المحتوى الرئيسى

ملاحظات حول مؤتمر الشباب | المصري اليوم

10/27 23:49

لا يخفى على أحد أن التفكير فى تنظيم هذا المؤتمر خطوة إيجابية تنم عن إدراك السلطة السياسية لمدى القوة التى يمكن أن يكون الشباب وقودها، وحجم الأزمة التى يمكن أن يكونوا نتاجاً أو ربما سبباً لها. وفى هذا الإطار لدينا ثلاث ملاحظات حول هذا المؤتمر الحاشد، وهى تتعلق بطريقة تنظيمه، وبموقف المشاركين (والمقاطعين) منه، وأخيراً بالنتائج المترتبة عليه.

فعلياً، طريقة تنظيم المؤتمر، حيث حضور الآلاف من الشباب، وتنظيم محاضرات ألقتها شخصيات إعلامية وسياسية وحكومية معروفة (أغلبها لم يكن من فئة الشباب)، لم يوفر سوى قدر محدود من التفاعل، والمشاركة بإبداء الرأى، فبدا الأمر، أحياناً، وكأن الشباب جاءوا للاستماع أكثر منه للتحدث، وللتلمذة أكثر منه لعرض وجهات النظر. ومن ثم، يثار تساؤل حقيقى حول الهدف من المؤتمر، فإن لم يكن الحوار فما هو إذن؟ كثير من المحاضرات أو من ورش العمل كانت بالفعل ثرية ومفيدة من زاوية بحث المشكلات الراهنة، ومحاولة طرح حلول لها، إلا أن الأمر بدا أنه تعلق بحشد الشباب أكثر من الحوار معهم.

وعلى الرغم من ذلك، نجح بعض الشباب المشارك فى توصيل رسائل خرجت عن خط بعض المداخلات التى اكتفت بفعل «التطبيل»، ولم تسع إلى التعبير عن رأى موضوعى أو واقعى. ومن ضمن هذه المداخلات الجريئة، تلك التى تحدثت عن مشكلة حرية التعبير، أو عن المحبوسين من الشباب بلا تهم، والنتائج الكارثية لعقوبة السجن فى قضايا حرية التعبير بأنواعها، ومنهم من تحدث ببساطة عن مشاكله الاجتماعية ونقص الخدمات فى قريته أو منطقته. وهى أمور ربما تثير تساؤلاً حول موقف المقاطعين للمؤتمر. بالطبع، لأى حزب أو جماعة سياسية مطلق الحرية فى اتخاذ قرارها، سواء بالمشاركة او بالاعتذار عنها أو بالمقاطعة، أما تقديرات كل فريق فلابد أن تكون موضوعاً للنقاش الموضوعى، وليس المزايدة الفارغة. نعم، طريقة تنظيم المؤتمر لا تتيح فرصة كافية للحوار كما أسلفنا، كما أن مناخ تقليص مساحة حرية الشباب بشكل ملفت، فى إطار متأزم اقتصادياً، لم يشجع على مشاركة من تم إقصاؤه سياسياً أو اجتماعياً، حيث الشعور بعدم الجدوى. ومع ذلك، نجح المشاركون ممن لديهم وجهة نظر مختلفة فى اقتناص الفرص القليلة المتاحة داخل المؤتمر، بل ربما خلقوها بأنفسهم، فبعثوا رسائل قوية للنظام والمجتمع على السواء، فى حين ظل المقاطعون يخاطبون ذواتهم على مواقع التواصل الاجتماعى بشكل منعزل عن السلطة والناس. ببساطة، القائد السياسى لا يصنع إلا بالاشتباك مع الواقع الصعب المرير، والسياسى لا ينجح ولا يكتسب مصداقية سوى باقتناص الفرص، بل وخلقها لإيصال رسائل سياسية قوية فى لحظات قياسية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل