المحتوى الرئيسى

نجم الجيل الثاني من الملحنين والمطربين

10/29 00:57

لم يكد لبنان يودع في العقد الاول من القرن الجديد، من بقي على قيد الحياة من نجوم الجيل الاول من كبار الملحنين (زكي ناصيف، منصور الرحباني، توفيق الباشا)، وكبار المطربين والمطربات (وديع الصافي، صباح)، حتى انطلقت في العقد الثاني من القرن الجديد، بداية رحيل نجوم الجيل الثاني من الملحنين والمطربين، ففقدنا سمير يزبك، وها نحن نفقد الملحن والمطرب الموهوب من نجوم الجيل الثاني ملحم بركات.

نما هذا الجيل وترعرع في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، عندما كانت النهضة الفنية الكبرى في لبنان قد انطلقت على أيدي الرحابنة وزكي ناصيف وتوفيق الباشا وفيلمون وهبي في عزّ تألقها ونضجها مكملة نهضة الجيل الثالث في القاهرة من كبار الملحنين والمطربين والمطربات في المرحلة التاريخية نفسها، فيما سماه بعض النقاد عصر عبد الحليم حافظ (جيل كمال الطويل ومحمد الموجي وبليغ حمدي وسيد مكاوي ومنير مراد).

وقد كان طبيعيا ان تكون سلسلة الحفلات الموسيقية والغنائية التي أطلقتها «مهرجانات بعلبك» و «فرقة الأنوار»، هي المسرح الطبيعي الذي لمع فيه الموهوبون من شباب الجيل الجديد ومنهم المطرب (في البداية) ملحم بركات، الذي عرفه الجمهور أول ما عرفه من خلال فرقة الأخوين رحباني، بأغنية شهيرة من ألحانه وغنائه الى جانب المغنية الجديدة جورجيت صايغ: «بلغي كل مواعيدي».

تميز صوت ملحم بركات منذ البداية، وظل كذلك حتى النهاية، بمساحات صوتية واسعة في كلّ الطبقات المنخفضة والوسطى والعالية. وكان يغني على كل هذه المساحات براحة كاملة ولمعان صوتي باهر، مع أنه لم يعرف عن ملحم بركات تخرجه من معهد موسيقي. ولا غرابة في ذلك، فقد كان ملحم بركات قد استعاض عن الدراسة الاكاديمية، بأنه تتلمذ أول ما تتلمذ على عصر محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وملحنيها. حتى أنه روى لي في اللقاء الشخصي الوحيد الذي جمعني به (وكان في بداياته الاولى)، أن والده المغرم بالغناء العربي كان يبهره كلما سمع منه رغبة في احتراف الغناء، فيقول له: شوا ريح تعمل، ما في عبد الوهاب عم بيغني؟

كذلك، كان ملحم بركات ابن البيئة الفنية الغنية في كفرشيما (منشأ العبقري فيلمون وهبي، ومقر العبقري حليم الرومي بعد هجرته من فلسطين)، قد انغمس ايضا في بحر النهضة الموسيقية والغنائية التي عرفها لبنان في منتصف القرن العشرين. لذلك، لم يكن غريبا على المطرب المتميز ملحم بركات أن يبدع في أداء كل الألوان ذات الطابع اللبناني والمصري، وحتى لون الفلامنكو الاسباني أتحفتا ملحم بركات ذات يوم فيه بأداء متميز للحن الاسباني «افيفا اسبانيا»، كأنه من رعيل مغني بلاد الفلامنكو الاسبانية.

غير أن إتقان ملحم بركات المبكر لكل ألوان الغناء، بمواهب فطرية متفجرة تفجر الينابيع، لم يمنع تفجر ينابيع مواهبه اللحنية الفطرية، فظل يتحفنا بمجموعة من الألحان ذات الثراء الميلودي الغني، سواء ما كان يبدع في غنائه بصوته، أو يبدع في إهدائه لحناجر اخرى، خاصة عندما منح صوت ماجدة الرومي لحنه الشهير «اعتزلت الغرام»، الذي كان يذكرنا فيه ببدايات ماجدة الرومي الجملية مع ألحان نور الملاح (خدني حبيبي وسواها). حتى أنه اكتسب في الأجواء الفنية لقب الموسيقار الذي ظل يرافقه حتى رحيله.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل