المحتوى الرئيسى

الدعم النقدى طريق الخلاص من المحتكرين

11/12 08:41

الحكومة تراه بديلاً آمناً .. والخبراء يخشون رفع الأسعار وزيادة التضخم

أصبحت الحكومة قاب قوسين أو أدنى من رفع الدعم نهائياً، ومع كل ما تمر به البلاد من أزمات اقتصادية طاحنة وصلت إلى حد اختفاء السلع الضرورية من الأسواق ورفع أسعار الوقود والمحروقات، ومع تأكيدات المهندس شريف إسماعيل خلال الفترة الماضية على أن رفع الدعم أصبح ضرورة، وأن حكومته تبحث الاستبدال بالدعم العينى دعمًا ماديًا، إلا أن الخبراء أكدوا أن هناك فئات أخرى ستضار جراء رفع الدعم كلياً من أبناء الطبقة الوسطى خاصة الشريحة الدنيا منها، لذلك لابد من وجود برامج حمائية توفرها الدولة لعلاج آثار رفع الدعم عنهم.

ففى الوقت الذى يكلف الدعم العينى الموجه للسلع والخبز ودعم الوقود خزينة الدولة نحو 200 مليار جنيه سنوياً، ومع ذلك تؤكد الدراسات أن هذا الدعم لا يصل إلى مستحقيه تماماً، فهناك 48% من الأغنياء يشاركون الفقراء دعمهم، ومن ثم أصبحت مهمة توصيل الدعم لمستحقيه تحتاج إلى عناء ودراسات مستفيضة، وهو ما جعل رئيس الوزراء يعلن مؤخراً أن حكومته تسعى لإحلال الدعم النقدى محل الدعم العينى، ولكن هذا الإجراء يحتاج إلى فترة زمنية، مشيراً إلى أن هناك دراسات تجرى الآن اعتماداً على قواعد البيانات المتاحة لتحديد المستفيدين من الدعم النقدى.

والتحول للدعم النقدى سمة موجودة فى الدول المتقدمة والنامية، ويسهل التحكم فيه ومنحه للمواطنين لفترة زمنية محددة، بعدها تتم مراقبة الحالة المالية وبناء عليه يمكن الاستمرار فيه أو إلغاؤه.

ونظام الدعم النقدى معروف ومعمول به فى كل الدول الرأسمالية، حيث تقر هذه الدول مبلغاً معينًا كحد أدنى للدخل وهو 1500 يورو مثلاً فى فرنسا ومعظم دول الاتحاد الأوروبى، ومن يقل دخله عن هذا المبلغ يحصل على دعم نقدى فى صورة شيك بمبلغ يختلف حسب الدخل وعدد أفراد الأسرة، بالإضافة لاشتراك مخفض فى وسائل المواصلات، وتأمين صحى مجاناً، إضافة إلى مبالغ موسمية تصرف مع بداية الدراسة لمن لديهم أطفال فى المدارس، وبعض المساعدات العينية من البلدية.. وفى حالة زيادة عدد ساعات العمل وهو ما يعنى زيادة دخل الفرد تقل المساعدات، بمعنى أنهم يربطون بين الدعم النقدى الذى يحصل عليه الفرد بنسبة الزيادة فى ساعات العمل.

أما المشكلة التى تواجه النظام فى مصر فهى عدم وجود حد أدنى للأجور مطبق على الجميع، فهناك جهات التزمت بتطبيق الحد الأدنى خاصة الحكومة وقطاع الأعمال، أما القطاع الخاص فلم يلتزم، كما أنه لا توجد قاعدة بيانات حقيقية بدخول المواطنين، وبالتالى يصبح تطبيق هذا النظام مشكلة رغم نية الحكومة الاتجاه إليه قريباً لعلاج أزمة الدعم الذى لا يصل لمستحقيه أبداً.

ويرى الدكتور فخرى الفقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ومساعد مدير صندوق النقد الدولى الأسبق، أن التحول للدعم النقدى هو الطريقة المثلى للقضاء على مشكلة عدم وصول الدعم لمستحقيه، والتى تصل قيمته لنحو 8 مليارات جنيه على الأقل.. وعن قيمة الدعم النقدى قال: إنه إذا كانت الدراسات قد أشارت إلى أن نصيب الفرد من الدعم يصل إلى 63 جنيهاً، فيمكن منح هذا المبلغ نقداً للمواطنين كل حسب عدد أفراد أسرته، خاصة أن لدينا قاعدة بيانات فعلية لموظفى الدولة البالغ عددهم 6.5 مليون موظف، وسهل أن نعرف أعداد من يعولون، و9 ملايين مواطن من أصحاب المعاشات، فهؤلاء يمكن منحهم هذه الزيادة على رواتبهم أو معاشاتهم الشهرية، أما العاطلون البالغ عددهم 3.5 مليون مواطن فيمكن منحهم منحة بطالة توازى الحد الأدنى للأجور، مع رفع قيمة معاش الضمان الاجتماعى الذى يحصل عليه 5 ملايين أسرة بالنسبة نفسها وحسب عدد أفراد كل أسرة، وبذلك نضمن وصول الدعم النقدى للفئات التى تحتاجه، أما دعم الوقود الذى توجه الدولة له 61 مليار جنيه فيمكن أن يتم رفعه بالتدريج والاستبدال به بدلًا نقديًا أيضاً خلال 5 سنوات، ولكن الأمر يتطلب ضرورة وجود قاعدة بيانات حقيقية للسيارات وأصحابها ومستويات دخولهم، وفى هذا يمكن الاعتماد على تطبيق منظومة الكروت الذكية التى تم عملها من قبل التى تضم بيانات كاملة عن السيارات وأسماء مالكيها، ويمكن تطبيق هذا النظام لفترة قد تكون خمس سنوات مثلاً، بعدها يتم رفع الدعم، أما المواطنون الذين سيتأثرون من رفع الدعم عن الوقود فيمكن تعويضهم مادياً بمبلغ شهرى على غرار ما سيحدث مع الدعم العينى.

وكانت أزمة اختفاء السلع التموينية قد فرضت نفسها على مناقشات البرلمان خلال الفترة الماضية، حتى إن بعض النواب أكد أن الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة والقضاء على الفساد الموجود فيها هو التحول للدعم النقدى، وهو ما أيده النائب مدحت الشريف وكيل اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، مشيراً إلى أن التحول للدعم النقدى أصبح أمراً حتمياً لابد منه، لضمان وصول الدعم لمستحقيه وللقضاء على الفساد الذى يحكم هذه المنظومة، ولكن يجب أن يسبق هذا تحديد المستحقين للدعم ووضع تعريف واضح لمن يستحق الدعم، ومع وجود قاعدة بيانات واضحة لتحديد هؤلاء المستحقين.. وأكد لـ«الوفد» أن وزارة الإنتاج الحربى تعكف حالياً على إعداد هذه القاعدة، ولكن يجب أن تقوم الحكومة أولاً بوضع تعريف محدد لمن يستحق الدعم.. وأوضح أن الدعم النقدى لن يقضى على الفساد تماماً، ولكنه سيقضى حتماً على السماسرة والمرتشين والمتلاعبين والمتاجرين بالدعم والمحتكرين.. وأشار إلى أن دعم الخبز وحده يكلف الدولة 36.2 مليار جنيه، فهذا المبلغ لو تم توجيهه للمواطنين المحتاجين نقدًا فسيسهم فى تغيير حياتهم، ويمكنهم من مواجهة ارتفاع الأسعار، وهذا أفضل لهم بدلاً من فرض سلعة بعينها عليهم.

على الجانب الآخر يرى اقتصاديون وسياسيون أن الدعم النقدى سيؤدى إلى رفع نسبة التضخم إلى أعلى معدلاتها حيث وصلت إلى 16.4% وفقاً لإحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وهو ما تخوف منه الدكتور صلاح الدين فهمى، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، مشيراً إلى أن تحويل الدعم من عينى إلى نقدى سيؤدى إلى زيادة الأسعار، ما سيؤدى إلى رفع نسبة التضخم خاصة مع قلة الانتاج بشكل عام.. وأضاف أن الدعم النقدى سيكون له عواقب وخيمة لن يتحملها الاقتصاد المصرى، لذلك فمن الأفضل إصلاح منظومة الدعم العينى وتحديد المستحقين له والقضاء على الفساد الموجود بها، ويتساءل: إذا كانت الحكومة لديها القدرة على تنقية المنظومة ممن لا يستحقون فلماذا لا يرفع الدعم عن هؤلاء مع الإبقاء على الدعم العينى؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل