المحتوى الرئيسى

عودة مافيا توظيف الأموال

11/14 10:43

أعادت واقعة نصب كبرى، بإحدى محافظات مصر، وقيام رجل بجمع 70 مليون جنيه تحت مسمى توظيفها مقابل دفع فائدة شهرية عالية لأصحابها، أعادت إلى الأذهان قضايا الاستيلاء على أموال المواطنين بدعوى توظيفها.

وطرح انتشار مثل تلك القضايا بمصر تساؤلات عدة فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تعيشها البلاد، واضعة السؤال: لماذا لم تضع الدولة خطة محكمة لكيفية جذب تلك الأموال الطائلة واستثمارها، واستخدامها فى دفع عجلة الاقتصاد بالبلاد بدلاً من أن تتركها تقع بين أيدى النصابين.

وكشفت دراسات اقتصادية أن الجهاز المصرفى المصرى، لم يبذل أى مجهود للوصول إلى هؤلاء العملاء البعيدين عنه، والذين يقعون ضحية لمن ينشطون فى جمع الأموال بدعوى توظيفها بعيدًا عن الطرق الشرعية، وأن هناك إهمالاً من جهاز الشرطة وكافة الأجهزة الأمنية والرقابية لأنها لم تقم بالتنبه لهذا الحظر منذ البداية، وعدم تحركها إلا بعد استفحال الخطر.

وأكدت الدراسة أن الطمع هو سبب إعطاء المواطنين كل هذه الأموال لأشخاص مجهولين فى أغلب الحالات، وذلك للحصول على العائد الكبير وهو 10٪ شهريًا، وجاءت عمليات النصب لتؤكد أن الاقتصاد الأسود أو الاقتصاد السرى أو اقتصاد بير السلم كما تم رصده فى دراسة اقتصادية سابقة تبلغ نحو 100٪ من حجم الاقتصاد من حجم الاقتصاد الرسمى أى نحو 2.2 تريليون جنيه بنهاية عام 2014.

وقال أيمن أحمد، موظف، إن البعض يلجأ إلى موظفى الأموال، لأسباب كثيرة، منها أن هناك بعض الموظفين فى شتى المجالات يجمعون مبالغ مالية على مدار بعض السنوات ويريدون أن تجر لهم تلك الأموال هامش ربح لكى تساعدهم على المعيشة.

وهناك ربات منازل يحصلن على الميراث وتريد أن تستثمر تلك الأموال لزيادتها، لأنها تخشى انتقاص الأموال شيئًا فشيئًا إيمانا منها بالمثل الشعبى الدارج «خد من التل يختل»، أو رجل بلغ سن المعاش وحصل على مستحقاته كافة من عمله، أراد أن يضمن الدخل الشهرى الثابت دون انقطاع.

وترى ناهد شريف، موظفة، أن الطمع والثراء السريع هو الدافع الأول للكل من يسلم أمواله إلى أشخاص بمجرد إعطائهم فوائد مضاعفة عن أى بنك أو مكان آخر، معللة ذلك بأنه يجب أن يفكر المواطنون عن سبب الفوائد المضاعفة التى يعطيها بعض من يوظفون الأموال، موضحة أن بعض الأشخاص يتمكنون من ترتيب أوراقهم بشكل محكم يصعب معه اكتشاف أنه من المحتالين، الذين يستغلون حاجة المواطنين لمضاعفة أموالهم وحاجة البعض للاستفادة من مميزات توظيف الشركات الخاصة فإنه يستغل الثغرات الموجودة فى إجراءات بعض الهيئات والوزارات، ما يسهل عملية النصب ويساعد على انتهائها وهو ما يعد تحايلاً على القانون.

ويقول دكتور جامعى، أحد ضحايا شركة ستار كابيتال لتوظيف الأموال، إنه وقع ضحية الأوهام والأحلام الوردية، موضحًا أنه كان يريد المحافظة على أمواله، وأن تأتى له مكاسب مالية تضاعفها، مؤكدًا أن المسئولية مشتركة بينه وبين الدولة، أولاً المسئولية التى تقع على مودعى الأموال يجب عليهم عدم تسليم أموالهم بتلك البساطة، أما المسئولية التى تقع على الدولة فهو يجب توعية المواطنين، وفتح بعض المشروعات التى تستغل فيها تلك الأموال بهامش ربح أكبر لجذب تلك الأموال.

وقال الخبير الاقتصادى المصرى، خالد الشافعى، إنه على الحكومة وضع خطة اقتصادية طموحة لجذب وتحفيز المواطنين، لاستثمار تلك الأموال الطائلة، مؤكدًا أن الشعب المصرى، من أكثر الشعوب التى تريد أن تحتفظ بأموالها «تحت البلاطة» بحسب قوله، مؤكدًا أن المصريين لديهم أموال طائلة. واستشهد يجمع 64 مليار جنيه فى نصف شهر حينما قام الرئيس بوضع خطة لتنفيذ قناة السويس الجديدة، مؤكدًا أنه فى ذلك الوقت كانت البنوك المصرية تعانى من أزمة حادة فى قلة المدخرات.

وطالب «الشافعى» الحكومة بإعطاء الأمان لمودعى الأموال بالبنوك، وعدم ملاحقتهم أمنيًا وضريبيًا، وعدم إعطاء الجهاز الضريبى الحق فى الاطلاع على الحسابات المصرفية للمواطنين، ومحاولة ربط القوانين ببعضها لبعض، مضيفًا أنه يجب إعطاء فائدة 9٪ بدلاً من 5٪ على الحسابات الجارية فى البنوك المصرية للقضاء على ظاهرة توظيف الأموال.

وأكد أن أموال المصريين بالخارج لا تدخل للجهاز المصرفى منها سوى نسبة 20٪ على الأكثر، والـ80٪ تكون فى خارج الجهاز المصرفى، وأن أموال المصدرين وحصيلتهم من «الدولارات» لا تدخل الجهاز المصرفى منها سوى 20٪ فقط والباقى يستخدم خارج الجهاز المصرفى.

واقترح المصدر إجبار الكل على التعامل مع الجهاز المصرفى عبر صرف جميع الرواتب والمعاشات والمكافآت الحكومية وشركات قطاع عام وشركات قطاع الأعمال والوحدات المحلية والشركات الخاصة والمعاشات والشركات الاستثمارية، وتعميم ثقافة سداد الرسوم الحكومية والدراسية والضرائب والشراء بمختلف أنواعه عبر «الفيزا كارت»، وأن يتم الإعلان عن مجموعة من المشروعات الكبرى والتى تقوم بها الحكومة كمشرف ومنسق عام مثل: إنشاء شركة قابضة رأسمالها لا يقل عن 10 مليارات جنيه وهذه الشركات تقوم بإعادة الهيكلة المالية لكافة شركات القطاع العام وقطاع الأعمال المتوقفة والبالغ عددها نحو 85 شركة وذلك حتى تعود للعمل مرة أخرى خلال 90 يومًا على الأكثر وإنشاء شركة قابضة كبيرة رأس مالها لا يقل عن 10 مليارات جنيه، بغرض جمع المقامة والمخلفات تدوير القمامة والمخلفات بكافة أنواعها وذلك عن طريق إعادة تشغيل جميع مصانع تدوير المقامة بخطوط إنتاج حديثة وإنشاء شركة قابضة رأسمالها لا يقل عن 10 مليارات جنيه للدخول فى تمويل مشروع استصلاح المليون فدان، وإنشاء شركة قابضة للعقارات برأسمال لا يقل عن 10 مليارات جنيه، للقيام بتشطيب واستكمال كافة العقارات غير المستكملة على مستوى الجمهورية بشرط أن يتم الترخيص لها بأنها ليست «آيلة للسقوط» ويتم ذلك خلال 6 أشهر على الأكثر وتحصل الشركة القابضة على عدد من الوحدات.

ويرى محمد الدشناوى، الخبير الاقتصادى، أن عملية توظيف الأموال تتم على مستوى العالم كله، ولكن الظاهرة بدأت تنمو فى مصر منذ الثمانينيات، من خلال التعاقد مع بعض الأشخاص لحسن سمعته أو لعلاقته أو معرفته به، حتى يستلم تلك المبالغ، ثم يتم إعطاؤهم بعض الأرباح لمدة لا تتجاوز بعض الشهور، ثم يأخذ الأموال ويفر هاربًا بها، مؤكدًا أن الدولة نفذت حملات توعية من خلال وسائل الإعلام، ولكن دون فائدة.

وأوضح الخبير الاقتصادى أن شركات توظيف الأموال تضر كثيرًا بالاقتصاد المصرى، مطالبًا الدولة بفتح مشروعات استثمارية بنسب ربحية جيدة، وأكد أن الدولة فشلت فى جذب تلك الأموال نتيجة فشل سياسات البورصة، موضحًا أن الشركات المدرجة فى البورصة قائمة على تجميع المدخرات كما طالب بالقضاء على فساد البورصة وتنشيطها لجذب تلك الأموال.

وقال مصدر طلب عدم نشر اسمه، إن بعض المسئولين وصفهم بضعاف النفوس هم من يساعدون من يقومون بعمليات توظيف الأموال خارج الجهاز المصرفى، سواء كانوا مسئولين أو شخصيات عامة، وبعض المتهمين من محامين ومحاسبين واقتصاديين يساعدون أمثال هؤلاء دون أن يتوقفوا أمام خطورة مثل هذه العمليات على اقتصاد الوطن.

وأضاف المصدر أن من أسباب تلك الحادثة عدم قيام مسئولى الجهاز المصرفى ومسئولى الحكومة بإيجاد الأوعية الادخارية المناسبة لتجميع هذه الأموال وأنه يوجد خوف دائم لدى البعض من التعامل مع البنوك والجهاز المصرفى وشدد على ضرورة تغيير هذه الثقافة بقوة القانون.

ظهرت قضايا توظيف الأموال في مصر بداية الثمانينيات، ثم بدأت فى النمو بصورة أكبر للعديد من الأسباب تأتى فى المقدمة أحلام الثراء السريع، ولفشل سياسات الحكومة فى جذب تلك الأموال وتوظيفها لرفع معدل نمو الاقتصاد.

الريان 3 مليارات و280 مليون جنيه

و«الريان» كانت أكبر شركة لتوظيف الأموال فى تاريخ مصر، وصاحبها أحمد الريان الذى اتهم فى قضية توظيف الأموال عام 1989، ووضع كثير من المصريين فى ذلك الوقت أموالهم فى هذه الشركة نظير عوائد شهرية تراوحت ما بين 24٪ و100٪ شهريًا، وأكدت المعلومات وقتها أن ما تم تحويله للشركة طبقًا للأرقام المعلنة رسميًا، والتى كشف عنها المدعى العام الاشتراكى وقتها بلغت 3 مليارات و280 مليون جنيه.

وكانت أرباح «الريان» وقتها من البورصات العالمية تصل إلى ملايين الجنيهات يوميًا، ما دفع الكثير إلى هجر القطاع المصرفى والتوجه إلى شركة «الريان» لتوظيف أموالهم وإلى شركات أخرى مماثلة.

نشأت شركة السعد للاستثمار وتوظيف الأموال لصاحبها رجل الأعمال المصرى أشرف السعد، فى نهاية الثمانينيات، واتهم صاحبها أشرف السعد بسرقة 188 مليون جنيه من أموال المودعين، وتمت إحالته للجنايات فى عام 1993، بالإضافة لـ8 اتهامات أخرى، وفى نهاية ديسمبر 1993، أخلى سبيله بكفالة 50 ألف جنيه وتم تشكيل لجنة لفحص أعماله المالية.

شركة الهدى مصر للمقاولات تأسست عام 1986، ونفذت عددًا من المشروعات بمصر والدول العربية، ونجحت صاحبتها هدى عبدالمنعم الملقبة بـ«المرأة الحديدية» فى جمع أكثر من 45 مليون جنيه من خلال حملة إعلانية واسعة، واشترت مساحات شاسعة من الأراضى قرب المطار، ورغم حظر البناء فى تلك المنطقة، قامت ببناء وحدات محدودة بها.

ولكن كثيرًا من الأفراد قدموا العديد من البلاغات ضدها، لعدم تسلمهم وحداتهم، ومن البنوك لعدم سدادها مديونيتها، التى بلغت 12 مليونًا و350 ألف جنيه، و4 ملايين، و598 ألف دولار، عجزت عن الالتزام ببردها أو تنفيذ التسويات التى أبرمتها مع البنوك الدائنة.

فرضت الحراسة على أموال هدى عبدالمنعم وأموال شركاتها فى 12 يوليو عام 1987، ثم هربت المرأة الحديدية لليونان، فى حين صدرت ضدها أحكام غيابية بالحبس 60 عامًا فى 31 قضية. وعادت فى 28 أغسطس 2009، وألقت سلطات مطار القاهرة القبض عليها لدى عودتها من اليونان، بعد أن أمضت ما يقرب من ربع قرن هاربة من تنفيذ أحكام قضايا توظيف أموال وقروض.

ستار كابيتال 410 ملايين دولار.

ستار كابيتال إحدى شركات توظيف الأموال، والتى اتهمت فى فبراير 2015 بجمع ما يقرب من 410 ملايين دولار من 20 ألف مصرى بعد أن أقنعهم صاحبها بأن الشركة توفر لهم أرباحًا شهرية تتراوح بين 5٫5 و7٪، وبالفعل استمر فى تقديم الفوائد المذكورة لعملائه لمدة عام ونصف العام، إلى أن فوجئوا بتوقف إيداع الفوائد، وبعدم قدرتهم على استرداد أموالهم التى دفعوها فى البداية.

وفى شهر أبريل الماضى، فوجئ العملاء بأن هانى لطفى عواد عبدالوهاب، صاحب الشركة، كتب على موقعها الإلكترونى أنه أغلق الشركة بحجة أن هناك جهات كثيرة تحاربه، وأنه سيقوم بإعادة الأموال لأصحابها فى أقرب وقت ممكن، ولكنه تمكن من الهرب خارج مصر.

تفجرت قضيته مطلع شهر أبريل من العام الحالى بعد ضبط صاحبها أحمد مصطفى إبراهيم محمد الشهير بالمستريح والمتهم بالنصب والاستيلاء على أكثر من مليارى جنيه من العديد من المواطنين، بزعم توظيفها فى مشروعات ضخمة، مقابل إعطائهم فوائد شهرية مغرية، وأوهم عملاءه بتشغيل أموالهم فى مشروعات استثمارية ضخمة مقابل حصولهم على فوائد 12٪.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل