المحتوى الرئيسى

200 ألف بحار مصري.. عاطلون

10/31 09:29

 تعاني مصر من عدم وجود خطط واضحة أو استراتيجية قومية لتشغيل وتصدير العمالة البحرية المصرية للخارج،  فمازالت تلك العمالة تفتقر الي كيان مؤسسي خاص ومنظم يدعمها ويوفر لها فرص العمل المناسبة علي السفن الأجنبية، ووضعها على خريطة سوق العمالة البحرية الدولية، والتى يمكن أن  تحقق نتائج عدة تؤثر تأثيرًا مباشرًا في اقتصاديات التجارة البحرية، بخلاف ما تحققه للدولة من عائد ضخم يصب في شرايين اقتصادها، والذي يمكن أن يصل الي 20 مليار دولار سنوياً.  حيث تؤكد الدراسات  أن هناك 90% من البحارة المصريين في بطالة منذ سنوات طويلة ولا يعمل منهم سوى 11% فقط، حيث يبلغ عدد المصريين الذين يحملون جوازات سفر بحرية حوالي 200 ألف بحار، ويعمل من هؤلاء البحارة 4% فقط على السفن التجارية المصرية، والباقون على السفن الأجنبية ذات الجنسيات المختلفة.

رغم هذا الكنز الثمين الذى تملكه مصر إلا أن مسئولى النقل البحرى المصرى مغيبون فى ظل حالة عامة من الفشل وغياب التخطيط الذى حول كنز العمالة البحرية  إلى عبء عقيم لا حل له!!

«الوفد» تفتح الملف الذي يوفر مليارات الدولارات على  الاقتصاد المصري.

 يقول محمد ربيع مهندس بحري: قضية العمالة البحرية المصرية من أكثر من منظور ترتكز علي أهمية تنمية الموارد البشرية بالتدريب والتعليم، مما يؤدي في النهاية إلي زيادة الطلب عليها داخليا وخارجيا، وهي التجربة التي طبقتها احدي شركات الملاحة البحرية المصرية في أوائل الستينيات، ورصدت لها ميزانية كبيرة وكانت النتيجة زيادة كبيرة في الطلب علي هذه الكوادر المدربة من قبل شركات النقل البحري والترسانات والموانئ في مصر والخارج، لتميزهم وارتفاع مستويات تدريبهم المتكامل ودرجة تأهيلهم للعمل البحري وفقا للمعايير الدولية.

وأضاف: هى تجربة تستحق التسجيل والمتابعة نظرا لأن تكلفة هذا الإعداد والتدريب تعتبر عالية ومكلفة لذا تصبح العمالة البحرية المدربة وفقا للمعايير الدولية عمالة مطلوبة بشدة علي المستويين المحلى والعالمى، بما يعني ذلك فتح مجالات جديدة أمام العمالة المصرية‏. وحيث يوجد ما يقرب من‏200 ألف بحار من أعمال ومهن ومستويات تدريبية وتعليمية مختلفة‏ «‏ربابنة سفن ومهندسين وميكانيكيين وفنيين متخصصين وطباخين وغيرهم‏»،‏ يعاني معظمهم من بطالة منذ أكثر من عقد كامل من الزمان وتصل نسبة هذه البطالة أحيانا إلي‏90%‏ في بعض الفئات وهو الأمر الذي أدي إلي عزوف الشباب المصري عن الالتحاق بالمؤسسات والمعاهد التعليمية البحرية في مصر لندرة فرص العثور علي عمل مناسب، كما أن هناك نسبة تتجاوز نصف العمالة الحالية أعمارها تتجاوز الـ‏ 50‏ عاماً مما يجعلها غير ملمة بالتطورات التكنولوجية الحديثة في صناعة السفن والإلمام بالمعايير الدولية المعاصرة لمستويات التدريب‏، وهي المشكلة الأكبر في قطاع العمالة البحرية‏.‏

وأشار إلى أن هناك طلبا عالميا علي خدمات العمالة البحرية من جانب ملاك السفن خاصة من دول المجموعة الأوروبية، حيث يوجد نقص شديد في المعروض من العمالة البحرية المدربة لتشغيل السفن التجارية العالمية الحديثة، وهم يعتمدون حاليا علي العمالة البحرية الوافدة من دول جنوب شرق آسيا خاصة الفلبين، والتي يوجد بها حاليا ما يزيد علي 0‏50‏ وكالة لإلحاق العمالة البحرية بالعمل علي السفن الأجنبية، واكثر من‏250‏ معهدا بحريا للتعليم والتدريب البحري منها خمسة معاهد فقط تابعة للدولة‏.‏ ويصل عائد تصدير خدمات العمالة البحرية الفلبينية حاليا إلي ما يتراوح بين‏10 إلي 12 مليار دولار سنويا، وذلك بسبب التخطيط الاقتصادي المركزي الذي تضعه الدولة وتنفذه من خلال وكالات تشغيل متخصصة في إلحاق هذه العمالة بالعمل علي السفن الأجنبية، وأيضا توفير فرص العمل من خلال الاتفاقيات التي تعقدها الحكومة الفلبينية مع ملاك السفن الأجانب، وبواسطة النقابة العامة المركزية للبحارة الفلبينيين وتنافس الفلبين كذلك عدة دول منها الهند وروسيا والصين وأوكرانيا ولكن معظم هذه العمالة التي تقدمها هذه الأسواق هي فئة البحارة‏.

 في ظل الأزمة الاقتصادية ونقص الدولار التي تشهدها البلاد، فإن العمالة البحرية ذات المستويات عالية التدريب والتأهيل، طبقا للشروط والمواصفات التي تضعها المنظمات البحرية الدولية تحقق عدة نتائج تؤثر تأثيرا مباشرا في اقتصاد الدولة لما تحققه من عائد ضخم يصب في شرايين اقتصاد الدولة‏، والذي يمكن ان يصل إلي‏ مليارات الدولارات سنوياً.

تؤكد تقارير الخبراء المتخصصين بالمنظمة البحرية الدولية‏IMO‏.. أن مشكلة نقص العمالة البحرية المتخصصة مستمرة لعدة سنوات، وبالرغم من ذلك نجد أن حوالي‏ 3%‏ فقط من العمالة البحرية المصرية تعمل علي سفن مصرية وحوالي‏ 7‏% إلي 9%‏ تعمل علي سفن أجنبية، بالرغم من أن نصف نسبة الكوادر البحرية من المهن العالية مثل الربابنة والمهندسين البحريين بدرجاتهم ويليهما الميكانيكيون وأطقم الصالون، وهي نوعية المهن البحرية التي تأتي في المقدمة من ناحية النقص، ويتميز المصري بدرجة عالية من المهارة والكفاءة مقارنة بباقي الدول مثل الفلبين وروسيا وأوكرانيا‏، ولكن ينقص بعض البحارة المصريين التأهيل وخصوصًا من جانب الثقافة والسلوك الرشيد والتعايش فى المجتمعات المغلقة تحت الضغوط والظروف الطارئة، فى ظل خروج الأكاديمية عن المسار الذي أنشئت من أجله وهو إمداد الأساطيل العربية بالكوادر المدربة حتى غيرت اسمها من الأكاديمية العربية للنقل البحري إلى الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، ليصبح النقل البحري آخر اهتماماتها بعد أن كان تخصصها الوحيد لتصبح مؤسسة هادفة للربح فى المقام الأول تسعى على التربح، مما أدى زيادة البطالة في العمالة البحرية، بعد السماح بزيادة أعداد الخريجين، وأصبح بإمكان أى مواطن حاصل على مؤهل متوسط أوعالٍ استخراج جواز سفر بحري ما دام يحصل على الدورات الحتمية من الأكاديمية.‏

 لا بد من وضع خطة استراتيجية قومية لتشغيل العمالة البحرية المصرية والوصول الى حلول، تبدأ بالآتى :

 الوقف المؤقت لاستخراج جوازات السفر البحرية بالنسبة للمتقدمين الجدد لفترة تنتهي بتقليص عدد العاطلين من العمالة البحرية بكافة مستوياتها، وتكليف الإدارات المختصة لتقديم إحصائية توضح عدد الحاصلين على الجوازات البحرية ووظائفهم لتحديد حجم البطالة الحقيقي.

 إنشاء نقابة مهنية للضباط والمهندسين البحريين، حيث تفتقر الكوادر البحرية إلي كيان مؤسسي خاص ومنظم، يدعمها ويعمل المساهمة فى توفير فرص عمل مناسبة علي السفن الأجنبية ووضعها علي خريطة سوق العمالة البحرية الدولية بعد تدريبها وتأهيلها التأهيل المناسب لترقي إلي مستويات التدريب البحري العالمي ورعايتها اجتماعياً واقتصادياً.

 يجب تقنين الوضع الحالي لنشاط تشغيل العمالة البحرية عن طريق الوسطاء بموجب ضوابط تنظيمية، وذلك بالسماح للأفراد المصريين، أو الأجانب المعنيين بنشاط النقل البحري بأن يمارسوا نشاط تطقيم وتشغيل وإلحاق العمالة البحرية للعمل علي السفن الأجنبية، وذلك عن طريق شركات متخصصة لهذا الغرض بضمانات مناسبة وبموجب قرار ينظم هذا الشأن يصدر من وزير النقل البحرى، باعتبار ان نشاط تطقيم وادارة السفن وتشغيل العمالة البحرية هي من أنشطة النقل البحري، وكذلك بجانب ضرورة انشاء شركات أو وكالات تشغيل للبحارة بشكل مقنن، فإنه يمكن لشركات النقل البحري وخاصة شركات التوكيلات الملاحية السماح بإضافة نشاط تطقيم السفن وتشغيل البحارة علي السفن الاجنبية التي يمثلونها‏.

فى ظل انهيار الأسطول البحرى التجارى، الذى كان بإمكانه استيعاب مشكلة البطالة التى تشهدها البحارة، يجب السماح بتسجيل السفن المملوكة للأجانب تحت العلم المصري كتسجيل مفتوح FLAG OF CONVENIENCE مما سيسمح بوجود أعداد سفن كثيرة يمكنها استيعاب هذه العمالة.

 يضيف محمد حسن خبير بحرى: من المعلوم الواضح لكل العالم ان مصر تتمتع بأهم موقع ملاحي في العالم، حيث تربط البحر المتوسط والبحر الاحمر عن طريق أهم الممرات الملاحية منذ القرن الثامن عشر، وهي قناة السويس ناهيك عن انها تطل علي البحر المتوسط بحدودها الشمالية والبحر الأحمر بطول حدودها الشرقية، وما زلنا نعاني من ضم وزارة النقل البحري لتصبح قطاعا بوزارة النقل وهناك دول صغيرة علي البحر تمتلك وزارة للنقل البحري مستقلة عن وزارة النقل، فلا يصح ان من يتولي الاسفلت ان يشرف علي بحريين وقناة أيضاً، موضحاً أن القطاع البحري متنوع لدرجة معقدة ويصعب علي قطاع واحد إدارته. فالنقل البحري يشمل سفن البترول والصب الجاف والحاويات والسياحة والبضائع العامة ونقل الركاب والشاحنات، وإدارة الموانئ والبيئة البحرية والابحاث والصيد كل هذه قطاعات لا بد ان تكون لها وزارة واحدة منفصلة تديرها عقول دارسة للتجارة البحرية والعلوم اللوجيستية. هذا القطاع ايضا يفتقد للتخطيط والعمالة المدربة خاصة بعد انهيار قطاع بناء السفن الذي كان ممكن ان يدر علي مصر المليارات مع آلاف فرص العمل، حيث إنه لم يطور منذ سبعينيات القرن الماضي لنجد اكبر حوض إصلاح وبناء سفن بمصر هو فقط 33 الف طن في حين بلغت حمولات السفن العابرة للقناة ما فوق الـ 200 الف طن، ولذلك سبب اخر في عدم وجود فرص عمل للبحارة المصريين علي سفن أجنبية بسبب انهيار الاسطول التجاري البحري المصري، والحل الامثل هو إنشاء وتوفير اماكن جديدة علي البحريين لإصلاح وبناء السفن العملاقة.

وقال إن إنشاء سفن تابعة للدولة قد يكون بداية لأسطول بحري مصري. فالبحري الذي يعمل عند تلقيه عرضا بإحدى الشركات الاجنبية يترك مكانه لغيره من المصريين ويعزز الخبرة المصرية ايضا هناك العديد من القوانين البحرية المصرية التي لا تنطبق والمعايير الدولية كتسجيل السفن بالطرق البدائية والتفتيش البدائي، مما يجعل هناك مجالا للرشوة والفساد. فتسجيل السفن اصبح عن طريق مكاتب وفروع للدول وعن طريق الدفع والاستخراج الإلكتروني لتصل المستندات للسفن في اي مكان بالعالم، ولا يلزم إرسال السفينة لميناء مصري للتفتيش، حتي هذا جعل اصحاب السفن لا يقومون بتسجيلها طبقا للعلم المصري، وعلي هذا من القوانين العقيمة هي موافقة وزير النقل علي بيع اي سفينة لأجنبي مما يدمر صناعة السفن واللنشات، لأن السفينة المصنعة محليا تعتبر سلعة والمشتري ليس لديه وقت حتي يتسني له الحصول علي موافقة الوزير التي قد تستغرق شهورا.

وأشار إلى أن إصلاح وتطوير القطاع البحري، قد يدر علي مصر مليارات الدولارات ويخرجنا من ازمتنا الاقتصادية، ويوفر العديد من فرص العمل بالتطوير والتعليم وتعديل القوانين والإجراءات البيروقراطية، من ثم ايضا مصر بكل كيانها لا توجد بها هيئة اشراف دولية كاللويدز LLOYD'S هيئة الإشراف البريطانية وBV الفرنسية والايطالية والالمانية وغيرها وفتح فروع بالسفارات والدول علي ان تكون من المتخصصين الاكاديميين. ايضا تطوير المنطقة اللوجيستية بشرق قناة السويس. اعادة انشاء الشركة الوطنية للنقل البحري، والبدء في تصنيع وتشغيل سفن مصرية وإدخال التكنولوجيا الحديثة والمعلوماتية والقضاء علي البيروقراطية وانشاء شركة وطنية لتأمين السفن علي غرار شركات عالمية، وانشاء ترسانات صناعة سفن عملاقة او طرح اماكن لبناء ترسانات للشركات العالمية والنظر في القيود الامنية علي قطاع النقل البحري ووجود حلول لا تضر بالأمن، مما يتيح تسهيل الاجراءات والمحافظة علي الامن، النظر في قوانين الجمارك. وايضا النظر في جميع قوانين النقل البحري المصري ومراجعتها عن طريق متخصصين مما يتطابق مع المنظومة الدولية ويضمن سيادة الدولة. واخيرا وهو مطلب الجميع عمل وزارة مستقلة للنقل البحرى.

يقول الربان مدحت الخطيب إن مشكلة البحارة المصريين تكمن فى عدم وجود عدالة توزيع فى فرص العمل بالموانئ البحرية المصرية، وقطاع النقل البحرى للضباط التجاريين بعد أن أصبحت مقصورة على العسكريين فقط، فهم صناع القرار بغض النظر عن الامكانيات الفنية لهم ومؤهلاتهم وخبراتهم، مما أدى الى سقوط القطاع فى بئر سحيقة من الفشل، علاوة على عدم وجود احصائيات جديدة عن المشكلة وعدد البحارة لدى جهاز معلومات القطاع منذ 2009 كآخر احصائية وعدم انشاء نقابة للبحارة تابعة للحكومة للدفاع عن حقوقهم ومساعدتهم فى الحصول على فرص عمل، وانشاء وكالة قومية لتوظيف البحارة، مهمتها إيجاد فرص عمل لهم والاتصال بالتوكيلات الملاحية لتقوم بعمل تسويق للبحارة المصريين لدى الشركات التى تتعامل معها واخيرا الاهتمام بالنقل البحرى، وانشاء وزارة للبحرية التجارية لتكون الداعم الرئيسى لإنقاذه وتعديل التشريعات البحرية الخاصة، برفع العلم المصرى لاستقطاب ملاك السفن الأجانب وإنشاء نقابة للبحارة المصريين، وتكون قوية ومدعومة من الحكومة وفتح مجالات العمل فى الموانئ مع مراعاة الكفاءة وعدالة التوزيع.

يضيف الربان علي البنان، إن البحارة يعدون مصدرا للعملة الصعبة لأوطانهم بحكم شغلهم ومرتباتهم، إذا تم استغلالها ويتم تحويلها الي البلد مباشرة، ويتقاضي البحار مرتبه بالمصري في حساب له، مثل السياحة 90٪ من أطقم السفن في العالم فلبينيون يتم التعامل من الشركة مع الحكومة لضمان المصداقية، نحن دولة ليست بها وزارة نقل بحري، وبالتالي فلا وزير يهتم بصناعتنا، فالوزير هو وزير النقل والمواصلات ولما افتكروا قالوا والنقل البحري، نحن دولة بلا وزارة عمل تستطيع عقد اتفاقيات عمل مع شركات التشغيل «للبحر أو غيره».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل