المحتوى الرئيسى

مؤتمر الشباب.. ونظرية الأبيض والأسود

10/29 21:22

هل من المعقول أن يكون نظرنا وتعاملنا مع كل شىء فى حياتنا بمنطق إما أبيض أو أسود؟

قد يصح هذا المنطق حينما نكون فى حالة حرب مع عدو خارجى، أو حتى حينما تكون هناك موجات إرهابية ضخمة، وحتى هذه الأمور صارت نسبية فى كثير من البلدان، وصار الجدل فيها كبيرا مثلما حصل فى العديد من البلدان الغربية التى تعرضت لعمليات إرهابية.. كل شىء صار قابلا للنقاش طالما كان بعيدا عن التخوين.

ما هى مناسبة هذا الكلام؟

الأمر ببساطة هو رد الفعل الغريب على المؤتمر الوطنى الأول للشباب. البعض تعامل معه باعتباره البوابة التى ستحل كل مشاكل مصر الآن وفورا، والبعض الآخر نظر إليه باعتباره لم يحقق أى شىء يذكر.

والحقيقة هى دائما فى المنتصف بين هذا وذاك. السياسة لا تعرف الأبيض والأسود، لا يوجد فريق أو تيار على صواب كامل وآخر على خطأ كامل.

عندما قرأت ردود الفعل على المؤتمر حتى قبل أن يبدأ، كان الأمر صادما. بعض المؤيدين للحكومة، اعترضوا عليه تماما، لأنه دعا بعض المعارضين لحضوره، ورأوا ذلك تنازلا كبيرا. البعض اعترض على مجرد دعوة الزميل إبراهيم عيسى للحديث أمام ندوة الإعلام. ثم اعترضوا أكثر بعد الندوة مستغربين كيف يقبل الرئيس أن يجلس فى مقاعد الحاضرين بينما إبراهيم عيسى يطالب بالإفراج عن المحبوسين وضرورة التعددية؟!!.

وبعض المعارضين هاجموا المؤتمر أيضا قبل أن يبدأ قائلين إن الحكومة غير جادة، وإنها دعت المؤيدين فقط، وفى رواية أخرى المخبرين، وفى رواية ثالثة المنافقين.

الغريب أن هؤلاء المعارضين يلومون على الحكومة أنها تتبع نفس المنهج الذى ينتقدونه. جزء كبير من المعارضين كان يطالب قبل المؤتمر بأن تعدل الحكومة قانون التظاهر، وأن تفرج عن المحبوسين خصوصا الشباب، وأن تفتح نقاشا حول قضايا المجتمع الحقيقية مثل التعليم والخطاب الدينى. هؤلاء فوجئوا بأن الحكومة استجابت بالفعل وقررت تكوين لجنة للإفراج عن المحبوسين وبحث تعديل قانون التظاهر.المفاجأة أن غالبية المعارضين لم ترحب بهذه الخطوة التى طالبوا بها كثيرا.

تقديرى الشخصى أن كلا الطرفين المؤيد جدا والمعارض جدا، لديهما مشكلة كبيرة هى أحد الأسباب الرئيسية لمشكلتنا الأكبر فى مصر، وهى أن كل طرف يريد أن يحقق كل مطالبه بنسبة مائة فى المائة ويقصى الآخر وينفيه ويبعده.

شخصيا كتبت قبل وأثناء وبعد المؤتمر أقول بوضوح إن الفيصل الأساسى لتقييم المؤتمر هو ما يتحقق على الأرض وكتبت قبله أحذر من الوعود المبالغ فيها، كما حدث فى المؤتمر الاقتصادى فى مارس ٢٠١٥.

والسؤال موجه إلى الطرفين المتطرفين: ما الذى يمنع الانتظار حتى نرى النتائج على الأرض؟

بالنسبة للمتطرفين فى تأييد الحكومة والرئيس، أقول لهم أنتم تضرون الحكومة أكثر مما تفيدونها، والسبب أن انعزالها عن الناس وإقصاءها لكل المختلفين معها «هيودينا جميعا فى داهية»، وبالتالى لا تكونوا مثل الدبَّة التى تقتل صاحبها.

وبالنسبة للمتطرفين فى كراهية الحكومة والرئيس أسأل: إذا كنتم تطالبون بالإفراج عن المحبوسين، وتعديل قانون التظاهر، ثم يعلن الرئيس قبول ذلك.. هل الأفضل أن نرحب أو حتى نصمت فى انتظار التطبيق، أم نرفض ونهاجم ونرى أن كل شىء سيئ وكارثى؟!!.

أفهم أن يكون هذا الموقف السوداوى مقصورا على الإرهابيين والمتطرفين؛ لأنهم عدميون، لكن لا يمكن فهم هذه السوداوية عند بعض السياسيين والإعلاميين الذين يرفضون أى شىء من دون تفكير، حتى لو كان هو جوهر ما يطالبون به ليل نهار.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل