المحتوى الرئيسى

بينما كانوا.. كنا نتحاور فى شرم الشيخ

10/30 22:22

بينما كانوا يتحالفون رغم عدائهم واختلاف مصالحهم لمواصلة معركة تحرير الموصل العراقية ممن سموهم «داعش»، وبينما كانوا ينتهكون أراضى حلب الشهباء السورية ويقتلون فيها كل ملمح لما كان وطناً، وبينما كانوا يغتالون يمناً كان وصفه ذات يوم «سعيد»، وبينما كانوا يواصلون هدم ما بدأوه بحلف عسكرى ادّعى إنقاذ العالم زوراً فى ليبيا، وبينما كانوا مجتمعين مع مبعوثيهم الأممين لمناقشة أوجاع أمتى العربية فى قاعات مكيفة وأمامهم فناجين القهوة الدافئة، وبينما تظاهر المتناحرون بقبول توافقات ترشيح «عون» للرئاسة اللبنانية و«الحريرى» لرئاسة الوزراء، وبينما كانت الرياض والدوحة وإستنبول يواصلون حفر الأرض تحت أقدام المنطقة، وبينما.. وبينما.. بينما كل ذلك كنا فى شرم الشيخ نتحاور معلنين رسالة واحدة: «سنكمل حماية وطن أياً كانت عداءات الحياة».

نعم أظهر مؤتمر الشباب، بحضور ما يزيد على 3000 شاب يمثلون نتاج حوارات جمعت مائة ألف شاب على مدى ثمانية أشهر ماضية، أننا أدركنا عمق الهوة فى التواصل وأننا ساعون بجدية لنزع فتيل التجاهل لقضايا تعالى عليها البعض، وأهملها البعض، وسعى لإشعالها البعض. كنا فى شرم الشيخ فى مواجهة بعضنا البعض للمرة الأولى منذ سنوات. مسئولين ومسائلين، كباراً وشباباً، سياسيين ومثقفين. وعبر التواصل تتكشف أمراض المجتمع التى طالت الجميع، وتتضح الحلول من أفكار بريئة وخطوات رسمية اتحدت جميعها لتحيا بلادى.

فى شرم الشيخ يهاجم كاتبنا يوسف القعيد، فى ندوة شرفت بالحديث فيها أنا والكاتب أحمد مراد، ذاكرة الشباب الملعونة -على حد وصفه- واصفاً إياهم بالجحود، مستخدماً عبارة «من منهم لم يرد قتل والده؟». أرد عليه بأنهم لو كانوا كذلك فلهم العذر بعض الشىء من تعليم أفقدهم الهوية، وتربية تركتهم للعمل فى الخليج وأغدقت عليهم المال عوضاً، ونخبة تعالت عليهم وسفّهت أحلامهم وإبداعهم لسنوات طويلة وسرقت غد أحلامهم. ولكن ما زال الوقت قادراً على منحنا التواصل عبر خزانة ذكريات كل منا التى يجب ملؤها بحب ومعرفة ليكون الانتماء.

فى شرم الشيخ جلس قادة الإعلام على المنصة يحاكمون بعضهم أمام بعضهم وجميعنا، تنصلوا من إعلام إبراهيم عيسى وأقرانه، قالت إشاراتهم وتعليقاتهم للناس: «إبراهيم المخطئ بمفرده وجميعنا صالحون». كل حلفائك خانوك يا ريتشارد، مارسوا ثقافة التعالى على بعضهم أمام الجميع وناقشوا الظاهر من القضية دونما نقاش لجوهرها. فلم يجرؤوا على القول إنهم جميعهم وكلاء إعلان لا إعلام فى زمن سيطرت فيه ماركات الصناعة العالمية الموصولة بأجهزة المخابرات على المضمون والشكل. وتناسوا أن يذكروا أن الإعلام لا يقتصر على السياسة ومصاطب المكلمة وساحات الرأى المنفرد، وأن من أهدافه الترفيه والتثقيف والمتعة والإخبار. وأن ما نسعى له ليس إعلام المخابرات العالمية كـ«البى بى سى» أو «السى إن إن»، أو «الدويتش فيله»، ولكنه إعلام الوطن القادر على حماية وعى المصريين لينقدوا واقعهم باحترام يسعى للبناء لا للهدم.

فى شرم الشيخ التقيت بأبناء لم ألدهم سألونى عن تقييمى لما قدموا وعرضوا من أفكار وطرح. فأجبتهم بأن المؤتمر كله خطوة لتقييم ذواتهم ليعرفوا مواضع أقدامهم وإلى أين يريدون التوجه. وصارحتهم أن قلة منهم كانت مبهرة فى عرضها وطرحها وتعلمت منهم. وبعضهم جاء مصاباً بأمراض النخبة التى حكمت عقله لسنوات، فافتقد المعلومة واعتمد على آراء، وبدا حريصاً على لقطة يسجلها لذاته وإن فقد حديثه المضمون الجاد المبتكر وسار على نهج من سبقوه، وأن بعضهم مارس سطوة الحديث على زملائه فمنعهم أخذ فرصة مثله فى الحوار رغم ما نادوا به من الحرية وتكافؤ الفرص. وقلت فيما قلت لمن بدا متخوفاً من يأس: «إياك وترك غدك، عافر لقيادته بعلم وإتقان وخلق. واعلم أن الحياة أبداً لم تكن عادلة فاعتد ظلمها وقاومه بجهد وسعى وتخطيط صائب واعتماد على الخالق فلن يضيع أجر من أحسن عملاً».

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل