المحتوى الرئيسى

"ثلاجة السيسى" نكتة الموسم

10/29 12:25

استنكرت الكاتبة الصحفية جيهان فوزي،حملات السخرية من كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي بؤتمر شرم الشيخ ،وحديثة عن الثلاجة معتبرة أن ذلك من قبيل الهري الذي يقلل من هيبة الدولة ورئيسها.

ودافعت "فوزي"، في مقال لها على صحيفة "المصري اليوم" بعنوان " ثلاجة السيسي" عن تلقائية الرئيس تلقائية الرئيس مشيرة إلى أن هدفها الاقتراب من الجماهير بعيدا عن الخطابات المطولة الممهورة .

«الهرى» عنوان اللغة السائدة في الشارع المصري في مرحلة تتلألأ فيها شظايا الاتهامات للنظام وكل من يدور في فلكه، يترصد العدائيون كل ما يقال بعفو الخاطر الذي كان لابد له من اختراق القلب والضمير لأنه يخرج تلقائيا دون رتوش تجمل ملامح الجمل والكلمات، لكن ما يحدث عكس ذلك، تلك التلقائية أصبحت مجالا للتندر والسخرية والامتهان، تنطلق أهازيج السخرية من خلف الأبواب مولولة على حالها وتتقمص دور الضحية لتوارى عوراتها وتتشبث بزيف الحقائق وتؤثر تصديق الأكاذيب، تنسج خيوط البدعة بأن السخرية من أنفسنا ضرورة ملحة لتخفيف وطأة المعاناة، لكن عندما تنقلب «خفة الدم» المتوارثة منذ أجيال ممتدة إلى إساءة وانعدام تقدير وامتهان للكرامة، تصبح لغة السخرية من النفس أقرب إلى انتهاك الجسد وتعريته بقصد دون خجل، والتباهى بإظهار عوراته بدلا من سترها، كل ذلك لا يصب في مساحة خفة الدم أوالفكاهة التي تميز بها المصريون على مر العصور بقدر ما تقلل من شأنهم وتحط من قدرهم، فليس هناك تبرير مما يتحدث به الرئيس في كل محفل أو مناسبة سوى النيل منه والتقليل من شأنه ومن هيبة الدولة، ليس من مصلحتنا الانحدار في لغة الحوار والتندر إلى هذا التدني والإسفاف الممجوج والنكات المصنوعة التي تخدم اتجاهات وتيارات بعينها ترصد طوال الوقت وتترقب كل هفوة لتحولها إلى كارثة لتنال من استقرار بالكاد نحاول تثبيته.

عندما يطلق الرئيس عبد الفتاح  السيسى العنان للتلقائية في خطاباته لتشق طريقها إلى عموم الناس دون ترتيب أو تحضير فهو يشعر بقربه منهم وحاجتهم لفهمه بعيدا عن العبارات المنمقة والكلمات المحسوبة، ورغم التحذيرات والنصائح المتكررة له بعدم الارتجال لما يسببه له من حرج بهدف النيل منه ومن هيبة الرئاسة، غير أن الرجل آثر الاستماع إلى قلبه وما يمليه عليه ضميره، لتخرج الحقيقة صادقة دون رتوش حتى لو كان مستهدفا ومحاطا بميليشات إلكترونية لا تبتغى أكثر من وضعه في دائرة الاستهزاء والاستخفاف، وتأويل ما لم يقال واستبطان ما ليس له وجود، وإطلاق الأكاذيب والشائعات بغية الانتقاص من هيبة الرجل وإثارة الرأى العام، وجميعنا نعرف من هم؟ وماهى أغراضهم؟ ولماذا هذا التركيز في الشكل دون المحتوى؟!.

تلقائية الرئيس السيسى هدفها الاقتراب من الجماهير بعيدا عن الخطابات المطولة الممهورة بلغة بلاغية رصينة ربما تكون مملة لمعظم المنصتين ومعروفة لديهم سلفا، وكنا نرى ذلك في الخطابات التي كان يلقيها مبارك والجالسون شبه نيام ولا أحد يكترث لما كان يقوله أو يشير إليه أو حتى يحاول تحليل محتواه، لكن ما يحدث مع السيسى شيء آخر، وأغراضه خبيثة والترصد من أهل الشر واضح لا تخطئه عين، «آخر محطات الهرى والتلسين ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعى من تعليقات وهاشتاجات ونكات ساخرة حول "ثلاجة السيسى". انتهت الأزمات وانفضت المجالس من الحديث في أزمة الدولار وغلاء الأسعار وهموم المعيشة وما سيحدث في 11/11.. إلخ، نسوا كل ذلك والتفتوا إلى ثلاجة السيسى الخاوية لمدة عشر سنوات إلا من الماء، وهو تعبير مجازى أراد به الرئيس التأكيد على الاكتفاء والتسلح بعزة النفس وتحمل الظروف الصعبة التي تمر به البلاد والعباد، لم يكن القصد منها ما يتم تداوله بسخرية لاذعة "غض النظر عن الفقر والاقتناع بما يتم تحقيقه"، حتى وإن خانه التعبير وذهب إلى حد المبالغة بسقف الطموح والتمنى إلى أبعد من ذلك لاجتياز المرحلة الصعبة التي تعيشها البلاد.

الأخطاء التي يتم تصيدها للرجل مقصودة، والمتندرون بها لا يعنيهم سوى تشويه الرجل إما لأنهم وجدوا أنفسهم خارج حسابات السلطة والحكم، أو لأنهم يعملون لصالح أجندات خارجية وينفذوا تعليمات محددة لهدم الدولة، أو ليثبتوا لأنفسهم أنهم معارضون من أجل المعارضة دون منطق أو طرح البديل، لكن من غير المفهوم أن يلتقط الناس طرف الخيط وتصبح ثلاجة السيسى نكتة الموسم ولغة العصر ومادة للإفيهات والتهكم في كل حديث بشكل مبالغ فيه، وكالعادة نستسهل المعنى السطحى ونتجاهل المغزى والمحتوى.

صحيح أننا نتعرض لأزمات اقتصادية متتالية لا ناقة لنا بها ولا جمل، وصحيح أن هناك فسادا ضرب كل شيء والدولة عاجزة عن مواجهته، وهناك حلقات مفقودة لإدارة الأزمة لا نعرف أين اختفت ومن المسؤول عن لغز اختفائها؟ لكننا مسؤولون بقدر عما يحدث من أزمات بالهروب من المواجهة رغم أننا في مركب واحد، إما أن نجدف معا للوصول إلى بر الأمان دون تخوين أو توجيه سهام انتقاداتنا وتصدير إحباطاتنا وشكوكنا، أو نغرق جميعا في دوامة الأزمات التي يريد لها البعض أن تبقى مستعرة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل