المحتوى الرئيسى

عبد الرحمن عباس يكتب: كونك صحفيًّا لا يعني أن تناطح الثور الهائج | ساسة بوست

10/27 20:22

منذ 4 دقائق، 27 أكتوبر,2016

السلطة ثور هائج، لا يمكن أن تناطحه ستخسر بكل تأكيد، كونك صحفيًّا لن يعطيك أي ميزة في هذا الصراع المعروفة نتيجته مسبقًا، كانت تلك كلمات أطلقها الكاتب الصحفي صبري غنيم أثناء حضوره حفل توقيع كتاب «اعترافات صحفية» للصحفي للراحل صلاح قبضايا.

ما قاله «غنيم» يتسق مع ما سمعته من الصحفي الاستقصائي يسري فودة في العاصمة الأردنية عمان 2014 حين قال «بعض الأوقات تكون الشجاعة هي التقهقر إلى الخلف خطوتين، وتكون الحماقة هي التقدم خطوة».

ثمة نوعية من الشباب الذين يبدؤون مسيرتهم الصحفية، الأول يأتي ثائرًا، يريد أن يسب ويلعن الحكومة، تُغريه «الكوميكسات»، يحركه «الإفيه»، توقُّعه لمدى جاذبية عنوانه تجعله مندفعًا دومًا لأن ينجز ما يريد بغض النظر عن المهنية أو مدى حقيقة الحديث المتداول والأهم الفرق بين النشر في وسيلة إعلامية والفيسبوك.

النوع الآخر يأتي وهو مدرك طريقه، كوَّن صورة مسبقة عن كافة وسائل الإعلام، هي منابر للتطبيل والتهليل، جميعهم خُدّام السلطة، يأتي ساكنًا، يبحث عن كل ما يمجّد السلطة ويغضب إذا تم رفض تلك القصص التي ستمجد السلطة!

كل صحفي يعمل الآن يدرك أننا لسنا أمام سلطة هائجة فحسب، وإنما متربصة بما يُكتب، أوامرها لا تنقطع بالتوقف عن الحديث في هذا الأمر، أو معالجته بطريقة أخرى، الرئيس لم يخفِ ذلك ففي كل خطاباته تناول الإعلام بشكل أو بآخر، عمليات الفك والتركيب في الساحة الإعلامية لا تنفصل عن ذلك في كل الأحوال.

تلك الصورة تدفعنا إلى أننا لن نمسك الراية الحمراء، لن نذهب إلى الثور المنتظر بدء تحركنا، علينا فقط أن نبقى في أماكننا، ولكن إن كان الأمر هكذا ما فائدة عملنا، جميعنا – نحن الصحفيين – ندرك بعضنا البعض، هناك غريزة بداخلنا للكتابة لمواجهة الخطأ، لرفض الديكتاتورية، لكشف المؤامرات، للحديث عن هموم الناس، لا أعرف صحفيًّا يحب السلطة – الذين يحبونها عادةً ليسوا صحفيين – هذا ليس عيبًا في السلطة أو في الصحفي، وإنما تلك هي العلاقة الصحية السليمة فليس معنى أني لا أحبها أنني أكرهها أو أكذب عليها فقط أنا أرى الوجه الآخر مما تقول تلك هي وظيفتي!

ما العمل تحت سلطة تصادر الهواء وتراقب أحلامنا وتطلب منا أن لا نأكل أو نشرب،  ما العمل أمام سلطة تريد أن ندفع ضريبة فشلها يومًا بعد آخر، بعض الصحفيين يئسوا، أعلنوا أنها لم تعد سوى مهنة «غسيل الأموال ونحن الغسالة»، البعض أكد أن انتقاد بعض الشخصيات أصبح أمرًا ممنوعًا!

لماذا أطلقوا علينا سحرة فرعون؟ كان ذلك في عهد الإخوان، بدأت أسأل سر الكلمة ولماذا جاء التشبيه هكذا فبإمكانهم نعتنا بالكثير من التوصيفات، نعم سحرة فرعون لم يملكوا القوة، لا جيش أو مملكة، فقط الكلمة والطريقة التي تقولها هي من ستستدرج أي فرعون لتسقطه، هذا بالمناسبة خير للجميع وليس شرًا على أحد.

«مفيش حاجة متنفعش في الصحافة» هل سمعت تلك الجملة من قبل، ربما تتردد كثيرًا في المؤسسات الصحفية، فقط كيف يمكن أن نعالج، هناك عدة اختيارات أولها اعتمادك على ذكاء القارئ، أن يستقبل رسالتك دون أن تشير إلى من سيغضب، أعرف أن السلطة تململ غيظًا من ذلك الأسلوب، يعرفون ما وراءه، رغم ذلك لا يستطيعون أن يمسكوا «غلطة عليك» وقتها من الفائز تلك هي أصول اللعبة إذن!

لا أقول ذلك من باب التفاؤل لكن فقط هناك فرصة ولو ضئيلة لأن ننفس عن حريتنا في الآراء، عن توصيل هموم الناس، قيودنا كثيرة، سلطة، رجال أعمال، أحزاب، موالون، أتباع، أحباء، كل ذلك أنت بشكل أو بآخر ممنوع الاقتراب منهم، لكن لم تصل الشاشة إلى السواد الكامل بعد، هناك مساحات أخرى، وفرص تأتي بين الفينة والفينة لتُطلق فيها سياطك على كل ظالم، أزمات كثيرة خلال الفترة الماضية تناولها الإعلام بالكثير من المعالجات، تقارير وحوارات صحفية ورد نشطاء التواصل الاجتماعي، جزء من ذلك يعود إلى أهمية الحدث، الجزء الآخر يعود إلى محاكمة الجهة التي يتعلق الحدث بها، المحاكمة على القديم والحديث، يدرك الصحفي أن تلك فرصته، الوقت محدود، ساعات وقد يأتي الهاتف الذي يأمر بالتوقف فتكون النتيجة هي نشر أكبر كم مما تريد تمريره!

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل