المحتوى الرئيسى

أميرة أبو شهبة تكتب: حقيقة «المثلية» وتوابعها! | ساسة بوست

10/28 14:50

منذ 1 دقيقة، 28 أكتوبر,2016

تعتبر «المثلية الجنسية» أو كما يطلق عليها أغلب المجتمعات «الشذوذ الجنسي» هي الباب الرئيسي الذي يُختلف عليه في حقوق الإنسان التي تقرها الأمم المتحدة، وتعد من الشروط اللازمة لاستكمال العدالة في قوانين الحريات والحقوق الفردية بميثاق الأمم المتحدة وبمجالات رفض الاضطهاد؛ لكن الموضوع ليس كما يخيل للبعض يأتي من تحفظ مجتمعات «متخلفة» أو أديان «محافظة»، بل له أبعاد كثيرة تخص حتى المجتمعات المتحررة التي لم تشرع في الاعتراف «بحقوق المثليين» ألاّ على مضض وفي حالة شبه رسمية لم تتغلغل لشتى المناحي، ولم يتقبلها كل الأوساط الغربية حتى يومنا هذا؛ ولو سألت أحد الناس العاديين ماذا لو اكتشفت أن ابنك أو ابنتك لهما ميول «مثلية» سيكون عدم الارتياح لذلك الأمر أو شجبه هو ردة الفعل الأولى للموقف.

لكن في تناولي للأمر من ناحية الفلسفة وعلم النفس وبعيدًا عن مرجعيات الحكم الأخلاقي والديني لتلك الظاهرة الجنسية الممتدة في جميع أنحاء العالم وفي كل الطبقات الاجتماعية والمستويات التعليمية والمهنية؛ والأهم أنها ظاهرة تبدو من كثرة النبذ لها في غاية التعقيد؛ فلا تعامل أغلب الناس الرافضين لها لكي يمنعوها علاجيًا إن أمكن؛ ولا استطاع المثليون فرض وجهة نظرهم على المجتمعات من غير أن يطالهم الانتقاص والازدراء؛ ولا استطاع العلم أن يحسم القضية بتعريف محدد يجعل أمر «الشذوذ» له مرجعية طبية تقول بأنه أمر طبيعي في الناس، ولا يملك الإنسان التحكم فيه، لذلك أريد أن أتناول الأمر من النواحي الفلسفية والنفسية، ومن ثم آثاره الاجتماعية بشكل رأي تحليلي ليس أكثر.

إذن، ماذا يعني أن يميل إنسان جنسيًا لنفس جنسه؟

عند البحث الدقيق في الأمر سنرى أن الجنس بشكل عام هو اللذة الشهوانية الأولى للبشرية، لا يفوقها أية لذة حسية أو حتى عقلية، لكنها دومًا كانت بشكل ما تخضع لعاملين موجب وسالب، هكذا وجدت منذ بداية الطبيعة الإنسانية؛ ففي البدء كان رجل وامرأة فحسب؛ ولا يذكر لنا التاريخ متى كانت البداية لظهور «المثلية» أي علاقة رجل برجل منذ قديم الزمن، ويوجد ذلك السلوك عند البعض أو كما ظهر حديثـًا جدًا علاقة امرأة بامرأة، خصوصًا في المجتمعات التي تغذي وتحفز الميل لنفس الجنس؛ فمتى وجدت «المثلية» كظاهرة؟ لا يوجد تاريخ طبي أو اجتماعي يؤرخ الأمر؛ لكنه يوجد في التاريخ الديني لليهودية والمسيحية والإسلام بأن البداية لشيوع التعاطي الجنسي المثلي كظاهرة اجتماعية بدأت داخل قوم لوط؛ الذين غضب عليهم الله لابتداعهم ذلك الأمر وأهلكهم؛ ويبدو أنه لا رواية أخرى تسبق تلك الفكرة الدينية؛ أما تاريخيًا فأول حضارة إنسانية شاع فيها «الشذوذ الجنسي» كانت اليونان؛ أي معقل الحضارة الغربية والتي يعود إليها الآباء المؤسسون للعلوم والفلسفة والفكر الغربي حتى يومنا هذا؛ وقطعًا الفكر الإنساني من خلفهم؛ لكن هل سبق اليونان حضارات شرقية فهذا غير مؤكد، إذ لم يعتد المصريون القدماء مثلاً على اعتبار الشذوذ الجنسي أمر طبيعي ومحمود أو متداول علانية في المجتمع وكذلك الحضارة الصينية القديمة والهندية والبابلية… إلخ لم يشهد الإنسان مثل شرعنة اليونان للمثلية باعتبارها متعة مشروعة تحدثوا عنها في فنونهم وتعامل بها جنسيًا أغلب ذكورهم في مرحلة تخطي البلوغ؛ ومن المعروف أن استحلال العبيد وبداية «خصي الأطفال لتحويلهم غلمان للاستمتاع الجنسي» كانت براءة اختراع للحضارة اليونانية ولحقت بهم في الأمر الرومانية التي خلقت من العبودية مرجعية؛ والفارسية فيما بعد وقلدتهم في ذلك الحضارات اللاحقة التي عدت الاستمتاع بالخصيان كالاستمتاع بالجواري، وهذا حدث حتى في الخلافة الأموية وما تلاها بشكل يثير الدهشة نظرًا لأن مرجعية تلك الأمم الأخلاقية الشرقية لم يشيع فيها ذلك.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل هناك عوامل نفسية تتحكم في وجود بشر لهم ميول لجنسهم نفسه أم أنه أمر طبيعي بحت ولا يدعو للرفض؟

في الحقيقة أثبتت الدراسات العلمية في الناحية الجنسية أن الدماغ هو المسئول الأول عن الميول الجنسية بمعنى أدق يتحكم العقل أولاً في تحريك الميول والرغبات الجنسية، فالعملية كلها يكمن خلق الاستمتاع بها من خلال الغدد والأفكار وليس هناك عضو يتحكم فعليًا في الرغبة بمفرده؛ أيضا التشريح الجسماني للشخص ذي الميول المثلية هو نفسه للشخص الذي يميل للجنس المغاير كالعادة؛ وحتى في ممارسة المثليين؛ فإنهم يتعاملون بالطرق نفسها التي يتعامل بها الطبيعيون للإثارة والاستمتاع؛ إذن فمن أين أتى الفارق؟!

نعود للعامل النفسي ولا شيء سواه، فلا يوجد أية معلومة طبية حاسمة تقول إن ذلك الشخص خلق بطبيعة «مثلية» على الإطلاق؛ وحتى الأفراد الذين خلقوا بهرمونات أنثوية عالية هم قلة في ذلك الشأن؛ إذ لم يكن أصلا للهرمونات عوامل محفزة بالممارسة التي تجعلها تزيد؛ لكن الحقيقة تكمن في الأمور النفسية التي تجعل الإنسان يميل لجنسه نفسه وأمور اجتماعية تجعل ذلك الأمر يتطور معه وأمور عقلية تغذي رغباته الحسية في الاتجاه الذي نما عليه منذ طفولته المتأخرة.

وعلى الرغم من أن مؤيدين المثلية يبررون ممارستهم كونها طبيعة يشاركها فيها غيرهم من الناس حول العالم وأن تلك الظاهرة طبيعية لكونها توجد في بعض الحيوانات كالكلاب والفئران والقردة؛ إلاّ أن البحث العلمي لم يتوصل لحتمية فسيولوجية تجعل من الأمر طبيعة علمية مولود بها الإنسان ولا يتحكم بها.

لذلك سنلاحظ أن المجتمعات التي يكثر فيها القمع والكبت والاختلاط الذكوري الذكوري يكثر بها الشذوذ، وهذا الأمر ملاحظ حتى في تاريخ اليونان القديمة والرومان والفرس؛ حيث كانت المرأة دومًا محظورة وممنوعة ومعزولة عن الحياة اليومية للرجال، وبالتالي يغلب الميل الجنسي وفقـًا للميل الاجتماعي، فكيف سيحب امرأة إذا كان كل تعامله مع رجال يفكر معهم يسهر معهم يمارس هوايته معهم؛ فالمرأة هنا غير ذات موضوع من الأساس، ولا توجد رغبة عقلية فيها، بالتالي تضعف الرغبة الجنسية فيها؛ ومن المعروف أن الرغبة الجنسية لا تظهر بقوة إلا في وجود محفزات؛ فإذا كانت المرأة كاللهو الخفي ولا علاقة أو مشاهدة طبيعية بين الجنسين؛ فمن الطبيعي أن يميل القلب لما يراه ويتعامل معه بشكل طبيعي في أوساط الحياة الاجتماعية؛ أيضًا لو طبقنا الفكرة نفسها على السجون والمعسكرات وأماكن التجمع للبيات والاغتراب «للجنس الواحد» سنلاحظ بسهولة زيادة معدل ممارسة «المثلية» في مثل تلك الأماكن عن غيرها.

أما من الناحية الطبية فأغلب المثليين «المفعول بهم» كانت بداية علاقته بذلك الميل بعد اعتداء جنسي غير عنيف أثناء طفولته؛ ومن ثم ينشأ الطفل على حب ذلك قبل أن تتشكل ميوله الجنسية؛ لأنه في تلك المرحلة المبكرة شبه محايد في رغباته؛ ليصبح يستمتع بذلك الأمر ويتطور معه بعد البلوغ لميل أحادي لجنسه نفسه ويغذي الأمر بكثرة استقبال المثيرات من ذلك الجانب، ومن ثم تتشكل حياته وفقـًا لكونه ذكر «سالب» مثلي الجنس ويبني إعجابه ومقابلاته وحتى عشقه بناء على رغبته الجنسية «التي انحرفت عن طبيعتها منذ زمن»، ولو عدنا لتاريخ هؤلاء المثليين في وقت طفولتهم ستكون البداية إما مع شخص مقرب لهم جدًا، وغالبًا يكون من العائلة أو المقربين منهم أو من طفل أكبر منه أو من جار أو شخص يثق فيه الطفل الذي لم تتم توعيته ورعايته من أسرته.

وفي حالات قليلة جدًا لا يكون الدافع الممارسة صغيرًا بقدر المشاعر الأنثوية التي تكونت داخل الذكر أو العكس منذ الطفولة بناء أيضًا على ظروفه الاجتماعية وتربيته ونشأته؛ أي أنه لم يولد هكذا في المطلق.

– في الأخير يطالب كثير من المجتمعات باعتبار الأديان خرافات، والأخلاق نسبية والمتعة التي لا تؤذي أحدًا آخر قانونية، وبناء عليه يقولون فلماذا إذن يتم رفض «المثليين»؟!

في الحقيقة لا يمكن نزع أي مجتمع بشري بعيدًا عن روافد تكوينه التي من أصولها «الأخلاق والدين والعادات السليمة المتوارثة عبر أجيال» بالتالي أي فرض للوصاية الحقوقية في ذلك الشأن هو أمر مستغرب؛ فإذا كنا نتفق برفض الاضطهاد لهؤلاء «المرضى بالمثلية» فكيف نضطهد بإقرارها كأمر طبيعي أمم وعقائد ومجتمعات كاملة أغلبها يرى عكس ذلك – فهذا لا يبرر اعتباره حقًا مساويًا مثلا للحرية والمساواة والعدالة ورفض العنصرية؛ لأننا هنا نقارن ثوابت إنسانية قيمية متفق عليها منذ وجود الإنسان على الأرض باعتبارها مُثلاً عليا وبين «ظاهرة جنسية» تظهر في أعداد قليلة نسبيًا مقارنة بباقي البشر الطبيعيين؛ وترفضها أديان وأخلاق وحضارات كثيرة» ولم تنتشر ذلك الانتشار المعلن ويعترف بها قانونيًا إلا من بضع عقود وفي الغرب فقط، والأهم أن كونها ظاهرة اجتماعية فهي لها آثار غاية في السلبية تؤثر على تكوين أسرة سوية، وتحفز أطفالاً أسوياء قبل سن البلوغ للميل لجنسهم نفسه من قبل حتى تغذية جانبهم السلوكي أو تنمية جسدهم أو نمو ميولهم الجنسية بشكل طبيعي؛ إلى جانب الآثار المشينة أخلاقيًا هناك أمراض كثيرة ناتجة من تلك العلاقة، ولا يوجد أية مقارنة بين ما تنقله من أمراض وبين العلاقات السوية؛ أما من ناحية التأثير النفسي فلطالما كان هؤلاء البشر يعانون من أمراض نفسية وصراع داخلي كبير لا نجده حتى بين من يقوم بعلاقات جنسية في غير إطار القانون والأخلاق من أصحاب الميول الطبيعية.

-ختامًا ليس في المقال نية تحريض ضد المثليين «الشواذ جنسيًّا» أو منعًا لحريتهم في ميولهم، ولكنه محاولة لفهم ظاهرة جنسية لها أبعاد نفسية وطبية وفلسفية وتاريخية واجتماعية لا أتفهم وجودها ضمن ميثاق حقوق الإنسان، رغم عدم الجزم العلمي بطبيعتها السوية؛ وكل مشكلتي أن تلك الظاهرة آخذة في الازدياد بمعدل مطرد في مجتمعات إسلامية تفصل بين الرجل والمرأة في الحياة، وتمنع أي محفز إنساني يصل بين الاثنين ليخلق عالمًا طبيعيًا وهناك جهل جنسي وتربوي كبير يهدد أطفالاً كُثرًا فهل من الواقعي اعتبار الأمر حقـًا مطلقًا وكنائس تعترف في الغرب بزواج المثليين ويسمح بالتبني في دول كثيرة لشريكين مثليين فكيف سينشأ أطفالهم؟ وكيف ستنجو تلك المجتمعات؟ وهل سيأتي علينا يوم يشرعن فيه المازوخية والسادية؛ أو البيدوفلية أي ممارسة الجنس مع أطفال؛ هل ستصبح تلك الميول المنحرفة لها قوانين للحرية الفردية وضمن حقوق الإنسان أيضًا؟!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل