المحتوى الرئيسى

تكلفة البطالة | المصري اليوم

10/30 00:14

البطالة ظاهرة. مثلها مثل أى ظاهرة. لها أسبابها وأعراضها. تأثيراتها ونتائجها. لكنها فى مصر ظاهرة غريبة. عجيبة. ربما مرتبطة بالثقافة العامة. بالتربية. بالأسرة. بالتنشئة الاجتماعية.

أعرف مصنع غزل فى برج العرب. اسمه سيتكور. أنشئ عام 2001. احتضنه الوزير السابق رشيد محمد رشيد. قوامه نحو 500 عامل. أنشئت مصانع مغذية لخدمته. ومصانع نسيج أخرى تُحوّل إنتاج هذا المصنع إلى منتج نهائى. أصابت الثورة تلك المصانع بالكساد. استردت عافيتها بعد فترة. قرر المصنع العمل بكامل طاقته. طلب تعيين 200 موظف جديد. وفر لهؤلاء الموظفين مساكن. مواصلات. 3 وجبات فى اليوم. بينها وجبة رئيسية «لحوم أو فراخ». إقامة كاملة. استمر العمل شهراً واحداً. تلقى المصنع فى نهايته 202 استقالة!

نسبة البطالة تقترب من 13% وفقاً للإحصاءات الرسمية. أعتقد أن النسبة أكبر بكثير. لكن هل هذه النسبة بسبب عدم تواجد فرص العمل. أم أن هناك أسباباً أخرى؟

المثال الذى سُقته قد يكون جزءاً من الإجابة. تخيل إن كان لك أخ أو ابن. لا يعمل. هل تبخل عليه بمصروف يومى. 5 جنيهات. 10 جنيهات؟ لا أعتقد أنك ستبخل عليه. جميعنا يقول ظروف البلد سيئة. الشباب لا يجد عملاً. لا يجد فرصاً. الآلاف يهاجرون فى مراكب الموت.

فى المقابل. ماذا سيكون اختيار أى شاب. هل قضاء وقته بين المقاهى مع أصدقائه. يشاهد المباريات. يتبادل الضحكات. الروايات. الأحاديث المسلية. يذهب إلى منزله فى آخر اليوم. أم يختار الوقوف أمام ماكينة غزل فى إطار يوم كامل من العمل الشاق. وربما لا ينام فى منزله فى نهاية اليوم؟ هل سيختار يوما كاملا من السعادة. أم يوما كاملا من الشقاء. خاصة أنه فى مرحلة الشباب. ليس مسؤولاً عن شىء. ليس ملتزماً بتربية أولاد. أو تعليمهم. أو مسؤولاً عن جواز ابنة أو شقيقة. لا يعالج أحداً؟ أعتقد أنه سيكمل مشواره على خطى مرحلة التعليم. كانت كلها سعادة. ضحك. كما تعود دائماً. لذلك لا يجب أبداً أن نتعجب ممن يستقدمون عمالة من الخارج. لمصانعهم. أو حتى لبيوتهم.

أحد أصدقائى. هو وزوجته من العاملين والعاملات. يحتاجان إلى من يرعى أبناءهما. يكون مسؤولاً عن منزلهما. اشتكى لى من عدم قدرته على تحمل مصاريف العاملات الآسيويات. كان فى السابق يستطيع. الظروف تغيرت. تساءل: لماذا لا يكون هؤلاء من مصر؟

العاملة التى نستقدمها من آسيا. من الفلبين وإندونيسيا. أو غيرهما من الدول. تحصل على راتب شهرى من 300 إلى 600 دولار. من 5 إلى 10 آلاف جنيه. هذه العاملة ليس لها بديل فى مصر. لا يتقدم أحد لتلك الوظائف. ينظر إليها على أنها مهن وضيعة. رغم أنها فى جميع الدول المتقدمة مهن محترمة. إنجلترا مثالاً.

نترك الوافد يحصل على 10 آلاف جنيه شهرياً. بينما المواطنون يعيشون على الفتات. ليس لدينا معاهد لإعداد العمالة من هذا النوع. تدريبهم على هذه الخدمة. مواصفاتهم. أدوارهم. ملابسهم. مبيتهم. حقوقهم. هذه المهن تحتاج مهارات خاصة. يجب الانتباه إليها.

أجر عامل الزراعة حالياً يصل إلى 70 جنيهاً يومياً. مجرد عامل عادى. لا يجيد أى شىء. أما أجر الفنى الذى يعرف كيفية تقليم الأشجار مثلاً. يصل إلى 120 جنيهاً. رغم ذلك لا تجد هؤلاء العاملين. ليسوا متوفرين. لن يقبل أحد العمل فى هذه المهنة أيضاً.

لن أدعو أى جهة رسمية لإجراء دراسة عن العمالة السورية فى مصر. سأطلب منك أن تزور مدينة الرحاب. أو 6 أكتوبر. تجول فيهما. اسأل عن السوريين هناك. لن تجد عاطلاً. كل أفراد الأسرة يعملون. الأب. الأم. الابن. الابنة. ستكتشف النسبة بنفسك. ستندهش منها. سترفع لهم القبعة.

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل