المحتوى الرئيسى

الساحرة المستديرة | المصري اليوم

11/11 22:45

هل كرة القدم هى حقاً رياضة؟. سبب السؤال أن الرياضة كما علمونا فى الصغر تسمو بالروح وتحافظ على البدن وتعلِّم الإنسان ألا يغتر بالنصر ولا ييأس من الهزيمة، ولهذا فقد درج الناس على الحديث عن الإنسان المهذب الجنتلمان المتسامح بأنه صاحب روح رياضية أو أنه شخص «سبور». ولكن الواقع يصدمنا عندما ننظر إلى اللاعبين فى الداخل والخارج، فنرى من بينهم زلنطحية وشبّيحة من الذين يخاصمون الأدب والأخلاق ويعتمدون الفُحش والسلوك البذىء، وقد يكون السبب فى ذلك أن معظمهم غير متعلمين بعدما حالت قيود الاحتراف وقوانين الصراع بينهم وبين المدرسة والجامعة!

إذن وصف كرة القدم بأنها رياضة وتكرار الحديث عنها على هذا النحو يشبه الحِكَم والأمثال التى علمونا إياها فى الصغر وأثبتت التجارب كذبها، مثل مقولة «الصدق مُنجّى» فلا شك أننا بعد أن تعدينا سن ابتلاع الأوهام أدركنا أن الصدق يذهب بصاحبه إلى الجحيم فى الدنيا، وعرفنا أن التوافق والمواءمة والسلام مع الآخرين تقتضى قدراً من الالتواء يزيد أو ينقص حسب الحاجة!. كذلك الحديث عن الروح الرياضية فى لعبة يتم فيها بيع البشر وانتقالهم من ناد إلى آخر نظير مبالغ ضخمة، ينال اللاعب منها قدراً كبيراً دون أن يختلف أداؤه ولا مجهوده هنا عن أدائه ومجهوده فى ناديه السابق.. يعتبر الحديث عن الروح الرياضية هنا شيئاً مستغرباً، خاصة أن اللعبة يتم تمويلها بالأساس من المراهنات التى تقوم على المقامرة والمكسب الحرام. هذا فضلاً عن أن هذه الرياضة لم تقم فى أى وقت من الأوقات بتعميق أواصر المحبة بين الشعوب، على العكس هى تقوم بالتأثير على عقول الجماهير وتحويلهم إلى قطعان من الحيوانات الفاقدة العقل، والتى دائماً ما تكون على استعداد لمخاصمة مصالحها والتنكر للجيرة والأخوة وروابط الدم، ولا ننسى أن حرباً عسكرية اندلعت فى أمريكا الجنوبية بين هندوراس والسلفادور بسبب مباراة فى كرة القدم، كما أن العلاقات بين الشعب المصرى والشعب الجزائرى تضررت بشدة بسبب كأس العالم الذى لم يكن يُنتظر أن تحقق فيه أى منهما شيئاً يذكر!. وهذا للعلم هو السبب الرئيسى للضغائن التى تحتقن بها النفوس فى كل بلد عربى ضد جيرانه من الذين لا يمكن الوصول لكأس العالم دون المرور عبرهم، مثل دول الشمال الأفريقى العربية، التى تشجع فرق أفريقيا السوداء على حساب الأخ العربى، والأمر نفسه بين الشقيقات الخليجيات اللاتى تفضل جماهيرها أن تصل اليابان أو ترينيداد وتوباجو إلى نهائيات البطولات الكروية ولا يصل الشقيق العربى. فضلاً عن أن كرة القدم صارت ميداناً للتنافس السياسى بين دولٍ بعضُها أصغر من أن يبين على الخريطة، تملك المال والحيوية والرغبة فى الظهور، وبين دول تملأ الخريطة دون أن يكون لها تأثير، وتتبادل هذه وتلك الضربات تحت الحزام ومحاولة استعداء الجماهير ضد الأخرى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل