المحتوى الرئيسى

عمارية عمروس تكتب: ملخص لأبرز العناصر التي تضمنها كتاب جراهام فولر: الجمهورية التركية الجديدة: تركيا بوصفها دولة محورية في العالم الإسلامي | ساسة بوست

11/03 13:35

منذ 2 دقيقتين، 3 نوفمبر,2016

Graham Fuller, The new Turkish republic: Turkey as a pivotal state

تدور محتويات الكتاب الذي ألفه «جراهام فولر» عام 2008[1] حول تطور الرؤية الإستراتيجية لتركيا في علاقاتها بالخارج مند عهد «مصطفى كمال أتاتورك» العلماني التوجه وحتى صعود حزب العدالة والتنمية AKP سنة 2002. فبعد أن كانت تابعة من الناحية الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص، ها هي اليوم تسعى للاحتكاك أكثر بالعالم الإسلامي من خلال العمل على جبهتين:

جبهة داخلية بإضفاء الطابع الإسلامي. وجبهة خارجية عبر إعادة ترتيب العلاقات بالخارج.

لم تكن تركيا في عهد «أتاتورك» مهتمة بالعالم الإسلامي. فالطابع العلماني الذي ميز فكر وشخصية وممارسة رئيس الدولة حينها قابله السعي لتوطيد الروابط بالعالم الغربي دون غيره، رغم أنه السبب الأساسي في تفكك الدولة العثمانية. بالتالي ظلت الجمهورية التركية خادمة للإستراتيجية الغربية طيلة عقود (مثال تصويت تركيا في منظمة الأمم المتحدة ضد الجزائر عام 1955).

ثم يتناول الكاتب ظاهرة صعود الإسلاميين في تركيا عام 1995 مع حزب الرفاه الذي تزعمه «نجم الدين أربكان» وله مواقف متشددة تجاه الغرب، لدرجة أنه طالب بسحب عضوية تركيا من حلف الشمال الأطلسي. انتهى الأمر بالانقلاب عليه من قبل المؤسسة العسكرية العلمانية الطابع سنة 1997.

حزب العدالة والتنمية وحركة فتح الله جولان:

برز نجم حزب العدالة والتنمية الذي تزعمه «رجب طيب أردوغان» خلال فترة حكم «أحمد سيزر» ذي التوجه العلماني وهو تحول هام في مسار السياسة الداخلية والخارجية لتركيا. لقد استفاد حزب العدالة والتنمية من أخطاء «أربكان»، فهو يقوم على أساس ديمقراطي محافظ وإسلامي معتدل، وبذلك فهو منفتح على العالم الإسلامي.

أما حركة «فتح الله جولان» التي تتصل جذورها بحركة النور التاريخية، فلا يعتبرها الكاتب سياسية أصلًا. لقد كانت دائمة النزاع مع أحزاب «أربكان» والعدالة والتنمية، لكنها بالمقابل ذات توجه منفتح قائم على أساس تعايش الدين والسياسة، ولا تعتبر الدين عائقًا أمام الديمقراطية. الحركة معروفة بندواتها الفكرية في ذات الشأن.

من أبرز توجهات السياسة الخارجية التركية الجديدة ما يلي:

تأكيد الدعم لحركة حماس الفلسطينية. رفض استخدام التراب التركي محطةً لانطلاق الغزو الأمريكي للعراق عام 2003. العمل على ترسيخ علاقات دبلوماسية واقتصادية بإيران. يظل المشكل الكردي مهددًا للسياسة التركية في الداخل والخارج. ومن المعلوم أن الأكراد يتوزعون عبر مناطق أخرى مجاورة كإيران وسوريا والعراق. تحاول تركيا تجاوز فكرة الاعتراف بالمشكل الكردي، حتى إن اللغة الكردية كانت محظورة الاستخدام إلى غاية 1991 عندما سمح الرئيس «تورجت أوزال» باستخدامها شفويًّا فقط.

ثم ينتقل الكاتب إلى عرض علاقات تركيا بمحيطها الإقليمي والعالمي، فيما يلي أهم الأفكار:

تضع تركيا نفسها بمعزل عن أية سياسة طائفية خاصة ما يتعلق بالشأن الكردي. وقد اعتبرت دعم سوريا لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق تهديدًا لسياستها الداخلية. كما نجم عن حرب الخليج الثانية لجوء عدد كبير من الأكراد إلى تركيا عبر الحدود، وهو ما زاد من تهديد المشكل الكردي. كما ظلت تركيا متخوفة من استقلال أكراد العراق على إثر غزو العراق سنة 2003.

كانت مسببات التوتر مرتبطة بنزاعات الحدود، وقد دعمت إيران في وقت سابق تمرد الأكراد في تركيا كما دعمته في العراق. إيران في الأصل منافس جيو سياسي قديم لتركيا. وفي الوقت الراهن يعمل البلدان على تحسين علاقاتهما منذ مجيء حزب العدالة والتنمية رغم الموقف المتعصب للمؤسسة العسكرية تجاه العلاقة بالبلاد الإسلامية.

يرى الكاتب أن اليهود في الدولة العثمانية لم يشكلوا أي تهديد سياسي إلى أن برز المخطط الصهيوني في القرن التاسع عشر. وقد تعاطف «أتاتورك» مع يهود أوروبا وساهم في نقلهم إلى فلسطين.

بالنسبة للعلاقة بإسرائيل فإنها لم تعد تحتل موقعًا هامًّا عكس الماضي إذ ربط البلدين تحالف إستراتيجي بدأ عام 1996.

تحددت العلاقة بالسعودية بالتاريخ العدائي مند قيام الثورة العربية ضد الدولة العثمانية. لكن حزب العدالة والتنمية من خلال رؤيته الإستراتيجية المرنة سعى إلى إحياء العلاقة، حتى إن الملك «عبد الله» أقدم على زيارة تركيا بعد 40 سنة من القطيعة.

روسيا عدو تقليدي فالتاريخ قد سجل لها الإسهام في تفكيك الدولة العثمانية (تقسيم أملاك الرجل المريض بين القوى الأوروبية الكبرى) ودعم الأكراد في تركيا. لكن فترة ما بعد الحرب الباردة بما فرضته مستجداتها من مراجعة للسياسة الخارجية قد جعلت تركيا وروسيا تعملان على طمس أحقاد الماضي، فصارتا شريكين في المجال الاقتصادي (تجارة، واستثمارات…) والعسكري (مثال المناورات التي جرت بين البلدين عام 2006).

البعد الشرقي في السياسة الخارجية التركية

ترى تركيا أن لها عمقًا آسيويًّا هو مجال حيوي لسياستها الخارجية.

ما يواجه هده العلاقة من توتر قد زاد حدة مع إعلان الحرب العالمية على الإرهاب، هذه الظاهرة العابرة للحدود التي يعتبر الغرب المسلمين مصدرها الأساسي.

ظلت خدمة الإستراتيجية الأمريكية مضرة بالمصلحة التركية، وقد سعت تركيا خلال الحرب الباردة لإحداث نوع من التوازن في العلاقة بالمعسكرين الشرقي والغربي. ثم وضحت النوايا الخبيثة للولايات المتحدة بعد غزو العراق. بالنسبة للمسائل المشتركة بين البلدين (و لو على الصعيد النظري) حسب وجهة نظر الكاتب نجد الآتي:

الرغبة في أن تكون إيران مسالمة. إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. التصدي للإرهاب والتطرف. حفظ الاستقرار في الجوار الإقليمي.

في القسم الأخير من الكتاب يحدد الكاتب ثلاثة سيناريوهات للتوجه المستقبلي لتركيا:

توجه أكبر نحو الولايات المتحدة بحيث يمكن لتركيا من خلاله الاستفادة في مسألة تحديث المؤسسة العسكرية. توجه أعمق نحو الاتحاد الأوروبي، لكن الكاتب يفترض أن طلب العضوية قد يرفض إما مؤقتًا أو بشكل لا رجعة فيه. فمن المعلوم أنها مرشحة لدخول الاتحاد الأوروبي منذ 1999، وقد شرعت في مفاوضات العضوية سنة 2005. لكن المشكل المحوري المعيق هو قبرص في الوقت الذي تقنع تركيا نفسها بأن المشكل قد تم حله عبر التدخل عام 1974. يضاف إلى ذلك مسألة تدخل الجيش في الحياة المدنية والسياسية على حد سواء. تركيا ستستفيد أكثر حسب الكاتب من تنويع سياستها الخارجية والتركيز على الجوار الإقليمي.

ثم يعرض الكاتب رؤيتين إستراتيجيتين:

الأولى لوزير الخارجية «أحمد داود أوغلو»، صاحب مؤلف: العمق الإستراتيجي، بحيث يرى ضرورة أن تنوع تركيا في سياستها الخارجية كما يؤمن بدورها في العالم العربي. ويرى في ذات الصدد أن تحالفها مع الولايات المتحدة يقزم دورها ومكانتها بالتأكيد. و الثانية للصحفي «سيدات لاسينار»، وهو مدير المركز الدولي للبحوث الإستراتيجية بأنقرة. بحيث يؤكد على الاستقلالية في التوجه التركي، وضرورة إقامة تنظيمات إقليمية تعنى بالمسائل المشتركة، فضلًا عن أهمية التكامل الاقتصادي الإقليمي.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل