المحتوى الرئيسى

المصريون وفرعون موسى..

10/29 15:51

اقرأ أيضا: كل عام ونحن "المفروض" بخير! المجلس القومى لحقوق الفنان! لقد كبرت يا أمي..! الوهابية.. والمايوه رسالة إلى الله

بات معبد "رمسيس الثاني" بأبو سمبل جنوب مدينة أسوان، منذ نقله للجهة المقابلة له، لظروف العمل بالسد العالي وإنشائه في ستينيات القرن الماضي.. جزءًا من منظمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، فأصبح من حينها بؤرة جذب سياحي، وقبلة للسائحين، يشدون لأجله الرحال من كل حدب وصوب.. لا سيما يومي تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني، في الثاني والعشرين من شهر فبراير، وهو يوم جلوسه على العرش، والتعامد الثاني يكون في الثاني والعشرين من شهر أكتوبر (وكان منذ أيام) وهو يوم ميلاد الملك..

"يوما التعامد" ذلك الحدث التاريخي الأشهر بمصر، وربما العالم أجمع، ولولا حفاوة الشمس، والتزامها بالتوقيت الذي حدده علماء الفلك بالدولة المصرية القديمة، ما كان لتلك الظاهرة أن تستمر، وأن تنال هذا الكم من الشهرة والصيت العالمي.. فباب المعبد مفتوحٌ للزائرين طيلة أيام العام، ولكن يتم تسليط الأضواء العالمية عليه أكثر في يومي التعامد، ويشهد توافد أعداد أكبر للسائحين، ومن ثمَّ تحتفل الدولة المصرية بتلك المناسبة، والتي ربما لولا شغف العالم بذلك الحدث، ما كانت تولي هذين اليومين اهتمامًا من الأساس! 

فتقيم احتفالاً "متواضعًا" بحضور وفد رفيع المستوى، متمثلاً في محافظ مدينة أسوان، وبعض رجالات الأمن والدولة، كم ليس بالكثير من مثقفين، فنانين، إعلاميين "غالبيتهم للتغطية الإخبارية"، وتقديم لوحات استعراضية "ذات أداء فني متوسط" لفرق الفنون الشعبية لمحافظات الجنوب، فضلاً عن تواجد أمني مكثف..

هذه تقريبًا مظاهر الاحتفال بتعامد الشمس بيوميها على وجه رمسيس الثاني، ولكن في تعامد فبراير، يكون الاحتفال أكثر صخبًا وتأثيرًا، بإقامة مهرجان دولي وحضور فرق استعراضية عالمية..

أما الزائرون يومي التعامد.. يتوافد السائحون "وليس المصريون" -لاسيما اليابان الدولة الأكثر حضورًا- على المعبد، بعد منتصف ليل الحادي والعشرين، ويفترشون الصفوف الأولى بالممر الضيق "الخالي من الهواء" والمؤدي إلى غرفة قدس الأقداس، وهم جالسون في وضع القرفصاء و"متربعين"، وحالة من الهدوء تسود المكان، ولا مجال لشكوى من ضجر أو سئم أو تذمر، ويظلون هكذا لساعات في انتظار شروق شمس الثاني والعشرين وتعامدها على وجه رمسيس الثاني..

فلا عجب في تهافت السائحين على هذا المكان وغيره من الآثار المصرية، فإنهم منذ نعومة أظافرهم يدرسون أسرار الحضارة المصرية القديمة، وأضحى حلمًا للكثير منهم زيارة البلد التي طالما رأوه ولمسوه عبر صفحات كتبهم الدراسية..

لكن... أين "المصري" صاحب الأرض والمكان والحضارة من هذا الحدث ذي الثقل الثقافي والتاريخي؟

فإن عدد الحضور من المصريين داخل المعبد، لمشاهدة التعامد، لا يتعدى أصابع اليدين في بلد تعداد ساكنيه بالملايين! بينما البقية في وادٍ آخر؛ فتجدهم في الحفلة التي تقيمها إحدى فرق الفنون الشعبية بسوق أبو سمبل السياحي، في ليل الحادي والعشرين منذ الساعة التاسعة وحتى منتصف الليل، وبعد انتهاء الحفل يرمحون ويتجولون المكان، حتى حضور الجزء الثاني من الاحتفالات بعد التعامد والتي تقام أمام ساحة المعبد.. فهم ما أتوا إلا للحفلات ومشاهدة الفرق الراقصة!

وهذا يثير التساؤل حول مدى علاقة المصري بحضارته "الأم".. الحضارة المصرية القديمة؟ ومعالمها الأثرية؟ ولا مبالاته وعدم اكتراثه بها؟ فهناك البعض ينظر للحضارة المصرية القديمة على أنها (كافرة)؛ لأنها لا تدين بدين سماوي، واتخذت من دون الله أربابًا! ولكن إلى متى سيظل الفصل والتعارض والخصومة بين الدين والحضارة؟! فالدين أرقى من هذا.. ولكنه الشعب المصري المتدين بطبعه!!

بينما يختزلها آخرون بأنها مجرد (حجارة صماء!!) ولا تستحق عناء ومشقة الطريق منها وإليها، وإهدار المال لأجلها، وبالتالي ليس ثمة نفعٌ ما سيعود على زائريها!

وفي كلا الحالين.. سواء كانت الحضارة كافرة أو مجرد حجارة لدى البعض! فهذا التقصير المتعمد، مسئولية الجهات والوزارات المعنية، بتثقيف وتوعية الشعب المصري بصفة عامة، والتي دائمًا خارج نطاق الخدمة كوزارة التربية والتعليم، والتعليم العالي، والآثار، والسياحة بهيئاتها، كهيئة تنشيط السياحة والتي من الأنسب تغييرها إلى هيئة "انهيار" السياحة! 

وللإنصاف.. فإن الشعب المصري يتحمل جزءًا من عدم وعيه  تثقيفه ذاتيًا وتكاسله عن الركض وراء العلم والمعرفة، حتى بتاريخ البلد الذي يعيش فيه! 

وبالعودة لمعبد رمسيس الثاني (جوهر مقالي) وعزوف المصريين عنه، وزيادة عما سبق ذكره، فإن لبعد المسافة بجنوب البلاد والتي لا تروق للبعض، غير الحالة الاقتصادية الصعبة وموجة الغلاء التي ضربت البلاد مؤخرًا، ودوامة اللهث وراء لقمة العيش، غير عدم الانتماء الذي يعيشه المصري هذه الأيام تجاه بلده... كل هذا حال دون زيارة المعبد وقت التعامد، بيد أن الكثير كان يجهل وقت التعامد من الأساس!!

ولكن الأهم ربما من كل ما سبق.. هو ارتباط رمسيس الثاني في الأذهان بأنه "فرعون موسى"، الذي مارس كل صنوف التعذيب والتنكيل والبطش، ضد كل من خالفه الرأي والعقيدة، وآمن بالله دونه، ولم يرحم أحدًا.. كهلاً.. أو امرأة أو طفلاً رضيعًا.. فلا جدوى من زيارته ولا داعي لها..

ولكن من الصعوبة بمكان محاكاة أحداث التاريخ، ومحاولة تطابقها، بما ورد وذكر في الكتب المقدسة، ومن أهمها القرآن الكريم.. وبرغم هذا نجد فرقة من علماء الآثار والمدارس الأثرية التاريخية، تؤكد أن فرعون موسى هو رمسيس الثاني، ولا يخالجهم أدنى شك في يقينهم هذا!

بينما آخرون ينفون عن رمسيس الثاني كونه فرعون موسى... ودليلهم..

أولاً.. فرعون (اسم علم) أي اسم رجل مثل هامان، قارون، موسى.. وإنه عندما نادى الله فرعون في كتابه العزيز، ناداه مجردًا من أداة التعريف (ال) كما ورد في آية (4) من سورة القصص "إن فرعون علا في الأرض"، وكأن الله يخبرنا عن رجل اسمه فرعون، وبالتالي فهذا اسم وليس سمة أو صفة مَن كان يحكم مصر وقتها، كرئيس أو سلطان... إلى آخره من مسميات ومصطلحات الحاكم..

 وينطبق هذا على (ملك) نبي الله يوسف، حيث ناداه الله في سورة يوسف بالملك وجاء معرف بـ(ال)، وبالتالي فإن الملك هنا هو نوع الحكم (الملكي) لمصر وقتها، وليس اسم الحاكم.. وكلتا القصتين دارتا أحداثهما على أرض مصر..

ومن ثمَّ فإنّ مسمى أو صفة الحاكم المصري بالدولة المصرية القديمة، ليس "فرعون"، وأن من حكمنا ليسوا "فراعنة" وأن مَن ألصق حكم الفراعنة لمصر هم (اليهود) لما يتماشى مع نغمة الخروج والعذاب والشتات، لذا فالأفضل القول بأن مَن حكم مصر في العهود الأولى.. هم المصريون القدماء وفي عهد الدولة المصرية القديمة..

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل