المحتوى الرئيسى

دونالد ترامب " متعهد التغيير" فاز بسبب تعهده بإيقاف التغيير

11/10 00:40

بالعودة إلى الماضي، يتضح لنا كيف وأين بدأت حملة ترامب الانتخابية.

كان هذا في واشنطن، عام 2011. في تجمعٍ للمحافظين لعرض أفكار قادة التيار اليميني، زعم ترامب في هذا التجمع - بدون دليل، وبسخريةٍ عنصرية - أن باراك أوباما ليس مواطناً أميركياً، وأنه لا يجب أن يُسمَح له أن يكون رئيساً.

استطاع ترامب من خلال هذا التعبير الساخر المليء بالخوف والاستياء أن يبني حركة ضخمة من الناخبين التقليديين، معظمهم من الأميركيين البيض. وفي يوم الانتخابات، صرخ هذا التجمع رافضاً لتوجه أميركا نحو مزيد من التعددية الثقافية والعرقية.

ستستمر أميركا الجديدة في التطور، وهو ما تحتمه التركيبة السكانية والتكنولوجيا. ولكن في الوقت الحالي، تمكن ترامب من الفوز من خلال التعهد أمام مؤيديه بوقف هذا التغير وعكس مساره.

ترشح ترامب وفاز بالانتخابات كشخصٍ "متعهد" بالتغيير يعد باستعادة الماضي. فاز ترامب لأنه كان شعبوياً رجعياً متطرفاً: وهي إحدى أنواع الشخصيات الموجودة بالفعل في أميركا، ولكن هذا النوع من الشخصيات لم يتمكن من قبل من الوصول إلى الرئاسة.

هذه الرسالة كانت السبب الأكبر في فوز ترامب، ولكن كانت هناك أسبابٌ أخرى، من ضمنها:

كانت هيلاري في دائرة السلطة والشهرة لوقتٍ طويل، وكما يعرف الجميع، كانت تمثل المؤسسة السياسية التي أصبح معظم الناخبين الأميركيين يكرهونها في السنوات الأخيرة، وليس فقط مؤيدو ترامب.

من الصعب أن يفوز نفس الحزب لفترة ثالثة على التوالي

يَعُد أستاذ العلوم السياسية الأميركي ألان ليتشتمان هذا من أحد الأسباب، وذلك من خلال تحليله التاريخي لانتخابات الرئاسة. إذ يعتبر ألان أن إحدى الأسباب الثلاثة عشرة التي تقرر فوز مرشح ما من عدمه هي ما إن كان فوز المرشح يعني تولي نفس الحزب لمنصب الرئاسة للمرة الثالثة على التوالي، إذ يرى ألان أن ذلك المرشح سيفشل في الوصول للمنصب، وهو ما حدث على مر التاريخ الأميركي باستثناء مرتين فقط. ولم تنجح كلينتون في كسر هذه القاعدة.

بدهاءٍ يشبه سلوك مندوبي المبيعات، وبدون أي وازعٍ شخصي، أظهر ترامب في حملته موقفاً متحيزاً من جميع القضايا الحساسة في أميركا والعالم، كالعرق، والدين، ونزاهة الناتو، بالإضافة إلى تحالفٍ غير رسمي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لم تمس هذه التصريحات المتحيزة المذهلة فقط قاعدته الجماهيرية، ولكنها أيضاً كانت تتسم بالتحدي والفظاعة وتبتعد عن السياسة إلى درجة أنها أقنعت ناخبيه بأنه يتحدث بجدية. وسنرى الآن مدى جديته.

الخوف يخيم على العقول في بلاد البيض

يزداد انقسام أميركا يوماً بعد يوم، وهي لا تنقسم ثقافياً أو سياساً فقط، ولكن أيضاً تنقسم جغرافياً. فسواحل أميركا، والتي تنتفع بشدة بشكلٍ مباشر من التجارة الدولية والأفكار، وتحتوي على معظم الجامعات الرائدة بالدولة، تتجه في سياستها نحو الحزب الديمقراطي بالأساس. بينما بقية الدولة، وبالأخص الجزء الداخلي منها، يتجه في تأييده إلى الحزب الجمهوري.

أسئلة شرعية عن دور أميركا العالمي

لم تكن الصفقات التجارية الدولية لأميركا نعمةً خالصةً بدون أضرار، وكذلك الهجرة إلى الولايات المتحدة الأميركية التي أصبحت في أعلى معدلاتها خلال قرنٍ كامل، مما حد من قدرة الثقافة الأميركية والحكومة على العمل بشكلٍ سليم. نافس ترامب على الرئاسة كمرشحٍ يعارض "الحروب الغبية"، وبالفعل كانت هذه مجهودات غبية.

تثق السلطات الأميركية في مسؤولية الرئيس الروسي عن هجمات القرصنة على حملة كلينتون الانتخابية. وكان لهذا التدفق لرسائل البريد الإلكتروني المُسَرَّبة في الأسابيع الأخيرة عن التفاصيل الداخلية لحملة كلينتون أثراً مدمراً على حملتها، ومثل انتهاكاً غير مسبوق للسيادة الأميركية.

قرار مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الخاص بإعلان التحقيق بخصوص الحاسوب المحمول الشخصي الخاص بهوما عابدين لم يكن فقط مؤثراً في تسليط الضوء عليها، ولكن أيضاً على زوجها السابق، رجل السياسة المدمن للجنس أنتوني وينر. والذي أصبح في نهاية الحملة الانتخابية رمزاً للعالم الذي تأتي منه كلينتون.

تعاملت وسائل الإعلام مع ترامب كآلة لإنتاج التعليقات السافلة منذ البداية، وبهذا دعمته بمئات الملايين من الدولارات في شكل بثٍ إذاعي مجاني، مما ساهم في شرعنته. ثم قامت معظم هذه الوسائل الإعلامية بالانقلاب ضده، مما سمح له بعد ذلك بالوقوف ضد القوة النخبوية لهذه الوكالات الإخبارية التي ساهمت في بناء شهرته من الأساس.

عزل أفراد الحزب الديمقراطي أنفسهم داخل حلقة مغلقة من البيانات والأبحاث. ولكن يبدو أن الموظفين الشباب الأذكياء بحملة كلينتون كانوا يعرفون القليل عن أميركا نفسها.

اهتم المحافظون ومؤيدو ترامب بهذا الأمر أكثر من الديمقراطيين، والآن يدفع الديمقراطيون ثمن ذلك. فالناخبون المؤيدون لترامب والحزب الجمهوري يريدون إلغاء قرارات المحكمة العليا التي صدرت عام 1973 والتي قامت بتقنين الإجهاض. وهو ما دفعهم للخروج للتصويت بأعداد كبيرة.

بدا واضحاً بلا شك أن ترامب معتاد على الكذب والمبالغة. ولكن تهوره جعله يظهر بمظهر المرشح الأكثر صدقاً، وخاصةً لأنه كان ينافس هيلاري، التي أفقدتها تسريبات رسائل البريد الإلكتروني الكثير من مصداقيتها كمرشحة للرئاسة أمام الناخبين.

تركيز هيلاري على ترامب وليس السياسة

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل