المحتوى الرئيسى

دور الصدفة في تطوّر العلم والبشرية - ساسة بوست

11/05 14:25

منذ 23 دقيقة، 5 نوفمبر,2016

بعض الاكتشافات العلمية تأتي بعد عناء وجهد مضني، وعمل موجه ومستمر في معامل الأبحاث، لتحقيق هدف مُعيّن. لكن في كثير من الأحيان، تقع بعض الحوادث غير المرتب لها، والتي تؤدي إلى تحول «دراماتيكي» فيما يتوصل له العلماء، أو فيما كانوا يبحثون عنه، لكن هذه الحوادث تحتاج أيضًا إلى وجود الشخص الصحيح الذي يستطيع قراءة النتائج التي تقع خلف هذا الحادث العارض.

وقد لا تعلم أن كثيرًا من الاكتشافات الهامة التي غيّرت وجه البشرية، كان وراءها صدفة بحتة، وعالِم مُجتهد لما فيه الكفاية؛ ليحوّل هذه الحادثة إلى اكتشاف علمي، تترتب عليه «تكنولوجيا» نتعامل معها كل يوم.

غاز الاحتباس الحراري إلى وقود

أحدث هذه الاكتشافات التي جاءت بالصدفة البحتة، كانت اكتشاف العلماء لطريقة يمكنهم من خلالها عكس عملية الاحتراق، بمعنى آخر تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى وقود.

واستخدم الباحثون في مختبر «أوك ريدج» الوطني في الولايات المتحدة، تقنيات «النانو» المعقدة لتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون المذاب إلى كحول «إيثيلي». ولأن المواد المستخدمة كانت مواد رخيصة نسبيًا، اعتقد الباحثون أنه يمكن استخدام هذه العملية على المستوى الصناعي، على سبيل المثال لتخزين الكهرباء الزائدة التي تولدها الرياح والطاقة الشمسية.

وكان الباحثون يأملون في أن هذه التقنية سيمكن من خلالها تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى الكحول الميثيلي، ولكن التقنية أدت لتكون الكحول الإيثيلي، بدلًا من ذلك.

وقال «آدم روندينون»، المؤلف الرئيس للورقة البحثية الخاصة بهذه التجربة، والتي نشرت في دورية «ChemistrySelect»، إنهم يأخذون غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو أحد النواتج الرئيسة لعملية الاحتراق، ونقوم بدفع هذا الغاز في عملية عكسية بغرض إنتاج وقود مفيد.

وذكر أننا يمكن أن نستخدم الكحول الناتج من هذه العملية كوقود مباشر لبعض السيارات، دون الحاجة لإجراء أي عمليات تحويلية عليه.

واكتشف الباحثون أن العامل الحفاز المستخدم في هذه العملية يمكنه أن يسير لأبعد من الخطوة الأولى، وهي الخطوة الخاصة بتحول ثاني أكسيد الكربون إلى كحول ميثيلي، لتجري عملية التحويل بشكل كامل إلى تكوين الكحول الإيثيلي، وهو أحد أبرز أنواع الوقود.

في عام 1895، كان هناك عالم فيزيائي ألماني، يدعى «ويلهلم رونتجن» يعمل على أنبوب أشعة الكاثود، وبالرغم من أن الأنبوب كان مغطى، لاحظ رونتجن أن الشاشة الفلورية القريبة كانت تتوهج عندما كان الأنبوب في وضع التشغيل، وتكون الغرفة مظلمة؛ وبالتالي فإن الأشعة المنطلقة من أنبوب «الكاثود» هذا، كانت تسبب توهج الشاشة بطريقة أو بأخرى.

حاول «رونتجن» منع الأشعة عبر وضع عوائق، ولكن معظم الأشياء التي قام بوضعها أمام هذه الأشعة لم تحدث أي فرق. وعندما وضع يده أمام الأنبوب، لاحظ أنه يمكنه رؤية عظامه في الصورة التي كانت تظهر على الشاشة.

واستبدل رونتجن بالأنبوب لوحة فوتوغرافية لالتقاط الصور، هنا أنشأ رونتجن لأول مرة «الأشعة السينية» أو «أشعة إكس». وبالطبع انتشرت هذه التكنولوجيا في جميع المؤسسات الطبية والمستشفيات وإدارات البحوث، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من طب العظام.

الأشعة السينية غيرت وجه البشرية

في عام 1896، قرر «هنري بيكريل»، وهو عالم كان مفتونًا باكتشاف رونتجن للأشعة السينية، التحقق من وجود رابط بين الأشعة السينية وبين الوميض الفوسفوري، والأخيرة تمثل خاصية طبيعية لبعض المواد التي تجعلها تعطي ضوءًا فوسفوريًا في الظلام.

حاول بيكريل تعريض لوحات الصور الفوتوغرافية المصنعة باستخدام أملاح اليورانيوم للضوء الفوسفوري، مثلما فعل رونتجن مع الأشعة السينية. واعتقد بيكريل أنه يحتاج لضوء الشمس لاستكمال تجربته، ولكن السماء في ذلك الوقت كانت ملبدة بالغيوم. وبالتالي قام بتخزين المواد والأدوات التي يستخدمها انتظارًا ليوم مشمس.

لكن بيكريل دهش كثيرًا عندما وجد أن لوحات التصوير الخاص به تعرضت بالفعل لأشعة ما، بالرغم من عدم وجود ضوء للشمس. وبعد وضعه لنظريات حول السبب وراء وجود هذه الأشعة، وإجرائه التجارب، اكتشف أن الأشعة جاءت من أملاح اليورانيوم في أول مثال على حدوث ظاهرة النشاط الإشعاعي للعناصر المشعة.

وحاز بيكريل على جائزة نوبل للفيزياء عام 1903، لمجهوداته في الكشف عن ظاهرة النشاط الإشعاعي الطبيعية للمواد المشعة مناصفة مع كل من بيير وماري كوري.

هو المركب الأبرز من مركبات التحلية الاصطناعية منخفضة السعرات الحرارية، هو أول المركبات الخاصة بالتحلية والذي يتميز بأنه أكثر حلاوة من السكر العادي بمقدار 400 مرة. وقد جرى اكتشافه في عام 1879 من قبل قسطنطين فاهلبيرج، الذي كان يعمل في الواقع في تحليل قطران الفحم.

بعد يوم طويل له في المختبر، نسي «فاهلبيرج» أن يغسل يديه قبل تناول العشاء. وعلى العشاء التقط واحدة من اللفائف، ليلاحظ أنها تبدو حلوة الطعم بشكل كبير، وهو ما تكرر مع كل شيء تناوله هذه الليلة. عاد فاهلبيرغ إلى المختبر، وبدأ في تذوق المركبات الموجودة، حتى وجد المواد الناتجة من تجربة الجمع بين حمض السلفوبنزويك مع كلوريد الفوسفور والأمونيا (لاحظ أن تذوق المواد الكيميائية عشوائيًا لا يعتبر عادة آمنة علميًا في المختبرات).

وحاز فاهلبيرج عام 1884 على براءة الاختراع لمادة «السكرين»؛ ليبدأ مباشرة في إنتاجه على مستوى ضخم. وانتشرت التحلية الاصطناعية على نطاق واسع عندما جرت عملية تقنين السكر أثناء الحرب العالمية الأولى، وأظهرت الاختبارات أن الجسم لا يمكنه تنفيذ عمليات الأيض على السكرين، لذلك لا يكتسب الشخص الذي يتناول السكرين أي سعرات حرارية.

وفي عام 1907، بدأ مرضى السكر باستخدام السكرين كمادة محلية بديلًا للسكر العادي، وبدأ الأطباء يصفونه كمادة للتحلية بدون سعرات حرارية.

في عام 1928، عاد الأستاذ في علم الجراثيم، «ألكسندر فليمنج»، إلى مختبره بعدما قضى عطلة. وخلال إجرائه عملية فرز لأطباق البتري (أطبق تحتوي على مواد مغذية مخصصة لنمو البكتيريا لدراستها في المختبرات) المزروع عليها مستعمرات البكتيريا العنقودية، لاحظ وجود عفن ينمو عليها.

وخلال بحثه عن وسيلة لإنقاذ مستعمرات البكتيريا من هذا العفن الذي أصابها (العفن هو عبارة عن عدوة فطرية، مثلما يحدث للخبز عندما نتركه لعدة أيام في الهواء)، لاحظ فليمنج شيئًا مثيرًاللفضول. فالبكتيريا لم تكن تنمو حول العفن.

واكتشف أن هذا العفن هو سلالة نادرة من فطر البنسلين المسمى باللاتينية «Penicillium notatum»، والذي يفرز مادة معينة تحول دون نمو البكتيريا، ليكون هذا هو اكتشاف البنسلين. وقدم البنسلين للعالم في عام 1940؛ ليكون بداية عصر جديد تمامًا في الطب؛ بعدما فتح هذا الاكتشاف الطريق لتطوير المضادات الحيوية.

ولمعرفة أهمية البنسلين، فيكفيك أن تعرف أن مجرد إصابتك بنزلة برد حادة مصحوبة بعدوى بكتيرية كان يمثل تهديدًا حقيقيًا للحياة في مرحلة ما قبل البنسلين. كان يمكن لإصابتك بجرح من أداة معدنية غير نظيفة أن تجعلك في عداد الوفيات. وقد نال ألكسندر فليمنغ جائزة نوبل في الطب عام 1945؛ نتيجة اكتشافه البنسلين.

تعد مادة «الفياجرا» هي أول مادة كيميائية مخصصة لمعالجة عدم القدرة على الانتصاب عند الرجال، لكن ليس هذا هو الدور الذي كان يتوقعه العلماء الذي اكتشفوها، وأجروا عليها الأبحاث لأول مرة.

فقد قدمت شركة «فايزر» الدوائية الشهيرة المركب الرئيس للفياجرا باعتباره دواء للقلب، لكن خلال التجارب السريرية أثبتت المركب أنه غير فعال لمرضى القلب. لكن الرجال الذين أجريت عليهم التجارب السريرية لاحظوا أن الدواء يبدو أنه يسبب تأثيرًا آخر، انتصابًا أقوى وأطول.

وبالتجارب لاحظ العلماء أنه حتى لو كان الرجل لا يملك أية قدرة حالية على الانتصاب، فإن الفياجرا كانت تعالج هذا الأمر بفعالية مدهشة. وقامت شركة فايزر بإجراء التجارب السريرية على أربعة آلاف رجل يعانون من ضعف الانتصاب؛ لتتأكد من فعالية المادة بصورة تامة، وليدخل العالم منذ ذلك الوقت عصر «الحبة الزرقاء».

كان هذا الاكتشاف الذي سمح في وقت لاحق للباحثين بالعثور على الأنسولين، هو مجرد حادث سعيد وقع بالصدفة، ففي عام 1889، كان يحاول اثنان من الأطباء في جامعة ستراسبورغ، «أوسكار مينكوفسكي، وجوزيف فون ميرينغ»، فهم الكيفية التي يؤثر بها البنكرياس على عملية الهضم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل