المحتوى الرئيسى

بانوراما الفيلم الأوروبي.. Sonita فتاة أفغانية تعبر عن مأساة زواج القاصرات بالغناء

11/11 16:56

يبدأ المشهد الافتتاحي للفيلم الوثائقي Sonita، ونحن نرى حركة كاميرا بصورة غير متزنة توجه عدستها إلى فتاة لا يتجاوز عمرها الـ17 عامًا، ذات وجه نحيف يحيط به حجاب، جالسة على فراشها بجوار شقيقتها الصغيرة في غرفة متواضعة.

نشاهد الفتاة، وهي تتحدث مبتسمة إلى المرأة التي تقف خلف الكاميرا، عن أسرتها المشتتة بين إيران وأفغانستان ثم تمسك بصورة لإحدى الفنانات المعروفات وتتخيل نفسها مكانها، وتقول "في يوم قريب سأغنى في حفل كبير يحضره الآلاف من الناس".

محطة إيران: محاربة الواقع بالغناء

تأخذنا المخرجة الإيرانية "روخساره جيماهامي" في هذا الفيلم الوثائقي إلى حياة "سونيتا" التي تمر برحلة شاقة مكونة من ثلاث محطات تمتزج بأغاني رافضة للقيود والقوانين المجتمعية الظالمة. ولكن لم يتوقف دور المخرجة على صناعة الفيلم فحسب بل وصل إلى مساعدتها الفتاة في تحقيق حلم الغناء.

في البداية إيران، حيث تعيش سونيتا، بعد فرارها هي وجزء من أسرتها من بلدها أفغانستان بسبب حركة طالبان. وتتلقى تعليمها في إحدى المدارس غير الحكومية المسئولة عن رعاية الفتيات الأفغانيات، إذ تعمل على إعادة تأهيلهن لمواجهة الحياة بعد ما شاهدوه من صعوبات.

لا يمر الكثير من الفيلم، الذي تصل مدته لساعة ونصف، حتى نعرف المشكلة الأساسية لهؤلاء الفتيات؛ وهي الإجبار على الزواج المبكر مقابل مبلغ من المال تحصل عليه العائلة.

وفقًا لتقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان فإن عدد الفتيات القاصرات اللاتي يجبرن على الزواج بجميع أنحاء العالم يصل إلى 7.3 مليون فتاة كل عام، من بينهن 12 % من الفتيات الأفغانيات. ففي أفغانستان، 57% من الفتيات يتزوج قبل بلوغهن الـ19 عامًا، من هذه النسبة تتزوج 40% من الفتيات في سن ما بين 10 إلى 13 سنة، و32% في سن الـ14 عامًا، و27% في سن الـ15.

لكن مشكلة سونيتا تعد أكبر من مشاكل الفتيات الأخريات، لأنها ليست فقط معرضة للزواج المبكر كي تحصل عائلتها على مال لتزويج شقيقها، ولكن لأنها تريد أن تصبح مغنية راب، فهي لا تستطيع التعبير عن نفسها سوى من خلال كتابة وأداء الأغاني ولكن أسرتها بالطبع لن تسمح بذلك.

تستمر الرحلة مع ابتسامة مفعمة بالتفاؤل تنير وجه سونيتا طوال الوقت، فنراها تتنقل من أستوديو لأخر محاولة إقناع المنتجين بتسجيل أغنية لها مقابل مبلغ بسيط من المال، لكن الجميع يرفضون لأن القانون الإيراني يمنع غناء النساء، وعلى الجهة الأخرى تصر والدتها على اصطحابها إلى أفغانستان لتزويجها، وتحاول معلمة المدرسة إثناءها عن هذا القرار لكن الأم ترد "هذه هي عاداتنا ونحن في حاجة إلى الأموال".

تدفع مخرجة الفيلم للأسرة 2000 دولار ليمنحوا الفتاة فرصة تصل لمدة 6 شهور أخرى، لتدبير نقود ترسلها إليهم. ثم بمساعدة المخرجة وأحد المنتجين تسجل وتصور سونيتا أغنية تحت اسم "عروسة للبيع"، تعبر فيها عن رفضها لهذه العادات والتقاليد الجائرة التي تعتبر الفتيات كالسلع المعروضة بالأسواق.

محطة أفغانستان: نظرة إلى الماضي

يتجلى دور المخرجة، التي أخذت على عاتقها توفير حياة أفضل لسونيتا، مع مرحلة انتشار الفيديو وتحقيقه لنسب مشاهدة عالية، فتبدأ في مراسلة عدد من الجامعات والأكاديميات المتخصصة في الغناء، وبالفعل توافق إحدى الجامعات الأمريكية على تقديم منحة للفتاة لمدة 3 سنوات. وهنا تحتاج سونيتا لجواز سفر وشهادة ميلاد إذ أنها لا تمتلك أي إثبات لهويتها حتى أنها دخلت إيران بصورة غير قانونية.

تجوب الكاميرا شوارع أفغانستان وفي الخلفية صوت سونيتا وهي تدندن وتظهر على الشاشة بصورة مختلفة، إذ ترتدي ملابس إسلامية أكثر حشمة من التي كانت تلبسها في إيران، ثم تذهب إلى منزل عائلتها في هراة لكنها لا تخبرهم عن منحتها في أمريكا.

"مر أكثر من 9 سنوات على رحيلي من هذه المدينة، ولم يتغير بها شيء"، هكذا تقول سونيتا وهي تنظر من شرفة غرفتها بإحدى فنادق العاصمة كابول، حيث تتواجد لاستخراج جواز سفرها.

الكثير من الأفلام التي تدور أحداثها في بلاد الحروب وقمع الحريات تلجأ إلى الحلم الأمريكي للهروب من الواقع المأسوي ثم اكتشاف أنه مجرد وهم وخدعة يروجها الأمريكيون، عادة ما تكون هذه معالجة ساذجة لإنهاء الفيلم بنهاية ترضى أصحابه وجمهور البلد الذي يتحدث عنها. لكن في فيلم Sonita الحلم الأمريكي تحقق بالفعل، حيث سافرت سونيتا إلى أمريكا لتدرس في إحدى الجامعات.

خلطت مخرجة الفيلم كثيرًا بين دورها في توثيق رحلة هذه الفتاة الأفغانية ومساعدتها لها كصديقة تأمل في تحول حياتها إلى الأفضل، لكن ماذا لو كانت اكتفت فقط بمتابعة الرحلة ولم تتدخل، هل كان حلم سونيتا سيتحقق وتصبح واحدة من النساء الناشطات في مجال حقوق المرأة ورمز ناجح للفتيات الأفغانيات تتحدث عنها الصحف الأجنبية؟ أما أنها كانت ستعيش مثل الكثير من الفتيات الأفغانيات اللاتي لديهن أحلام كثيرة لا تتحقق بسبب عادات المجتمع؟.

فيلم Sonita، صدر عام 2015 وإنتاج ألماني إيراني مشترك، وعرض ضمن فعاليات الدورة التاسعة لـ"بانوراما الفيلم الأوروبي"، المقامة حاليًا في مصر وحتى يوم 13 نوفمبر، ويشارك بها أكثر من 60 فيلماً من مختلف البلدان.

بسبب 11 نوفمبر.. بانوراما الفيلم الأوروبي تلغي عروضها الجمعة

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل