المحتوى الرئيسى

كيف تتحقق العدالة الناجزة؟

11/05 11:10

تنفرد جريدة «الوفد» بنشر دراسة أعدها المستشار عبدالستار إمام، رئيس محكمة جنايات القاهرة، ورئيس نادى قضاة المنوفية ورئيس المجلس الاستشارى لقضاة مصر، بشأن تطوير منظومة العدالة لتحقيق العدالة الناجزة. ودعا «إمام» رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى لتبنى مؤتمر بشأن منظومة العدالة الذى يعتزم القضاة تنظيمه، ليكون تحت رعايته والخروج بمقترحات الدراسة لتنفيذها، للقضاء على بطء التقاضى والمشاكل والصعوبات التى تعترض منظومة العدالة فى مصر، لبناء دولة القانون والعدالة، مشدداً علي أن العدالة الناجزة هى الحل الأوحد وأمل مصر للقضاء على الإرهاب والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التى يعانى منها المجتمع المصرى على مدى سنوات طوال.

تضمنت الدراسة 7 محاور رئيسية لتطوير منظومة العدالة فى مصر، هى: التشريعات والقوانين، والقضاة، ودور العدالة وأبنية المحاكم والنيابات، والأجهزة المعاونة للقضاء، وتنفيذ الأحكام، والشرطة القضائية، والوسائل البديلة لحل المنازعات.

وفيما يلى تفسير هذه المحاور.

نوهت الدراسة بأن مصر تزخر بعشرات الآلاف من القوانين، انقضى على بعضها أكثر من مائة عامة، وأن هذه الترسانة من القوانين تمثل غابة متشابكة من التشريعات يصعب على أى متخصص الإحاطة والإلمام بها، فضلاً عن تعارض بعض الأحكام وعدم مواكبتها للعصر الحالى.

وشددت الدراسة علي أنه من القوانين المتعين تعديلها فوراً تنفيذاً لأحكام الدستور الحالى، قوانين السلطة القضائية والإجراءات الجنائية والعقوبات وحالات الطعن أمام النقض.

اقترحت الدراسة وضع قواعد ومعايير موضوعية مجردة لحسن اختيار القاضى فى قانون السلطة القضائية، فضلاً عن معايير تأهيله عقائدياً وشخصياً ونفسياً وعلمياً، وتنظيم قواعد ندب القضاة بما يضمن إلغاء الندب الكلى والجزئى لغير الجهات القضائية أو اللجان ذات الاختصاص القضائى أو لإدارة شئون العدالة أو الإشراف على الانتخابات، باعتبار ذلك استحقاقاً دستورياً وتنفيذا للمادتين 94 و239 من الدستور، كما تضم المقترحات بشأن اختيار وتعيين معاون النيابة العامة وتأهيله وتدريبه وتفعيل دور الجمعيات العمومية للمحاكم.

أكدت الدراسة ضرورة تعديل بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية لإتاحة استئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات، باعتبار ذلك استحقاقاً دستورياً وتنفيذاً للمادة 96 من الدستور 2014.

وأكدت الدراسة أن محاكم الجنايات مشكلة من قضاة من محاكم الاستئناف، الأمر الذى قد يبدو متعارضاً مع فكرة استئناف أحكامها بما يعنيه من عرض موضوع القضية على محكمة أعلى درجة من تلك التى أصدرت الحكم المستأنف، ولأن محكمة الجنايات هى دائرة من دوائر محكمة الاستئناف أى أنها بالفعل المحكمة الأعلى درجة موضوعياً.

وأشارت الدراسة إلي أن هناك من الوسائل والآليات بما يكفل إباحة استئناف الجنايات لتحقيق مبدأ التقاضى على درجتين، دون المساس بتشكيل محاكم الجنايات الحالى، وبما يتمتع به أعضاؤها من خبرة وأقدمية فى سلم التدرج القضائى وبما يراعى عدم الخروج على مفهوم الاستئناف كطريق عادى للطعن على الأحكام، ويتمثل فى نظر الاستئناف بمعرفة محكمة أعلى درجة من تلك التى أصدرت الحكم المستأنف.

واستعرضت الدراسة ثلاثة مقترحات لتنفيذ هذا الغرض ولتحقيق تطبيق قاعدة التقاضى على درجتين فى الجنايات دون المساس بهيكل التنظيم القضائى لمحاكم الاستئناف، دون إخلال بمفهوم الاستئناف كطريق عادى للطعن على الأحكام.

وثمنت الدراسة الاقتراح الثالث الذى ينص علي تشكيل محاكم جنايات أول درجة من ثلاثة من قضاة محاكم الاستئناف، لا تزيد درجة أى منهم عن نائب رئيس بمحكمة الاستئناف، وتستأنف أحكامها أمام محكمة الجنايات العليا «محكمة الجنايات الاستئنافية»، وتشكل من ثلاثة من قضاة محكمة الاستئناف لا تقل درجة كل منهم عن رئيس بمحكمة الاستئناف.

وأوضحت الدراسة أن المقترح السابق هو الأنسب، نظراً لملاءمته للنظام القضائى المصرى، وتشكيل محاكم الاستئناف بها.

وأشارت الدراسة إلى ضرورة بحث عدة أمور متعلقة بهذا الغرض، وهى أثر التقرير بالاستئناف فى الحكم الصادر من محكمة جنايات أول درجة، وهل سيتم وقف تنفيذ الحكم الصادر بعقوبة سالبة للحرية من عدمه؟ ومدى جواز حضور محامٍ بتوكيل رسمى عن المتهم الغائب أمام محكمة جنايات أول درجة. وما هو الحكم فى حالة عدم حضور المتهم جلسة المحاكمة أمام محكمة الجنايات الاستئنافية؟ ومدى إمكانية اعتبار الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات العليا باتة فى بعض الجرائم؟ ومن ثم لا يجوز الطعن عليها بالنقض ودرجة قيد المحامى الذى يقبل للمرافعة أمام محكمة الجنايات العليا.

اقترحت الدراسة تعديل بعض مواد قانون العقوبات، خاصة المتعلقة بمواجهة جرائم الإرهاب التى تهدف لهدم أركان الدولة، ونشر الفوضى وتعطيل أحكام الدستور أو القوانين، ومنع مؤسساتها من ممارسة أعمالها والاعتداء على المواطنين والإضرار بالسلم الاجتماعى، وأعمال التخريب العمدى وتعطيل أوامر الحكومة أو إنشاء وتأسيس أو إدارة جمعيات أو هيئات ومنظمات أو جماعات غير شرعية، أو الانضمام إليها لمناهضة نظام الحكم وخاصة المواد من 86 إلى 102 من القانون المذكور، وذلك بتشديد العقوبات المقررة لها.

نوهت الدراسة بأن محكمة النقض هى المحكمة العليا فى مصر، وهى محكمة وحيدة مقرها القاهرة. وأشارت إلى أن الطاعنين أمامها والمقيمين فى محافظات بعيدة مثل قنا وأسوان، يتكبدون العنت والمشقة والتكاليف المادية للسفر إلى القاهرة، لمتابعة القضايا الخاصة بهم. وشددت الدراسة علي أن الدستور الجديد ينص فى المادة 97 منه على التزام الدولة بتقريب جهات التقاضى، والعمل على سرعة الفصل فى القضايا. وعرضت الدراسة اقتراحين لتنفيذ هذه الغايات، الاقتراح الأول: يشمل تشكيل دوائر مدنية وأخرى جنائية من دوائر محكمة النقض فى كل محكمة من محاكم الاستئناف بكل من الإسكندرية وطنطا والمنصورة والإسماعيلية وبنى سويف وأسيوط وقنا.

أما الاقتراح الثانى: فيتضمن قيام محكمة النقض إذا قبلت الطعن ونقضت الحكم المطعون فيه كله أو بعضه بالحكم الموضوع فى جميع الحالات دون أن تحيل القضية إلى المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه.

اقترحت الدراسة مراجعة المواد من 6 وما بعدها من قانون المرافعات المتعلقة بإجراءات الإعلان أو التنفيذ التى تتم بواسطة المحضرين، بناء على طلب الخصم أو قلم كُتاب المحكمة، أو أمر المحكمة بهدف تيسير إجراءات الإعلان أو التنفيذ، وبحث مدى إمكانية استخدام التكنولوجيا الحديثة فيها وبحث سبل تفعيل العمل بمجالس الصلح المنصوص عليها فى المادة 64 من قانون المرافعات، حيث إنها من المواد المعطلة ولا يتم العمل بها.

واقترحت الدراسة بحث سبل تفعيل العمل بما ورد بالمادة 65 من قانون المرافعات بشأن المستندات والمذكرات والأوراق التى يجب إرفاقها بصحيفة الدعوى، وبحث سبل حمايتها وحفظها بهدف تعطيل سير الدعوى، والعمل على سرعة الفصل فيها وبحث سبل تفعيل المواد 97 و98 و99 من القانون المتعلقة بطلب تأجيل الدعوى أكثر من مرة لسبب واحد، ووضع الجزاءات الرادعة على المتسبب فى طلب التأجيل، مرجعاً ذلك لإهماله أو رغبته فى إطالة أمد التقاضى.

واقترحت الدراسة أنه فى حالة ما إذا كان التأجيل للمرة الثانية لسبب واحد أن يكون قرار التأجيل مسبباً، ووجوب توقيع الجزاء المنصوص عليه فى المادة 99 من القانون.

واقترحت الدراسة مراجعة المواد من 146 إلى 165 بشأن عدم صلاحية القضاة وردهم وتنحيهم عن نظر الدعوى وتعديلها، لمنع إساءة استغلال هذا الحق رغبة فى عرقلة سير الدعوى، ووضع الجزاءات الرادعة فى هذا الشأن.

وطالبت الدراسة بالنص على تحويل القاضى محاولة إبرام الصلح بين الطرفين المتخاصمين قبل القيام بالفصل فى المنازعة فى أجل معين لا يتجاوز شهرين وفق معايير محددة.

وفيما يتعلق بالمحور الثانى، طالبت الدراسة بتطوير منظومة العدالة بوضع قواعد عامة ومجردة فى قانون السلطة القضائية، تسرى على جميع المتقدمين بدون استثناء للتعيين فى بداية السلم القضائى، وإنشاء أكاديمية للقضاة يلتحق فيها كل المرشحين المقبولين للعمل فى النيابة العامة لتأهيلهم عقائدياً وشخصياً ونفسياً وعلمياً لتبوؤ منصب القاضى، وحتى يكون استقلال القاضى نابعاً من ذاتية وعقيدة راسخة فى وجدانه. وعقد اختبارات تحريرية وشفوية تتعلق باللغة والتعامل والاتزان النفسى، ووضع برامج لاستمرار تأهيل وتدريب القضاة فى حال الترقية والنقل من النيابة العامة إلى القضاء، وفى حالة الترقية لدرجة مستشار وإلغاء الندب الكلى والجزئى، وتفعيل دور الجمعيات العمومية للمحاكم ووضع حد أقصى لعدد الجنح والجنايات بكل جلسة وتفعيل نظام تخصص القاضى فى فرع معين من فروع القانون، لما للتخصص القضائى من أهمية فى جودة العملية القضائية، وحظر اشتغال القضاة وأعضاء النيابة بالعمل السياسى مع وضع تعريف دقيق ومحدد لمعنى الاشتغال بالعمل السياسى.

دور العدالة وأبنية المحاكم والنيابات

وفيما يتعلق بالعنصر الثالث (دور العدالة وأبنية المحاكم والنيابات)، شددت الدراسة على ضرورة وضع خطة عاجلة تشمل ترميم وإصلاح وتجميل دور العدالة القائمة من أسوار ومبانٍ وقاعات وغرف مداولة وطرقات وأفنية ودورات مياه وغرف حفظ لملفات القضايا والأحراز، واستراحات المتقاضين والمحامين وتجهيزها وإمدادها بالأثاث اللازم، وفق نماذج موحدة من خلال الشركات المتخصصة فى هذا المجال.

كما شددت الدراسة على وضع نموذج تصميم موحد لكل من المحكمة الجزئية والكلية والاستئناف والنقض، ووضع خطة عاجلة لتشييد أبنية المحاكم والنيابات وفقا للاحتياج الفعلى على أرض الواقع.

واقترحت الدراسة أن تكون استراحات النيابة والقضاة فى كل محكمة داخل المحكمة ذاتها أو فى الطابق العلوى منها، تحقيقاً للأمن وتوفيراً للوقت مع وضع نظام محدد محكم لمتابعة نظافة دور العدالة من خلال شركات متخصصة ونظم متابعة دقيقة، ووضع تأمين لدخول المحاكم من خلال بوابات التأمين الإلكترونية وتوفير الحراسة الليلية لدور العدالة ودراسة التأمين الإلكترونى لكافة أنحاء المحكمة.

استعرضت الدراسة أهمية الأجهزة المعاونة للعدالة، ورأت ضرورة توحيد إدارات الخبرة المختلفة التى تضم (الطب الشرعى والخبراء، وأبحاث التزييف والتزوير والمعامل الكيماوية والمعامل الجنائية وغيرها). حيث إن إدارات وأقسام الخبرة موزعة ومشتتة بين عدة وزارات.

وشددت الدراسة على توحيد جهات الخبرة وجمع شتاتها فى كيان مؤسسى واحد فى شكل هيئة مستقلة مع تطويرها وتزويدها بالمعدات والأجهزة الحديثة والكوادر البشرية والفنية، وضرورة ضبط مجال عمل أهل الخبرة بموجب تشريع جديد يقتصر على المسائل الفنية التى يعتذر على القاضى الفصل فيها وحظر إسناد أية مسائل قانونية للخبراء.

وتضمنت الدراسة وضع خطة دائمة ودورية لتدريب الكوادر البشرية بإدارات الكتاب والمحضرين، رفعاً للمستويين العلمى والفنى لهم، وتحديث أسلوب وطريقة عملهم آلياً وبحث استخدام التسجيل الصوتى للجلسات بالمحاكم، واستخدام التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال المتطورة فى عملية الإعلان وخاصة للجهات الحكومية والمؤسسات والشركات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل