المحتوى الرئيسى

أريبيان بزنس تحاور المدير العام بالوكالة لشبكة "الجزيرة"

11/02 20:33

خلال عقدين من الزمن، اخترقت شبكة الجزيرة الإعلامية المتواجدة في قطر حواجز الإعلام الراسخة في العالم العربي، ببثها القضايا ووجهات النظر التي كبتها أصحاب السلطة من قبل. وقد أكسبتها تغطيتها الكثير من الأعداء، ولكن في أكثر الحوارات انفتاحًا مع الشبكة حتى الآن، يظل مصطفى سواق المدير العام بالوكالة للشبكة صامدًا.

"ظهرت الجزيرة لتعلن عن بداية الإعلام المهني في العالم العربي"، هكذا يؤكد مصطفى سواق، المدير العام بالوكالة لشبكة الجزيرة الإعلامية. ويتابع: "وللأسف، لا يزال ثمة الكثير من المقاومة لهذا النهج".

وفي الوقت الذي تحتفل فيه الجزيرة ومقرها الدوحة،  بذكراها السنوية العشرين في يوم 1 نوفمبر، فإنها تستمر في مواجهة معارضة محمومة وادعاءات بالتحيز، بجانب مخاوف جديدة من تخفيضات في الميزانية وإخفاقها في اختراق السوق الأمريكي.

ولكن بينما للجزيرة من يحطون من قدرها، فإن ثمة الكثير من المؤيدين الذين يمتدحون الجزيرة على استعدادها لتغطية القضايا التي تجاهلتها الشبكات الأخرى. فقد بثّت بتحدٍّ الخطابات المسجلة بالفيديو لزعيم القاعدة المقتول أسامة بن لادن في خضم "الحرب على الإرهاب"، وشككت في "أخلاقيات الجنود الأمريكيين" وأفعالهم في العراق وأولت اهتمامًا ببابا الفاتيكان أكبر من اهتمام أي مؤسسة إخبارية في العالم العربي.

وتغطيتها الممتدة للنزاعات في أفريقيا والشرق الأوسط لم يكن لها مثيل من قبل، وسواق يفتخر بأن الشبكة قد ألقت الضوء على محنة "المزارعين، والعمال والصيادين والمتسولين في الشوارع والنساء والأطفال والشباب والمواطنين كبار السن ... والبشر عمومًا".

وعرفت الجزيرة أنها ستثير الجدل منذ يوم إطلاقها كقناة واحدة تبث فقط 6 ساعات من الأخبار اليومية، وبالعربية فقط، في 1996.

وأخبر سواق، أريبيان بزنس إن "العالم العربي في تلك الآونة احتاج إلى منفذ إعلامي احترافي بحق، أدى المهمة كما ينبغي لها أن تُؤدّى. وقبل هذا، ما كانت المحطات الأخرى سوى منصات للدعاية ... ولم تحترم في أغلب الأوقات قواعد الصحافة المهنية."

وبحلول عام 1999، كانت الجزيرة تبث على مدار 24 ساعة في اليوم وفي 2006 أطلقت قناة مستقلة ناطقة بالإنجليزية. وأتى هذا متبوعًا بقنوات أخرى متخصصة في مصر وتركيا والبلقان.

والآن بوجود 270 مليون أسرة تتابع الشبكة في أنحاء العالم، فإن الجزيرة تتحدى خصومها.

ويقول "في العالم العربي، لا تزال هناك مقاومة للاحترافية في الإعلام، وهذا غاية في الوضوح من الإعلام الآخر في العالم العربي." "باستثناء القليل جدًا، جدًا من الحالات، فجميع هذه المنافذ الإعلامية تعمل لصالح الحكومة على نحوٍ مباشر أو غير مباشر. فإما تُوظّف من قِبل الحكومة أو تدعمها الحكومة ماليًا... أو يمتلكها أفراد مصالحهم مع الحكومة، وهذا هو المشهد في العالم العربي، للأسف."

والجزيرة أيضًا تُمولها الدولة ولكن سواق يُنكر وبشدة التأثير الحكومي على رأي الشبكة.

"أُنشئت الجزيرة بواسطة الحكومة ثم أدارت الجزيرة شؤونها الخاصة. ويقول سواق، الصحافي المخضرم الذي عمل مع الشبكة بالدوحة لمدة 14 عامًا، إنه "لم يحدث أبدًا أن اتصل بي أي شخص من وزارة الداخلية أو وزارة الخارجية أو الديوان الأميري؛ ما من أحد، فعل هذا وهذا الأمر لم يحصل مطلقاً." ويتابع: "إنهم يصرون على استقلالية الجزيرة واحترافيتها."

إلا أن سواق يعترف بأنه من المرجح أن الجزيرة متهمة بالتحيز أكثر من أي شبكة عالمية أخرى، على الرغم من قوله إن امتداد هذا النقد هو ما يثبت خطأ كل النقاد والمؤمنين بنظرية المؤامرة.

ويرثي لحال الشبكة قائلاً "ثمة الكثير جدًا من الادعاءات والاتهامات الموجهة ضد الجزيرة، الكثير جدًا منها،" بينما يذكر قائمة تشمل أن الشبكة كانت وكالة تابعة للموساد، وكانت تابعة للاستخبارات المركزية الأمريكية وعملت لصالح الإخوان المسلمين وبوق للجماعات المسلحة من أمثال القاعدة والدولة الإسلامية في العراق والشام.

"إذا كانت إحدى الحكومات غير راضية، فستقول، "إنك مع المعارضة"، بغض النظر عن ماهية هذه المعارضة، أكانت إسلامية أو ليبرالية، أو أيًا كانت. وفي حال لم تكن المعارضة راضية، فستقول، "إنك مع الحكومة"، وهذا أيضًا بغض النظر عن ماهية هذه الحكومة.

"كل الاتهامات تناقض بعضها، بما يعني أن الجزيرة ليست أيًا من تلك الاتهامات."

وكونها إحدى منافذ الإعلام الهامة الوحيدة في العالم العربي التي بثت أخبار موجات المعارضة بين المواطنين في أوائل 2011 بشكل كامل، فقد أدت الجزيرة دورًا أساسيًا في الفترة السابقة لما يُسمى الربيع العربي وفي أثنائه. كما أن سواق يقول إنه محض "هراء" أن نُلمّح أن الجزيرة أشعلت الثورات، فهو أول من يدّعي أن الشبكة ساعدت في التأثير على الإطاحة بالقادة في أنحاء شمال أفريقيا.

"لقد أثّرت الجزيرة في كل هذا. ويقول "أحد أسباب إمكانية تضمين الجزيرة بين أسباب الربيع العربي هو أنها على مدار سنوات كثيرة منذ إنشائها، ظلت الجزيرة تُثقف الناس عبر تقديم المعرفة لهم ــ المعرفة الصحيحة، وليست المعرفة المزيفة ــ وإخبارهم بما يجري من أحداث، وتجلب أشخاصًا من مختلف التوجهات السياسية والأيديولوجية لمناقشة الأمور، أو للمناظرة، أو لتعليمهم أو لتوعيتهم بحقوقهم، وبحرياتهم." "إذا علم الناس بتلك الأشياء فبإمكانهم اتخاذ قراراتهم بأنفسهم. ومن المرجح أن الجزيرة كانت أكثر المصادر تأثيرًا، على الإطلاق.

"حين يرى الناس كيف خرج الشعب في بلاد عدة وتظاهر ضد القمع وضد الديكتاتورية، وكيف يمكنهم أخذ حقوقهم، فبمقدور الناس أن يصبحوا أكثر وعيًا، وأكثر رغبةً في الخروج والمطالبة بالتغييرات في سبيل الحصول على حقوقهم الديموقراطية.

"أما العنصر الثاني فهو أنه بسبب الإعلام الجديد ـ الجزيرة كانت رائدةً وغاية في القوة في استخدام الإعلام الجديد ـ وبسبب إمكانية البث المباشر من منطقة الاحتجاج، فقد تابع الناس الجزيرة وعرفوا ما كان يجري وصاروا أكثر استعدادًا للذهاب والمشاركة لأنهم يستطيعون رؤية أن ثمة مليون شخص كانوا بالتحرير (ميدان التحرير في القاهرة)، وذهب المزيد من الناس وحولوا المليون إلى مليونين وثلاثة ملايين.

"وحدث هذا أيضًا حين كانت الناس تتظاهر ضد الرئيس المصري السابق محمد مرسي وتطالب برحيله. فقد بثت الجزيرة الشيء نفسه ومن المحتمل أن الكثير من الناس قد خرجوا بسبب مشاهدتهم لكل هذا على الجزيرة. لذا فنحن نفعل هذا كجزء من واجبنا المهني وليس لرغبتنا لدعم طرف أو آخر."

وكانت إحدى أحلك ساعات الجزيرة إبان الإطاحة بالزعيم السابق لجماعة الإخوان المسلمين، الرئيس محمد مرسي، في يوليو 2013، حين أُلقي القبض على أربعة من صحافيي ومصوري القناة الإنجليزية بواسطة نظام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.

وحُكم عليهم بقضاء ما بين 7 و10 سنوات في السجن قبل الحصول على العفو من السيسي، والذي صار حينها رئيسًا وتعرّض لضغط دولي لإطلاق سراحهم.

واتهم الصحافيون الجزيرة بالفشل في حمايتهم. ومحمد فهمي يُقاضي الشبكة على "الإهمال الجسيم"، مدعيًا أنها وضعته في طريق الخطر عن طريق تضليله بشأن موقفها القانوني في مصر، وبث تقاريره مباشرةً على الهواء على قناتها المصرية، الجزيرة مباشر مصر، والتي حظرتها المحاكم المصرية بادعاء تأييدها للإخوان المسلمين.

ويدعي سواق أن التجربة كان من "المريع" الإشراف عليها ولكنه وجه اللوم إلى النظام السياسي المصري "غير القانوني، اللاعقلاني، غير المنطقي بالكلية". ويُصر على أن الجزيرة اعتنت بشكلٍ لائق بعامليها الـ 3000.

ويقول "كل صحافي في الجزيرة مُدرّب على التعامل مع بيئات الحرب، والتوتر. والجميع مُدرّب ليكونوا محترفين بالكامل، ولا يأخذوا الأشياء على محمل شخصي ... وأينما ذهبوا، إذا كان الوضع خطرًا ... فنحن نوفر لهم حراسًا شخصيين."

"ودائمًا ما نخبرهم أن عليهم تذكر شيء واحد فقط: حياتك أكثر أهمية بكثير من أية أخبار، لذا إذا شعرت بأنك قد تكون في بيئة خطيرة، أو أنك قد تصاب بالأذى، فما عليك إلا المغادرة.

"ومن المرجح أننا قدمنا أكثر بكثير مما بوسع أي شخصٍ آخر فعله. لا أذكر في حياتي ـ وأنا كبيرٌ بما يكفي لأتذكر الكثير ـ أية مؤسسة قدمت للأشخاص العاملين بها ما قدمته الجزيرة لأولئك الناس.

"هناك أشياء لا يمكننا الحديث عنها لعدم رغبتنا في إحراج هؤلاء الناس (الصحافيين). فقد ادعوا أشياء خاطئة للغاية وعلى النقيض تمامًا لما كانت الجزيرة تفعله. وفي بعض الحالات ربما شعر أولئك الناس بأن قضاء الوقت في السجن كان أليمًا للغاية، وعليه احتاجوا للتعويض بما هو أكثر بكثير مما يستحقون. أو ربما يكرر بعضهم ما كانت الحكومة المصرية تقوله ... وعوضًا عن مطاردة حكومة مصر، طاردوا الجزيرة.

"إنه لموقف مؤسف بحق ولكننا كنا ندعمهم بنسبة 100 بالمائة، بل وربما بنسبة 200 أو 300 بالمائة، لحين خروجهم من السجن، وعندما خرجوا اعتنينا خير عناية بمن رغب منهم في الاستمرار مع الجزيرة وبمن قال منهم "لست مع الجزيرة بعد الآن"، وقلنا لهم "نتمنى لك حظًا سعيدًا."

ومن المستبعد أن تهدأ حدة التعليقات في مسألة الصحافيين المحبوسين، ولكن الحادثة أدت إلى توجه الجزيرة نحو تبني الإعلان العالمي لحماية الصحفيين في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى معهد الصحافة الدولي. ويشتمل الإعلان على التوكيد على مسؤوليات الدول عن ضمان سلامة الصحفي.

ولكن فشل الجزيرة في حماية طاقمها لم يكن الاتهام الوحيد الذي وُجه للجزيرة أثناء تغطيتها الشاملة لثورة مصر الثانية. فقد اتُهمت الشبكة بشدة بدعمها للإخوان المسلمين، ودعم هذا مزاعم بأن الحكومة القطرية كانت تُكرّس ما قدره 6 مليارات دولار أمريكي لمصر تحت حكم الإخوان ــ وهو الادعاء الذي ينكره إنكارً قاطعًا.

وقد أصر بقوله "الجزيرة مستقلة وحرة ولا تعمل لحساب أي أجندة سياسية أو أيديولوجية على الإطلاق. ليس لدينا أي أجندات."

ويقول سواق إنه لم يتمكن أيٌ ممن اتهمنا، من إثبات أن تغطية الشبكة غير منصفة.

ويضيف "هذا هو السبب، على سبيل المثال، في أنه حين احتُجز صحافيونا (في مصر) وحضروا في قاعة المحكمة لم توجه المحكمة أي شيء ضدهم، فلم تقدم المحكمة إلا محض كلام."

"وقد أدانتهم المحكمة، بالفعل، ولكن هذا في خضم مسرحية سياسية لم يكن لها أدنى صلة بالمنظومة القانونية." ويضيف "نعم، لقد كان من نطق بالحكم هو قاضٍ، ولكن القاضي أيضًا نطق بمئات ومئات من عقوبات الإعدام في ساعة واحدة،" مشيرًا إلى القاضي سعيد يوسف وعقوباته بالإعدام التي انتُقدت عالميًا ضد أكثر من 1000 من مؤيدي الإخوان المسلمين في سلسلة من المحاكمات في أبريل 2014. ولقد خُففت بعضٌ من هذه العقوبات لاحقًا إلى السجن المؤبد.

وفي حين أن الدول العربية غالبًا ما حاولت إسكات التقارير الإخبارية الصادرة عن الجزيرة، فإن الولايات المتحدة أظهرت كراهيتها لبعض الشبكات التي تُصدر التقارير في أوقات مثل أوقات الحروب في أفغانستان والعراق.

فقد قصفت الولايات المتحدة مكاتب الجزيرة في كلٍ من كابول في 2001 وفي بغداد في 2003، حيث قُتل أحد صحافيي الجزيرة.

ويقول سواق "لم يُسعد الأمريكيين أننا كنا نصدر تقاريرنا من أفغانستان ومن العراق ومن غيرهما من المناطق لأننا كنا نُظهر الآثار البربرية لقصفهم."

وكانت الجزيرة هي الشبكة الدولية الوحيدة الحاضرة في أفغانستان وقت دخول الولايات المتحدة إليها في 2003، وهو الموقف الذي يذهل سواق.

ويقول في هذا الشأن "أفغانستان كانت بقعة مهمة بحق؛ فطالبان كانت هناك والأمريكيون كانوا يهددون بالتدخل. وليس عليك العمل في الإعلام حتى تعرف أن ثمة أمرا خطيرا على وشك الحدوث."

وساعد الشبكة موقفها كالذئب الوحيد على ترسيخ موطأ قدمها وبعد القليل من الوقت حصلت على مقاطع فيديو حصرية تحمل رسائل من أسامة بن لادن. وبينما اشترت الشبكة الأمريكية سي إن إن الحقوق من أجل بث هذه المقاطع، فقد انتقد الكثيرون الجزيرة على إتاحة منصة بارزة لبث ما اعتبروه دعاية لجماعة مسلحة على الهواء.

ويقول سواق، الذي كان حديث عهد بالشبكة في هذا الوقت، إن هذا كان "الشيء الصحيح الواجب عمله".

ويقول إن "الجزيرة لم تفعل هذا لتحصل على الاهتمام العالمي، ولم نفعل هذا لأننا نرغب في أن يتحدث الناس عنا؛ بل فعلنا هذا لأنه كان الشيء الصحيح الواجب عمله." "المنافذ الإعلامية الأخرى كانت تخشى من فعل هذا لعدم تمتعهم بالحرية أو لعدم امتلاكهم للاستقلالية أو لم يمتلكوا الجرأة والشجاعة لفعل هذا."

"ولا يمكنك ادعاء أنك تثقف الناس، وتمنحهم المعرفة، حينما تُمدهم بطرفٍ واحد منها فقط. فإذا أخبرت الناس ... بما يريد الأمريكيون أن يقال عن القاعدة، فأنت تقدم وجهة النظر الأمريكية عن القاعدة؛ ونحن نُمد الناس بوجهتي النظر. وفي الواقع ظهور الأمريكيين على الجزيرة، في الأغلب، كان لمرات أكثر بكثير من مرات ظهور القاعدة. ولكن على الأقل نحن نقدم الحد الأدنى مما كانت تقوله القاعدة، أو بن لادن.  حتى يستطيع الناس أن يسمعوا ... ويقرروا بأنفسهم.

"وقد تأكدنا دومًا أن كل شيء يُبث كان احترافيًا ومقبولاً من الناحيتين الأخلاقية والمعنوية. ولم نبث أي شيء ... إذا كان يحتوي على شيء مثل مطالبة الناس بالقتل. ودائمًا ما ننشر ما هو مهم سياسيًا ليعرفه الناس ولا نتجاوز هذا الحد."

وفي 2013، قررت الجزيرة أنها بحاجة إلى أن تتواجد في الولايات المتحدة لدعم وضعها كشبكة عالمية. وأُطلقت قناة الجزيرة أمريكا (Al Jazeera America) على شبكة كيبل تلفزيونية في أغسطس، 2013. ولم تدم أكثر من ثلاث سنوات.

ويلقي سواق باللوم على النصيحة السيئة كسبب لفشل القناة.

ويقول "ما لم يخبرنا به الاستشاريون أن أحد أصعب الأشياء الذي يمكن عمله في أمريكا هو التعامل مع شركات الكيبل؛ فهي قوية لدرجة تتيح لها أن تسحقك بمنتهى السهولة. وهي باهظة للغاية."

"وثانيًا، لم نكن على دراية تامة بالتغير الحاصل في العالم، وهو أن الناس يبتعدون عن الشاشة الكبيرة التلفزيون نحو إعلام جديد، وهو وسائل التواصل الاجتماعي."

وتبدو الإشارة إلى أن الجزيرة لم تكن على دراية بامتصاص وسائل الإعلام الرقمية للتلفزيون في 2013 فهذا إما جهل مطبق أو عذر ضعيف. والحقيقة، إذا كانت الجزيرة أكثر نجاحًا على قنوات الكيبل فمن المرجح أنها كانت ستبقى في أمريكا، إلا أنها عجزت عن جذب ولو نسبة ضئيلة من الجمهور التي يمكن للشبكات المنزلية اجتذابه. وتشير التقارير إلى أن عددا قليلا يقدر بـ 30000 شخص شاهدوا القناة في الليلة ذات نسبة المشاهدة المتوسطة ــ وهو الرقم الذي يرفضه سواق لأنه يصفه بأنه "سخيف".

ويقول "لقد حصلنا على ما يصل إلى 1.5 مليون مشاهد في بعض الحالات،" وفي حال الاعتراف بصحة هذا الرقم فإنه لا يزال يقل عن أمثال سي إن إن وفوكس نيوز، واللتين تحققان في المتوسط 6 مليون مشاهد لكلٍ منهما.

وخلُصت دراسة أجرتها الجزيرة لاستيعاب السبب في صعوبة اختراقها لسوق الولايات المتحدة إلى أن 67 بالمائة من الأمريكيين لم يعلموا أن للشبكة قناة محلية. ولكن، على حد قول سواق، أن الدراسة كشفت أيضًا أن الأمريكيين كانوا ميالين لمتابعة الأخبار المُقدمة إليهم من نفس الجهات الموالية لهم سياسيًا.

ويذكر إنه "إذا لم تتحيز لأحد الأطراف، فلا يمكن أن يشاهدك الناس بكثرة."

"فالناس أكثر اهتمامًا بمشاهدة سي بي إس، على سبيل المثال، إذا رغبوا أن يكونوا مع أوباما ويهتمون أكثر بمشاهدة فوكس نيوز إذا رغبوا أن يكونوا مع الجمهوريين، وعليك أن تتخذ موقفًا، وأن تُظهر أنك مؤيد لأحد الطرفين. ولم نحظَ بهذه الرفاهية لأننا محترفون وتواجدنا هنا لإعادة التوازن للإعلام، وليس لنصبح جزءًا من هذه المواقف المتطرفة."

ولكن بحلول الوقت الذي أعلن فيه إغلاق قناة الجزيرة أمريكا في يناير 2016، فإن الرئيس التنفيذي للقناة في هذا الحين أخبر طاقم العمل أن نموذج عملها "لم يكن مستدامًا" "في ضوء التحديات الاقتصادية في السوق الإعلامي بالولايات المتحدة".

وقد اقتطعت أسعار النفط والغاز المنخفضة لفترة مطولة جزءا كبيرا من عوائد حكومة قطر، مما إدى إلى ضرورة إعادة ترتيب أولوياتها في الإنفاق، في حين أشار المراقبون والخبراء إلى أن أمير البلاد المفدى، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قد أبدى اهتمامًا قليلاً بالجزيرة منذ تسلمه الحكم في 2013 من والده الذي أنشأ الشبكة.

ويقول سواق إن الميزانيات هي "شيء لا نتحدث فيه" لكنه يؤكد كذلك أنها قد خُفضت.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل