المحتوى الرئيسى

عبدالله بن بيه: الإسلام يحترم التعدد والتنوع.. والحوار واجب ديني وضرورة إنسانية | المصري اليوم

11/02 18:54

أكد الدكتور عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة عضو مجلس حكماء المسلمين، خلال فعاليات الجولة الرابعة من الحوار بين الشرق والغرب المنعقدة حاليًا بأبوظبي تحت عنوان «التعددية الدينية وحرية الاعتقاد»، الأربعاء، أن الحوار واجب ديني وضرورة إنسانية، وأن التعدد والتنوع دليل على قدرة الله وحكمته، قال تعالي: «ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين».

وأوضح أن الإسلام احترم التعدد والتنوع، حيث نبهنا الله إلى ذلك في قوله تعالى «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ» مشيرًا إلى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخلفاءه الراشدين احترموا هذا التعدد والتنوع، ونظروا إليه نظرة تقديس واحترام، متفهمين أن الأديان تتكامل ويتمم بعضها بعضًا كلوحة جميلة إذا ما عبثنا بها ضيعنا جمالها وإذا تركناها كما هي نشرنا بذلك السلام بين الناس.

وأعرب رئيس منتدى تعزيز السلم، عن خالص شكره وتقديره لدولة الإمارات المتحدة التي هيأت هذا الفضاء المنفتح الذي يسمح بطرح الأفكار النيرة والآراء المتسامية للخروج من الأزمة البشرية، وتقدم بالشكر والتقدير لكل من رئيس مجلس حكماء المسلمين ورئيس الطائفة الأسقفية الإنجليكانية على اهتمامها الرفيع بالحوار في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها الأمة.

وأكد أن الحوار واجب ديني وضرورة إنسانية، وليس أمراً موسمياً، وهو من أصل الدين ومن مقتضيات العلاقات البشرية، ويشهد للاستعداد الحاصل لدى جميع الأطراف لتقديم وجهات النظر النافعة والصالحة لحل مشاكل الكوكب الأرضي الذي نعيش عليه، كما أنه أهم قيمة يمكن أن تكون مفتاحاً لحل مشاكل العالم من خلال احترام الاختلاف بل حب الاختلاف بحيث ينظر إليه كإثراء كجمال كأساس لتكوين المركب الإنساني.

وقال: «إن سلوكنا الفاضل، وتسامحنا، وسخاءنا، وصدقنا، ووفاءنا، وأمانتنا من شأنه أن يقنع الآخر، وهو الإنسان الذي حمل نفس الإعجاب بتلك القيم أن يعاملنا بنفس المعاملة النبيلة، فالخير يدعو للخير، والسخاء يستدعي السخاء، وإن إقناعنا للغير بسلوك سبيل الخير أهم قضية إنسانية، والحوار ينبغي أن يكون أساسا في الانسجام واستيعاب الاختلاف وتحييد أسباب الصراع، ليتحوّل الاختلاف إلى ثراء وليس إلى عداء، ولم ينكر أو يتنكّر الإسلام لإسهام الأديان والحضارات في تشييد العمارة الأخلاقية للبشرية، وهكذا فإن اعتراف الإسلام بالتعددية الدينية ليس مجرد اعتراف بل هو احترام وتقديس .

وأضاف: «وجعل الله عز وجلّ البيع والكنائس مقدسة لا يمكن أن تمتد إليها يد الاعتداء، والتاريخ يثبت أنه لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفؤه هدموا كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار، وتلك هي الديانات التي كانت موجودة في المجال الحضاري للإسلام يومئذ، ولذا كان العلماء الربانيون المجددون على منهج النبوة عندما تمتدّ يد العبث والجهل إلى أماكن عبادة غير المسلمين يقفون في وجه ذلك الاعتداء، ولقد كانت صحيفة المدينة بيانا لا يرقى إليه شكٌّ وبرهانا لا تعتريه شبهة على موقف الإسلام من التعددية الدينية، فعندما أسس المسلمون أول تجمع ديني خارجاً عن سيطرة المشركين وعن اضطهادهم فكانت بذلك صحيفة المدينة أول ميثاق إنساني للمواطنة».

وقال: «إننا لا نزعم أن تاريخنا الإسلامي ناصع في كل فتراته، فنحن نفخر بصفحات مجده، وفي نفس الوقت نعترف بأنه تاريخ بشري تسري عليه السنن الكونية، فيه فترات إشراق وفترات ظلم فترات قوة وفترات ضعف، مراحل ريادة ومراحل انتكاس وتراجع، لكننا في الوقت نفسه نزعم أنه لم يعرف التاريخ دينا ولا أمة قبلت بالتعددية الدينية واحتوتها كالدين الإسلامي والأمة المنتسبة إليه، ولذلك كانت روح صحيفة المدينة وكلياتها ومقاصدها حاضرة في فعل الصحابة رضوان الله عليهم وهم يتصلون بالأمم التي كانت في زمنهم بحسب ما اقتضته ظروف الواقع، سواء كان هذا الواقع واقع سلم أو واقع حرب مفروضة استتبعت إجراءات شرعية كنظام الجزية مثلا الذي كان نوعا من الإجراءات المالية التي لا تجري على المسلمين الذين كانت عليهم الزكاة مفروضة واختُص بها غير المسلمين في ظل الإسلام».

وأشار إلى أن التاريخ شهد مآس ونكبات تعرضت لها الأقليات، نتيجة احتكاكات تاريخية جعلت بعض العلماء يصدرون أحكاماً قاسية على بعض الأقليات، لكنها تبقى استثناء بالنسبة للمسلمين لا يخرم القاعدة العامة، وحتى هذه الاستثناءات وجدت من علماء المسلمين في تلك العصور قوة وصلابة واستماتة في حماية الأقليات من الاعتداءات، لافتاً إلى أن حرية المعتقد قضية ظلت على مر التاريخ وكر الزمان وتنوع المكان مشكلة من مشاكل الإنسان.

وأضاف: «من الحكمة أن نعتبر ما قامت به دولة الإمارات في تحريم وتجريم التمييز والكراهية وازدراء الأديان، يمثل إجراء عقلانيا وحصيفاً وحكيماً، في مصلحة الجميع سواء أولئك الذين لديهم الرغبة الجامحة في تحقيق ذاتهم من خلال الإيذاء وإهانة الغير، وفي مصلحة بقية شرائح المجتمع التي تريد أن لا تتعرض مقدساتها لعبث بعواطفها العميقة، حيث أصبح هؤلاء يدركون أن الدولة تتحمل مسئوليتها في الحفاظ على النظام العام وليس عليهم إلا أن يرفعوا الأمر لها».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل