المحتوى الرئيسى

أين يوظف المصريون مدخراتهم بعد التعويم؟

11/15 09:44

نيرمين عباس _ أسماء السيد

البورصة الأعلى خطورة والأمثل للمستثمر الخبير.. و«صناديق الاستثمار» للمبتدأين

جاء تعويم العملة المحلية بمثابة ريح عصفت بمدخرات المصريين، الذين فوجئوا بتراجع قيمة مدخراتهم بنسبة %80 بين ليلة وضحاها، بعد أن أعلن البنك المركزى يوم الخميس قبل الماضى، تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وحدد سعره فى اليوم الأول فقط عند 13 جنيها مع السماح بصعود وهبوط %10.

ومنذ ذلك الوقت استمر الدولار فى ارتفاعاته ليصل مستويات قريبة من 17-18 جنيها، ما يعنى تراجعا فى قيمة العملة المحلية فاق الـ%100 أمام الدولار، وأعقب ذلك موجة ارتفاع أسعار لجميع السلع والخدمات، صاحبتها طفرة بمؤشرات البورصة التى أصبحت أسعار أسهمها رخيصة للغاية بالنسبة للمستثمرين الأجانب.

واستطلعت «المال» آراء شريحة واسعة من خبراء الاستثمار حول سبل توظيف المصريين لمُدخراتهم فى الوقت الراهن، فى إطار الحفاظ على ما تبقى منها، انتظاراً لفترة صعبة للغاية تتحمل فيها الطبقة المتوسطة العبء الأكبر وفقاً لتوقعات جميع المحللين الاقتصاديين.

وتتنوع الأوعية الاستثمارية بين البورصة، وشهادات الادخار البنكية، والعقار، والذهب، والدولار.

جدير بالذكر أنه فى أعقاب تحرير سعر الصرف، طرحت البنوك الحكومية الثلاثة الأهلى ومصر والقاهرة شهادات ادخار بأجل 18 شهرا بفائدة %20 تصرف كل 3 أشهر، وأخرى بعائد %16 بأجل 3 سنوات تصرف شهريا.

وقال عمرو أبو العينين، رئيس قطاع إدارة الأصول بشركة «سى آى إستس مانجمنت» إن هناك 5 أوعية استثمارية تتضمن البورصة والعقار والذهب والدولار وشهادات الادخار البنكية، مؤكدا أن آخر اختيار يمكن اللجوء له حاليا هو الدولار ويسبقه الذهب.

وأضاف أنه لا ينصح المدخرين بانتقاء وعاء استثمارى معين، أو حتى تحديد وجهتهم بناء على حجم ثروة أو مدخرات كل منهم، فالأمر مرتبط بعدة عوامل أخرى على رأسها حجم العائد الذى يرغب بتحقيقه (فقد يرى البعض نسبة %20 التى تقدمها شهادات الادخار قليلة)، ودرجة تحمل الشخص للمخاطر، وكذلك نسبة السيولة التى قد يحتاجها خلال فترة معينة، علاوة على المدى الزمنى لاستثماره فهل هو قصير أم متوسط أو طويل الأجل؟.

وأوضح أنه بالنسبة للبورصة، فيجب الإشارة لعاملين مهمين، أولهما أن الأيام الماضية شهدت صعود قوى للغاية ما قد يُنذر بتصحيح عنيف يهبط بالمؤشرات، لذا من الأفضل لمن يريد الدخول حاليا اللجوء لصناديق الاستثمار التى تتخذ قراراتها بشكل مؤسسى فى إطار أكثر حرصا ومراعاة للمخاطر، خاصة أن حالات الصعود والهبوط القوية تدفع الأفراد لقرارات بيع وشراء انفعالية قد تكبدهم خسائر.

وأوضح أبو العينين أن العامل الآخر المهم، هو أن الأسهم بمستوياتها الحالية غير مرشحة لتحقيق عوائد مرتفعة بالأجل القصير، لافتا إلى أنه بالنظر للأرباح المرتقبة مقارنة بالمخاطر نجد أن الأمر غير جاذب.

واستطرد قائلا: لابد أن يفكر الراغب فى الاستثمار بالوقت الراهن على مدى زمنى متوسط وطويل الأجل، هناك تذبذبات عنيفة لا تناسب المستثمر قصير المدى؛ لأنه قد يصاب بالذعر عند أول موجة هبوط، بعكس طويل الأجل الذى ينتظر تحقيق عوائد خلال فترة بعيدة.

ولفت أبو العينين إلى أن شهادات الادخار بفائدة %20، هى الوعاء الأنسب الذى قد لا يجد المصريون مثيلا له بعد مدة صغيرة، وهو الأمثل لمن يرغب فى الحصول على عوائد مضمونة، ولمن لا تسمح أوضاعهم بتقبل نسبة مخاطرة مرتفعة، أو تحمّل خسارة، متابعاً أن البورصة غير مناسبة لهؤلاء على الإطلاق.

أما عن الدولار، فقد استبعده تماما، وأرجع ذلك إلى أن موجة هبوطه قد بدأت، ومن ثم سيتكبد حائزوه خسائر خلال الفترة المقبلة، وأوضح أن الأيام المقبلة ستشهد موجات نزول قوية ستخلق ذُعراً بيعياً، لذا يُنصح بتجنب الاستثمار فى العملة الخضراء تماما.

وتطرّق إلى الذهب، قائلا «إنه مربوط بشكل مباشر بالدولار، فهو أشبه بأداة مشتقة منه أو بديلة له، موضحا أن التفكير فى الذهب قد يدفع لخسائر فى الوقت الراهن»، مؤكدا أن تصاعد المخاوف «الجيوسياسية" على الصعيد العالمى بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية قد يدفع أسعار المعدن الأصفر صعودا، رغم أن قيمته قد تهبط محليا فى ظل الانخفاض المتوقع بقيمة الدولار أمام الجنيه خلال الفترة المقبلة.

وتابع: لكن حتى إذا صعدت قيمة الذهب عالميا فقد يتراجع محليا أو على الأقل لن يرتفع بنفس الوتيرة؛ لأنه سيتأثر بعوامل محلية، خاصة بعد أن صعد منفردا على مدار أشهر ماضية دون أن يكون هناك ارتفاعات مماثلة بالسعر العالمى.

ونصح أبو العينين الراغبين بالاستثمار فى الذهب بالانتظار لفترة لحين هدوء سعر الدولار بالسوق المحلية، فحينها ستكون الفرصة مواتية.

وشهد المعدن الأصفر ارتفاعات عنيفة خلال الفترة الماضية، رغم ثبات أسعاره عالميا، وذلك على خلفية انهيار قيمة الجنيه بالسوق الموازية، قبل أن يقدم البنك المركزى منذ أقل من أسبوعين على تعويم العملة المحلية.

أما بالنسبة للعقار، رأى رئيس قطاع إدارة الأصول بسى آى إستس مانجمنت أن صعود الدولار وزيادة التضخم يدفعان بديهيا تجاه العقار؛ لأنه ملاذ آمن، وقال إن الوحدات المُقيمة بأسعار قديمة كانت فرصة جيدة؛ لأنها لم تكن قد عكست بعد السعر الجديد للدولار، لكن حاليا عقب هدوء قيمة العملة الخضراء ستشهد السوق الثانوية حالة كساد، كما أن التضخم الراهن مؤقت، ولن يستمر لفترة طويلة، فضلاً عن أن القطاع بات يعانى من قلة السيولة.

وفى السياق نفسه، نصح هانى توفيق، خبير الاستثمار المباشر وسوق المال بتقسيم المُدخرات أو الثروات المراد استثمارها، بحيث يتم توجيه %40 لشهادات الـ%20 فائدة، و%30 للذهب الذى توقع تراجع سعره تبعًا لانخفاض الدولار عالميا عقب إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية.

وقال توفيق إنه يمكن توظيف نحو %20 من رؤوس الأموال بالاستثمار العقارى، و %10 للاستثمار فى البورصة، متوقعًا انخفاض القوة الشرائية بالقطاع العقارى خلال الفترة المقبلة.

ونصح عمرو الألفى رئيس قطاع البحوث والدراسات العالمية بمجموعة «مباشر» للخدمات المالية، بتنويع المحافظ الاستثمارية ما بين الاستثمار فى البورصة، الودائع البنكية، الاستثمار العقارى، وتوجيه جزء فى الذهب على المستوى البعيد، مشيرًا إلى أن تحديد الأولويات يتوقف على طبيعة الشخص وملاءته المالية.

وحدد عدد من الأسهم التى يمكن الاستثمار بها فى الوقت الراهن، على رأسها أسهم القطاع المالى سواء بنوك أو خدمات مالية، ثم قطاع خدمات ومنتجات صناعية وسيارات مثل شركة السويدى إلكتريك، وقطاع البتروكيماويات مثل شركة سيدى كرير.

وقالت رنا العدوى، العضو المنتدب بشركة أكيومن القابضة لإدارة الأصول، إن الاستثمار بالبورصة يظل الآلية الأكثر ربحية فالأسهم هى أفضل خيار حاليا، ناصحة أصحاب رؤوس الأموال الذين لا يمتلكون خبرة بسوق المال بالاتجاه لصناديق الاستثمار.

وأوضحت أن شهادات الادخار التى أطلقتها بنوك مؤخرا تدخل ضمن السبل الجاذبة، بينما استبعدت بشكل كامل كلا من الذهب والدولار؛ لأنهما لن يحققا عوائد جيدة.

وبالنسبة للعقار، قالت العدوى إنه استثمار جيد دائما، لكن لا يمكن النصح به فى المطلق فى ظل اختلاف جاذبية كل وحدة وفقا لعوامل عدة، مشيرة إلى أن الراغب فى الاستثمار العقارى دون تحمل مخاطر مرتفعة يمكنه اللجوء لصناديق الاستثمار العقارى، والتى تطلق شركتها أولاها بالسوق خلال أشهر قليلة.

ومن جهته، نصح عصام خليفة العضو المنتدب لشركة الأهلى لإدارة صناديق الاستثمار، بالتنويع فى الاستثمارات لتجنب المخاطر، وذلك فى الوضع غير المستقر الذى تشهده البلاد.

ونصح بشراء أسهم فى البورصة، وشهادات الـ%20 فائدة، إضافة إلى الأراضى العقارية، مشيرًا إلى أن الشهادات تُعد من أفضل سبل الاستثمار؛ لأن معدل ربحيتها النهائى مُحدد ومضمون.

وقال خليفة إن الاستثمار بالبورصة يحتم تحديد أسهم جاذبة بقطاعات مختلفة، ورأى أن أفضلها هى تلك التى لم تحقق قفزات عالية عقب «تعويم الجنيه».

ورشح أسهم شركة باكين للبويات؛ لأنها تحقق نموا جيدا، كما أن مضاعف ربحيتها مناسب، وسعر السهم رخيص نسبيًا، كما رشح أسهم قطاع البترول على رأسها سيدى كرير وأموك، ثم أسهم قطاع مواد البناء والتشييد كأسهم شركات الأسمنت والحديد، مشيرً إلى أنه لا يمكن حساب معدل ربحية الاستثمار بالبورصة؛ لأنه خاضع لظروف وتقلبات السوق.

وفى سياق متصل، قال أيمن أبو هند، رئيس قطاع الاستثمار بشركة كارتل كابيتال للاستثمار المباشر، إن الاستثمار حاليًا يتوقف على عدة عوامل، أولها المبلغ المراد ضخه، ثانيًا مدى حاجة الفرد للعائد الربحى.

ورتب أبو هند، الأوعية الاستثمارية وفقاً لدرجة خطورتها من الأقل للأعلى، ويعد أدناها خطورة شهادات الـ%20، يليها العقار، ثم الذهب، وأخيرًا البورصة.

وأوضح أن شهادات الـ %20 لها معدل ربحية ثابت ومحدد ولا يوجد بها مخاطرة، وقال إن الاستثمار العقارى خاصة فى أماكن الرفاهة مثل الساحل الشمالى والعين السخنة أفضل من الوحدات السكنية، وذلك لارتفاع عائد ربحيتها، إذ إنها قد تدر عوائد بنحو 50 % على المبلغ الأساسى خلال عام، لأن الطلب عليها مرتفع وله مواسم للإيجار أيضا.

ولفت إلى أن الوحدات السكنية العادية سعرها مرتفع، كما يصعب التخارج منها، إضافة إلى حدة المنافسة مع الشركات العقارية التى تعمل بنظام التقسيط، كما أن معدل ربحيتها يظهر بعد 3 أو 4 سنوات وقد يصل لـ%50 على قيمة المبلغ الأساسى خلال فترة 3 سنوات.

نصائح بالابتعاد عن الدولار تماماً.. والذهب يثير الجدل

وبالنسبة للاستثمار فى الذهب، أشار إلى إمكانية الاستثمار به على فترات طويلة، ورأى أن معدل مخاطرته كبير بالنسبة للمستثمر العادى، وذلك لتذبذب أوضاعه ورفض التجار شراء السبايك وقت غلاء الأسعار.

وعلى صعيد البورصة، قال إنها تأتى فى المرتبة الأولى من حيث معدل المخاطر، فهى استفادت بشكل كبير من تعويم الجنيه، ونصح بالاستثمار فى أسهم المؤشر الرئيسى لأنها أكثر سيولة.

وتوقع أن تستمر البورصة المصرية فى صعودها وصولا لمستويات الـ11 خلال الربع الأول من 2017، وقال إنه لا يمكن توقع عوائد الاستثمار بالأسهم لتغيره حسب ظروف السوق.

ومن جهته، نصح إيهاب السعيد، رئيس قسم التحليل الفنى، عضو مجلس الإدارة بشركة أصول لتداول الأوراق المالية، بالاستثمار فى البورصة لاستفادتها بشكل كبير من تعويم العملة المحلية.

وأشار السعيد إلى أن البورصة استفادت من «التعويم» بشكل كبير، بالتزامن مع رفع القيود وتسهيل دخول وخروج رؤوس الأموال، فضلاً عن أن الحكومة بصدد طرح شركات عدة خلال الفترة المقبلة، هذا إلى جانب مد فترة تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية لثلاث سنوات إضافية.

وحدد عددا من القطاعات التى يُمكن الاستثمار بها حاليًا، على رأسها قطاع الخدمات المالية باستثناء البنوك؛ لأنها مستفيدة من ارتفاع قيم التعاملات بسوق المال، إضافة إلى زيادة معدل ربحيتها.

وأضاف أن قطاع العقارات يأتى فى المرتبة الثانية؛ لأن أصوله تخضع لإعادة تقييم عقب التعويم، مشيرًا إلى أنه يدعم فكرة تنويع المحافظ الاستثمارية ما بين شهادات الـ %20، مع توجيه جزء للأسهم، بجانب الاحتفاظ بسيولة مالية لدى الفرد تجنبًا للتقلبات الاقتصادية.

وفى السياق نفسه، رأى عامر عبد القادر رئيس قطاع السمسرة للتطوير بشركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية، إن الاستثمار فى البورصة حاليًا يأتى فى المرتبة الأولى يليه الاستثمار العقارى، ثم شهادات الـ%20.

وأشار إلى أن أسهل السبل التى يمكن للفرد اللجوء لها هى شهادات الـ%20، وذلك لاستغلالها قبل أن تتراجع قيمة الفائدة خلال وقت قريب كما هو متوقع.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل