المحتوى الرئيسى

حركة "بيغيدا" تهدد قطاع السياحة في مدينة درسدن

11/05 17:28

كنيسة السيدة العذراء، القلعة التاريخية، قصر "تسفينغر"، وكنيسة "هوف": معالم أثرية رائعة وقريبة من بعضها بمدينة درسدن. يعمل كلاوس كمرشد سياحي في المدينة ومن الصعب عليه تخيل مكان آخر أكثر جمالا لعمله. عندما يأخذ مجموعة من السائحين في جولة عبر المدينة القديمة التي تم إعادة بنائها، فإنه لا يلاحظ أن نسبة السائحين تراجعت كثيراً. فجولاته تحظى باقبال كبير. في هذا الصدد يقول: "ربما وضعي مختلف لأن جزءاً كبيراً من زبائني هم من السائحين الأجانب.. وعندي انطباع بأن عدد الزائرين القادمين من الخارج يرتفع".

وتؤكد الإحصائيات المتوفرة ملاحظة المرشد السياحي كلاوس كيمر. فخلال النصف الأول من العام الحالي سجلت نسبة السائحين الأجانب إلى درسدن زيادة قدرها 7،7 بالمئة. رغم أن هذا الرقم يبدو للوهلة الأولى جيداً، إلا أن نسبة الأجانب منهم لا تشكل سوى خمس السائحين بشكل عام. فغالبية هؤلاء يأتون من المدن الألمانية الأخرى. فأعداد كبيرة منهم أصبحت تتفادى زيارة درسدن. وخلال العام الماضي شهدت نسبة السائيحن الألمان للمدينة تراجعا بنسبة 5،1 بالمائة. وفي شهر يوليو/ تموز 2015 انخفضت الأرقام إلى نسبة 10 بالمئة !. وسُجّل هذا التراجع حتى قبل انفجار قنبلة خارج أحد المساجد في المدينة في شهر سبتمبر/ أيلول من العام الحالي، وقبل يوم الوحدة الألمانية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وهو اليوم الذي وجهه فيه أتباع حركة بيغيدا للرئيس الألماني وللمستشارة أنجيلا ميركل كيلا من الشتائم والإهانات. وبعد سلسلة العناوين السلبية التي تصدرت وسائل الاعلام حول دريسدن تتزايد المخاوف من أن تنخفض أعداد السائحين بنسبة أكبر.

ومنذ سنتين يتجمع أتباع حركة بيغيدا المعادية للأجانب كل يوم اثنين في ساحة المسرح أمام دار الأوبرا ويرفعون شعارات مفعمة بالكراهية. ووصل أعداد المشاركين في المظاهرات خلال ذروتها 25 ألف مشاركا، غير أن عددهم تقلص الآن إلى بضعة آلاف مشارك. وتقول أوتا نايدهارت، خبيرة الفن التشكيلي الهولندي في معرض "ألت ميايستر" في المدينة: "أجلس أحيانا يوم الاثنين في مكتبي وأشاهد الناس الذين يتجمعون في ساحة المسرح للتظاهر. بيغيدا كارثة لمدينة دريسدن". وحاليا تنظم أوتا نايدهارت معرضا تحت عنوان "جنة فوق الأرض المناظر الطبيعية – الفلمنكية من بروغل حتى روبنز". ورغم أهمية المعرض وكون درسدن عاصمة للثقافة، إلا أن الإقبال الضعيف على المعرض أصبح واضحا.

دأبت حركة "بغيدا" منذ سنة ونصف على تنظيم مظاهرات كل يوم اثنين ترفع فيها شعارات معادية للأجانب.

بعد هجمات باريس "بيغيدا" تفشل في حشد أنصارها

العنوان الجذاب للمعرض الذي تنظمه أوتا نايدهارت تم اختياره منذ سنة ونصف لشد انتباه السائحين. بيد أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها المدينة خصوصا بعد الهجوم على المسجد يعطيها الشعور أحيانا وكأن الناس يتهمونها بالسخرية، على حد تعبيرها. لكن خبيرة الفن التشكيلي الهولندي تنفي ذلك وتقول: "المعرض يقدم أعمالا لفنانين كانوا أنفسهم عرضة للاضطهاد في وقتهم". وبعد فرارهم لأسباب دينية واقتصادية "أبدعوا في وطنهم الجديد أعمالا فنية كبيرة. وعرضُها أمر مهم بالنسبة لي".

الاستثمار في القطاع الثقافي لاستقطاب المزيد من السائحين

في شهر ديسمبر/ كانون الأول سيفتتح في درسدن النصب الصناعي من القرن التاسع عشر بعد أن تم تحويله إلى حي مسرحي حديث. كما أن أوبريت المدينة ستفتح لها مقرا جديدا في هذا الحي. ورغم أن أندرياس شولر، قائد أوركسترا الأوبريت، سعيد بمكان عمله الجديد، بيد أن الأجواء في المدينة تفسد المزاج، بسبب ارتباط صورة المدينة بحركة بيغيدا. يشرح شولر الأمر قائلا: "عندما أعمل في مدن أخرى، يتم الحديث معي حول موضوع بيغيدا". الجواب الذي يقدمه شولر في كل مرة يتم فيها التطرق إلى الموضوع هو أن "كل المسارح في دريسدن تفكر في الكيفية التي يمكن بها مواجهة بيغيدا". فشولر خرج بقناعة مفادها أن "الاعتماد على الثقافة هو النهج الصحيح. لأن اللاثقافة يمكن التعامل معها بالثقافة فقط".

حي الفنون الجديد، استثمار ضخم في القطاع الثقافي والفني يعول عليه لاستقطاب السائيحن وتحسين صورة المدينة

بحث متواصل عن طرق للخروج من الأزمة

في أيام الإثنين بعد الظهر يسود فراغ وسط المدينة القديمة. المطاعم والمقاهي تكون مهجورة. سكان المدينة والسائحون يتجنبون الذهاب إلى مركز المدينة عندما يتجمع الموالون لحركة بيغيدا. وتسبب هذا الوضع في خسائر كبيرة للمطاعم والمقاهي، كما أن أصحاب الفنادق يشكون من تراجع عدد الزبائن. فنسبة 57 في المائة من السائحين الذين حجزوا في فنادقهم خلال النصف الأول من العام الحالي ليست كافية لتحقيق الأرباح. ولمواجهة الوضع اجتمع ممثلو القطاع السياحي في المدينة نهاية أكتوبر/ تشرين الأول لاتخاذ سلسلة من التدابير.

ومن بين هذه التدابير استصدار بطاقة لمكافأة زائري مدينة دريسدن، وتشمل الاستفادة من زيارة جميع المتاحف والقلاع والحدائق، إضافة إلى وسائل النقل المحلية. كما يخطط ممثلو القطاع السياحي لتنظيم حفلات موسيقية كبيرة في مواقع جذابة بالمدينة كضفاف نهر إلبه أو في إحدى الحدائق الكبيرة. كما أن سوق "شتريتل" التي تحتضن أسواق عيد الميلاد بالمدينة سيتم فيها تمديد فترة أسواق عيد الميلاد من أربعة إلى سبعة أسابيع.

لكنه لا يعرف هل ستساعد هذه الإجراءات على تلميع سمعة المدينة من جديد، ليبقى المستقبل وحده الكفيل بالاجابة عن هذا السؤال. يوهانيس لوماير، رئيس جمعية السياحة في برلين، يرى أن المشكلة الحقيقية ليست هي عزلة المدينة عن العالم. "نحن ندعم المدينة من منذ مدة لمنع مسيرات بيغيدا .. فصورة من هذه الحركة الرجعية تضر بصورة دريسدن كمدينة منفتحة ومتسامحة".

كيرستن شميدت، كيرستين شومان (عبد الرحمان عمار)

تشكل دار الأوبرا التي تحمل اسم مصممها وتسمى بدار "سيمبر" للأوبرا، جزءاً من مركز مدينة دريسدن التاريخي. لكن الكثيرين لا يعرفون أن الدار الحالية هي المبنى اللاحق للدار الأصلية، إذ أدى حريق في المدينة إلى تدمير المبنى الأول الذي بُني عام 1840 وبعد ذلك دمرت قنابل الحرب العالمية الثانية المبنى مرة أخرى.

هذا هو التصميم الأول لدار "سيمبر" للأوبرا التي احترقت عام 1869. ولم يرد سكان دريسدن إلا سيمبر كمهندس معماري لإعادة بناء الدار. لكن غوتفريد سيمبر كان يقيم آنذاك في العاصمة النمساوية فيينا لأنه كان مطلوبا في ولاية سكسونيا بسبب مشاركته في تمرد أيار/ مايو عام 1848. وعليه، فقد صمم الدار الجديدة في المنفى، بينما أشرف ابنه في دريسدن على تنفيذ التصميم.

دمرت قنابل الحرب العالمية الثانية دار "سيمبر" للأوبرا مرة ثانية. وفي الأعوام التي تلت الحرب، تم ترميم واجهات المبنى. وابتداءاً من عام 1977 أعيد بناء داخل المبنى. وبعد مرور 40 عاماً بالضبط على تدمير دار الأوبرا، أي في الثالث عشر من شباط/ فبراير عام 1985، جرت مراسم إعادة افتتاحها.

أمكن توفر العديد من الرسوم المعمارية الأصلية لغوتفريد سيمبر ترميم دار الأوبرا بالتفصيل. وينطبق ذلك على كسوة الجدران هذه، التي تبدو وكأنها من خشب البلوط، إلا أنها في واقع الأمر من الجبس الملون. وتعود هذه الفكرة إلى سيمبر، الذي أراد تخفيض أخطار الحريق من خلال ذلك.

أتاح مشروع إعادة بناء داخل دار الأوبرا الجديد الفرصة لإجراء بعض التغييرات. فقد تم تدريج مقاعد المتفجرين، مثلاً، لتحسين رؤية خشبة المسرح. كما تم توسيع الصالة كي تتسع لعدد أكبر من المقاعد. من جهة أخرى، تم التنازل عن العدد الكبير من المقصورات والاكتفاء بواحدة مخصصة لكبار الضيوف على حكومة ولاية سكسونيا.

تباع بانتظام جميع التذاكر لعروض دار أوبرا دريسدن. لذلك، تعتبر دار "سيمبر"، التي يبلغ عدد مقاعدها 1300 مقعد، أنجح دار أوبرا من الناحية الاقتصادية في ألمانيا بأكملها. ولا يحتاح المغنون فيها إلى ميكروفون وذلك بفضل جودة نقل الصوت داخل المسرح.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل