المحتوى الرئيسى

هذا ما توعَّد به دونالد ترامب قبل فوزه

11/09 14:45

كتب صحفي أميركي أن المرشح عن الحزب الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب ضد التدخل في الخارج من أجل ما يسمى بناء الأمة، أو Nation building، وأنه لا يهتم إن كانت الدول الأخرى ديمقراطية أم لا، لكن إن هاجم من يسميهم بالحيوانات الولايات المتحدة، فإنه يرفض وضع حدود أخلاقية لرد فعلها.

تفسير هذا التصلب في ردة الفعل نجده فيما كتبه والتر راسل ميد في عام 1999 عن "التقليد الجاكسوني" في السياسة الخارجية، نسبة إلى الرئيس أندرو جاكسون، الذي تناول الوحشية الأميركية في الحروب.

يقول ميد إن الولايات المتحدة قتلت 900 ألف مدني ياباني في الشهور الخمسة الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، ومليون كوري شمالي في الفترة ما بين 1950 و1953، وأما ما ألقته من قنابل على فيتنام فيعادل ثلاث مرات ما ألقته في الحرب العالمية الثانية.

رأى جاكسون ومن تبنوا رؤيته من بعده، دائماً حسب الأكاديمي الأميركي، أن الآخرين يجب أن يتركوا أميركا وشأنها، لا يتفقون مع هاملتون حول حرية التجارة ولا مع ولسون حول نشر الديمقراطية والحرية في العالم.

عندما تتعرض الولايات المتحدة لهجوم عليها أن تخوض الحرب بكل الوسائل المتاحة، فاستخدام القوة المحدودة أمر مرفوض تماماً.

يقود ما سبق إلى القول إن ترامب القادم من خارج النظام السياسي الأميركي التقليدي أو the outsider يتموضع في خانة الداعين للانطواء الاستراتيجي الذين يقولون بضرورة تخفيض مستوى الانخراط الأميركي في الخارج؛ لأنه السبيل الوحيد لتجنب فقدان الولايات المتحدة لموقعها كقوة أولى عالمياً، بعكس المرشحة الديمقراطية التي دعمت التدخلات العسكرية سابقاً.

طرح ترامب شعار "أميركا أولاً"، لكن هل يكفي مجرد شعار للحديث عن "عقيدة ترامب" في السياسة الخارجية؟ من المبكر الحديث عن ذلك؛ لأن البرامج الانتخابية عادة ما يشوبها النقص، أو لأنها بالفعل لأغراض انتخابية محضة، دون أن ننسى مفاجآت الأحداث الدولية التي تمس مباشرة المصالح الأميركية، التي تفرض على المرشح/الرئيس تعديلاً في أجندته الخارجية تماماً كما حصل لإدارة الرئيس بوش بعد أحداث سبتمبر/أيلول.

بالعودة إلى برنامج ترامب، نلاحظ غياب استراتيجية واضحة حول أفغانستان، رؤيته للحل في سوريا، مستقبل العلاقات مع إيران ومواضيع أخرى، لكنه يبدو أحياناً في تناقض مع دعوته للانعزالية، ففيما يشكك في جدوى حلف شمال الأطلسي العتيق ويتعهد بالعمل على أن يتحمل الحلفاء في أوروبا والخليج جزءاً أكبر من العبء المالي للدفاع عن دولهم، وإلا سيُترَكون ليدافعوا عن أنفسهم ويخرج عن الإجماع السياسي التقليدي بطرحه فكرة تسليح اليابان وكوريا الجنوبية نووياً لمواجهة التحديات الإقليمية، لن يتردد في نشر ما بين عشرين إلى ثلاثين ألف عسكري أميركي من أجل هزيمة داعش؛ لأن الأولوية لقتاله، وليست لقتال بشار الأسد، فداعش يمثل التهديد الفعلي للولايات المتحدة، كما سيزيد الوجود العسكري الأميركي في بحر الصين، وسيرفع سقف الإنفاق العسكري.

ينتقد ترامب سياسة كل من الرئيس أوباما وهيلاري كلينتون تجاه روسيا، والعراق، وسوريا وإيران، يعتبر أن تخفيف التوتر وتحسين العلاقات مع روسيا غير ممكن إطلاقاً من موقع قوة فقط، إذ يؤيد فكرة إنشاء تحالف جديد معها وضرورة إعادة النظر في علاقاتهما للمساعدة في تخفيف التوتر الناجم عن الملف السوري، نشير هنا إلى العلاقات التي تربط بين موسكو وبعض مستشاري ترامب.

من المعروف أنه أيّد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، لكنه تراجع عن موقفه بعد تدهور الأوضاع في هذا البلد، وذهب إلى أبعد من ذلك بالقول إن بوش ارتكب خطأً بالتدخل، وإنه زعزع الاستقرار في الشرق الأوسط، ثم عاد وانتقد سحب الرئيس أوباما للقوات الأميركية من بلاد الرافدين؛ لأنه أدى إلى انقسامه، وإلى ظهور تنظيم داعش، فيما أدى النفوذ الإيراني لدى الحكومة العراقية إلى تقويض الدبلوماسية الأميركية.

لم يحدد ما سيفعله لتحسين الوضع في العراق، لكنه تحدث عن إمكانية العمل الوثيق مع الأكراد.

تمثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية مشكلة كبيرة بالنسبة له، لكن إن تم انتخابه سيعرف كيفية التعامل معها وسيفكك الشبكات الإرهابية التي تدعمها طهران.

أكثر من ذلك، انتقد بشدة الاتفاق النووي واقترح إعادة التفاوض حوله لكن اقتراحه غير واضح، ثم قال إنه سيلغيه في حال أصبح رئيساً؛ لأنه يمثل كارثة بالنسبة لبلاده ولإسرائيل وللشرق الأوسط عموماً، ولأنه سمح لطهران باستعادة المليارات من أموالها المجمدة.

أما المزايدة السياسية بين المرشحين للرئاسة الأميركية فتأتي دائماً ودون مفاجأة فيما يتعلق بالعلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، صرح ترامب بأنه إن أصبح رئيساً فستنتهي معاملة الأخيرة كمواطن من الدرجة الثانية! دعا إلى المزيد من الدعم الأميركي للدولة العبرية، وبناء الجسور معها من خلال إنهاء صفقة الاتفاق النووي مع إيران، لكنه أغضب الإسرائيليين بقوله إنه سيبقى حيادياً في أي محادثات سلام بينهم وبين الفلسطينيين، ثم ما لبث أن تراجع.

يرى المرشح الجمهوري الذي لا يخفي عدم رضاه عن المساهمة المالية الأميركية في الأمم المتحدة أن اتفاق سلام مفروضاً من قِبل المنظمة الدولية سيكون بمثابة كارثة وسينزع الشرعية عن إسرائيل وسيكافئ الإرهاب الفلسطيني.

كما دأب المسؤولون الأميركيون على إطلاق التصريحات القوية أمام "إيباك"، لم يخرج ترامب عن هذا التقليد بتأكيده أن إسرائيل هي أكبر حلفاء بلاده في الشرق الأوسط.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل