المحتوى الرئيسى

ثقافة الألتراس بين مصر والسعودية!!

11/02 23:22

جزء من الرأى العام فى مصر والسعودية أقرب إلى ثقافة الألتراس المتعصبة، يحتاج أن يفهم ويدرك ويتعلم أن الخلاف فى وجهات النظر بين البلدين أمر عادى مادام فى الإطار الطبيعى، لكن ما ليس طبيعيا أن يتحول الخلاف إلى المعايرة والردح والخوض فى الأعراض والطعن والسب والقذف فى القواعد والأسس والثوابت.

هناك حساسية لا ينكرها أحد فى العلاقات المصرية الخليجية عموما، والمصرية السعودية خصوصا، بل ربما العلاقات العربية العربية منذ عشرات السنين، والسبب أن ثقافتنا الراهنة لاتزال تعتمد نفس الأسس التى كانت عليها فى الجاهلية!!.

كنا نعتقد أن الموقف السعودى المؤيد لثورة ٣٠ يونيو، قد أدى إلى تذويب الكثير من الحساسيات والعقد بين الجانبين، ثم اكتشفنا بعد ظهور أزمة جزيرتى تيران وصنافير أن النار لاتزال متقدة تحت الرماد. المتربصون بعلاقات البلدين كثيرون، لكن الأمر ليس كله مؤامرة خارجية.

التصريحات المسيئة بحق الرئيس السيسى من إياد مدنى الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامى المستقيل، كشفت عن أن هناك دمامل كثيرة على جسد علاقات البلدين.

السمة الغالبة هى أن السعوديين ينظرون للمصريين باعتبارهم لا يشغلهم إلا الحصول على الأموال السعودية، فى حين يرى المصريون أن السعوديين نسوا الدرعية، ونسوا ما فعلته مصر فى الماضى من كسوة الكعبة إلى المدرسين والعمال والأطباء الذين ساهموا فى نهضة المملكة.

هذه التفاهات يمكن أن يقولها جاهل أو مختل يجلس على مصطبة، لكن أن يتحول إلى المادة الأساسية المملة للحرب الأهلية المشتعلة على وسائل التواصل الاجتماعى فتلك هى المشكلة.

المأساة الأكبر أن الأمر ليس مقصورا على فئة من المواطنين، لأن الوقائع والمشاهدات والمؤشرات تقول إن العطب وصل أيضا إلى تفكير بعض المسئولين. بالطبع هناك خلافات وتباينات وصراعات منطقية بين البلدين شأن ما هو موجود بين بلدان كثيرة، لكن السؤال الملح هو كيف يتمكن البلدان حكومة وشعبا أن ينجحا فى إقامة إطار حقيقى يصون جوهر العلاقات، وفى الوقت نفسه «ينفس» عن الغضب المكتوم؟.

السؤال الذى يفترض أن يتذكره الألتراس فى الجانبين هو الآتى: من الذى سيستفيد من تدهور علاقات البلدين؟!

باختصار شديد المستفيد الوحيد هم أعداء البلدين، خصوصا إسرائيل، وأى قوة إقليمية تريد السيطرة والهيمنة على المنطقة.

مرة أخرى هناك تباينات طبيعية فى سياسات البلدين، لكن النظرة العاطفية والحماسية التى ينظر إليها بعض أبناء البلدين هى الأكثر خطرا على هذه العلاقات.

مصر والسعودية يحتاجان إلى بعضهما البعض بصورة متوازنة. الطريقة الجاهلية التى يتعامل بها بعض مواطنى ومثقفى البلدين لم تعد تصلح. كل طرف يعتقد أنه الأفضل والآخر لا قيمة له. هذه نظرة قديمة ومتخلفة.

عندما انحازت السعودية لمصر فى ٣٠ يونيو، فقد كانت تنحاز لمصالحها وأمنها القومى فى المقام الأول، كما فعلت الإمارات بالضبط. وعندما تعلن مصر أن أمن الخليج من أمنها القومى، فهى تؤكد على شىء مؤكد وليس طمعا فى منحة أو تسهيلات نفطية.

المشكلة باختصار أن شخصنة العلاقات، وعدم استنادها فى مرات كثيرة إلى أسس موضوعية أو مؤسسية يجعل أى خلل بسيط يتحول إلى مشكلة كبرى.

من حق أى مصرى أن ينتقد إياد مدنى أو أى مسئول سعودى كما يشاء، لكن ليس من حقه أن يهاجم السعودية كدولة أو السعوديين كشعب، ومن حق أى سعودى أن ينتقد أى مسئول مصرى بصورة موضوعية، لكن ليس من حقه أن يقلل أو يسخر من مصر كدولة ومن المصريين كشعب.

لو أن كل شخص فكر بهدوء سيكتشف أن البلدين لا يمكن لهما أن يستغنيا عن بعضهما البعض.

النافخون فى نار العلاقات كثيرون، من أول جماعة الإخوان إلى إيران وقطر وتركيا وإسرائيل وأطراف دولية كثيرة، لا تريد للمنطقة أن تستقر. وأول ما يحقق ذلك أن تتدهور علاقات مصر والسعودية.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل