المحتوى الرئيسى

عبد الفتاح العقيلي يكتب: الحياة الفُللي! | ساسة بوست

11/12 13:23

منذ 2 دقيقتين، 12 نوفمبر,2016

كلُّ شاب منا، في بداية حياته، يفكر في المرأة التي ستكون شريكة حياته يومًا ما، لكن الصورة التي يرسمها هذا الشاب عن فتاته عادة ما تكون مثالية وأقرب منها للخيال، ولا وجود لها سوى في المدينة الفاضلة. فهو يريد امرأة جميلة متأنقة متألقة متعلمة، وفي الوقت ذاته طباخة ماهرة تلبي طلباته التي لا تنتهي، دون كلل أو ملل، ودون مراعاة لطبيعة الزوجة وقدراتها؛ فهي في النهاية بشر له طاقة، ولديه مشاعر وأحاسيس؛ فهي ليست «ماكينة فل أوبشن»، كما يقولون! والحقيقة أن مثل هذا التفكير عقيم، ولا يولّد سوى حياة زوجية بليدة باهتة خالية من المشاعر والاهتمام، وتقدير كل منهما للآخر، وهذا أمر طبيعي لخروجنا عن النص وعن المألوف.

عليك أن تعلم عزيزي الشب أن المرأة كائن لطيف وجميل، كالوردة تحتاج أن تتعهدها بالرعاية والعناية الكاملة صباحًا ومساءً؛ لتشُم عبيرها، ويفوحُ عطرها وريحها الآخاذ؛ ليعطر المكان، ويملؤه حبًا وحنانًا وجمالًا وهناءً، فتغدو ملكًا هانئًا منعمًا على عرشك. وأنت أيها الزوج المقدام ينبغي أن تعامل زوجتك كالحمامة الوسنانة الهادئة الوادعة التي تتهادى في ثوبها الأبيض، كأجمل ما يكون الناظر للبدر ليلة التمام.

المرأة كتاب مفتوح لغته الحب والعاطفة والاهتمام، فهي تحترم الرجل الذي يحترمها ويقدرها ويهتم بها ويكسب قلبها وحبها ويلبي طلباتها ورغباتها، ويُشعرها بإنسانيتها ووجودها وفرديتها في الحياة، وهي إن أحبت رفعت إلى السماء، وإن كرهت أحرقت الأرض ومن حولها. المرأة معادلة صعبة، وتحتاج لقيادة حكيمة وفارس مقدام يجمع بين الشدة واللين، يرخي تارةً ويشد أخرى، فالحياة لا تستقيم على وتيرة واحدة، ولكل وقتٍ أذان، ولكل مقامٍ مقال، وكذلك المرأة لا تستقيم لرجلها، إلا إذا أحسن قيادتها، ونال رضا قلبها، وإلا كسرت رقبته، ونُغصت حياته، ومات ناقص عمرٍ، ويُكتب على شاهد قبره شهيد الحياة الزوجية.

الحياة الزوجية جميلة، والزوجة هي الشاطئ الذي نلجأ إليه؛ عندما نوشك على الغرق، وهي البيت الذي يحتوينا، ويضمنا، حتى لا نشعر بأمواج الصقيع ووهج الشمس، والرجل بلا زوجة كالمسافر الذي لا يعرف له وجهةً، وبدونها لا حياة مطلقًا، فنحن معشر الرجال في بذل وسعي مستمر؛ للحصول على هذه الدرة المكنونة التي تُعيد لنا توازننا النفسي والعقلي والعاطفي، وتسد العجز والنقص الذي ينتابنا من آن آخر، فتأتي لتكمل حياتنا وتضيف لها ألوانًا وأطيافًا جديدة فتتجدد الأوراق الذابلة وتنمو الفروع التي كانت قد ذُبلت منذ زمن، فتعود البسمة والبهجة للحياة من جديد، ونبدأ حياة أخرى يملؤها الحب والسعادة والهناء والرخاء، وهكذا هي المرأة: واحة نستظل بها، ونرشف من معينها زوجةً وأمًا وأختًا وبنتًا.

أبعد هذا كله، وبعد أن شرّفنا الله بهذا الملاك الطاهر النقي في مشاعره وأحاسيسه وأنّاته وآهاته وكلماته وتعبيراته، أبعد هذا كله، نُبخسه حقه، ونقدر الأمور بغير موازينها، ونتعهده بالعطش والحرمان، فلا نقدره ولا نرويه من معين عواطفنا الجياشة ونشعره بالحب والحنان والطمأنينة؟

بلا شك، إن هذه المرأة المحرومة ستشعر في قرارة نفسها بغصة ومرارة. ستبكي بين نفسها، وتغرق دمعاتها الحزينة مخدعها الناعس وعينيها الوسنانتين. وسينفطر قلبها حزنًا وكمدًا على زوجها الذي لم يعطها حقها، ولم يعرف قيمتها ويقدرها حق قدرها. عليك أخي الزوج أن تحذر من أن تكون سببًا في دموع زوجتك، فإن الله يحصي هذه الدمعات ويكتب لك من كل دمعة من عينيها ألف جمرة في كل ليلة. واعلم أيها الزوج أن المرأة خلقت من ضلع آدم لتكون قريبة من قلبه يدافع عنها ويحميها؛ فلا تتردد في حمايتها ولا تملْ من التعبير عن حبك لها وتقبيلها كلما سنحت الفرصة، احضنها، «طبطب عليها»، ابلغها أنك تذوب شوقًا وحبًا فيها ولا تصبر على فراقها ولو للحظة واحدة، ضاحكها ومازحها ولاطفها واجذبها إليك وضمها إلى صدرك وتحت جناحك كأنها طفلة بين يديك؛ فهي لك وحدك، فاحتفظ بها وعاملها وكأنها درة مكنونة تخاف عليها من قذى عينيك، قبّلها وضع رأسها على صدرك وامسح على شعرها، وامسك أصابعها بين يديك واجعل أصابعك تلامس أصابعها، انظر إلى عينيها وقبلها بين وجنتيها وعلى شفتيها واغرقها في بحر من مشاعرك وأحاسيسك، اتصل بها عندما تغيب عن البيت، وردد على مسامعها كلمات الحب والهيام، وقل لها إن حياتك بدونها لا قيمة لها، وعندما ترجع للبيت قبّل يديها واحضنها بشدة وناغشها واجعلها تحس بوجودها في حياتك ووجودك في حياتها، وأنا أضمن لك – إن فعلت ذلك – أن حياتك ستتغير تمامًا وستشعر بسعادة لا توصف ويتحول بيتك إلى جنة وادعة وارفة الظلال، تشتاق للرجوع إليها كلما خرجت، ودمتم في «حياة فللي»!

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل