بمنع الأفلام التي عرضت في الشرق الأوسط من المشاركة في المسابقة الدولية وهذا غير صحيح، لأن مهرجان القاهرة مهرجان دولي لا يضع في اعتباره إطلاقًا شروط المهرجانات الإقليمية”.

إدارة مهرجان القاهرة تُنكر هذ العرف الذي خبرته جيدًا – بالطبع شفهي – من تجارب سابقًا ومن أحاديث من داخل المهرجان، وهنا أستند إلى تصريح مكتوب ومنشور للناقد السينمائي طارق الشناوي أحد أعضاء اللجنة الاستشارية العليا لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي – والذي كان حلقة الوصل بين المهرجان وبين المخرج تامر السعيد في بداية الاتفاق – تحت عنوان “الحكاية فيها إن”، مستهلًا مقاله بتساؤل عن أسباب الاستبعاد التي أعلنتها إدارة المهرجان ونصه: “هل هي الحقيقة تماما أم أن هناك أشياء أخرى لم يأت بعد أوان إعلانها؟ ثم يحكي الشناوي عن تردد المدير الفني للمهرجان – يوسف شريف رزق الله – في قبول فيلم “آخر أيام المدينة” بالمسابقة موضحًا أن سبب تخوفه “أن الفيلم تردد ذكر مشاركته في مهرجان (قرطاج) ولا يجوز أن يُعرض بالقاهرة بعد عشرة أيام من قرطاج، ” فهل بعد تصريح الشناوي لاتزال إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي تُصر على تكذيبي وعلى أنهم “مهرجان دولي ولا يضع في اعتباره إطلاقًا شروط المهرجانات الإقليمية؟ “

ثالثًا: تتهمني إدارة مهرجان القاهرة قائلة: “ترتكب الكاتبة مغالطات صريحة عندما تتحدث عن لوائح الاتحاد الدولي للمنتجين FIAPF الذي ينتمي مهرجان القاهرة السينمائي الدولي إلى فئته الأولى ويخضع لضوابطه، فتسوق أمثلة بأفلام مثل «ميموزا» و»جريمة على كراسي متحركة» مشيرة إلى أنها مخالفة للائحة المهرجان لمشاركة الأول في مهرجان كان والثاني في كارلوفي فاري. والحقيقة أن كلا الفيلمين خاضع للائحة المهرجان التي تمنع فقط الأفلام التي شاركت في المسابقات الرسمية للمهرجانات المصنفة ضمن الفئة الأولى، بينما شارك فيلم «ميموزا» في أسبوع النقاد بكان، وشارك «جريمة على كراسي متحركة» في برنامج سينما شرق الغرب في كارلوفي فاري، وكلاهما لا يمنع الفيلم من التنافس في القاهرة، “

وهنا في ردي عليهم أستند لنصوص لائحة المهرجان الذي ينظموه وقد وضعوا لائحته بأنفسهم، وأبدأ من المادة 15 التي تذكر أن: “مواد اللائحة – وضعت بالعربية والانجليزية – تخضع للقوانين المصرية وفي حال أي خلاف يُعتد بالنص العربي. ولذلك سوف أستشهد بالنص العربي من اللائحة فيما يلي:

بداية: يُحدد البند الأول من المادة الرابعة الأقسام التي يتكون منها المهرجان وأولها: القسم الرسمي للأفلام الروائية والتسجيلية الطويلة ويضم: “المسابقة الدولية” – خارج المسابقة.

وتنص المادة السادسة على أن: تختار إدارة المهرجان لجنة تحكيم “المسابقة الدولية” للأفلام الطويلة. “.

وينص البند الخامس من المادة 11 على ألا يكون الفيلم الذي يُعرض في المسابقة قد عُرض في مسابقة مهرجان دولي آخر معتمد من الاتحاد الدولي للمنتجين (FIAPF).

سنلاحظ أنه في المادتين الرابعة، والسادسة تم توصيف وتحديد المسابقة الرسمية بـ”الدولية” لأن هناك مسابقات أخرى داخل المهرجان، ولكن المادة 11 تكتفي بقول (“مسابقة” مهرجان دولي آخر)، فلماذا لم يحدد المسؤولون بالمهرجان القاهري تفاصيل اللائحة بدقة فيقولوا: (“المسابقة الدولية”أو”المسابقة الرسمية” لأي مهرجان دولي آخر.) بالطبع هناك فارق بين “المسابقة” و”المسابقة الدولية” – وبالمناسبة هم في ردهم على ما كتبت استخدموا توصيف “المسابقات الرسمية” للمهرجانات – وهذا الخلط أو بالتحديد اسقاط وصف “الدولية أو “الرسمية” عن الموصوف “المسابقة” يجعلنا نعتبر مشاركة أفلام مثل “ميموزا” و”زوجة طيبة”، و”جريمة على كراسي متحركة” مخالف للائحة، لأنهم لم يحددوا منع مشاركتها في المسابقة الرسمية لأي مهرجان دولي آخر، وإنما اكتفوا بكلمة “مسابقة”.

أضف إلى ما سبق أن كلمات “المسابقة الدولية” تم ذكرها في الدعوة الرسمية المقدمة من المهرجان لمخرج فيلم “آخر أيام المدينة” والموقعة من رئيس المهرجان ونصها كالتالي: “يسعد مهرجان القاهرة السـينمائي الدولي الذى يعقد دورته الثامنة والثلاثون في الفترة من 15 الى 24 نوفمبر القادم، موافقتكم على اختياره فيلمكم “أخر أيام المدينة” للعرض في “المسابقة الدولية” للمهرجان”.

كما أن خطاب الاعتذار المقدم من ماجدة واصف رئيس المهرجان يستخدم كلمات “المسابقة الرسمية” إذ تقول: “دفعنا الاعجاب بفيلمك “أخر أيام المدينة” إلى اختياره للمشاركة في “المسابقة الرسمية” لمهرجان القاهرة السـينمائي الدولي في دورته الثامنة والثلاثين”.

رابعًا: وتأكيدا على ما كتبت في جميع مقالاتي – عن هذه القضية ومنها مقالات تعود لعام 2015 أي تخص الدورة السابقة للمهرجان، انتقدت فيه أيضًا ازدواجية المعايير التي يتبعها المسؤولون بالمهرجان، والتي سنكتشفها من قراءة سطور خطاب الاعتذار المُرسل من المهرجان للمخرج تامر السعيد – ومقارنتها بحالة الأفلام الأجنبية المشاركة بالمسابقة إذ تقول واصف في خطابها: “وقد اخترنا فيلمك للمشاركة بالمسابقة الرسمية رغم اشتراكه حتى تاريخ اتصالنا بك في شهر أغسطس الماضي في “سبعة” مهرجانات دولية، ولكن فوجئنا بعد هذا الاختيار والاعلان عنه بمشاركته في “خمس” مهرجانات دولية أخرى: جيدينيا فى بولندا – ريو فى البرازيل – لندن فى انجلترا – شيكاغو فى الولايات المتحدة، وأخيرًا فى مونتريال بكندا، وبذلك يأتى عرض الفيلم في مهرجان القاهرة في ذيل هذه القائمة مما يعتبر نوعًا من الاساءة الى سمعة المهرجان”.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل