المحتوى الرئيسى

هيئة الأركان الجديدة

11/07 01:35

كل من بحث عن بصمات أصابع سياسية في جولة التعيينات في هيئة الأركان التي نشرت يوم الخميس لم يجد فيها ذلك حتى لو أمسك بعدسة تكبير. فالجولة الحالية تعبر عن منظومة اعتبارات مهنية جوهرية وتفاهم جيد بين رئيس الأركان غادي آيزنكوت ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان. وينبغي الانتباه في هذا السياق إلى واقع أن ليبرمان التقى في مقابلات مع المرشحين لمنصب نائب رئيس الأركان ومناصب الجنرالات، واتخذ قراراته ليس فقط بناء على توصيات رئيس الأركان وإنما أيضا وفق الرأي الذي بلوره بنفسه. ونائب رئيس الأركان المقبل والمرشحين لدور الجنرالات في العام المقبل لم يعربا عن مواقفهما السياسية أو رؤيتهما تجاه قضايا قيمية، لذلك بالوسع الافتراض أن هذه المسألة لم تؤخذ في الحسبان في منظومة الاعتبارات والتقديرات التي سبقت الإعلان عن التعيينات. وإذا كان الأمر قرارا سياسيا فإنه كان سيتخذ بعد عامين تقريبا، حينما يحين موعد اتخاذ القرار بشأن رئيس الأركان المقبل.

لقد صادق وزير الدفاع على أن قائد الجبهة الشمالية سيعين نائبا لآيزنكوت، وأن رئيس شعبة التخطيط، الجنرال عميكام نوركين سيعين قائدا لسلاح الجو بدلا من أمير إيشل. وبعدها سيدرس من سيكون وزيرا للدفاع حينها إن كان يائير جولان الذي تحدث قبل بضعة شهور عن أنه يلحظ في إسرائيل «سيرورات مثيرة للصدمة كالتي حدثت في ألمانيا قبل 80 عاما»، أم أن أفيف كوخافي أو حتى أمير إيشل أكثر جدارة منه.

وهناك اعتبار بارز في تعيين الجنرالات وهو تصغير سن القيادة العليا. وقد وضع رئيس الأركان آيزنكوت نصب عينيه هذا الهدف وهو كما يبدو من يدفع جنرالات شبان، وحتى إذا كان هذا يأتي بشكل مؤلم على حساب الخبرة والقدرة المهنية لجنرالات قدامى أمثال قائد الجبهة الجنوبية سامي ترجمان الذي بقي من دون منصب وسيترك الخدمة في الجيش كما يبدو.

ويستحيل عدم التأسف على الخبرة والقدرات التي يفقدها الجيش بترك ترجمان. فهو أحد قادة الميدان الكبار، والأفضل والأكثر مهنية في الجيش الإسرائيلي، وهذه الحقيقة ستتبدى أيضا في تقرير مراقب الدولة عن الجرف الصامد.

غير أن الاعتبار المركزي في تعيين الجنرالات الجدد هو العدو الذي سيواجهه الجيش الإسرائيلي في السنوات المقبلة. وحسب كل الإشارات، آيزنكوت وليبرمان مهتمان بهيئة أركان للجيش مهمتها الأساسية هي مجابهة عدو غير متماثل، أي منظمات ومليشيات تمتلك أسلحة وقدرات جيوش دول تقليدية، ولكنها تعمل بأساليب عصابية وإرهابية، وهي جيوش مزدوجة، كما يسمون هذا النوع من التنظيمات المسلحة مثل «حزب الله» و»حماس» و»داعش».

والضباط الذين تم اختيارهم ـ عدا واحد ـ هم من رجال سلاح المشاة ممن خبروا المواجهات بكل أنواعها مع أعداء من هذا القبيل. والاستثناء الوحيد هو الجنرال نوركين، قائد سلاح الجو.

ولكل الجنرالات الجدد خبرة كبيرة ليس فقط في قيادة قتال مشاة في البر، وإنما أيضا في قيادة قوات خاصة وقوات نخبة، تعرف كيف تتعامل بأساليب غوارية ضد رجال حرب العصابات. وتجدر الإشارة بأسف إلى أنه ليس بين التعيينات لأي من رجال المدرعات، وربما أن هذا قد يتبين كخطأ في المستقبل.

عموما، فإن هيئة الأركان الجديدة مبنية على أساس أنها تكون مؤهلة للمواجهة بأفضل شكل مع أربع مهمات. أولها، أن تكون دوما في حالة تأهب وجاهزية، وأن تحسم بسرعة وأن تنتصر في المعركة أو في حرب محدودة ستنشب في المستقبل. وكل الجنرالات الجدد خبروا هذا النوع من القتال، بمن فيهم نائب رئيس الأركان المقرر، أفيف كوخافي.

وكوخافي الذي كان رئيسا لشعبة الاستخبارات في فترة حرب الجرف الصامد، سيذكر في تقرير مراقب الدولة عن الحرب كمن لم يقدر بشكل صائب نيات حماس. ولكن ينبغي أن نفهم أن رئيس شعبة الاستخبارات ليس الوحيد الذي يقدم تقديره، وقراراته تستند إلى لأفضل عمل استخباري انتجته شعبة الاستخبارات في مواجهة «حماس». وعدا ذلك فإنه دفع رسوم تعلمه ويمكن الافتراض أنه سيكون من الآن فصاعدا أكثر حذرا.

والمهمة الثانية هي منع التسلل إلى داخل أراضي إسرائيل لأغراض تنفيذ عمليات إرهاب وتخريب، وأيضا لمنع الإرهاب في المناطق. ولكن للجنرالات الذين تم تعيينهم، خبرة غنية، وهم بالعموم ناجحون في هذا المجال.

والمهمة الثالثة هي مهمة الحرب ما بين الحربين، والمعدة لمنع تعاظم «حماس» و»حزب الله» وتزودهما بأسلحة نوعية وحديثة تقلص التفوق التكنولوجي الاستراتيجي لجيش االعدو. وفي هذا المجال أيضا يملك كل الجنرالات الجدد خبرات.

والمهمة الرابعة هي الحفاظ على الكيان الإسرائيلي بعيدا قدر الإمكان عن الحروب الأهلية والنزاعات الدينية التي تمزق كل منطقتنا. وهذه في الأساس مهمة المستوى الأعلى.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل