المحتوى الرئيسى

معركة الموصل: ما هي أهداف تركيا وراء تصعيد التوتر مع بغداد؟

11/02 20:41

تتصاعد الحرب الكلامية بين أنقرة وبغداد على خلفية الخلاف حول التدخل التركي في معركة الموصل التي تشنها القوات العراقية لطرد مقاتلي تنظيم ما يسمى "بالدولة الإسلامية" داعش من المدينة. التصعيد بين الطرفين تزايد مع بدأ تركيا يوم الثلاثاء في نشر دبابات ومدرعات من لواء مشاة رئيسي على حدودها مع العراق، وفق مصادر عسكرية. ويأتي ذلك بعد أيام من تحذير أردوغان من أي توغل شيعي في تلعفر.

من جهته حذر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تركيا من مغبة اجتياح العراق مهددا بأن بغداد سترد على أي انتهاك لأراضيها ومحذرا أيضا من أن أي اجتياج تركي للعراق سيؤدي إلى تفكيك تركيا. وبينما حاول  مسؤولون أتراك التخفيف من التوتر المتصاعد من خلال التأكيد على أن هذه الإجراءات احترازية أكثر من كونها تهديدا، رد وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو على العبادي بالقول إنه ضعيف ويحاول لعب دور الأقوياء وفشل حتى في محاربة منظمة إرهابية، وذلك حسب تصريحات نقلتها وكالة الأناضول. فكيف سيؤثر هذا التصعيد المتزايد بين أنقرة وبغداد على جهود طرد داعش من الموصل، وماذا يريد الأتراك تحديدا؟

تتقدم قافلة من الدبابات والمركبات المدرعة التركية صوب بلدة سيلوبي المتاخمة للحدود العراقية تزامنا مع عملية عراقية لطرد تنظيم "الدولة الإسلامية" من مدينة الموصل بشمال العراق، وهي المدينة التي سيطر عليها مقاتلو داعش عام2014. وقال نعمان قورتولموش نائب رئيس الوزراء التركي لمحطة (إن.تي.في) "إننا مضطرون لاتخاذ إجراءات للحماية من التهديدات عبر الحدود التركية.

وبحسب مراقبين، فإن تركيا تتخوف من جهة من أن تثير الفصائل الشيعية العراقية المشاركة في هجوم غربي الموصل اضطرابات طائفية، ومن جهة أخرى تشعر بقلق من محاولة مقاتلي حزب العمال الكردستاني من إيجاد موطئ قدم لهم في مناطقة قريبة من حدودها. ويأتي هذا التحرك التركي بعد أيام من تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن تركيا تهدف إلى تعزيز قواتها، ملوحا بأن أنقرة سيكون لها "رد مختلف" على الفصائل الشيعية إذا "أثارت الرعب" في مدينة تلعفر العراقية، دون أن يوضح طبيعة هذا الرد.

ويفسر الخبير المصري بشير عبد الفتاح إصرار تركيا على التدخل في معركة الموصل رغم رفض العراق لذلك بأن أنقرة تطمح لأن يكون لها دور عسكري ولو غير مباشر في العمليات العسكرية في الموصل لأنها تعي بأنه لن يكون بمقدورها فيما بعد المشاركة في المفاوضات التي ستحدد شكل المنطقة إذا لم يكن لها دور عسكري الآن. ويضيف الخبير المصري في تصريحات لـ DW عربية إنه بالإضافة إلى هذا السبب، فإن تركيا متخوفة على التركمان من سيطرة قوات الحشد الشعبي وهو ما يعني أن إيران قد تتمكن من ربط مناطق نفوذها في سوريا بتلك التي تسيطر عليها في العراق. ويضيف عبد الفتاح أن لدى تركيا تخوفا كبيرا آخر هو يتعلق بتقوية نفوذ الأكراد، خاصة أن أكراد سوريا يتطلعون بدورهم للحصول على حكم ذاتي كذلك الذي حصل عليه أكراد العراق.

تركيا لديها تخوفات كبيرة من توسع نفوذ الأكراد في المنطقة.

في العراق الكلمة الأخيرة لواشنطن

ورغم ذلك لا يرى الخبير المصري أن الأمور ستتجه إلى ما هو أسوأ رغم إرسال تركيا قوات لمناطق للحدود العراقية. ويعزو عبد الفتاح ذلك إلى أن تركيا تريد من خلال الإجراءات الأخيرة فقط إظهار إصرارها على أن يكون لها دور عسكري ما إلى جانب دورها الإغاثي والإنساني لكنها لن تتجرأ على التدخل في العراق فهي واعية بأن الولايات المتحدة الامريكية تشاطر العراقيين رفضهم للتدخل التركي، وهذا ما بدا جليا خلال زيارة وزير الدفاع الأمريكي لكل من أنقرة وبغداد.

ويضيف في هذا السياق "تركيا لن تصعد في العراق خاصة إذا حصلت على وعود بعدم حصول أكراد سوريا على حكم ذاتي لأن هذا أكبر هاجس لديها، وهي تعلم أن لا نفوذ لها في العراق كما هو الحال في سوريا فالملف العراقي هو بين أيدي واشنطن وطهران بالدرجة الأولى"، لكن من جهة أخرى تواجه تركيا ورطة كبيرة في هذا السياق باعتقاد الخبير المصري فرغم أنها "موعودة" من طرف الأمريكان بالمشاركة في عملية عسكرية في الرقة إلا أن شرطها بعدم مشاركة الأكراد في هذه العملية قوبل بالرفض من طرف واشنطن.

"ورطة" الأتراك تطرق إليها أيضا مقال لصحيفة دير شبيغل الألمانية، الذي اعتبر أن تركيا التي تسعى لنفوذ إقليمي أكبر في المنطقة تواجه صعوبات كبيرة، فمن جهة لديها خلافات مع الحكومة العراقية والعبادي المدعوم من إيران وميليشيات شيعية مختلفة بالإضافة إلى حليفها الأهم واشنطن، ومن جهة أخرى  تريد تركيا أن ترى زعامة سنية في سوريا التي تدعم فيها روسيا عدوها اللدود بشار الأسد. 

لكن رغم ذلك، يقول الخبير المصري إن تركيا دولة مهمة في المنطقة ولديها حدود مهمة مع كل من العراق وسوريا كما أن لها دورا إغاثيا ودورا أساسيا في موضوع اللاجئين، لكن مشكلة الاتراك باعتقاد عبد الفتاح، هو إصرارهم على فرض شروطهم ومساعيهم لاسترجاع أراض يعتقدون أن اقتطاعها منهم كان مجحفا.

هل تفشل الصراعات الكبيرة معركة الموصل وهدفها الرئيسي؟

صراعات لن تخدم الهدف الرئيسي للمعركة

وعلى الصعيد الميداني دخلت أمس قوات الجيش العراقي مدينة الموصل من الجهة الجنوبية الشرقية بعد أسبوعين من بدء هجومها على المدينة الواقعة في شمال البلاد، والتي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلاميا باسم "داعش" منذ أكثر من عامين. كما أعلنت سيطرتها على مبنى التلفزيون في المدينة. ويثير تشابك المصالح والصراعات المعقدة بين الأطراف الضالعة في معركة الموصل مخاوف الكثير من المراقبين من أن التركيز حول الهدف الأول وهو محاربة داعش قد يتشتت كما يزرع ذلك المخاوف من وقوع مجازر في الموصل وتلعفر.

مع انطلاق عملية تحرير الموصل، يبقى موضوع الخلاف-التركي العراقي قائما بخصوص المشاركة التركية في هذه العملية. فإلى أين تتجه العملية في ضوء هذا الخلاف؟ وكيف سينعكس التراشق الكلامي بين الأطراف على عملية تحرير الموصل؟ (17.10.2016)

واعتبر مقال لصحيفة فاينانشيل تايمز أن وجود قوات لتركيا على الأرض في العراق أمر خطير يثير القلق. وأضاف المقال أن "لأنقرة بالتأكيد أسبابها وعلى رأسها مساعي الأكراد لإقامة دولة مستقلة، لكن نشر قوات تركية من شأنه أن يجعل جهود التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة إرهابيي داعش أكثر تعقيدا.

لكن عبد الفتاح يرى أن هذه الصراعات لن تشتت التركيز على هدف القضاء على داعش في الموصل ويفسر ذلك بالقول: "أصلا كل الأطراف الفاعلة في معركة الموصل دخلت لتحقيق أهداف ومصالح أخرى واستعملت مظلة داعش، لذلك في نهاية الأمر سيتم القضاء على داعش لأن ذلك أمر ضروري لتمرير مشاريع أخرى في المنطقة".

أعلن القائد العام للقوات المسلحة العراقية حيدر العبادي ليلة الأحد/الاثنين انطلاق عمليات تحرير مدينة الموصل من تنظيم "داعش" الإرهابي. وفي كلمة ألقاها عبر التلفزيون الرسمي في الساعات الأولى من صباح الاثنين، برفقة عدد من القادة العسكريين، دعا العبادي "أهالي مدينة الموصل إلى التعاون مع القوات الأمنية كما تعاون أهالي الشرقاط والقيارة".

يتقدم آلاف المقاتلين الأكراد الاثنين باتجاه قرى يسيطر عليها عناصر تنظيم "داعش" في شرق الموصل في إطار عملية واسعة لاستعادة هذه المدينة من "داعش". وعبرت الأمم المتحدة عن قلقها على امن 1.5 مليون شخص هم سكان آخر معقل التنظيم الإرهابي في العراق. وأعلنت القيادة العامة للقوات الكردية في بيان بدء "عملية واسعة النطاق لقوات البيشمركة في منطقة الخازر شرق الموصل بالتنسيق مع قوات الجيش العراقي.

يُتوقع مشاركة نحو 30 ألف جندي من الجيش العراقي والبشمركة الكردية ومقاتلين من عشائر سنية لطرد ما يقدر بنحو أربعة آلاف إلى ثمانية آلاف من مقاتلي "داعش" من الموصل. وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في كلمة متلفزة اليوم الاثنين "أعلن اليوم ابتداء هذه العمليات البطلة لتحريركم من بطش وإرهاب داعش.

تنظيم "داعش" الإرهابي الذي استولى على الموصل قبل عامين بث الرعب والدمار في كل مكان. ويمكن أن تتسبب معركة استعادة السيطرة على الموصل من قبضة الجهاديين في كارثة إنسانية غير مسبوقة كما تخشى الأمم المتحدة. وقال ستيفن اوبراين مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ "العائلات معرضة لخطر شديد" إذ أنها قد تجد نفسها ضحية "لتبادل إطلاق النار، أو مستهدفة من جانب قناصة".

لاجئ عراقي من الموصل إلى مخيم غزالية. وقد أعلن ستيفن اوبراين مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ في بيان "في أسوأ الأحوال، ونظرا لشدة الأعمال القتالية ونطاقها، قد يجبر أكثر من مليون شخص على الفرار من منازلهم". وشدد على أن الأطفال وكبار السن هم من بين الأكثر تعرضا للخطر.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل