المحتوى الرئيسى

نيويورك تايمز: ماذا يعني صمت بوب ديلان؟

10/27 19:11

نيويورك تايمز: ماذا يعني صمت بوب ديلان؟

آدم كيرش – نيويورك تايمز

في صيف 1964، أطلق بوب ديلان ألبومه الرابع، “جانب آخر من بوب ديلان”، والذي يشمل أغنية ” ليس أنا يا حبيبتي”، والتي جاء في كلماتها: ” لست أنا من تريدينه، حبيبتي، لست أنا من تحتاجينه”.

في ذلك الخريف، لعب الفيلسوف جان بول سارتر دورًا مختلفًا بنفس النغمة  في بيان علني يشرح فيه لماذا، رغم فوزه بجائزة نوبل في الآداب، لن يقبلها. أصر ” الكاتب”، أن عليه رفض السماح لنفسه بالتحول إلى جزء من مؤسسة، حتى وإن حدث ذلك في ظل أكثر الظروف تبجيلًا. ديلان، كان يتحدث إلى حبيب تخيلي، سارتر متحدثًا إلى الأكاديمية السويدية الفعلية،  لكن الرسالة كانت مشابهه: “إذا كنت تحبني كما أنا، لا تجعلني أكون ما لست عليه”.

نحن لا نعلم إذا ما كان ديلان، كان يولي اهتمامًا لاختيار سارتر في ذلك الخريف من 52 عامًا مضت. لكن الآن بما أنه فاز بجائزة نوبل في الآداب،  يبدو أنه يتتبع خطوات سارتر. بالتأكيد، قام ديلان بما هو أفضل من سارتر، بدلًا من رفض الجائزة، رفض ببساطة الإعتراف بوجودها. لم يصدر أي بيان، أو حتى رد على مكالمات الأكاديمية السويدية.

والتنويه الذي تضمن فوزه بالجائزة ظهر على الموقع الرسمي لبوب ديلان ثم حُذف، بتوصية منه أم، لا أحد يعرف. والسويديون الذين اعتادوا على الكثير من الإمتنان من الفائزين، بدا أنهم يفقدون صبره، حيث وصف أحد أعضاء الأكاديمية سلوك ديلان بأنه ” غير مهذب، ومتكبر”.

هناك قدر كبير من العدالة الشعرية  في هذا التحول من الأحداث. لأكثر من ربع قرن، حتى فوز توني موريسون بجائزة نوبل في عام 1993، كانت لجنة نوبل تتعامل كأن الأدب الأمريكي غير موجود، والآن أمريكي يتعامل كأن لجنة نوبل غير موجودة أيضًا. منح جائزة نوبل لديلان كان إهانة لكل كتاب الرواية  والشعراء الأمريكيين العظماء الذين تُقترح أسماءهم مرارًا كمرشحي للجائزة. وكانت الرسالة الواضحة دائمًا أن الأدب الأمريكي،  ببساطة ليس جيدًا كفاية. هذا تصوّر سخيف وعبثي، لكن تتبناه اللجنة السويدية. في عام 2008، أوضح السكرتير الدائم للجنة نوبل، هوراس إنجدال، أن الكتاب الأمريكيين:” لا يشتركون بالفعل في الحوار الكبير حول الأدب”، وهم محصورون بهذا ” الجهل”.

ولازال، مشكوك فيه أن ديلان تعمد بصمته أن يكون مدافعًا عن شرف الأدب الأمريكي. ( لكنه، بعد كل ذلك، قبل بجائزة بوليتزر عن ” التراكيب الغنائية للجدارة الشعرية الإستثنائية”). لا أحد يعرف ما يقصده ديلان، طالما يصعب تفسيره، سواء على المستوى الشخصي أو كشاعر غنائي، والذي هو السبب الذي يجعل الناس يحبونه. لكن ربما الطريقة الأمثل لفهم صمته، وللإثناء عليه، هو في العودة إلى موقف سارتر. ، وعلى وجه التحديد فِكْر سارتر الفلسفي ” سوء النيّة Bad Faith”.

مفهوم  ” سوء النيّة” الذي يشرحه سارتر في كتابه ” الوجود والعدم” يعارض الحقيقة. أصبح المفهوم ممكنً لأن البشر غير قادرين ببساطة أن يكونوا ما هم عليه، بنفس طريقة أن المحبرة هي ببساطة مجرد حبرة. مع أن بالأحرى لأننا أحرار، علينا أنا نجعل أنفسنا نتسق لما نحن عليه”. في فقرة شهيرة، استخدم سارتر مثال لنادل في مقهى يؤدي كل جزء في وظيفته بشكل صحيح، وبلهفة و بتملق. هو نادل يلعب دور النادل. لكن أن تكون شيئًا آخر لما لست عليه،  يمثل تخليًا عن الحرية، لأنه يستلزم تحويل نفسك إلى شئ، أو دور موجود لأجل الآخرين. ولتبقى حرًا، يعني أن تتبنى ” حسن النية Good faith”، حيث تظل غير معرّفًا، مطلقًا، حرًا، مخلوقًا متغيرًا كما نحن بالفعل، حتى وإن كان ذلك هو طريقة مرتبكة للحياة والعيش.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل