الهروب من الموت.. كيف تتم عملية إنقاذ المهاجرين؟
بعد انطلاق "سفينة الكرامة" لإنقاذ المهاجرين من سواحل صقلية الإيطالية إلى عرض المتوسط، وبعد يومين من البحث عن قوارب الساعين للهجرة قبالة سواحل ليبيا، استيقظ ركاب السفينة الساعة الثامنة صباحا على إخطار من المركز الإيطالي لتنسيق الإنقاذ.
النبأ: أربعة قوارب مهاجرين انطلقت ليلا من الساحل الشرقي للعاصمة الليبية طرابلس. فورا، انطلقت "سفينة الكرامة" إلى الموقع، واستعد فريق الإنقاذ.
راقبنا كيف تتم الاستعادادات، حيث وُزعت المهام على فريق الإنقاذ، بينما أبقى البعض أعينهم على المنظار في كل الاتجاهات باحثين عن الضحايا المحتملين لإنقاذهم قبل أن يواجهوا الموت.
منسق عمليات الإنقاذ في منظمة "أطباء بلا حدود" نيكولاس باباتشي شرح لنا على شاشة السفينة والرادار أن هذا وضع غير مألوف أن تنطلق أربعة قوارب في نفس الوقت ليلا من سواحل ليبيا بسرعة كبيرة، مشيراً إلى أنها في غضون ساعات أصبحت القوارب على بعد 30 ميلا بحريا أي 54 كيلومترا، وهذه تعتبر مسافة طويلة قطعتها القوارب خلال ساعات، بحسب نيكولاس.
بعد حوالي ساعة من وصول السفينة إلى الموقع المستهدف، عُثر على القارب الأول من خلال رصده على الرادار ورؤيته عبر المنظار.
الآن تتوقف كل المهمات الأخرى على متن السفينة إلا واحدة، هي إنقاذ من في القارب. فقد أُنزلت القوارب المطاطية التابعة لسفينة الإنقاذ وتوجهت نحو القارب المستهدف.
أول ما لاحظته أن القارب المطاطي الصغير مكدس بعشرات الساعين للهجرة، جميعهم لا يرتدون سترات نجاة.. دفع بهم المهربون إلى البحر ليلا بلا وسائل أمان، وأبلغوهم وهماً أن رحلتهم تستغرق أقل من 4 ساعات كي يصلوا إلى مبتغاهم، أي شواطئ إيطاليا. تبدو على وجوههم ملامح ممزوجة بين الخوف والتعب والفرح أيضا بأن هناك من سينتشلهم من موت محتم.
فريق الإنقاذ في هذه اللحظات منهمك في المهمة الأولى.. والمهمة الأولى هي التهدئة من روع المهاجرين، حيث يتولّى شخص من فريق الإنقاذ التحدث إلى المهاجرين بأكثر من لغة، الإنجليزية والفرنسية والعربية، يطمئنهم أولا بأنه سيتم إنقاذهم ثم يشرح لهم كيف ستتم العملية.
يسارع فريق الإنقاذ أولا إلى توزيع سترات النجاة ونقل الضحايا تدريجيا إلى السفينة عبر القوارب الصغيرة.
وهنا تتحول ملامح الرعب في عيون بعض المهاجرين إلى ملامح اطمئنان، لأنهم نجوا.. أما آخرون فالصدمة بدت عليهم، فهم غير مصدقين أنهم على قيد الحياة.
الحالة الطبية طبعا هي الهم الثاني بعد نقل المهاجرين إلى سفينة الإنقاذ، فكثيرون منهم مصابون بالجفاف أو بحروق ناجمة عن وقود المحرك، أو حالات انهيار نفسي بعد الرعب الذي عايشوه في البحر. فيباشر الطاقم الطبي في الفحص والمساعدة وتوفير الرعاية اللازمة.
ركاب القارب الأول، جميعهم أصبحوا على متن السفينة، حصلوا على الطعام والماء وغطاء. وبدأ الفرح تدريجيا يظهر على وجوههم، ولكن أغلبهم أبقوا أعينهم نحو البحر.. ذلك الذي كاد أن ينهي حياتهم بلحظات.
Comments